q

على مدى أكثر من عقد من الزمن ؛ كانت هناك واردات من النفط العراقي تقدر بـ 850 مليار دولار منذ عام 2003، في تصريح للسيد وزير النفط، ولو افترضنا أن 60% منها قد ذهب لتبويب المصاريف التشغيلية عندها سيكون لدينا مايزيد على الـ 400 مليار دولار كان ممن الممكن إستخدامها في صناعة قاعدة إستثمارية بيضاء هائلة قد تنجينا من مهالك اليوم الاقتصادي الاسود الذي يمر به العراق اليوم مع تهاو اسعار النفط دون الـ 40 دولار، وكان بإمكاننا، بالحكمة وتوفر النية الصادقة، من بناء وتطبيق ستراتيجية وطنية بعيدة المدى نتجاوز معها بسهولة أي أزمة من ازمات العالم الثالث بل وحتى أن نتجاوز عقدة العجز المالي التي رابطت جميع موازنتنا ودون الحاجة للإقتراض أو البحث بسبل تجانب القانون في تمويل موازنتنا التي ذهب بريق ملياراتها.

وحده عام 2015 كان عجزه يفوق 0.25 مبلغ الموازنة الكلي في حال حساب سعر النفط 56 دولاراً للبرميل وكيف هو اليوم وقد تهاوى سعره الى ما دون الـ 40 دولاراً للبرميل، على الرغم من كل التحذيرات التي أطلقت سابقاً حول مساوئ الاقتصاد الريعي إلا أنها لم تلق الاذن الصاغية لوضع بعض التطبيقات موضع الجدية والعمل على تنفيذ رؤية إقتصادية تجنبنا الوقوع في تهلكة أسعار النفط والتي يعلم الجميع مدى تأرجحها مع أرجحت الوضع السياسي في المنطقة بل وحتى حالات المناخ والمساومات المختلفة.

موازنة 2013، قد تكون متكاملة نوعاً ما، على الرغم من أن هناك عجزاً بقيمة 19 ترليون دينار إلا تغطيته كانت سهلة لكون أسعار النفط كانت في أوجها مع وجود جولات التراخيص التي ساعدت على رفع الطاقة الانتاجية النفطية لمستوى لم يصله العراق من قبل، ولكن المشكلة تكمن اليوم في البحث عن منافذ سد العجز في الموازنة بإجراءات تقشفية لم تعط الحلول الجذرية لمشاكلنا المستدامة، وعليه فأن المشاريع الافتراضية التي قد توفر لنا ما يزيد على 15% من نفقات الموازنة كان بالإمكان إستثمار مئات المليارات لوضعها في خدمة مشاريع استثمارية كبرى، فمصاف نفطية عملاقة كانت أحد الحلول أمام استيراد المشتقات النفطية من دول الجوار، وحتى قبل أيام كانت المباحثات جارية مع الجارة ايران لإستيراد المشتقات النفطية لإدامة عمل محطات الكهرباء، ولرفع قيمة التبادل التجاري مع العراق الى 20 مليار دولار سنوياً، لا أعتقد أن إقامة مثل تلك المصاف يخفى على عقول الاقتصاديين ولكن على أمل أن نجد جواب، لماذا لم يتم العمل على إقامتها حتى اليوم ؟

كذلك العمل على تطوير واقعنا الزراعي وتطوير زراعة كل ما له علاقة بمفردات الحصة التموينية كالحنطة والشعير والرز، والذرة لإنتاج الزيوت، وتطوير صناعة قصب السكر وإعادة مجد صناعة السكر في العراق، كان كله يمنحنا الفرصة لتوفير مبالغ كبيرة لاستيراد تلك المنتجات.

والأدوية هي الاخرى كان المفترض علينا إنشاء مصانع للأدوية وتطوير العمل في معمل سامراء للأدوية زيادة أنواع الادوية المنتجة فيه كان بحد ذاته أحد أهم وسائل توفير مبالغ طائلة في الموازنة وتقديم ادوية مدعومة لأبناء شعبنا بدل من أن يقعوا تحت رحمة تجار الادوية ومفسديها.

ان الصناعة بصورة عامة لم تكن من الصعب تطويرها، وهناك مثال كنت اتحدث به دائما حول الجدوى الاقتصادية الكبيرة من بناء مصنع ضخم لصناعة معجون الطماطة في مدينة البصرة وقرب حقول الزبير الخاصة بزراعتها وتطوير تلك الزراعة التي وصلت اليها يد العبث والحشرات حينما اتلفت مئات الدوانم من بساتين زراعتها. وهذا المعجون مثال بسيط فلا يخلو بيت منه يومياً والمتاجر قد تحتوي على عشرات الانواع من هذا المعجون مستورد من دول الجوار.

عشرات الشركات بموظفيها فنيين ومهندسين، يأكلهم الانتظار ويضعف قدراتهم الهندسية على القيام بأي عمل كان حري بإدارة الصناعة أن تضع لهم الستراتيجية وتقدم لهم المصانع ليمارسوا العمل الجاد في توفير قيمة مضافة للموازنة قد تكون لنا اليوم عوناً كبيراً في درء أخطار الازمة الاقتصادية التي يمر بها البلد.

على الرغم من كل أزماتنا إلا إننا لازلنا قادرين، بعون الله، على إيقاف نزيف المال الذي تسبب به الفساد عبر حلول جذرية لا إصلاحات تقشفية آنية وبحاجة الى دعم القوانين لكل اصلاح اقتصادي وإلا عمت الفوضى مرة أخرى واستشرى الفساد ليأتي على ما تبقى لدينا. حتى خبز يومنا. حفظ الله العراق.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق