ينبغي الارتقاء بالوعي المجتمعي لإدراك أن التسول ليس حلاً للفقر، بل قد يكون دائرة مغلقة تزيد من تعقيد المشكلة، وهذا لا يعني عدم التشجيع على العطاء بل المشاركة في البرامج والمبادرات الموثوق بها التي تضمن وصول المساعدات إلى مستحقيها...

يبدو ان الوعي المجتمعي قد تطور كثيراً أمام التعامل مع ظاهرة التسول؛ فالمجتمع لم يعدّ يتفاعل بتعاطف كبير مع المتسولين بالرغم من تنوع أساليبهم وحيلهم وتطورها. وممّا ساعد على نشر هذا الوعي انتشار قصص لمتسولين بعد وفاتهم، إذ اتضح امتلاك هؤلاء لأموال أو لعقارات لا يملكها الشخص العادي أو حتى متوسطي الدخل، وانتشار فيديوهات لمتسولين يغيرون ملابسهم ويرتدون أخرى بالية أو يجلسون على كراسي المرضى للإيهام بأنهم عاجزين أو فيديوهات تفضح المتسولين وهم يقسمون الواجبات بينهم.

ويمكن تصنيف التسول إلى نوعين:

1- التسول التقليدي الذي عرفته البشرية منذ القدم، ومنتشر في كل بلدان العالم، وهو قد يكون باختيار المتسول أو اجبارياً كما في حالات الأطفال والنساء الذين يُجبرون على التسول. وهذا النوع من التسول يعدّ نوعاً من الاتجار بالبشر، وهذه تعدّ جريمة منظمة يعاقب عليها وفق القانون ضمن جريمة الاتجار بالبشر.

2- التسول الالكتروني: في ظل البيئة الافتراضية التي ولدتها منصات التواصل الاجتماعي، ظهرت بعض السلوكيات السلبية كنشر منشورات تحمل مناشدات ونداءات لمساعدة حالات إنسانية أو مساعدة أسرة فقيرة أو المساهمة في إجراء عملية جراحية لمريض وما إلى ذلك من طلبات يمكن أن تطلق عليها مصطلح التسول الإلكتروني» أو «التسول عبر الإنترنت» الذي يعد صورة تكنولوجية متطورة للتسول التقليدي. أي لا يختلف «التسول الإلكتروني» عن التسول التقليدي، فهي قائمة بالأساس على الخداع والتحايل للحصول على المال بطريقة غير قانونية. والجدير بالذكر أن هذا النوع من التسول ليس مقصوراً على العراق لكنه بات ظاهرة عالمية.

ونختم بالقول: إنّ ظاهرة التسول بكل أشكالها تبدو كأحد التحديات المجتمعية التي تستدعي الوقوف بوجهها بالوعي، أي أن يقف المجتمع ليكون هو الوسيلة والمُحرك الوحيد للقضاء على هذه الظاهرة، ليس فقط لأنها سلوك يتنافى مع الدين والقيم الاجتماعية والأخلاقية، ولها أضرارها في تشويه صورة المجتمع المعروف بكرمه ونخوته، بل إن التسول هو نوع من أنواع الاتجار بالبشر يُستغل فيه الأطفال والنساء وكبار السن، ويحرم تحديداً الأطفال من حقوقهم في التعليم والدراسة، ولا يخفى أن هذه الظاهرة يقف وراءها مافيات وعصابات. ويمكن للأفراد المساهمة في مكافحة التسول في الوعي بخطورتها؛ لذا ينبغي الارتقاء بالوعي المجتمعي لإدراك أن التسول ليس حلاً للفقر، بل قد يكون دائرة مغلقة تزيد من تعقيد المشكلة، وهذا لا يعني عدم التشجيع على العطاء بل المشاركة في البرامج والمبادرات الموثوق بها التي تضمن وصول المساعدات إلى مستحقيها.

اضف تعليق