لا حيلة لي.. هذا ما قاله خريج جامعي يعمل في البلدية، وخريج اعدادية يعمل موظف خدمات، وهو ملخص لإجابة الكثير من المواطنين الذين يعملون في مهن ليست من ضمن اختصاصهم او لا يرغبونها وجبرتهم الظروف على تقبلها وهو مؤشر انتشار ظاهرة عدم الرضا الوظيفي...
لا حيلة لي.. هذا ما قاله خريج جامعي يعمل في البلدية، وخريج اعدادية يعمل موظف خدمات، وهو ملخص لإجابة الكثير من المواطنين الذين يعملون في مهن ليست من ضمن اختصاصهم او لا يرغبونها وجبرتهم الظروف على تقبلها وهو مؤشر انتشار ظاهرة عدم الرضا الوظيفي.
ان قلة الفرص من اهم اسباب انخفاض الرضا الوظيفي، يقول شاب يعمل في مؤسسة أهلية: بعد سلسلة من النجاحات رافقت مسيرتي الدراسية حتى تخرجت، اليوم انا اتنقل من عمل الى اخر لعدم وجود ما يناسب تخصصي ودراستي، واشعر إني لا املك مستقبل معلوم وفاقد للاندفاع الذي كنت اشعره وانا في مرحلة الدراسة، انها انتقاله فكرية وعقلية وروحية من الاتجاه الموجب الى الاتجاه السالب، فانا اعمل في مجال بعيد عن تخصصي رغم شعوري ان هذه العمل يسرق طاقتي ويسلب احلامي التي درست وتعبت للحصول عليها.
نلاحظ ان الكثير من خريجي الجامعات والمعاهد يتحتم عليهم التنازل عن حقهم المشروع في العمل، فبغض النظر عن نوع العمل او الوظيفة وسواء كانت ضمن اختصاصهم اولديه القدرة على اجادتها او كانت تشعره بالمتعة، فالقبول يكون سريع والعرفان لمن يتيح له هذه الفرصة كبير.
ان مجرد وجود عمل يؤمن دفع تكاليف المعيشة في بلد فرص العمل فيه شحيح، لن يجعل التفكير بتركه امر سهلا، ومع ذلك، فأن قرار ترك العمل اختيارياً بات الكثير يلجأ له مغرما ومن ثم يبحث عن عمل بديل.
مما يشير لعدم الرضا الوظيفي وهي ظاهرة تنتشر في المجتمع العراقي وتكثر بين الفئات الشابة، ولها اسباب عديدة منها:
- قلة فرص العمل وعدم تناسب عدد الخريجين مع سوق العمل والوظائف المتاحة والتي لها علاقة بالتخصص العلمي الذي قضوا سنين من عمرهم يدرسونه، مما يضطرهم بالقبول بأعمال ووظائف بعيدة عن تخصصاتهم وقدراتهم، ما يؤدي الى افتقاد فعالية الموظف في عمله وينعكس على سير العمل سلبا وانتاجية المؤسسة بشكل عام.
- تفشي المحسوبية والواسطات وتفضيل الاقارب والاصدقاء ومن تجمعهم المصالح معه لتولي الوظائف على حساب اصحاب المؤهلات والتخصص ومما ادى الى ضياع طاقات وخبرات كثيرة.
- ترأس من هم اقل مستوى علمي او خبرة في العمل بسبب العلاقات والانتماءات الحزبية مما يجعل العاملين معه يشعرون بالغبن لعدم استحقاق ذلك الشخص لهذا المنصب، كما تنعكس خبرته القليلة في التوجيه وادارة العمل، وحل المشاكل والازمات التي تواجهها المؤسسة، وهي أحد افرازات المحاصصة المقيتة وفساد الحكومة.
- غياب التكافؤ والعدالة في توزيع الأجور والرواتب بما يتناسب مع ساعات العمل والجهود المبذولة والمؤهل العلمي، خصوصا في المؤسسات والمصانع والمراكز الاهلية التي توزع المستحقات المالية للعاملين والموظفين بحسب تقديراتهم وليس وفق القانون.
- اهمال الالتزامات الأخلاقية التي تُبنى عليها المؤسسات المنتجة، وتسهم هذه الالتزامات في ضبط تعامل وسلوك جميع العاملين والموظفين من الاعلى الى الادنى داخل المؤسسات، اذ يؤدي الى شعور بالإرهاق في بيئة العمل ويفقد المتعة والحماس ويزيد الضغوط على العاملين.
- غياب عنصر التشجيع المادي مثل المكافئات والعلاوات والحوافز والترقيات، والتشجيع المعنوي مثل الشهادات التقديرية وكتب الشكر وكلمات الثناء والمديح.
ان تشابك الأحداث المتصارعة في البلد وضعف تطبيق القانون والصراع الدائر على الكراسي وغياب لإدارة الحكيمة أثر على كافة مفاصل الدولة ومنها الحالة الاقتصادية، واسهم بعدم الالتزام باللوائح والأنظمة والقوانين التي تنهض بالأمة لتحول اسواقها من اسواق استهلاكية الى اسواق منتجة ومن شركات ومصانع صغيرة الى التوسع في المصانع والشركات لاستيعاب الايادي العاملة، ولتطبيق القوانين التي تحمي حق الخريج والعامل، كما تسهم برفع مستوى طموح الفرد وتنمية قدراته، ولو وجدت هذه العوامل لارتفاع مستوى الرضا الوظيفي الذي تسعى اليه الامم المتقدمة.
اضف تعليق