وجوده لا يُقارن بغيره أبداً، ولكن لو نظرنا نظرةً مادية إليه سنجدهُ وجوداً متفوقاً في جميع الجهات وفي كل الأبعاد، حتى لو كان هناك إنسان وكان ذا إنصاف وأخذ ينظر إلى أمير المؤمنين عليه السلام بتجرّد، لا يمكنه إلا أن يذعن ويقرّ بعظمته وبمقامه...
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى في كتابه الحكيم: (انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً)(1) صدق الله العلي العظيم.
إن ظاهرة التفوّق هي إحدى الظواهر العامة التي نجدها في الكون، وتعني تفوّق بعض الموجودات على البعض الآخر، وينقسم التفوّق إلى نوعين:
النوع الأول: التفوق الجبري
الجبر يعني أنه ليس هنالك إرادة للشيء وليس هنالك اختيار، فلا الوجود المتفوق كان متفوقاً باختياره، ولا الوجود غير المتفوق كان تخلفه باختياره أيضاً، بل هو مجبر على ذلك، أي قُهِرَ على ذلك، وجُبِرَ إجباراً.
إن هذه الأحجار التي ترونها، منها حجر متفوق، وهناك حجر غير متفوق، فهذه الأحجار المرمية على شاطئ البحر، لعل آلافاً منها لا يُقيّم بدينار واحد، لكن تجدون أحجاراً الواحد منها يُقيّم بآلاف الدنانير، فهل كان تفوق هذا الحجر باختياره؟
وهل كان اللؤلؤ متفوقا باختياره؟
بمعنى هل هو اختار أن يكون متفوقاً، كلا، إنما الله تعالى كوّنه وأوجده على هذا النحو، وذلك الحجر غير المتفوّق لم يكن أيضاً باختياره.
إن الله تعالى يُشير إلى التفوق غير الاختياري في بعض الموجودات بقوله تعالى: (وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)(2)، فهذه الثمرات التي نراها تختلف بعضها عن الأخرى، فبعضها حلوة المذاق، وبعضها ليست كذلك، وبعضها شديدة الحلاوة، فهذا تفضيل من الله سبحانه وتعالى، فاللوز المُر واللوز العادي من ناحية المظهر لا فرق بينهما، ولكن هذا له طعم وذلك له طعم آخر.
النوع الثاني: التفوق الاختياري
والتفوق الاختياري يعني أن هنالك درجات في الوجود ولكن بالاختيار، أي بالإرادة والعمل، طبعاً كل الأشياء تنتهي إلى الله عزوجل فهو مسبب الأسباب، فحتى الإنسان الذي يريد التفوق ويكون متفوّقا باختياره، فهو يتفوق بإرادته، ولكن الله سبحانه هو الذي أعطاه هذه الإرادة، وأعطاه هذه القوة، وأعطاه العضلات وأعطاه الطاقة، وأرشده إلى الخير، فكل شيء يرجع إليه سبحانه وتعالى، فهو الأول والآخر والظاهر والباطن.
إن الله تعالى يشير إلى هذا النوع من التفوق، فيقول سبحانه: (وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ)(3)، فحتى الأنبياء (عليهم السلام) توجد بينهم درجات، فبعض النبيين (عليهم السلام) أفضل من البعض الآخر، وبعض النبيين (عليهم السلام) أعلى مقاماً من البعض الآخر، وبعض الأئمة (صلوات الله وسلامه عليهم) أعلى درجات من البعض الآخر، إن الإمام الحسن (صلوات الله وسلامه عليه) أفضل من الإمام الحسين (عليه السلام)، فقد قال الإمام (عليه السلام) لزينب (صلوات الله عليها) يوم عاشوراء: (مات أبي وهو خير مني، ومات أخي وهو خير مني)(4).
إذن التفاضل موجود حتى بين الأنبياء (عليهم السلام) وبين الأئمة (صلوات الله عليهم)، فهنالك درجات وهنالك تفاضل، ولكنه تفاضل اختياري، يكون باختيارهم وبإرادتهم، ويشير الله تعالى إلى هذه الحقيقة في آية أخرى، وهي الآية التي ذكرناها بدواً: (انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ)(5)، فالبشر متفاضلون في هذه الدنيا، (وَلَلآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً).
إن هذا التفضيل موجود في الدنيا، وموجود أيضا في الآخرة ولكن بشكلٍ أكبر، لأن هذه الدنيا محدودة، فهي دنيا المادة المحدودة، بمعنى أن الذهب في هذه الحياة مهما كثر فهو محدود، فإذا أخذت مقداراً من هذا الذهب، فغيرك لا يتمكن من أن يأخذ نفس ذلك المقدار، حيث ينتهي الذهب وينتهي الملك بالنتيجة.
كم يملك الإنسان من هذه الدنيا؟ إنها دار التزاحمات ودار التنافسات، لكن بالنتيجة تبقى القوى المادية محدودة، أما الآخرة فهي مجال المعنويات، ولا يوجد بين المعنويات تزاحم ولا تنافس، فليس هناك حد معين أمام الدرجات النفسية والروحية، ولذلك (وَلَلآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً).
يوجد في هذه الدنيا إنسان لا يملك ديناراً واحداً يأكل به لقمة عشاء، فهذه درجة.
وهنالك من يملك الملايين في الدنيا.
وهكذا ترى هذا التفاضل في الآخرة أيضاً، ولكن بدرجة أشد وأكبر، (وَلَلآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً).
تفوق الإمام (عليه السلام) في جميع الجهات
وبقطع النظر عن اعتقادنا بسيدنا ومولانا أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه)، لأننا نعتقد بالأدلة العقلية وبالأدلة النقلية الواضحة الجليّة بعظمته ومكانته السامية عند الله عزوجل، فإن وجوده لا يُقارن بغيره أبداً، ولكن لو نظرنا نظرةً مادية إليه (صلوات الله وسلامه عليه) سنجدهُ وجوداً متفوقاً في جميع الجهات وفي كل الأبعاد، حتى لو كان هناك إنسان كافر لا يعتقد بالله أو مسيحي أو بوذي أو يهودي، وكان ذا إنصاف وأخذ ينظر إلى أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) بتجرّد، لا يمكنه إلا أن يذعن ويقرّ بعظمته وبمقامه، فبئساً لأولئك الذين قارنوا علياً (عليه السلام) بغيره، ولأولئك الذين ساووا علياً (عليه السلام) بغيره، أو فضلوا غير عليٍ على عليٍ (صلوات الله عليه):
فأين الثريا وأين الثــــرى*****وأين معاويةٌ من علي(6)
هذا الكلام لا نقوله نحن، إنما هو قول صاحب معاوية ورفيقه ووزيره، وهو عدو أمير المؤمنين، إنه عمرو بن العاص الذي قاتَل الإمام (عليه السلام)، قالها في قصيدته المعروفة.
إذا أراد الإنسان أن يقارن علياً (عليه السلام) بغيره، يجب أن يكون أعمى البصيرة حتى يساوي علياً بغيره، فالإمام (عليه السلام) يقول: (أنزلني الدهر ثم أنزلني حتى قيل عليٌ ومعاوية)(7).
فهل يُقارن أمير المؤمنين (عليه السلام) بغيره؟
إن كلمة قالها أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) ولم يقلها قبله صادق من الناس العاديين، ولا يمكن أن يقولها صادق من الناس العاديين بعده وإلى يوم القيامة، فجميع العلماء والأطباء والفلاسفة لا يمكنهم القول بذلك، إن كانوا صادقين، اذهبوا إلى جامعات الغرب وإلى أساتذة الغرب وعباقرته، فلا يمكن أن يتجرأ أحد ويقول هذه الكلمة، بينما أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) قالها مراراً وتكراراً، قال: (سلوني قبل أن تفقدوني...)(8)، فلو سألته عن علم الفقه وعلم الأصول والرياضيات والطبيعيات وعن كل شيء لأجابك على ذلك جواباً صحيحاً دقيقاً.
فلا يوجد غير علي (صلوات الله عليه) من يتمكن أن يقول هذه الكلمة وأن يثبت ذلك عملياً، فأمير المؤمنين (عليه السلام) لم يُسأل بمسألة إلا وأجابها، فكيف تقارن هذا بذاك الذي لا يعرف أي طرفيه أطول(9)، بل يفضل ذاك على أمير المؤمنين، أليست هذه عمى في البصيرة؟ فذلك الذي لا يعرف معنى (الأبِّ)، ولا يعرف معنى الكلمة في كتاب الله (وفاكهةً وأبا)(10)، وعندما يُسأل ما هو معنى الأبِّ؟ يهز عصاه ويفكر ويقول وما لكم والتكلف؟ اعملوا بما تعرفونه، وما لا تعرفونه فلا تطلبوه(11)، فهل هذا منطق؟
أهذا الذي يقول: كل الناس أفقه مني حتى المخدرات في الحجال وحتى النساء في البيوت؟
فكيف يجوز أن يُقارن هذ الرجل بأمير المؤمنين علي ويُفضَّل على عليٍ (صلوات الله عليه).
تفوق الإمام (عليه السلام) علميا
يُسأل الإمام (صلوات الله عليه) عن قطر الشمس، وكم يكون؟ راجعوا ما يقوله العلماء اليوم، أي بعد أكثر من ألف عام حيث تطوّر العلم بوسائله وأدواته الدقيقة، وانظروا ماذا يجيبون.
وقد سُئل أمير المؤمنين (عليه السلام) هذا السؤال؟ فقال (صلوات الله عليه): (تسعمائة في تسعمائة ميل).
راجعوا كتاب (التكامل في الإسلام)(12) الجزء الثاني، فقد ذكر هذه القضية وذكر المعادلة العلمية التي شرحها أمير المؤمنين (عليه السلام) وكشفها قبل العلماء بأكثر من ألف عام.
عندما كنا نقرأ كتاب خلاصة الحساب للشيخ البهائي (رحمه الله) (13) أتذكر هذه القضية، أن رجلاً يهودياً أتى إلى أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، وأظن كما جاء في الكتاب أن الإمام (صلوات الله عليه) كان يريد أن يركب جواده، وكانت رجله في الركاب، أي أن الإمام (عليه السلام) لم يكن في وضع طبيعي، فسأل اليهودي أمير المؤمنين (عليه السلام) أي عددٍ يمكن تقسيمه على اثنين وعلى ثلاثة وعلى أربعة إلى عشرة بدون أي كسر؟
هذا السؤال يحتاج إلى تفكير، وإلى معادلات حسابية، كما يحتاج إلى قانون المضاعف المشترك البسيط، فربما يحتاج الشخص إلى نصف ساعة حتى يفكر ليصل إلى الجواب، هو العدد الذي ينقسم على اثنين وثلاثة وأربعة وخمسة إلى عشرة بدون أي كسر.
قال له أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) فوراً: اضرب أيام سنتك في أيام أسبوعك، والحاصل هو الرقم الذي تريده.
بمعنى اضرب 360 في 7 تكون النتيجة 2520 وهذا العدد ينقسم على اثنين وعلى ثلاث وعلى أربعة وعلى خمسة إلى عشرة من دون أي كسر، فدُهش اليهودي وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.(14)
إنَّ هذا بُعد واحد من أبعاد أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، وهو البعد العلمي، ناهيك عن تقواه وأخلاقه ورأفته وشفقته وعبادته، إلى آخر الأبعاد التي تجسدت في هذه الشخصية العظيمة.
الاستفادة من الوجود المتفوق
يجب أن يُستفاد من الوجود المتفوق، فالعظيم لابد من الاستفادة منه والانتفاع به، لا أن يُهمَل ويُترك، لقد ظُلم أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) في حياته، فمنذ أيام طفولته كان مظلوماً وإلى آخر أيامه، هنالك حديث عن أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) فيه إشارة إلى مدى مظلوميته (عليه السلام)، ومضمون الحديث: إني كنت مظلوما من أيام صغري وإلى هذا اليوم(15).
كان الإمام أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) مظلوما في حياته، وقد ظُلم بمختلف أنواع الظلم، واستمرت المظلومية وستستمر إلى أن يظهر ولده الإمام المهدي (صلوات الله عليه).
وقد ظلم الناس أنفسهم بظلم أمير المؤمنين (عليه السلام)..
ولذلك يجب أن ننتفع نحن شيعةَ أمير المؤمنين وأتباعَه من هذا الوجود المقدس، وأن نستفيد ونتعلم منه، ونقدره بكل تقدير، ولا أقل أن نتعرف على حياة أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) ومنهجه.
في السابق كان المؤمنون يحفظون نهج البلاغة، وهو قطرة من علم أمير المؤمنين (عليه السلام)، فالإمام له خطب وكلمات كثيرة جداً، كان منها خطبة خطبها في ثمان ساعات تقريباً، وهي غير مذكورة لأنها ضاعت، ولذلك قلنا بأن نهج البلاغة قطرة من علمه صلوات الله عليه.
لقد كان آباؤنا يحفظون نهج البلاغة قديماً، وهو مصداق للانتفاع بهذا الوجود العظيم، وكان البعض يحفظ الخطبة الشقشقية(16)، وكانوا يحفظون كلمات أمير المؤمنين (عليه السلام) المختلفة، ويتدارسونها وكانوا يعملون بكلماته (صلوات الله عليه).
إن كلمة واحدة في نهج البلاغة أو في غيره تفتح آفاقاً أمام الإنسان، فالشريف الرضي(17)(رحمة الله عليه) يقول في مكان من نهج البلاغة، ولو لم يكن في هذا الكتاب إلا هذا الكلام لكفى(18).
الإنسان قد يتأثر بكلمة صادرة من واعظ متعظ، فكيف إذا كانت هذه الكلمة صادرة من إمام الكلام، فليس هو واعظا متعظا فقط، وإنما إمام معصوم، فكم تؤثر هذه الكلمة فيه وفي روحه، وكم تغيّر من حياته؟
لماذا حياتنا العائلية مضطربة؟
ولماذا حياتنا الاجتماعية مضطربة؟
ولماذا حياتنا الاقتصادية مضطربة؟ ولما ذا ولما ذا؟
لأننا ابتعدنا عن هذه الكلمات النورانية، قال تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً)(19)، و(ضنكا) تعني أشد أنواع الضيق، وهذا ما نراه اليوم فالإنسان مضطرب في حياته العائلية، الزوجة مضطربة والزوج مضطرب والأولاد مضطربون وهكذا، والحياة الاجتماعية قلقة، والإنسان في قلق وغير مرتاح في هذه الحياة، لأنه ابتعد عن ذكر الله (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى).
من اكتشف مفهوم الطبقية؟
لاحظوا هذه القضية وعليها فقس ما سواها،
أنقلها لكم عن رجل مسيحي (20)، (والفضل ما شهد به الآخرون) يقول في كتابه: (الإمام علي (عليه السلام) صوت العدالة الإنسانية)، إن صديقه وهو أحد الكتّاب اللبنانيين من المسلمين ذهب إلى إحدى البلاد الأوروبية يوما والتقى هناك برجل مهم جداً، كان وزير المعارف وكان يسعى بلده للدفاع عن حقوق الفقراء والضعفاء.
فيقول الرجل اللبناني أنه قال لذلك الأجنبي: إننا سبقناكم بألف عام في إدراك حقيقة المجتمع الطبقي، وأنتم تنادون الآن بالمجتمع اللاطبقي، المجتمع الذي ليس فيه فقراء وضعفاء.
فأجاب: وكيف؟ إن هذا شيء جديد، فقضية الطبقات والمجتمع اللاطبقي والدفاع عن حقوق الفقراء هو شيء جديد.
فرد عليه الرجل قائلا: كلا، كيف تقول إن المجتمع الطبقي شيء جديد، وقد قال أحد رجالنا وكان يعيش قبل أكثر من ألف عام اسمه علي بن أبي طالب (صلوات الله وسلامه عليه)، قال في نهج البلاغة: (ما رأيت نعمةً موفورة إلا وإلى جانبها حق مضيّع)(21)، فإذا رأيت النعمة في مكان والفقر في مكان، فإن هذا الفقر هو نتيجة لتلك النعمة الموفورة التي لم يراع فيها حق الله، وإذا رأيت فقيراً يتلّوى من الجوع فيقع ذنبه على الأغنياء الذين لا يعطونه، إن هذه الكلمة التي قالها الإمام (عليه السلام) شرح فيها المجتمع الطبقي وعوامل تكوّن المجتمع الطبقي وبين الحلول والأسباب قبل أكثر من ألف عام.
فقال الأجنبي: إذن نحن أفضل منكم، وحين سألته لماذا؟
قال: لأن رجلا منكم كشف هذه الحقيقة قبل أكثر من ألف عام، وبلادكم إلى اليوم تضج بالمظالم الاجتماعية والفقر والمشاكل، فالإمام قال هذه الكلمة ولكنكم لم تدركوها ولم تعملوا بها، إذن نحن أفضل منكم لأننا لا نعيش الآن الوضع الذي عندكم. وهذه حقيقة في بعض بلادهم وإن لم يصلوا إلى مستوى كلمة الإمام (عليه السلام) ولن يصلوا إلى مستواها، لكن وضعهم أفضل نسبياً من وضعنا في هذا الاتجاه.
حقاً إن الأمر مؤلم، فهذا الوجود العظيم المبارك صلوات الله عليه، يجب علينا أن نستفيد منه بقدر الإمكان، وأن نقرأ كلمات الإمام، ونحفظها وننشرها ونعمل بها، وأن نضع برنامجا لنهج البلاغة في كل المجتمع من المدارس والمعاهد والجامعات وغيرها، لأن في هذا صلاح دنيانا وآخرتنا.
وأخيرا نهدي إلى أرواح شيعة أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) وإلى أخينا العلامة الحجة الشيخ إبراهيم الحائري (رحمة الله تعالى عليه) الذي نقلوا عنه أن آخر كلمةٍ تلفظ بها، عندما نقلوه من البيت إلى سيارة الإسعاف وقد أخذ بدنه يعرق عرقاً شديداً، وهذه من علامات المؤمن إذا نزل به الموت حيث يعرق جبينه، فكان آخر كلمة قالها: (يا علي)، ثم انطفأ صوته وخمدت أنفاسه، فإلى أرواح شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) وإلى روح هذا الفقيد نهدي ثواب الفاتحة مع الصلوات.
اضف تعليق