فنون الطهي وإعداد وتحضير الأطعمة بمختلف أنواعها، وكما يقول بعض الخبراء لا تزال من أهم الأمور في حياة العديد من البشر، لذا فقد سعى البعض منهم الى اكتساب مهارات وقدرات إضافية في مجالات الطبخ الأساسية إضافة لمسة جديدة ومميزة على إطباقهم، هذا بالإضافة الى المحافظة على الأطعمة الخاصة، باعتبارها ارث حضاري مهم ومميز لبعض الدول، التي سعت أيضا وفي ظل ما يشهده العالم من انفتاح وتطور متسارع الى اعتماد خطط وبرامج تدريبية متكاملة، لأجل تطوير المهارات وإبراز بعض المهارات بطرق مختلفة تتمثل بإقامة المسابقات وإعداد الدورات، وهو ما سيحقق بعض المنافع الاقتصادية وتحقيق الشهرة العالمية التي قد تكون سببا في جذب المزيد من السياح والمهتمين. يضاف الى ذلك الابتكارات الجديدة والغريبة في إعداد الأطعمة التي قد يسعى البعض الى تقديمها لتكون أطباق مستقبلية.
وفي هذا الشأن فقد اختير "ايل سيللير دي كان روكا" في لندن افضل مطعم في العالم في اطار تصنيف "50 بيست" العالمي لافضل المطاعم الذي تعده مجموعة "وليام ريد" الاعلامية البريطانية. وبذلك استعاد مطعم الاشقاء روكا حيث يشرف خوان على المطبخ وجوردي على الحلويات وجوزف على المشروبات، لقبا كان قد حصل عليه في العام 2013. وحل المطعم الواقع في خيرونا في شمال شرق اسبانيا مكان مطعم "نوما" الذي يديره الطاهي رينيه ريدزيبي والواقع في مخزن بحري مرمم في كوبنهاغن الذي حل اول في تصنيف العام 2014. بحسب فرانس برس.
وقد سلمت الجائزة في لندن خلال حفلة ضمت طهاة من كل انحاء العالم. وقد حقق تصنيف "50 بيست" شهرة ونفوذا متزايدا منذ اطلاقه في العام 2002 في اطار مجلة "ريستورانت" في البداية. الا ان للتصنيف معارضين لا سيما في فرنسا التي لم يتوج اي من مطاعمها حتى الان. وقد جمعت عريضة اطلقت عبر الانترنت للطلب من "الشركاء في القطاعين العام والخاص في هذا التصنيف التوقف عن تمويل هذا التصنيف الغامض ودعمه"، اكثر من 360 توقيعا من بينها توقيع الطاهي الفرنسي الشهير جويل روبوشون والايطالي جانكارلو بيربيلليني.
المطاعم الفاخرة
الى جانب ذلك ومع الوقت اعتاد الطهاة الكبار اصحاب النجوم التكيف مع الحساسيات المتزايدة لزبائنهم حتى تكون اطباقهم العالية الجودة موضع تقدير لجميع الاذواق مع الأخذ في الاعتبار هذه التفاصيل الصحية. ويقول بيت هيت هويسنترويت صاحب مطعم "ليكوكيه" في فانس في منطقة ارديش (جنوب فرنسا) "قبل حوالى عشرين عاما كنا لا نعرف كيف نتصرف عندما يبلغنا زبون بانه يعاني حساسية. فكنا نعد له الخرشوف والسلطة. لكن الامر لم يعد يطرح لنا اي مشكلة الان". وكان هذا الطاهي قبل فترة احد المدعوين الى "مهرجان تذوق المتوسط" وهو مبادرة جديدة ضمت في نيسان/ابريل في مونبيلييه (جنوب) 58 طاهيا كبيرا من عشر دول مطلة على حوض البحر الابيض المتوسط.
لوران بورسيل من مطعم "جادران دي سانس" في مونبيلييه يشهد على حجم ظاهرة الحساسيات قائلا "الامر يزداد انتشارا فعلى طاولة من خمسة او ستة اشخاص يتواجد بانتظام شخص يعاني من حساسية ما". ويضيف "نستقبل يوميا زبونا او اثنين يعانيان من حساسيات ومن مشاكل متنوعة". ويعتبر غالبية الطهاة المشاركين في مهرجان فن الطبخ هذا الذي كان مفتوحا امام الجمهور ورئسه الطاهيان الان دوكاس وجويل روبوشون، ان المطبخ المتوسطي "حليف ممتاز" للالتفاف على الصعوبات الناجمة عن الحساسيات والامراض الاخرى.
وتقول ايرمانس جوبليه من مطعم "كاستيلاراس" في فايانس قرب فريجوس وكان (جنوب) "هذا المطبخ لا يستعين كثيرا بمشتقات الحليب والزبدة والبطاطا. فنحن نستخدم كثيرا زيت الزيتون والسمك والخضار". ويؤكد اخصائي التغذية كريستيان ريكيا ان زيت الزيتون "اسهل على الهضم ويتقبله الجسم اكثر". وفي فندق بلازا اتينيه في باريس حذف الطاهي صاحب النجوم الان دوكاس اللحم عن قائمة الطعام. وفي موناكو وفي مطعم "لويس الخامس عشر" تحديدا يلجأ الى كميات اقل من الملح والسكر والدهون والبروتينات الحيوانية المصدر. وفي مطاعم اخرى ونزولا عند طلب زبائن يكيف الطهاة قائمة الطعام ويعدلون في وصفة الصلصات في حال وجود حساسية على مكون معين.
فللذين يتحسسون على الغلوتين يؤكد كل الطهاة ان لديهم لمواجهة حالات كهذه، الخبز الخالي من الغلوتين الذين يحضرونه مسبقا ويضعونه في الثلاجة. وتقول ايرمانس جوبليه "بمناسبة عيد العشاق لم تكن زبونة تتصور انه بالامكان تقديم وجبة طعام لها خالية من الغلوتين". ومن بين الاطباق التي قدمت لها طبق من الارز المحضر على الطريقة الايطالية مرفق بخضار صغيرة. ولا يواجه الطهاة مشكلة مع النباتيين كذلك. فلدى الشقيقين بورسيل يفسح اللحم المجال امام "طلائع الهليون في البلاد".
ويشير فابيان لوفيفر من مطعم "اوكتوبوس" الذي نال نجمة اخيرا ومقره في بيزيه (جنوب) "الاصعب هي الحساسيات على اللاكتوز" وعندها يمكن احلال زيت الزيتون مكان الزبدة. ويؤكد لوفيفر ايضا ان "الحل يكمن ايضا بالطبخ من دون مواد دهنية. يجب التكيف مع كل حالة بحالتها". ويقول هويسينتروت الذي يعاني من السكري "يمكن تحضير وجبات جديدة فاخرة اذا كنا نعلم بالامر مسبقا. لكن في اللحظة الاخيرة يكون الامر اصعب". ويواصل المقدم السابق لبرامج الطبخ في التلفزيون البلجيكي وصاحب الكتب الناجحة البحث عن افكار جديدة لا سيما لمرضى السكري. بحسب فرانس برس.
الا ان الطهاة المحترفين منزعجون من القواعد الجديدة التي يفرضها الاتحاد الاوروبي من اجل الاشارة الى المكونات المستخدمة التي قد تثير حساسية. وقد دخل هذا الاجراء حيز التنفيذ في كانون الاول/ديسمبر 2014 وهو يرغم العاملين في صناعات الاغذية الى الاشارة الى وجود 14 مادة من الاكثر تسببا بالحساسية للحساسية في مكونات مأكولاتهم مثل الغلوتين والصويا والجوز واللوز والبيض والحليب. وحتى الان قلة من الطهاة الكبار تحترم هذه القواعد الجديدة. ويقول مارك دو باسوريا بيسار من مطعم "ايسبري دو لا فولييت" في ايكس ان بروفانس (جنوب) "يجب ان يكون الزبون راضيا. جل ما يريده الزبون هو الا يخذل".
مذاقات برازيلية
نمل امازوني بالاناناس وسلطة شمندر بالحليب المخثر...المطبخ البرازيلي لا يقتصر على الفاصولياء والارز والكاسافا، على ما يفيد دليل ميشلان الذي دخل اميركا اللاتينية للمرة الاولى عبر البوابة البرازيلية. وقد ادرج 145 مطعما في ريو دي جانيرو وساو باولو الى الدليل الجديد الصادر بالبرتغالية والانكليزية. وقد حصل 16 منها على نجمة من الدليل العريق من بينها ستة في ريو.
المطعم الوحيد الذي حصل على نجمتين هو "دوم" الشهير الذي يديره الطاهي اليكس اتالا في ساو باولو الذي اشتهر باستخدامه لمكونات مصدرها الامازون مثل هذا النمل الذي تترك كل لقمة منه طعم حمضيات في الفم. اسعار هذه الاطباق ليست بزهيدة اذ انها تراوح بين 242 و 825 ريال (80 الى 270 دولارا). ويقول الاميركي مايكل اليس المدير الدولي لدليل ميشلان "كما في كل مطبخ جيد يكون الاساس في المنتج. وفي هذا البلد تتوافر منتجات رائعة من سمك الانهر الممتاز والخضار الرائعة فضلا عن نوعية اللحوم الممتازة والتوابل ايضا". الا ان النتيجة لم تكن دائما عند المستوى المطلوب.
ويضيف "كنت هنا في الثمانينات وكان المطبخ البرازيلي مؤلفا من الفاصولياء والدقيق والكاسافا واللحم المطهو جدا". ويتابع قائلا "الوضع تطور بشكل كبير. ثمة جيل كامل من الطهاة الشباب الذين يسافرون ويكتشفون تقنيات جديدة ومكونات جديدة وتتبيلات جديدة محدثين بصمة فعلية للمطبخ البرازيلي". وحتى الان لم يحصل اي مطعم برازيلي على ثلاث نجوم.
اما المعيار الاساسي للوصول الى هذه الفئة فهو بحسب مايكل ايليس "ان يترك المطعم اثرا في النفس نحمله معنا في ذهننا الى الابد". ويؤكد "المذاقات هي شيء عضوي يحصل في الفم ويصعب نسخه وكل طاه حاصل على ثلاث نجوم هو فنان يقوم بذلك على طريقته الخاصة المختلفة عن الاخرين".
ولد دليل ميشلان في فرنسا قبل اكثر من قرن وكانت الفكرة وراءه تحفيز الرحلات بالسيارة. وبات الدليل يوفر نصائح على صعيد المطاعم والفنادق في 24 بلدا. وقد تم اختيار البرازيل كمحطة اولى في هذه المنطقة من العالم "لانه البلد الاهم في اميركا اللاتينية مع طبقة متوسطة تنمو بسرعة جدا" على ما توضح كلير دولارن-كلوزيل العضو في اللجنة التنفيذية للمجموعة المكلفة خصوصا العلاقات الخارجية.ةوهو بلد تعرفه شركة ميشلان جيدا فقد اقامت فيه المجموعة مصانع للاطارات اعتبارا من العام 1927 ولها فيه الاف الموظفين.
وتضيف "ثمة معايير مطبخية ايضا فينبغي ان يتوافر المشهد المطبخي والنوعية والتنوع الامر الذي يسمح بالقيام بعملية اختيار في طار الدليل". وعند منح النجوم يعتمد الدليل القواعد نفسها لكل الدول فالنجمة في ساو باولو لها القيمة نفسها مثل باريس وطوكيو. واحتاج وضع الدليل البرازيلي الى تناول اكثر من 500 وجبة واكثر من عام ونصف العام من التحضيرات. بحسب فرانس برس.
ولا يعطي مسؤولو دليل ميشلان اي مؤشر الى الدول الاخرى في المنطقة التي قد يضمونها في المستقبل الى مجموعتهم. لكن المرشحين كثر. وتقول كلير دولارن-كلوزيل "ثمة عدد كبير من الدول التي تطلب منا ان نعد دليلا لها، دول وحكومات ورؤساء بلديات يأتون الينا ويطلبون منا ذلك. وهذا دليل على ان المطبخ بات سلاحا اقتصاديا يجذب السياح".
طعام عضوي 100%
من جهة اخرى يعتبر الايطالي باولو ساري الطاهي الوحيد في فرنسا الحاصل على نجوم دليل ميشلان الذي يقدم اطباقا عضوية مئة في المئة وهو يجوب جنوب البلاد بحثا عن افضل منتجات الطبيعة ليحولها الى نزهة مطبخية متوسطية. وفي حيت تؤكد مطاعم صغيرة انها تقدم اطباقا "عضوية" راهنا، فان باولو ساري اعتمد مقاربة قصوى بالكامل. ويقول "بين المطاعم التي تعتمد فن الطبخ الراقي، مطعمي هو الوحيد في العالم الذي يقدم طعاما يحمل شهادة تؤكد انه عضوي مئة في المئة".
ويتولى ساري وهو من البندقية اصلا، ادارة مطعم "ايلزا" الواقع قبالة البحر المتوسط في روكبرون-كاب-مارتان في الكوت دازور بمحاذاة موناكو. وهو يريد "اقناع الناس بافادة انفسهم عندما يأكلون". ويضيف "على الطهاة ان يشكلوا قدوة". لذا فان المكونات في مطعمه عضوية ولذيذة. ويوضح باولو ساري "المكونات هي نجوم مطبخي" وهو يقوم ببحث حثيث عن المنتجات الجيدة التي يضفي عليها لاحقا "بصماته" كطاه متمرس.
وقد توج عمله الجاد هذا العام 2014 بنجمة من دليل ميشلان. وقد منحته "ايكوسيرت" الهيئة الدولية المسؤولة عن اصدار شهادات المنتجات المنبثقة عن الزراعة العضوية، شهادة في مجال الطبخ من الدرجة الثالثة وهي الاعلى. ويقول الطاهي "كل مكون وكل مزود وكل ناقل حتى، يجب ان يكون حاصلان على شهادة". ويتطلب الامر تنظيما صارما جدا. ويوضح "كل قوائم الطعام يجب ان ترفق ببطاقة تقنية (..) ويمكن للمدقق ان يتحقق من كل التواريخ".
وتقول دانيال غارسولون مديرة "مونتي كارلو بيتش" وهو فندق ومجمع بحري يقبل عليه زبائن اثرياء خلال الصيف "انطلق الطاهي في مغامرة المطبخ العضوي قبل ثلاث سنوات. وقد اعجبتني مقاربته". وهي تحلم الان بتطبيق هذه المقاربة على مطاعم المجمع الاخرى. وتقر "في البداية كانت المنتجات العضوية باهظة الثمن. فندرتها تؤدي الى ارتفاع سعرها. الا اننا زدنا من عدد مزودينا من اجل تأمين الانتظام وتوسيع خياراتنا والكمية التي نحصل عليها".
وتزيد كلفة المطاعم التي تعتمد المنتجات العضوية بالكامل بنسبة 20% عن تكاليف المطاعم العادية. وتغيب عن القائمة اي اطباق بلحم البقر اذ لا يوجد اي منتج عضوي مقبول في المنطقة. والطاهي الذي شب على مذاقات ايطاليا يشتري بعض المنتجات من بلده الام. واغلاق المطعم بين تشرين الاول/اكتوبر ومطلع اذار/مارس يسهل اللجوء الى المنتجات الموسمية. ويشتري باولو ساري ايضا الفاكهة والخضار من شخص يزرعها لحساب المطعم على ارض مساحتها ثلاثة هكتارات في روكبرون-كاب-مارتان وهو يستفيد ايضا من هكتارين في سان ريمو على ساحل منطقة ليغوريا الايطالية. بحسب فرانس برس.
على صعيد الطبخ يركز الطاهي على "البساطة" مع تقديم انيق للطعام في صحون بيضاء بتأثير من آسيا. ويقول الطاهي البالغ 45 عاما "لقد تعملت شيئا ما من كل مطعم عملت فيه". وقد جال ساري الذي يتقن لغات عدة في العالم مع محطات في اليابان وكوريا والصين وسويسرا والبندقية ولندن ونيويورك ولوس انجليس وموسكو. طبقه المرجعي "بيو ساما" هو عبارة عن باقة ملونة من الخضار الموسمية المقطعة بدقة، يدخل عليها تعديلات يوميا. وتشكل اطباقه مهرجانا من الالوان الدقيقة مع الهليون الاخضر والكمأة السوداء مثلا او الارز المون بالزعفران. ويؤكد الطاهي انه يقع تحت تأثير "تقليدين مطبخيين هما الاهم في العالم" الايطالي والفرنسي.
الأرز الدهني
من جانب اخر يقدم زين العابدين نوعا واحدا من الاطعمة داخل كشكه الصغير الذي يفتح ابوابه لبضع ساعات لكنه يجذب ما يقارب ألف زبون يوميا من محبي الطبق الماليزي الوطني المسمى ناسي ليماك. وكما الحال مع المعكرونة بالنسبة لايطاليا والسوشي لليابان وطبق فيش اند تشيبس لبريطانيا، يتميز طبق ناسي ليماك بكونه الأكثر انتشارا وشعبية في ماليزيا.
وهو محضر من الأرز المطبوخ مع حليب جوز الهند والأنشوفة المقلية والفول السوداني المحمص والبيض المسلوق والخيار المقطع اضافة الى صلصة سامبال الاسيوية الحراقة. وبعدما كانت عند نشأتها مصنفة ضمن قائمة الوجبات الرخيصة المستهلكة على الفطور، باتت ناسي ليماك اليوم تؤكل على مدار اليوم، كما أنها تشهد تطورا مستمرا اذ ان وصفتها عرفت تعديلات متكررة حتى جرى ابتكار اشكال جديدة لها من بينها البيتزا او المثلجات المحضرة من هذا الطبق.
ويقول زين العابدين (57 عاما) الذي افتتحت والدته كشك الاطعمة خاصته في العام 1948 "الطلب على طبق ناسي ليماك شهد ارتفاعا كبيرا على مر السنين لأنه لم يعد مجرد طعام يتم تناوله على الفطور". ويقدم طبق ناسي ليماك، وعادة ما يترجم اسمه بـ"الأرز الدهني"، في الدول المجاورة مثل إندونيسيا وسنغافورة وبروناي، لكنه أكثر تجذرا في الثقافة الغذائية لماليزيا. ويعتقد أن أول من تناول هذا الطبق هم المزارعون والصيادون نظرا لكونه وجبة فطور غنية بالنشويات والبروتينات والدهون اللازمة مع لذعة من الطعم الحراق. لكنه بات موجودا في كل مكان في سائر أنحاء البلاد، بما في ذلك في المطاعم والفنادق الراقية.
وفي مطعم توجو الراقي في العاصمة كوالالمبور، حصل ما يشبه الاتحاد الغذائي بين ماليزيا وإيطاليا عبر طبق سمي ببيتزا ناسي ليماك، وهو عبارة عن عجينة رقيقة يوضع عليها إما عصارة الحبار أو السبانخ ويضاف اليها سمك الأنشوفة والبصل والفول السوداني المحمص وصلصة سامبال. وتقول سامانتا لي المتحدثة باسم مطعم توجو "السياح يحبون ذلك أيضا، لكن السكان المحليين يبدون حماسة خاصة لأنهم لا يستطيعون تخيل هذا الطبق عندما يقرأون عنه"، مشيرة الى ان المطعم يحضر لاطلاق نسخة من طبق ناسي ليماك مع المعكرونة في وقت قريب.
ويلفت الاخصائيون في النقد الغذائي الى ان بساطة طبق ناسي ليماك تحفز على ابتكار انواع جديدة من الاطعمة المحضرة على اساسه. وفي هذا الاطار، يشير شون لونغ صاحب مدونة ماليزية متخصصة في الطعام الى ان طبق "ناسي ليماك يمتلك إمكانات يعمد الكثير من المطاعم الماليزية الى استغلالها بطرق مبتكرة".
ويعتبر الطعام من أكثر السمات فعالية في الترويج لثقافة اي بلد في الخارج، الا ان طبق ناسي ليماك لم يصل بعد الى مرحلة الشهرة العالمية لأطعمة اخرى مثل المعكرونة والسوشي. مع ذلك، استفاد المسؤولون عن قطاع السياحة في ماليزيا من هذا الطبق المحلي مع ما يتميز به من غرابة وفرادة لتسويق المطبخ الماليزي خلال حملة ترويجية العام الماضي في اليابان. كما حصل هذا الطبق على بعض الدعاية في الخارج بعد فوز امرأة مولودة في ماليزيا بمسابقة "ماسترشيف" التلفزيونية للطهاة والتي تحظى بشعبية كبيرة في بريطانيا، بفضل تحضيرها طبق ناسي ليماك. بحسب فرانس برس.
ويرى اخصائيون في القطاع أن المذاق الحراق بدرجة كبيرة لهذا الطبق حال دون انتشاره على نحو واسع في العالم لكن التجارب الكثيرة على وجبة ناسي ليماك من شأنها المساعدة في الترويج لها. ومن بين الوصفات الجديدة لهذا الطبق ثمة نسخات نباتية وعضوية استبدلت فيها اسماك الأنشوفة بجذوع الفطر إلى جانب الخضروات المقلية والأرز البني.
فطائر من الحشيش
في السياق ذاته سيقول لك أي ايطالي: جميع أنواع الفطائر صحية وتجعلك منتعشا.. لكن ما قولك في معكرونة الاسباجيتي المصنوعة من القنب الهندي (الحشيش)؟ يقول مزارعون من جنوب ايطاليا كانوا يعرضون بضائعهم في مهرجان للأطعمة في لندن إن الفطائر المصنوعة من الحشيش والزيت والطحين (الدقيق) لن تجعلك منتشيا لكنها تمثل بديلا صحيا طيب المذاق يغنيك عن أنواع الفطائر التقليدية الأخرى.
قال مارتسيو ايلاريو فيوري (30 عاما) الذي تنتج منطقة موليزي التي يعيش بها زيت الحشيش ودقيق الحشيش "الطعام المصنوع من الحشيش عضوي تماما. نبات القنب الهندي لا يحتاج الى مبيدات للآفات ولا مخصبات مجرد كميات بسيطة من المياه". وغالبا ما يرتبط الحشيش بآثار النشوة التي تحدثها الماريوانا غير ان بعض أنواع هذا النبات يمكن ان تزرع لاستخدامها في صنع الطعام.
ومثل هذه الأنواع التي لا تحتوي إلا على آثار ضئيلة للغاية من المادة المخدرة (تتراهيدروكانابينول) تزرع منذ زمن طويل لصنع الأطعمة ومنتجات أخرى بعد ان رفعت ايطاليا الحظر المفروض على زراعة القنب الهندي عام 1998. وقال فيوري وهو واحد من بين نحو 200 من أساتذة فنون الطهي الايطاليين، "يقوم مفتشو الشرطة الايطالية بحملات تفتيش منتظمة على محصولي للاطمئنان الى ان المادة المخدرة في الحدود الآمنة".
وعلاوة على معكرونة الاسباجيتي المصنوعة من دقيق القنب الهندي يقدم فيوري أطباقا شهية من البسكويت المملح المصنوع في جنوب ايطاليا من زيت الحشيش ذي النكهة المميزة الشبيهة بالبندق. ويقول المزارعون إن بذور الحشيش من أغنى مصادر البروتين النباتي التي تحتوي على تركيزات عالية من الأحماض الدهنية التي تدخل فيها مادة أوميجا3 المفيدة. وعلى الرغم من ان معظم صناع الفطائر لم يقتحموا بعد سوق مخبوزات الحشيش لكنهم يجدون سبلا حديثة لتقديمها في صور أخرى إذ يبتكرون أشكالا وأحجاما جديدة من العجائن. بحسب رويترز.
على سبيل المثال قدم مطعم (لا موليزانا) أطباقا غريبة من الاسباجيتي اسمها (سباجيتو كوادراتو) أي الاسباجيتي المربعة. ويسعى صناع النبيذ أيضا الى سبل لجعل منتجاتهم أكثر تميزا وجذبا فقام أحدهم بتعتيق منتجاته في قاع البحر لمدة عام قبل بيعها بعد ان تكون قد إكتست الزجاجات بطبقة خضراء من الطحالب البحرية. واستغل هذا العارض حطام منصة حفر بحرية غارقة للتنقيب عن النفط لتخزين منتجاته تحت الماء بعد غرق المنصة في البحر الادرياتي عام 1965.
محاولة للصمود
على صعيد متصل باتت المطاعم في روسيا تعول على المكونات المحلية في محاولة للصمود في وجه الحظر على المواد الغذائية في البلاد. ففي حين تغلي الاقدار في مطبخ مطعم "بوييخالي" في موسكو الذي فتح ابوابه في تشرين الاول/اكتوبر، تؤكد مالكته ايلينا تشيكالوفا ان الوقت حان لاصحاب المطاعم الروس "ليروا قصتهم الخاصة" بعد انفتاحهم على المطبخ لفرنسي والياباني وتحمسهم للطعام العضوي.
وتضيف هذه الصحافية والمعلقة في مجال فن الطبخ بعدما استحالت صاحبة مطعم، "يجب استخدام منتجات تنبت على مقربة منا ونحن نألفها وطهوها مع تقنيات تعلمناها في مكان اخر". و"المطبخ الروسي الجديد" بدأ يظهر قبل سنوات قليلة وهو يحيي تقليدا مطبخيا غالبا ما كان يعتبر غير نبيل وانيق يفرد حيزا كبيرا للبطاطا والملفوف واللحوم المفرومة والسلطات بالمايونيز.
وقد توج هذا المطبخ الجديد بدخول مطعم "وايت رابيت" بادارة الطاهي فلاديمير موخين الى تصنيف "50 بيست" في المرتبة الثالثة والعشرين، في مؤشر بحسب لجنة التحكيم الى وجود "موجة جديدة من الطهاة الروس". فالى جانب موقع هذا المطعم المطل على موسكو، شددت لجنة تحكيم هذا التصنيف الى حساء "البورتش" بالشمندر. ويبدو ان هذا الميل مع تأجج الشعور القومي وصعوبة الحصول على منتجات مستوردة، يفرض نفسه اكثر من اي وقت مضى.
فقد حظرت روسيا الصيف الماضي استيراد غالبية المنتجات الغذائية من الدول الغربية ردا على عقوبات فرضتها عليها بسبب الازمة الاوكرانية. وحرم هذا القرار اصحاب المطاعم الروس من الاجبان واللحوم المقددة الفرنسي والايطالي فضلا عن الفاكهة والخضار واللحوم والاسماك المستوردة بكميات كبيرة من الدول المعنية.
وتوضح تشيكالوفا "لقد عانينا اقل من غيرنا لاننا صممنا مشروعنا بطريقة للاعتماد بنسبة 90% على المنتجات الروسية. الا اننا نتأثر بذلك. ومن الواضح انه عندما تقل المنتجات في السوق يرتفع سعرها". ونتيجة لذلك اضطرت صاحبة المطعم الجديدة الى زيادة اسعارها بنسبة 10% تقريبا. وتخلت كذلك عن احد الاطباق الاكثر شعبية في قائمة الطعام لديها وهو ريزوتو باصداف سان جاك الذي اصبح تحضيرها مكلفا.
ويعاني القطاع في الوقت ذاته ازمة اقتصادية تؤثر على القدرة الشرائية وتجعل الزبائن يدققون كثيرا في الاسعار. وعلى صعيد اصحاب المطاعم وبسبب تراجع سعر صرف الروبل باتت اواني الطاولة والبرادات المستوردة من الخارج تكلفهم اكثر فضلا عن بعض الايجارات المحددة بالدولار.
ويقدر الاتحاد الروسي لأصحاب المطاعم والفنادق ان ألف مؤسسة اضطرت الى اغلاق ابوابها في الاشهر الاخيرة موسكو وحتى وان اعاد بعضها فتح ابوابه بشكل متكيف اكثر مع الظروف. فبعض المطاعم الراقية اعتمدت اسما اخر مع قائمة طعام وديكور اكثر بساطة فيما تحولت مطاعم ايطالية الى المطبخ المحلي.. ويقول ايغور بوخاروف رئيس الاتحاد "اظن ان ذروة الازمة قد مرت. فقد تحسن سعر صرف الروبل والكثير من اصحاب المطاعم اعادوا النظر في قائمتهم وخففوا من كلفتهم وخفضوا من عدد العاملين لديه او انضموا الى مشاريع تبلي بلاء افضل".
ويوضح الكسي زيمين رئيس تحرير الموقع المتخصص في فن الطبخ "افيشا ايدا" وهو صاحب مطعم ايضا "الاشخاص الذين يعانون اكثر من غيرهم هم الذين تضم قوائم الطعام لديهم اطباقا مؤلفة من مكونات ذات نوعية عالية وباهظة الثمن فباتت اسعارهم غالية جدا". ويتابع قائلا "على الاقل لم يتأثر الذين كانوا يستخدمون المنتجات المحلية فهم لم يضطروا الى تغيير مزوديهم". بحسب فرانس برس.
ونفى الطاهي الفرنسي بيار غانيير الحاصل على نجوم من دليل ميشلان ان يكون اغلق مطعمه في موسكو في اذار/مارس بسبب الحظر لكنه قال لصحيفة "فيغارو" انه يريد "التفكير بمفهوم جديد يتماشى اكثر مع رغبات سكان موسكو". في المقابل لا تعد ولا تحصى المطاعم التي تفتتح وتقدم اطباقا كلاسيكية من الاتحاد السوفياتي السابق ودول البلطيق وآسيا الوسطى. ويؤكد الطاهي النافذ وليام لامبرتي على موقع "تايم آوت"، "رغم الازمة او بفضلها ربما يتخلى الناس عن المفاهيم المعقدة ويريدون اشكالا اكثر بساطة".
قواعد صارمة
الى جانب ذلك دافع مطعم سوشي راق في طوكيو اسمه مدرج في دليل ميشلان عن قواعد الحجوزات الخاصة التي يفرضها على الأجانب، بعد معلومات سرت في وسائل إعلام يابانية تفيد بأنه رفض حجزا لزبون صيني. وصرحت إدارة مطعم "سوشي ميزوتاني" الحائز نجمتين من دليل ميشلان أنها تعتمد "سياسة تطبق على الجميع" في ما يخص رفض الحجوزات التي يجريها زبائن غير يابانيين، إلا في حال جرت هذه الحجوزات عبر الفنادق أو شركات بطاقات التأمين.
وقال أحد أفراد الطاقم "قد لا يحضر الزبائن غير اليابانيين بالرغم من حجز طاولات لهم"، مشيرا إلى أن العاملين في المطعم لا يتمتعون بمهارات لغوية أجنبية. وأضاف "نحضر السمك للعدد المتوقع من الزبائن، لذا نحن نرفض بعض الحجوزات أحيانا. ويتعذر علينا تحمل تكاليف تغيب الزبائن"، خاتما "نحن لا نعتبر أن في ذلك تمييزا". وتم الإدلاء بهذه التصريحات بعد مقال نشرته صحيفة "نيكاي جنداي" كشف فيه أن إدارة المطعم الواقع في حي غينزا الراقي رفض حجزا من الصحافي الصيني مو بانغفو.
وكان مو الذي يعيش في اليابان منذ اكثر من 30 عاما والذي يتقن اليابانية يريد دعوة ثلاثة ضيوف إلى هذا المطعم، لكن عندما قدمت معاونته اليابانية اسمه للمطعم، تغير موقف الشخص الذي كان يتكلم معها على الهاتف قال لها إنه "لا بد من إجراء بعض التدابير"، مشيرا إلى أنه يتعذر عليه أن يقبل الحجز. وقد ارتفع عدد السياح الأجانب في اليابان ارتفاعا شديدا خلال السنوات الأخيرة، نظرا لتراجع قيمة الين وانخفاض التوترات القائمة بين الصين واليابان. بحسب فرانس برس.
وأعرب رئيس الوزراء الياباني شينزو ابي عن رغبته في استقطاب 20 مليون زائر أجنبي إلى البلاد كل سنة، وذلك بحلول العام 2020 عندما ستستضيف طوكيو دورة الألعاب الأولمبية. وبالرغم من العدد الكبير للسياح في البلاد، لا تزال بعض المرافق الأساسية في اليابان تواجه صعوبات في التعامل مع الذين لا يتقنون اليابانية، حتى في طوكيو.
اضف تعليق