يبدو أنَّ للصيف حضوراً قوياً في اذهاننا؛ ليس لأنه مرتبط بملف الكهرباء، الملف الأكثر فساداً في العراق بل حضوره يتمثل في الأمثال والموروث الشعبي، ولنستذكر في هذه الأسطر بعض الأمثال والأشعار التي قيلت حول الصيف لعلّنا نخفف من وطأة حرارته وننسى ملفه الشائك...
يبدو أنَّ للصيف حضوراً قوياً في اذهاننا؛ ليس لأنه مرتبط بملف الكهرباء، الملف الأكثر فساداً في العراق بل حضوره يتمثل في الأمثال والموروث الشعبي، ولنستذكر في هذه الأسطر بعض الأمثال والأشعار التي قيلت حول الصيف لعلّنا نخفف من وطأة حرارته وننسى ملفه الشائك.
فمن الأمثال: “الصيــف أبـو الفقير”: لأنَّ تكثر في فصل الصيف المحاصيل الزراعية والخضروات والفواكه التي تكون متوفرة بأسعار مناسبة. كما أن الفقير لا يحتاج إلى الملابس الشتائية التي تكون نوعاً ما غالية الثمن. كما أن طول نهار الصيف يساعد على إتاحـة فـرص عمـل أكثر من الشتاء. لكن في أيامنا هذه لم يعدّ “الصيف أبو الفقير”، فانقطاع الكهرباء المتكرر ولجوء المواطن إلى إصلاحها بنفسه، واشتراكه في مولدات قد يصل سعر الأمبير فيها إلى 20 ألف دينار أو اكثر، يجعله فاقد الأهلية كأب للفقير!
والمثل الأخر: “الصـوم بالصيـف مثل الجهـاد بالسـيف”.. فالصوم في أيام الصيف شديدة الحرارة وما يتحمله الصائم من شـدة العطـش وطول النهار، يجعل أجـر الصـائم فيه كأجـر المجاهد في سـبيل الله.
وبالتأكيد هذا لا ينطبق على بعض البلدان المختلفة في تضاريسها وموقعها الجغرافي، فيعدّ الصيف بالنسبة لها لقصره ولطفه ضيفاً لا يلبث أن يغادر ويرحل، فتقول في أمثالها: “الصيــف ضيـــف”، بل إنَّ بعض الشعوب تجزم بأنَّه أقصر فصول السَّنة، فيقولون: “الصَّيف عمرو قصير”.
حرارة شديدة
ومن أشـدّ أشـهر الصيف حرارة هو تموز.. وممَّا جاء من أمثال وكنايات في هذا الشـهر: “تمــوز وطبـــاخ”: إذ ترتفع فيـه درجات الحرارة لتصل في كثير من الأحيان إلى 55 درجة مئوية أو أكـثر، وكأن المرء على مرجل أو طبـاخ شـديد الحرارة، و”أحـر من شـمس تمـوز”: وهو كناية عن شدَّة الحرارة؛ فإن شمس تموز تكون حرارتها شديدة خاصة وقت الظهيرة، وكان لشهر آب.. حصة في الأمثال والكنايات، منها:
حرق بسمار
(أول عشـرة من آب تحرق البسـمار بالباب)، أي من شدَّة الحر، (وثاني عشـرة من آب تكثر الأرطاب وتقلل الأعناب وتسـوي الأرطاب)، أي لدخول موسم التمر، وثالث عشـرة مـن آب تفتـح من الشـتة باب)، أي بداية دخول فصل الخريف.
وأشهر ما قيل عند العرب: “فِي الصِّيفِ ضَيَّعْتِ اللَّبَنَ”: ويضرب لمن يطلب شيئاً قد فَوَّته على نفسه أو يُضيِّعُ ما بيديه مِنْ خيرٍ طمعًا في غيرِه، وبطرًا بالّنعم وجَهلاً بقيمة ما يملكه من مُتاحِ النّعَم.
وعند بعض البلدان العربية نجد طائفة من الأمثال عن الصيف، منها:
“الصَّيف حَرِيقْ وِالشّتَا غَرِيقْ”، وهو مثلٌ يُضربُ للإعراب عن التَّذمر من فقدان التَّوازن، أو الاعتدال بين الحالة الجويّة صيفًا وشتاءً في بعض المناطق، وكذلك “آب اللّهَّابْ، بيجيب الخُضْرَة لَعِنْدِ الباب”، والصَّيف يحشر نفسه حشراً في لهجات معظم الدُّول الخليجيّة بقولهم: “صيَّفتَ”، بمعنى قد تأخَّرت، وفلانٌ صيَّف أيّ تأخَّر، والجماعة صيَّفوا أي تأخَّروا.
ومن العبارات المشهورة عن الصيف التي تقال عند نشوب خلافات بين طرفين اثنين، أو حتى العلاقات الثنائية بين الدول، قولهم: “سحابة صيف” أو “مطر صيف”. وذلك للتَّقليل من خطورة حصول خلافٍ استثنائي، واعتباره حدثاً عرضياً لا يدوم ولا يتكرَّرُ كثيراً، وأنَّه لا يفسد للودِّ قضيّة.وأغنية فؤاد سالم: “حجيك مطر صيف.. ما بلل اليميشون”.. أكيد في الذاكرة العراقية.
اضف تعليق