يخطئ البعض عندما يعترض على تناول موضوع الحرب الروسية الأوكرانية بحجة أن ما عندنا من مشكلات تغنينا عن الاهتمام بهذه الحرب، هذه الحرب ليست بين دولتين بعيدتين عن العراق، إنما هي بداية لحرب عالمية ثالثة، لا يبقى جزء من العالم في منأى منها، على الأقل تنعكس علينا اقتصادياً...
يخطئ البعض عندما يعترض على تناول موضوع الحرب الروسية الأوكرانية بحجة أن ما عندنا من مشكلات تغنينا عن الاهتمام بهذه الحرب، هذه الحرب ليست بين دولتين بعيدتين عن العراق، إنما هي بداية لحرب عالمية ثالثة، لا يبقى جزء من العالم في منأى منها.
على الأقل تنعكس علينا اقتصادياً، وقد بدأ التأثير بالفعل، وهي حرب بين روسيا والمحور الغربي ككل خصوصا الولايات المتحدة وبريطانيا صاحبتا التأثير الأكبر على الوضع العراقي، وقد تنجرّ الصين إلى هذه الحرب التي لن تكون تقليدية. هو صراع نفوذ بين روسيا الاتحادية التي تتطلع إلى استعادة دور الاتحاد السوفيتي السابق وفق ما يسميه بوتين بـ"إيجاد المحيط الجيوسياسي" لروسيا، وبين المحور الأميركي الأوروبي الذي يريد تطويق روسيا ومنعها من استعادة النفوذ والقوة، من خلال استدراج جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة إلى حلف الناتو، وايصال القواعد العسكرية الغربية إلى حدود روسيا. هي حرب من أجل استعادة النظام العالمي ثنائي القطبية مقابل إصرار واشنطن على منع ذلك من أجل البقاء القوي الوحيد في العالم.
لا عجب من انقسام مواقف الدول والأحزاب والتيارات السياسية، بين مؤيد لروسيا ومؤيد لأوكرانيا المدفوعة والمدعومة غربياً. التاريخ القريب يقدم شواهد مماثلة فخلال الحربين العالميتين كانت الساحات السياسية منقسمة في الموقف بين معسكري الحرب، الحلفاء والمحور، حتى الدول البعيدة عن ساحة القتال تكون مؤيدة لأحد طرفي النزاع ومعارضة للآخر. الموقف تحدده المصالح والحسابات السياسية المستقبلية والآنية.
وقد يكون أعداء الامس أحباباً اليوم إذا التقت المصالح وتشابهت الهواجس.
إيران كانت معادية للاتحاد السوفيتي خلال الثمانينات، وهتاف "الموت للاتحاد السوفيتي كان يطلق بموازاة "الموت لأمريكا" في المسيرات والمناسبات، لكن التقاء المصالح والهواجس جعلهما صديقين واليوم تناصر ايران مواقف لروسيا، وريثة الاتحاد السوفيتي السابق.
الجانب الروسي يقدم مبررات وهواجس تبدو واقعية، لكن فكرة احتلال دولة أخرى لمجرد منع خطر قادم منها لا يمكن القبول بها. في المقابل، يطلق الغرب مواقف وأهدافاً تتعلق بحقوق الإنسان والحريات، سرعان ما تنهار أمام الممارسات المعكوسة التي تصدر عنهم، والتي تطيح بكل الإدعاءات والشعارات الأوروبية. طريقة الحصار المفروض على روسيا لا علاقة لها بحقوق الانسان التي ينادي بها الغرب، وتعامل الإعلام الغربي مع الأزمة يخرج عن كل أطر المهنية ومعايير العمل الإعلامي الحر، بينما القسوة التي يجري التعامل بها مع روسيا تذكرنا بما حدث مع العراق بعد احتلال الكويت عام 1990. وحرب العام 2003.
ليست روسيا أفضل حال من أميركا والغرب في تعاملها مع دول المنطقة، لكن عودة قوة عالمية ثانية، ستخرج العالم من نظام القطب الواحد وتوفر فرصة للدول الضعيفة للمناورة من أجل المحافظة على مصالحها.
اضف تعليق