ولد مصدر النور ليملأ العالم بهجة وزهور
ملائكة الله أقبلت لتستقبل المولود الجديد
بدأت الأرض تهنئ السماء وترسل أعذب التهاني لأطهر الناس الذين ليس لكرمهم قياس، ومن هم أعز الناس لدى خالق السماوات السبع وما فيهن وما بينهن، وما تحت الثرى، إنهم شمس الهداية التي أشرقت في المدينة من جديد، مع مولد شمس الشموس الإمام "الرضا" ليملأ العالم حبا، وليبين الصادق من الكاذب ويغربل الشيعة الإثني عشرية.
فهناك منحدرات لهذه الأمة ومهالك، وقفت طوائف عندها وخرجت فئات من قائمة الشيعة الإثنى عشرية وآمنت بآخرين، واقتدت بأئمة لم يكونوا ممن اختارهم الله أو اتبعوا هواهم كالواقفية:
الواقفية فرقة من المتصوفة المبطلة تعتقد بأنه لا يمكن التعرف إلى الله بالمعرفة، والخلق كلهم عاجزون. وهي إحدى طوائف الشيعة المنقرضة، وهم الذين وقفوا على الإمام السابع للشيعة موسى الكاظم، فلم يقولوا بإمامة من بعده، حيث زعموا أن موسى الكاظم لم يمت وأنه حي، وأنهم ينتظرون خروجه حيث أنه دخل في الغيب، كما نفت الطائفة الواقفية الشيعية إمامة الإمام علي الرضا بروايات كثيرة ومن أبرزها أنه: «هل سمع أحدا روى عن الإمام موسى الكاظم أنه قال: علي إبني وصيي أو إمام بعدي أو بمنزلتي من أبي أو خليفتي أو معنى هذا؟ قال: لا.
بينما هناك أحاديث كثيرة: عن إمامته عن أجداده الطاهرين في فضل زيارته ومقامه الشامخ وفضله العظيم، وهي تبين دوره في الإمامة وأهميته، بل هي أدلة محكمة على إمامته)*1.
استطاعت الطائفة الواقفية الشيعية جذب الأتباع والأنصار لها بطرقها المختلفة، حيث بلغ عدد رجالاتها (64)*2 رجلا من مجموع أصحاب الإمام موسى الكاظم الذين كان عددهم (274) رجلا، وهذا المجموع يمثل تيارا ضخما لا يمكن ان يستهان به في التواجد الشيعي.
قام أتباع الطائفة الواقفية الشيعية بتأليف العديد من الكتب، ومن أهمها: كتاب نصرة الواقفة، وكتاب الصفة في الغيبة على مذهب الواقفة، والواقفية استمروا لفترة زمنية طويلة حيث تذكر المصادر الشيعية أن الإمام الحسن العسكري كان يجادل الواقفية.
لذلك يقول إمامنا الرضا في الحديث المشهور السلسلة الذهبية "أنا من شروطها" الإيمان والتصديق بولايته عليه السلام من شروط الأمان من عذاب الباري عز وجل.
حديث سلسلة الذهب أو السلسلة الذهبية، حديث مروي عن علي بن موسى الرضا المكنى بأبي الحسن، فعند مروره بمدينة نيسابور أثناء مسيره إلى مرو بعدما أحضره المأمون من المدينة فعندما استشعروا أهل المدينة بوصوله إلى قرب ديارهم، خرجوا من البيوت وأحاطوا بقافلته، واجتمعوا حول محمله، وقالو: "يا بن رسول الله نريد أن نأخذ من علمك ونسمع كلامك" فاستجاب طلبهم وذكر لهم حديث سلسلة الذهب وقال:
سمعت أبي موسى بن جعفر يقول: سمعت أبي جعفر بن محمد يقول: سمعت أبي محمد بن علي يقول: سمعت أبي علي بن الحسين يقول: سمعت أبي الحسين ابن علي بن أبي طالب يقول: سمعت أبي علي بن أبي طالب يقول: سمعت رسول الله يقول: سمعت جبرئيل يقول: سمعت الله جل جلاله يقول: لا إله إلا الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي. قال: فلما مرت الراحلة نادانا. بشرطها وشروطها وأنا من شروطها*3.
"الحصن" یحفظ الإنسان من العدوّ الذي یهدد سلالة الإنسان وهذه الكلمة "لا اله إلا الله" تحفظ الإنسان من كل سوء وهذا الحديث یشیر إلی ترابط العقيدة الإسلاميّة في أصولها، ومعرفة الله حق معرفته متوقف علی معرفة الأئمة حق معرفتهم وهذا هو الشرط الذي یقول علي الرضا «وأنا من شروطها» .
في كل زمان هناك شبهات تحيط بالإنسان وتصعب عليه الرؤية الدقيقة، لذلك يجب ان يكون الإنسان على استعداد تام لمواجهة هذه الشبهات.
غريب الغرباء
أبو الحسن علي بن موسى الرضا هو ثامن الأئمة الاثنا عشر، لقِّب بغريب الغرباء كونه دفن في بلاد فارس بعيدًا عن أرض آبائه العرب. ولد الإمام الرضا في المدينة المنورة، ومنها انتقل إلى خراسان بضغط من المأمون لمنحه ولاية العهد مكرهاً.
اشتهرت مناظراته التي كان يعقدها المأمون بينه وبين كبار علماء الأديان والمذاهب الأخرى. واستمرّت إمامته 20 عامّاً. توفّي بطوس مسموماً علی ید المأمون، ودفن بمدينة مشهد وصار مرقده مزاراً تقصده الملايين من مختلف البلدان، فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا.
اضف تعليق