كل الأطراف ذات العلاقة مستفيدة من الاتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية، على عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، بعد سنوات من التوتر الذي انعكس على ساحات إقليمية عدة، التوتر كان سمة العلاقة بينهما منذ 2003، باستثناء مرحلة رئاسة رفسنجاني في ايران. حينها وصلت العلاقة إلى مستوى التوقيع على اتفاقية...
كل الأطراف ذات العلاقة مستفيدة من الاتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية، على عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، بعد سنوات من التوتر الذي انعكس على ساحات إقليمية عدة، التوتر كان سمة العلاقة بينهما منذ 2003، باستثناء مرحلة رئاسة رفسنجاني في ايران. حينها وصلت العلاقة إلى مستوى التوقيع على اتفاقية تعاوني أمني عام 2001، لتعود العلاقات إلى التوتر عام 2016.
الاتفاق الحالي توّج جهوداً بدأت بوساطة عراقية، رافقتها جهود عمانيَّة في هذا الاتجاه، العراق بدأ منذ حكومة عادل عبد المهدي جهوده، حتى قيل إن الجنرال سليمان كان يحمل لبغداد ردّاً ايرانياً على تساؤلات ومقترحات سعودية عندما تم اغتياله من قبل الولايات المتحدة بعيد وصوله إلى مطار بغداد.
منذ أكثر من عام تحدث ولي العهد السعودي لصحيفة “ذي اتلانتك” الأميركية بلغة إيجابية عن إيران، ووصفها بالجار الذي يجب التعاون معه، لكنه قال إن بلاده تنتظر تطميناتٍ إيرانية تتعلق بالأمن السعودي.
المستنقع اليمني بات مرهقاً للسعودية، وتريد خروجًا يحفظ الكرامة وتعلم أن ايران بإمكانها المساعدة بشكل كبير.
في المقابل تحقق ايران في هذا الاتفاق هدفها الذي طالما سعت اليه، وهو تحييد الدور السعودي كحد أدنى لمنع قيام تحالف عربي إسرائيلي ضدها، هذا ما يؤكده الموقف الإسرائيلي الذي عبرت عنه تصريحات من تل ابيب اعتبرت أن ما جرى هو خسارة كبيرة لإسرائيل وأميركا في المنطقة، وضياع فرصة تحالف إقليمي ضد ايران.
جلّ خطاب معارضي نتنياهو ركز على هذه النقطة متناغماً مع “معسكر الحرب” في واشنطن، الذي اعتبر الاتفاق دليلاً على ضعف إدارة بايدن وسياستها الشرق أوسطية، لكن الموقف الرسمي الاميركي الذي مثله البيت الأبيض في تصريحات الناطق باسمه، والمجلس القومي الأميركي الذي مثّله منسق الاتصالات الستراتيجية فيه جون كيربي جاء ايجابياً حيال الاتفاق، بل إن كيربي أكد أن الرياض كانت تطلعهم على مراحل تطور المفاوضات مع ايران في جميع مراحلها.
هذه التصريحات تضعف من أحاديث التمرّد السعودي على واشنطن ونفوذها، وتطمئن في الوقت ذاته من مخاوف كثيرين من ردّ أميركي على هذا الاتفاق، يدفع ثمنه أبناء ساحات ساخنة كالعراق ولبنان.
محور المواقف الاميركية المؤيدة للاتفاق كان الموضوع اليمني وضرورة انتهاء الازمة، هذا الملف يتعلق بحليف لواشنطن في المنطقة يريد الخلاص من هذا الملف، ومسعى أميركي لتهدئة التوتر فيها.
واشنطن مشغولة بالصراع مع الصين، والأكثر الحاحاً منه أزمة أوكرانيا وتدهور الوضع الأوروبي بسببها، وهو ما استدعيا زيارات أوروبية رفيعة المستوى الى واشنطن مؤخراً، ربما يكون التفرغ لمعالجة الازمة الأوكرانية مقدّماً على الموضوع الصيني ومؤشرات تقدم نفوذ بكين الشرق أوسطي والتي تعززها وساطة الصين بين القوتين الكبيرتين ايران والسعودية اللتين تحتاجهما في نفوذها الاقتصادي في المنطقة، في العراق، باعتباره أحد ساحات تنافس ايران والسعودية، لا مناص من الترحيب بهذا الاتفاق الذي ننتظر أن ينعكس علينا ايجاباً، كما اليمن ولبنان وسوريا (جزئيا) وباقي ساحات التوتر.
اضف تعليق