ما الذي يجعل حدثا يدخل الى نطاق العالمية؟، قد نتصور إن الإعلام وحده كافيا.. وقد نتصور إن الإثارة والاهتمام كافيان.. ولربما هناك عوامل وأسباب ومحددات تفرز ما هو ذو مقاس عالمي مما هو ليس بتلك الصفة... لكن من المؤكد إن الجميع يتفق على إن أهم عنصر في تأطير الحدث العالمي هو مدى مشاركة شعوب العالم المختلفة في ذلك الحدث.. فالإعلام يمكن أن يحتكر، والاهتمام من الممكن أن يمول عن طريق الإثارة أو صناعتها، لكن المشاركة الإنسانية تبدو عنصرا محايدا وفارقا في هوية الحدث العالمي.
وكلما زادت بساطة الإنسان، كلما عبر عن عالميته في المشاركة الصادقة، الحرة من عوامل الترغيب أو الترهيب، إنها المشاركة المستقلة المعبرة عن اعتقاد بقيم وإيمان بمبادئ.. وكلما تنوعت مشاركة الشعوب، كلما عبرت عن هويتها العالمية.
في الأربعين.. أناس بسطاء أتوا من شرق الأرض ومن غربها، بعضهم من أفريقيا وبعضهم من آسيا والصين والهند.. زوار من أوربا وآخرون من استراليا والأمريكيتين.. من شعوب مختلفة وأمم وحضارات متنوعة.. أناس بسطاء عانوا ما عانوه للوصول الى العراق والمشاركة في المسيرة المليونية في زيارة الأربعين.
بلد المسيرة.. العراق.. البلد الذي يحتضن كربلاء الحسين (عليه السلام)، البلد الذي يعاني من جراح بعمق معاناة أبنائه وعلى مساحة جميع قلوب محبيه، البلد الذي لم تفارقه إلا بالأمس القريب طائرات ودبابات الاحتلال الأمريكي ولم تخرج بعد بوارجه من مياهه الإقليمية.. بلد محتل من قبل أعتى جيوش العالم لثمان سنوات وأقساها تدميرا وعنفا.
بلد ما تزل حكومته الوطنية طرية مسالمة اما المتصارعين على النفوذ والمكاسب فهم أمراء حرب ولصوص غنائم، بلد استباحته عصابات القاعدة وأذنابها من المرتزقة وقطاع الطرق لتنتهك حرمة دمائه البريئة، بلد يستهدف فيه الإرهابيون زوار الحسين عليه السلام بالأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة ورصاصات القناصة الغادرين والعبوات المتفجرة في الطريق الى كربلاء، وفي العراق كل الطرق تؤدي الى الحسين عليه السلام.
مواصفات البعد العالمي
في البلد الأكثر خطرا بسبب الإرهابيين التكفيريين، امساخ الفتاوى المضللة والمعتقدات المنحرفة، والفكر الانغلاقي اللاانساني الذي يعادي كل اعتقاد صحيح وكل رسالة إنسانية إسلامية تنبع من موارد النبع الصافي للقران والسنة النبوية السليمة.
في البلد الأكثر حاجة الى البنى والمرافق الأساسية من خدمات وطرق وجسور ومنشآت، تستفيق دروب العراق على مسيرات مليونية من حاملي رايات المحبة والسلام، وعشاق الحرية، ومنارات القيم والمبادئ من زوار الإمام الحسين.. الإمام الخالد في ذاكرة الشعوب والأمم والتاريخ،
مسيرات حب وولاء من كل بيت، من كل قرية، من كل مدينة، ومن شعوب العالم اجمع.
ملايين تزحف نحو كربلاء في كرنفال البراءة..
تتلاشى المعاناة،
تتصاغر العوائق،
تتهاوى الحواجز،
أمام ذلك الإيمان العقائدي بنهج الحسين عليه السلام ونهضته وثورته الخالدة..
بالرغم من كل ما يمنع المشاركة العالمية في زيارة الأربعين من معاناة – وعوائق – وتهديدات – ومخاطر – وحواجز – بكل أنواعها ومستوياتها..
بالرغم من كل ذلك يلتئم شمل الشعوب في حضرة سيد الشهداء عليه السلام ليمنحها عطائه الإنساني والعقائدي والثوري.
إن زيارة الأربعين تكتسب بعدها العالمي من المشاركة المتنوعة للشعوب والأمم والطوائف،
إنها إجلال لكل مبادئ وقيم الثورة والنهضة الحسينية وتجسيد حي للولاء لها والبراءة من أعدائها.
تساؤل مقتبس
هذا التساؤل اقتبسه كما هو موجود في إحدى منتديات الظلم والإرهاب حيث يتسائل فيه المشارك (ماذا لو أصبح في العراق مطارات كثيرة وطرق سياحية و فنادق درجة أولى وانسحب إخوانكم المقاتلين (الإرهابيين) من بلاد الرافدين، هل ستعرفون ماذا سيحدث؟؟ !على الأقل سيشارك ربع سكان العالم في هذه الزيارات... سنضيع).
أقول: لقد ضعتم يوم نزل القران وجاء نصر الله والفتح..
لقد ضعتم في يوم غدير خم ويوم ثار الحسين..
لقد ضعتم مع ثورة كل شعب ثار ضد طواغيته وحكامه الظالمين
لقد ضعتم مع كل راية حب وسلام ترفع، ومع كل حاكم يحكم بالعدل..
كان الحسين مع الحق فاختار الشعوب وكسب العالم وفاز بالحب والخلود.
وكان طواغيتكم مع الباطل فاختاروا الظلم و التحقوا بالشيطان فكانوا عنوان لكل انحراف.
ومع كل استفاقة للشعوب يتقيأهم التاريخ وتتقزز من جرائمهم الإنسانية.
والسلام على الحسين وعلى أولاد الحسين وأنصار الحسين وزوار الحسين.
اضف تعليق