الفارق بين بيروت وبغداد اكثر من 750 كلم، قلصتها الاحتجاجات الشعبية التي رفعت شعارات "مكافحة الفساد السياسي"، التي زكمت "رائحته" انوف المواطنين في كلا البلدين... ومع ان لا صله وصل جغرافي او سياسي او اقتصادي مهم، يمكن ذكره بين البلدين... الا ان الاقدار السياسية شأت ان تتشابه مناخاتهما في امور مهمه منها:
- الازمة السورية التي اثرت على امن واقتصاد لبنان والعراق بصورة مباشرة.
- النظام السياسي الذي يقوم على اساس طائفي في كلا البلدين، ويعتبره المواطنون السبب وراء فشل الدولة ومؤسساتها في النهوض بالبلد.
- التنوع الديمغرافي، قسم البلدين الى اديان ومذاهب عديده، وقد تعرض النسيج الاجتماعي، تبعا لذلك، لعدد من الهزات التي وصلت حد "الحرب الاهلية" في لبنان (1975-1990) والعراق (2006-2008).
- فشل النظام الاقتصادي المتبع في الصمود امام التقلبات في الاقتصاد العالمي، ما تسبب في تفاقم الفقر وضعف الخدمات بصورة عامة.
مع نقاط التشابه التي ذكرناها... كان الفساد الاداري والمالي المستشري في كلا البلدين، (حيث احتل العراق المركز 170 ولبنان 163 على مؤشر الفساد لمنظمة الشفافية الدولية للعام 2014)، السبب الاهم وراء التظاهرات الاخيرة، بعد ان عجزت جميع الحكومات السابقة من تحقيق اي انجاز يذكر امام تمدد الفساد.
في العراق... اعلن عام 2009، عاما لمكافحة الفساد، والنتيجة كانت سرقات بعشرات المليارات من الدولارات، لا احد يعرف مصير هذه الاموال، وكيف تم تسريبها الى خارج البلاد، لتستقر في بنوك اوربية، وبأسماء مستعارة، بحسب ما اعلنت "هيئة النزاهة" عنها مؤخرا، والادهى من ذلك، ان الحكومة العراقية، عاجزة عن استرداد "سنت" واحد من هذه الاموال، ما دام "السراق" يملكون حصانة "الجنسية المزدوجة"... بالمقابل فان رئيس الوزراء العراقي الحالي، حيدر العبادي، الذي اكد في اكثر من حديث ان "الفساد والارهاب وجهان لعملة واحدة"، ما زال يراوح في حدود الاصلاحات "المحدودة" رغم تفويض "الشعب" له، ومطالبة "المرجعية" للعبادي بالضرب من حديد على الفساد.
اما لبنان، والحال انها امام "جمود سياسي" امتدت لأشهر، بعد ان فشل قادة الكتل البارزة "عشرات" المرات في التوافق على حكومة جديدة، والاكتفاء بتمديد عمل حكومة "منتهية الصلاحية"، عجزت حتى عن رفع نفايات العاصمة التي ملأت الشوارع والازقة...
لكن هل بقي شيء من الحكاية؟
نعم... الغريب في تظاهرات بغداد وبيروت، ان قادة الكتل تشابهوا في ردود الافعال التي انقسمت الى:
- البعض ايد التظاهرات ودعمها... وكأنهم خارج الحكومة، (معارضة مثلا)، او هم ليسوا جزء من الفشل السياسي.
- البعض عارض التظاهرات معتبرا ان ايادي خفيه، (نظرية المؤامرة)، تحرك هذه الموجه الموجهة ضد انجازات الحكومة او ضد احزاب بذاتها.
- البعض المح الى خوفه من تكرار "ربيع عربي" او "فوضى عربية" تعم البلاد بسبب الاحتجاجات، والتي ستنتهي بطوفان سياسي وامني واقتصادي لا يعرف مصيره.
وحتى يضاف المزيد من الفشل الى مجمل اوضاع البلد، يتم تحميل المواطن اعباء وذنوب اضافية، لأنه ببساطة حاول التعبير عن امتعاضه الشديد لحال البلد، سيما وانه يحاول، من خلال التظاهر، ايضا، البحث عن حل لمشاكله المزمنة، ومع هذا تجد المزيد من "المطبات السياسية" وضعت مقدما للتذكير فقط... لذلك تظاهروا... لم يعد هناك من يستمع اليكم ولشكواكم سوى (...).
اضف تعليق