|
|||||
|
|||||
عاشوراء في الذاكرة |
|||||
صالح زامل |
|||||
عاشوراء في الأمس القريب اقترنت ممارسة عاشوراء كطقس بتقاليد شعبية ظلت بالرغم من المنع والتغييب القسري محتفظة بالكثير من تفاصيلها، لكن في الوقت نفسه غابت تفاصيل أخرى، فكل ما كان مرتبطا بالطفولة غيبه الانقطاع للأجيال ثم الانشغال بوسائل اللهو الحديثة، فالتفاصيل العامة ظلت تمارس ولا زالت تحتفظ بشيء كبير من نكهتها وخاصة مجالس النسوة في طريقة قراءة (الملة) وطريقة (اللطم) وذهاب الأطفال من مجلس إلى مجلس والمهابة التي يفرضها النواح عليهم، فضلا عن الاتشاح بالسواد والتمايز بين (الملايات) في السطوة على قلوب وعواطف النساء. الحفاوة في الأحياء الشعبية التي كانت تستقبل بها المواكب الحسينية حيث تقف صفوف من الرجال والنساء والأولاد تتحرك اكفهم لتعانق الراحات فيها الصدور في حركة متراسلة مع مسير الموكب. وكان للأولاد في العشرة الأولى من محرم احتفاء كان يتكرر وهو مشهد التشابيه حيث تحفظ المحاورات التي يتخاطب بها الجيشان حيث يرتجز المبارز أمام نده، وتحمل سيوف الخشب والألمنيوم ومعها صفائح دائرية وغالبا تكون أغطية القدور، دروع لصد السهام. أما يوم ليلة العاشر من محرم فإنها حافلة بالسهر الذي يكون للصباح، ويكون فيه لكل زقاق تجمع خاص للأولاد، وغالبا ما تحرق في سهرتهم إطارات السيارات المتروكة وخاصة إذا صادف محرم في الشتاء، ويكون السهر بالدوران حول البيوت في فريق من الأولاد بأهازيجهم يطرقون الأبواب ويطلبون أي شيء يجود به أهل الدار، وكانت الفتيات يحضرن للسهر أشياء كثيرة وكان التمر المعجون بالزيت والمغموس بالطحين أو بالسمسم أعلقها بالذاكرة، ثم بالمساعدة في الطبخ الذي لا بد أن ينجز مع الصباح أو قبل الساعة الثانية عشرة. أما انتظار التشابيه يوم العاشر من محرم فكان اختزالا لكل الأيام الفائتة من العشرة لها جلالها وهيبتها والنواح الذي يرافقها حيث يشغل عزاء (ليلو)- الذي كان صاحب تشابيه - ساحة كرة القدم الكبيرة التي كانت تتوسط الحي، وكانت الناس تحضر بكل مللها لتشهد الساعات القصيرة التي تنتهي منتصف النهار باستشهاد الحسين وإحراق الخيم، ثم تكفف الناس دموعها في غسيل وتطهير للروح، وإكبار للقيمة الإنسانية التي قلما حملها إنسان وآثر فيها الناس مثل الحسين وآله الطيبين. عاشوراء في ليبيا في أماكن عديدة في العالم الإسلامي يحتفى بطقوس عاشوراء ولكل مكان هناك تفاصيل خصيصة به، وقد وجدت في ليبيا الاحتفاء بعاشوراء ينتحي عن اصله إلى اصل يدعى له بسبب التغييب والانقطاع عن الطقس الأصلي، وتقوم تفاصيل عاشوراء في ليبيا؛ بأن يطبخ الناس العاشورة وهي خليط من البقوليات مع اللحم المقدد (المجفف) والمخزون من أضاحي العيد الكبير وتوزع هذه العاشورة على الجيران أو يدعى إليها كوليمة، كما يحمل الأطفال في يوم عاشوراء وهو العاشر من المحرم سعف النخيل ويدورون حول البيوت يطلبون الحلوى أو الطعام أو أي شيء بعد أن يمروا على البيوت يطرقون الأبواب بشدة حيث يرافق الضرب على أغطية القدور والصفيح الهزج: عاشورتي عاشورة قبر الرسول أزوره وعندما تسأل الناس هناك عن اصل هذه المناسبة وعلاقتها بزيارة قبر الرسول في هذا اليوم تحار بأجوبتهم التي تفسر الاحتفاء على انه يوم ميلاد الأنبياء، ونحن نعرف يوم ميلاد ووفاة النبي (ص) وشهره، ويبدو أن هذا الاحتفاء انتحاء من الأصل إذ المعروف أن بلاد المغرب العربي ومنها ليبيا حتى مصر كانت تحت حكم الدولة الفاطمية وكانت تحتفي بعاشوراء وبسقوطها على أيدي الأيوبيين مثل تحولا عن المذهب الفاطمي إلى مذهب جديد فرضه الأيوبيون. |
رؤية مقترحة للتعاطي مع نزعة التجاوز لمحات من سيرة الامامين العسكريين (ع) التنوير العراقي بين جدلية الدولة مفهومية التنوير في فكر الامام الشيرازي الأ بعاد الروحية للشعائر الإسلامية محمد علي شمس الدّين وألـفـة المكان الشّعري |
||||
|