q
يعد الاتحاد الأوربي من أكبر التكتلات الاقتصادية وأكثرها اكتمالاً من حيث البنية والهياكل التكاملية، إذ بدء كمنطقة تجارة حرة ثم تدرج لمستوى الاندماج، فهو يهيمن على اكثر من ثلث التجارة العالمية، أن الاتحاد الأوربي يتمتع بشخصية دولية مستقلة لها طبيعة قانونية نستطيع أن نبين أهم سماتها وهي...

يعد الاتحاد الأوربي من أكبر التكتلات الاقتصادية وأكثرها اكتمالاً من حيث البنية والهياكل التكاملية، إذ بدء كمنطقة تجارة حرة ثم تدرج لمستوى الاندماج، فهو يهيمن على اكثر من ثلث التجارة العالمية، وسيتم توضيح بالتفصيل كالاتي:

اولاً: نشأة الاتحاد الأوربي

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وصحوة الاوربيين على ما اقترفت أيديهم من تدمير للبلاد، وقع الاختيار على مادتي الفحم والصلب لتكونا الرابط الرئيس بين فرنسا وألمانيا فتم انشاء المجموعة الاوربية للفحم والصلب في نيسان عام 1951، وانضم اليها كل من ( فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وبلجيكا، ولوكسمبورغ، وهولندا)، وبهدف ربط المصالح الاوربية وافقت المجموعة الاوربية على التوقيع على معاهدة روما المنشئة للمجموعة الاقتصادية الاوربية في عام 1957، وصاحبها انشاء المجموعة الاوربية للطاقة الذرية، وفي عام 1967 تم دمج المجموعات الثلاث في منظمة اوربية واحدة هي المجموعة الاوربية، وبسبب رغبة الدول في التعاون والتكامل كلفوا عام 1985 اللجنة الاوربية بتقديم مقترحات حول سبل إقامة السوق الاوربية الموحدة بحد اقصى نهاية عام 1992، وبعد تفكك الاتحاد السوفيتي ورغبة دول شرق اوربا الانضمام إلى المجموعة الاوربية بحثاً عن الدعم الاقتصادي والسياسي، فقدمت اللجنة الاوربية عام 1989 بتقديم تقرير لإقامة وحدة اقتصادية كاملة والدعوة لعقد مؤتمر حكومي لبحث سبل ذلك، وفي عام 1990 قررت قمة (دبلن) ، في إيرلندا أن يبدأ عمل المؤتمر في روما في كانون الأول 1990، وتم التوصل عام 1992 الى عدد من الاتفاقيات حول الوحدة الاقتصادية وكان من أهم ما تضمنته هذهِ المعاهدة التاريخية (معاهدة ماستريخت) تحويل الجماعة الاوربية إلى اتحاد اوربي، وصك عملة موحدة للدول الأعضاء، لتطبق رسمياً عام 1999، وفي العام جرى توقيع (معاهدة أمستردام لتعديل معاهدة الوحدة الاوربية) ومعاهدة أمستردام التي تقوي البعد السياسي للاتحاد، وتسوي (معاهدة نيس) التي وقعت عام 2000 ودخلت حيز التنفيذ عام 2003 القضايا المؤسسية التي لم تتناولها معاهدة أمستردام وتهيء الاتحاد لمزيد من التوسع.

ومن هذا المنطلق تم تأسيس الاتحاد الأوربي كمنظمة إقليمية أوربية تتخذ من بروكسل مقراً لها، ويضم في عضويته (28) دولة اوربية، واخرهم كانت كرواتيا التي انضمت عام 2013، يبلغ عدد سكانها (501) مليون نسمة، ووضع شروط العضوية عام 1993 عرفت بشروط (كوبنهاكن) وهي كالإتي:

1- الشروط السياسية: التي تفرض على الدولة المترشحة للعضوية أن تتمتع بمؤسسات مستقلة تضمن الديمقراطية، وأن تحترم حقوق الانسان وحقوق الأقليات.

2- الشروط الاقتصادية: التي تلزم وجود نظام اقتصادي فعال يعتمد على اقتصاد السوق وقادر على التعامل مع المنافسة الموجودة ضمن الاتحاد.

3- الشروط التشريعية: التي توجب على الدولة المترشحة للعضوية أن تقوم بتعديل تشريعاتها وقوانينها بما يتناسب مع التشريعات والقوانين الاوربية.

ثانياً: الوصف العام للاتحاد الأوربي (السياقات المؤسسية - الوظائف- اليات اتخاذ القرار).

أن الاتحاد الأوربي يتمتع بشخصية دولية مستقلة لها طبيعة قانونية نستطيع أن نبين أهم سماتها وهي :-

1- الاتحاد الأوربي له بنية مؤسسية مستقلة، وتؤدي وظائف ومهام تستهدف بالمقام الأول تحقيق مصلحة أوربية عامة تمس المجتمعات الاوربية.

2- لقد تنازلت الدول الأعضاء طواعية وبشكل دائم عن جانب من سيادتها لتمكين الاتحاد من ممارسه مهامه.

3- يتمتع الاتحاد بنظام قانوني مستقل عن النظام القانوني لكل دولة عضو، وذلك نتيجة تنازل الدول الأعضاء له عن جانب من سيادتها.

4- تكون الأولوية للقوانين والقرارات الصادرة عن الاتحاد الأوربي على القوانين المحلية للدول الأعضاء، في شكل قواعد واجبة التطبيق تعد ملزمة وقابلة للتطبيق الفوري المباشر.

5- اهم ما يميز الاتحاد الأوربي هو الطابع الديمقراطي لكونه أقرب إلى شكل المنظمة الدولية الحكومية من إلى شكل الدولة، إذ تقتصر عضوية الاتحاد على الدول ذات النظم السياسية الديمقراطية، أي ان حكومات الدول الأعضاء يجب ان تكون منتخبة انتخاباً حراً يعبر عن الإرادة الشعبية.

6- البنية المؤسسية للاتحاد تتضمن برلماناً اوربياً منتخباً بالاقتراح المباشر تتأكد سلطاته وتتوسع صلاحياته بانتظام.

7- أهم ما يميز الاتحاد طبيعة العلاقات بينه وبين الدول الأعضاء، إذ نجح الاتحاد في العثور على صيغة توافق تقوم عليها العلاقات بين الدول وهما الصيغة الأولى: خاصية السيادة التي تخول الدول الصغيرة قبل الكبيرة حق المطالبة بأن تعامل على قدم المساواة وأن تكون لها الحقوق الواجبات نفسها، والصيغة الثانية: هي عدم المساواة الفعلية بين قدرات وإمكانات الدول، من ناحية قبلت الدول الأعضاء مبدأ التناسب بين اوزانها التصويتية، ومن ناحية أخرى قبلت الدول الاخذ بمبدأ التمييز بين الأغلبية المطلوبة لاتخاذ القرارات واشتراط الاجماع بالنسبة للقرارات التي تمس سيادة ومراكز الدولة.

8- البنية المؤسسية للاتحاد الأوربي تضم ثلاثة أنواع من المؤسسات الرئيسة لصنع القرار وتحتوي المجلس بشقيه (المجلس الأوربي على مستوى القمة ومجلس الوزراء)، والمفوضية والبرلمان، والمؤسسات والهيئات الرقابية التي تضم: محكمة العدل الاوربية، جهاز المحاسبات والأجهزة والفروع الأخرى التي تقسم إلى المؤسسات الاستشارية وتشمل اللجنة الاقتصادية ولجنة الأقاليم، والمؤسسات المستقلة ذات الطابع الفني وتشمل البنك المركزي وبنك الاستثمار وغيرهما.

.........................................................................................
المصادر:
1- د. مخلد عبيد المبيضين، الاتحاد الأوربي كظاهرة إقليمية متميزة، الأكاديميون للنشر والتوزيع، عمان- الأردن، 2012.
2- مجموعة مؤلفين، التسلح ونزع السلاح والامن الدولي، ترجمة: فادي حمود وآخرون،معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت- لبنان، 2003.
3- معن عبد العزيز الريس، الاتحاد الأوربي والتفاعل الدولي في ظل النظام الدولي الجديد القيود والفرص،رسالة ماجستير، جامعة الشرق الأوسط، كلية الاداب والعلوم، قسم العلوم السياسية، 2014.
4- يامن خالد يسوف، واقع التوازن الدولي بعد الحرب الباردة واحتمالاته المستقبلية، الهيئة العامة السورية للكتاب، دمشق- سورية، 2010.

اضف تعليق