وجود 2.3 ملايين فلسطيني محاصرين في غزة بوضع مزرٍ بوجود حماس والجهاد المدعومتين من المحور المقاوم للتطبيع، كان عقبة كبيرة في طريق تنفيذ هذا المشروع، لذلك كان لا بدَّ من إزالة هذه العقبة عبر مشروع تهجير سكان غزة، هذه الخطوة تتماشى أيضا مع استراتيجية إسرائيلية لإفراغ فلسطين...
مسؤولون في أجهزة الاستخبارات الإسرائيليَّة كانوا أبلغوا الحكومة قبل السابع من أكتوبر بوجود معلومات عن تحضير حماس لعملية كبيرة إلّا أنَّ نتنياهو حذرهم من الحديث في هذا الأمر وهددهم بالإقالة”، هذا ما نشرته صحيفة هآرتس اليساريَّة الإسرائيليَّة.
المؤشرات اللاحقة وطريقة تصرّف نتنياهو أكدت أنَّ الأخير، مدعوما من الولايات المتحدة ودول أوروبية وبسكوت من دول إقليمية، بدأ يستثمر هجوم حماس (التي تقول ان عمليتها هي لإحباط المخطط)، باتجاه تنفيذ إحدى حلقات المشروع الذي يجري التحضير له في المنطقة والذي قال عنه بايدن إنّه سيغيّر من وجه المنطقة.
من حلقات هذا المشروع، قناة بن غوريون التي تمر بشمال غزة واستثمار غاز العقل المواجه لشاطئ غزة، والطريق الهندي الأوروبي لنقل البضائع والطاقة. عمليات التطبيع بين إسرائيل ودول خليجيَّة كانت ضمن هذا المشروع، آخرها كان التطبيع الإسرائيلي السعودي الذي بلغ مراحله النهائيَّة.
وجود 2.3 ملايين فلسطيني محاصرين في غزة بوضع مزرٍ بوجود حماس والجهاد المدعومتين من المحور المقاوم للتطبيع، كان عقبة كبيرة في طريق تنفيذ هذا المشروع، لذلك كان لا بدَّ من إزالة هذه العقبة عبر مشروع تهجير سكان غزة.
هذه الخطوة تتماشى أيضا مع استراتيجية إسرائيلية لإفراغ فلسطين من كل الفلسطينيين المقسمين بين الضفة وغزة. تهجير سكان غزة، المهجرين أساساً من مدنهم الاصلية، مخطط له أن يتم الى مصر، الأخيرة أبدت ممانعة كبيرة، لكن تصريحات مصريّة غير رسميّة تحدثت عن “عدم استحالة ذلك ضمن صفقة تحصل فيها مصر على منافع استراتيجية”.
في أروقة الكونغرس الاميركي يتردد اقتراح بأن يتم ربط المعونات التي تقدمها واشنطن للدول بموافقتها على توطين أهالي غزة على أراضيها، هذا الاقتراح الذي سرّبته مصادر إسرائيلية وقالت إنّه نال تأييد كبار النواب الجمهوريين والديمقراطيين، طرح بغطاء انساني وطوعي وليس بالإجبار ليظهر في قالب إيجاد حل لسكان غزة المحاصرين منذ سنوات عبر “تحرير سكان غزة والسماح لهم بالعيش من دون حرب ودماء، مما يقتضي من إسرائيل حث المجتمع الدولي على اتاحة السبل السديدة الأخلاقيَّة والإنسانيَّة لنقل سكان غزة”.
لاحظوا حجم المكر الساذج في هذا التبرير، المقترح يقوم على تفريغ كامل للقطاع من سكانه وتوزيعهم بين اليمن (250) ألفاً، والعراق (250) ألفاً، وتركيا (250) ألفاً، فيما حصّة مصر مليون شخص.
تزامناً مع هذا الاقتراح، أعلنت منظمة الآونروا أن استئناف الهجوم الإسرائيلي على غزة سيدفع مليون شخص من سكانها الى حدود مصر، لاحظوا التناغم بين المعلومات، مقدمو هذا الاقتراع يستشهدون بتجاوب مماثلة لتهجير ملايين السكان وتوطينهم في بلدان أخرى كما حدث في سوريا وأوكرانيا.
نعود هنا الى حصّة العراق من لاجئي المشروع المقترح، هل هو مجرد اقتراح يطرح الآن أم أن تحضيرات تمت بشأنه من قبل، خصوصا وان التحضير للمشروع الشامل يجري منذ سنوات، الدول العربيّة المشاركة في المشروع أزعجها هجوم حماس وبقيت صامتة وأحيانا منتقدة لتلك العملية، والدول الغربية المعنية سارعت جميعها الى تأييد الهجوم الإسرائيلي على المدنيين في غزة متسترين ومبررين لكل الجرائم التي ترتب بحق المدنيين من نساء وأطفال مما تدينه كل القوانين والشرائع الدوليّة وادعاءات هذه الدول حول حقوق الانسان.
هذا كله يدل على أن المشروع “الاقتصادي” الشامل كانت له تحضيرات بما في ذلك إفراغ قطاع غزة وتقسيم سكانه على الدول، أي أن اقتراح التوزيع المطروح الآن ليس جديدا انما يجري العمل عليه والتحضير له منذ مدة، ومن مدة نسمع عن لقاءات مع سياسيين عراقيين وحديث عن إسكان فلسطينيين في صحراء الانبار، من هم هؤلاء؟، وهل أنَّ قرار المحكمة الاتحاديَّة الأخير بعزل رئيس البرلمان له تأثير على مستقبل هذا المشروع؟
اضف تعليق