ان اليقين عند الإمام علي عليه السلام هو تجربة روحية وعملية يعيشها الإنسان، تجعله ثابتاً على الحق مهما كانت الظروف، وقد كان الإمام علي نفسه مثالاً حياً على هذه المرتبة العظيمة، حيث لم تهزه الفتن ولم تضعف عزيمته، فكان انموذجاً للمؤمن الحق الذي بلغ ذروة اليقين بالله...

الانسان في طبيعته تعبث القوى الاجتماعية والروحية والنفسية وتغير من تفكيره وحين يتغير التفكير سيتغير معه السلوك، وكلما نضج الانسان كلما تغيرت الكثير من جزئيات حياته، وصولاً الى حالة اليقين التي تسمو به فوق البشر وتسمو بروحه فوق الأرواح العادية، ولأننا نعيش ذكرى استشهاد الامام الاعظم علي بن ابي طالب عليه السلام رأينا من غير المنصف ان نغفل الكتابة عنها فقررنا ان يكون ليقين علي بن ابي طالب عليه السلام حصة من كتابتنا علها تنفعنا يوم لا ينفع مال ولابنون.

ما هو تعريف اليقين؟

يعرف الإمام علي عليه السلام اليقين على أنه" حالة من الثبات والاطمئنان النفسي الناتج عن الإيمان العميق بحقائق الدين، بحيث لا يعتري صاحبه شك أو تردد في أمر العقيدة"، وهو يمثل بتقديرنا حالة ذهنية إيجابية يعيشها الانسان تمنعه من الخوف والقلق والتوتر والإحباط وسائر مظاهر الارهاصات النفسية التي تنال من جرف الانسان وتذهب بصحته النفسية.

في الفكر السلامي يعد اليقين من اعلى مراتب الايمان والتصديق التي يدعوا لها الله تعالى عباده، ففي اليقين ثقة تامة المعالم والشروط بالله وحده، وهو ما يرسخ في الانسان قيماً إنسانية أخرى مشتقة منه وهي الصبر والثقة بالله وما الى ذلك، فهذه الصفات وسواها من الصفات الايمانية تزيد من اتزان الانسان وبالتالي تقلل اخطاءه وترفعه الى مستوى عال حيث يكون عباد الله المكرمين.

حالة اليقين ليس في المتناول للجميع وهوما يختص به الأنبياء والاوصياء والاولياء الصالحين من عباد الله، لكن يمكن للإنسان ان يصل مرتبة من مراتب اليقين حين يتخذ مما ذكرنا مثلاً يقتفي آثارهم فيلتزم بما يدعون اليه وينتهي بما ينهون عنه وفي كافة تفصيلات الحياة وتشعباتها، فاليقين الجزئي ممكن الحصول شرط توفر الإخلاص في العبادة والتسليم لله.

اليقين في فكر الامام علي عليه السلام ليس مجرد صورة ايمانية اكتفى بها بينه وبين الله بل ترجم ذلك الى أفعال بان أثرها في حياته وانعكس على كل من عاشره وبقيت امثلة عظيمة على اليقين حتى وقتنا وحتى قيام الساعة. 

ماهي صور اليقين عن الامام علي عليه السلام؟

للقين عند العظيم علي بن ابي طالب عليه السلام تطبيقات وصور واقعية كثيرة اهما ما يأتي:  

أولى صور اليقين عند الامام عليه السلام انه كان شديد الإيمان والتوحيد، فهو القائل (لو كُشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً)، وهذا يدل على عمق معرفته بالله وثقته المطلقة بالحقيقة الإلهية، اذ كان يعبد الله ويثق به ثقة عمياء وهذا ما لا يحصل مع انسان مثلنا، ولأنه كان كذلك فهو العابد والزاهد الذي لم تغريه مغريات الحكم ولم يستغل قربه من النبي صلى الله عليه واله ويوظفها في سبيل الحصول على مكاسب خاصة لذا هو بقي خالداً في نفوس كل الاحرار من بني البشر في كل العالم.

ومن صور اليقين عنده عليه السلام هو يقينه بوعده، فهو كان على معرفة تامة بما سيحصل له في ليلة اغتياله ورغم ذلك لم يبطئ له قدم ولم يرتجف له جسد له قلب ولم يمنعه خوف من أداء مهمته ومضى الى حيث يريد الله له وحين طبرت هامته الشريفة قال: (فزت ورب الكعبة) فأي مرحلة من مراحل القين هو عليها؟، وهو الذي كان يقدر ان يمنع ماحل به لكنه سلم ايماناً بان ما يأتي به الله هو الخير المطلق.

كما من صور اليقين عنده هو يقينه بأن الله سينصره وهذا يتجلى في دخوله لجميع حروبه بخطى ثابتة ووثوق من احراز النصر رغم قلة العدد وعدم تحقق الكفاءة بينه جيشه وجيش اعداءه لكن يقينه هو من جعله دائم الانتصار والتفوق وهذا ما يريده الله له ولمن اتبعه من المؤمنين السائرين على هدينه ونهجه.  

في الختام ان اليقين عند الإمام علي عليه السلام هو تجربة روحية وعملية يعيشها الإنسان، تجعله ثابتاً على الحق مهما كانت الظروف، وقد كان الإمام علي نفسه مثالاً حياً على هذه المرتبة العظيمة، حيث لم تهزه الفتن ولم تضعف عزيمته، فكان انموذجاً للمؤمن الحق الذي بلغ ذروة اليقين بالله ونال جراء ذلك اليقين ما نال فسلام عليك سيدي أبا الحسن يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا ورزقنا الله شفاعتكم يوم الورود ان شاء الله. 

اضف تعليق