هذهِ الاستراتيجيات يمكن أن تساعد المواطن العراقي للتكيف بشكل أفضل مع تأثيرات ارتفاع أسعار الصرف وتعزيز الاستقرار المالي الشخصي وتقليل تأثير تقلبات الأسعار على الحياة اليومية، فهي ليست تدابير مؤقتة انما مهارات طويلة الأمد تعزز من قدرة الإفراد على تحقيق الأمان المالي. لابد من التأكيد على أهمية التعاون...

تعد تقلبات أسعار الصرف من الظواهر الاقتصادية التي تؤثر بشكل مباشر على حياة الأفراد والمجتمعات، وفي العراق الذي يعتمد بشكل كبير على الواردات يصبح تأثير ارتفاع أسعار الصرف ملموسا على القدرة الشرائية للمواطنين ومستويات المعيشة، وقد شهدت السوق العراقية ارتفاعاً بأسعار صرف الدولار مقابل الدينار، حتى تجاوزت (1305) دينار لكل دولار حسب تحديث البنك المركزي العراقي بتاريخ 19 كانون الأول 2024؛ وذلك بالتزامن مع اشتداد الحرب في غزة ولبنان ثم تنامي الاحداث السورية وسقوط النظام السوري.

أولاً- التأثيرات الاقتصادية لارتفاع أسعار الصرف

يواجه اقتصاد العراق تحديات كبيرة نتيجة لارتباطه الوثيق بالدولار الأمريكي فالتقلبات في سعر الصرف، وسيطرة مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأمريكي) على النظام المالي، تؤثر بشكل مباشر على الاستقرار الاقتصادي في العراق، فعلى الرغم من إعلان البنك المركزي العراقي توسيع قنوات التحويلات المالية الخارجية للمصارف المحلية، ليشمل عملات جديدة غير الدولار للسيطرة على ارتفاع الدولار في السوق الموازي.

 ورغم قرابة عامين على بدء عمل منصة إلكترونية لمراقبة حركة الدولار، لا تزال أسعار صرف الدينار العراقي مقابل العملة الأمريكية تعيش تفاوتاً كبيراً بين السعر الرسمي المعلن من البنك المركزي وسعر السوق السوداء، أو ما يعرف بالسعر الموازي، مما ادى إلى جملة تأثيرات اقتصادية تتمثل في:

- ارتفاع التضخم: يؤدي ارتفاع سعر الدولار إلى زيادة أسعار السلع والخدمات المستوردة، مما يؤدي بدوره إلى ارتفاع معدلات التضخم.

- تدهور القوة الشرائية: يؤدي ارتفاع الأسعار إلى تدهور القوة الشرائية للمواطنين، مما يقلل من قدرتهم على شراء السلع الأساسية.

- صعوبة الاستثمار: يؤدي عدم الاستقرار في أسعار الصرف إلى خلق بيئة غير مواتية للاستثمار، مما يؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي.

ثانياً- استراتيجيات التكيف الشخصية للمواطن العراقي

قد يجد المواطن العراقي نفسه مضطرا لتبني استراتيجيات شخصية تساعده في التكيف مع هذهِ التحديات الاقتصادية والحفاظ على استقراره المالي وهي:

إدارة الميزانية وذلك عبر:

- التخطيط المالي: يجب على المواطنين التخطيط لميزانيتهم بشكل جيد ووضع ميزانية شهرية تتضمن جميع المصاريف والدخل، مما يساعد على التحكم في الإنفاق.

- تتبع النفقات: مراقبة النفقات اليومية للحد من المصاريف غير الضرورية.

- متابعة التطورات الاقتصادية: يجب على المواطنين متابعة التطورات الاقتصادية في العراق والعالم بشكل مستمر لاتخاذ القرارات المالية الصائبة.

- تنويع مصادر الدخل: من خلال البحث عن وظائف إضافية أو مشروعات صغيرة لزيادة الدخل.

- الادخار المنتظم: تخصيص جزء من الدخل للادخار المالي في أصول آمنة، أو التوفير بجزء من دخلهم بالعملة الصعبة كتحوط ضد تقلبات أسعار الصرف لمواجهة الأزمات.

- دعم الاقتصاد المحلي: شراء المنتجات المحلية بدلاً من المستوردة للمساهمة في دعم الاقتصاد الوطني، والشراء بالجملة للاستفادة من العروض والتخفيضات عند الشراء.

- التوعية المالية: زيادة الوعي بأهمية إدارة الأموال عبر الاشتراك في دورات تدريبية وحضور ورش عمل حول التخطيط المالي والادخار.

- التكيف مع التضخم: من خلال البحث عن بدائل للمنتجات التي ارتفعت أسعارها بشكل كبير.

- تقليل الديون: محاولة تقليل الديون قدر الإمكان لتخفيف الضغط المالي.

- التعامل الذكي مع القروض: الاستفادة من قروض بفوائد منخفضة عند الضرورة وتجنب القروض ذات الفوائد المرتفعة.

- استخدام الطاقة بشكل فعّال: تحسين كفاءة استخدام الطاقة في المنزل لتقليل التكاليف الشهرية.

- التعاون مع العائلة والمجتمع: من اجل تقاسم الموارد وتبادل النصائح المالية.

ان التحليل السابق يكشف عن جملة من الاستنتاجات أهمها: إن البنك المركزي أصبح تحت ضغط الحكومة وحاجتها المتنامية للإنفاق العام، فاضطر إلى زيادة الإصدار الامر الذي فرض تداعيات اقتصادية ومالية يتحملها الاقتصاد الوطني، لذا نجد أن هذهِ الاستراتيجيات يمكن أن تساعد المواطن العراقي للتكيف بشكل أفضل مع تأثيرات ارتفاع أسعار الصرف وتعزيز الاستقرار المالي الشخصي وتقليل تأثير تقلبات الأسعار على الحياة اليومية، فهي ليست تدابير مؤقتة انما مهارات طويلة الأمد تعزز من قدرة الإفراد على تحقيق الأمان المالي.

 فضلاً عن ذلك في الختام لابد من التأكيد على أهمية التعاون ايضاً بين كافة الاطراف من أفراد وحكومة ومؤسسات للعمل على تعزيز قدرة المواطن العراقي لمواجهة التحديات الاقتصادية والتكيف مع التغيرات المستقبلية.

* مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية/ 2001 – 2025 Ⓒ

http://mcsr.net

اضف تعليق