|
|||||
|
|||||
جريمة تدمير ضريحي الإمامين الهادي والحسن العسكري |
|||||
د. أحمد راسم النفيس |
|||||
جريمة جديدة أضافها تنظيم القاعدة الوهابي إلى لائحة جرائمه عندما أقدم على تفجير ضريح الإمام الهادي والإمام العسكري في مدينة سامراء العراقية، حيث قامت تلك الجماعات يوم الأربعاء 22-2-2006 باقتحام حرم الإمامين العسكريين بعد أن قيدوا شرطة حماية المرقد المكونة من خمسة أفراد ثم زرعوا عبوتين ناسفتين تحت القبة المباركة وقاموا بتفجيرها وقد وقع الهجوم عند الساعة 7 صباحا بالتوقيت المحلي للمدينة المقدسة حيث تضرر جزء كبير من ضريح الإمامين علي الهادي والحسن العسكري كما انهارت القبة المغطاة بالذهب جراء تفجير العبوتين بفارق ثلاث دقائق بينهما في حين لاذ المجرمون بالفرار. وعلى الفور صدرت بيانات الإدانة والتنديد بنفس الصيغ والعبارات التقليدية التي تحمل المسئولية للاحتلال الأمريكي والصهاينة وهي إدانة لا تبرئ المجرمين الأصليين بل تضيف إلى جريمتهم بعدا إضافيا هو بعد العمالة لهؤلاء وتنفيذ مخططاتهم المعادية للإسلام والمسلمين. فالوهابية في جهدها الرامي لتدمير أضرحة ومزارات أهل بيت النبوة والصالحين من عباد الله كانت ولا زالت تهدف إلى (تنظيف) ذاكرة المسلمين من تاريخ أهل بيت نبيهم ويكفي أن ننقل ما ذكره المؤرخ الروسي أليكسي باسيلييف في كتابه عن تاريخ الجزيرة العربية عندما قال (إن الإخوان أزالوا في مكة الشاهد المقام عند موضع ولادة النبي وهدموا منزلي خديجة وأبي بكر. وأشار فيلبي الذي حضر موسم الحج 1931 إلى هدم كل الأضرحة والقباب في الحجاز وذكر إن ذلك سيجعل الأجيال القادمة تنسى الوقائع التاريخية المرتبطة بهذه الأماكن). إنه الفكر التيموي الذي أفتى بأن (المساجد المبنية على قبور الأنبياء والصالحين والملوك وغيرهم يتعين إزالتها بهدم أو بغيره هذا مما لا أعلم فيه خلافا بين العلماء المعروفين وتكره الصلاة فيها من غير خلاف أعلمه ولا تصح عندنا في ظاهر المذهب لأجل النهي واللعن الوارد في ذلك ولأحاديث أخر وليس في هذه المسألة خلاف). ثم جاء ابن عبد الوهاب ليضيف إلى مقولات ابن تيميه مقولة جديدة سبق بها الصليبي جون فيلبي وأكد بها على ذلك البغض والشنآن الذي ملأ قلوب الفريقين للنبي وأهل بيته عندما قال (لا تظنوا أن الاعتقاد في الصالحين مثل الزنا والسرقة بل هو عبادة للأصنام). أما زعم ابن تيميه أن ما يدلي به من أراجيف ليس فيه خلاف في حين أنه أس الخلاف والاختلاف فتلك قاصمة الدهر حيث يقول صاحب (تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي): وأما من اتخذ مسجدا في جوار صالح أو صلى في مقبرة قاصدا به الاستظهار بروحه أو وصول أثر من آثار عبادته إليه لا التوجه نحوه والتعظيم له فلا حرج فيه ألا يرى أن مرقد إسماعيل في الحجر في المسجد الحرام والصلاة فيه أفضل. البعد السياسي لهذا العمل الإجرامي يعرف المراقبون أن هذا النوع من الجرائم يحتاج إلى قرار من النوع الثقيل وهو ما أشار إليه المستشار الأمني للرئيس العراقي وفيق السامرائي في حواره مع قناة فضائية عندما وصف الجريمة بأنها ذات بعد خارجي وأن الهدف من ورائها هو منع استقرار الوضع السياسي في العراق والحيلولة دون نشوء نظام سياسي لا يدين بالولاء لأسبرطا العرب ولذا فنحن نعتقد الآن أن دور الزرقاوي وعصابته قد جرى تضخيمه والنفخ فيه للتغطية على الدور الخفي لتلك القوى الإقليمية التي تدير هذا الصراع من وراء ستار زرقاوي كثيف. من هو الإمام الهادي والإمام العسكري؟؟ الإمام الهادي هو علي بن محمد الجواد بن علي الرضا وهو العاشر من أئمة أهل البيت وكانَ مَولده (بِصَريا) بالقرب من المدينة سنة 212هـ وتُوُفِّيَ بُسر مَن رَأَى في رجب سنة 254هـ وله يومئذٍ إِحدى وأَربعون سنة وأشهر. عاصر الإمام الهادي عصر الخليفة العباسي المتوكّل الذي كان شديد العداوة لأهل البيت حتى أنه أقدم على جريمة لا تقل بشاعة عن جرائم الوهابية عندما قام بتدمير ضريح الإمام الحسين بكربلاء وكان كما يصفه أبو الفرج الأصفهاني "شديد الوطأة على آل أبي طالب غليظا على جماعتهم مهتما بأمورهم شديد الغيظ والحقد عليهم وسوء الظن والتهمة لهم واتفق له أن عبيد الله ابن يحيى بن خاقان وزيره يسئ الرأي فيهم فحسن له القبيح في معاملتهم فبلغ فيهم ما لم يبلغه أحد من خلفاء بني العباس قبله وكان من ذلك أن كرب قبر الحسين "انظر أيضا تاريخ الطبري ج9 ص 185" (أي قام بهدمه وحرثه) وعفى آثاره ووضع على سائر الطرق نقاط حراسة مسلحة لا يجدون أحدا زاره إلا أتوه به فقتله أو أنهكه عقوبة ومن ثم فقد قام بإحضار الإمام الهادي من مدينة رسول الله إلى سامراء بهدف وضعه تحت الإقامة الجبرية فأَقامَ بها حتى مَضى لسبيله وكانَتْ مُدّةُ إِمامتِه ثلاثاً وثلاثين سنة. وكانَ الإمامُ بعد أَبي الحسن عليِ بن محمد عليهما السلامُ ابْنَه أَبا محمد الحسن بن عليّ وكانَ مَوْلدُه بالمدينة في شهر ربيع الآخر 232هـ. وقُبِضَ يَوْمَ الجمعةِ لثمانِ ليالٍ خَلَوْنَ من شهر ربيع الأول سنة 260هـ وله يومئذٍ ثمان وعشرون سنة، ودُفِنَ في دارِه بسُرَّ مَنْ رأى في البيت حيث دُفِنَ أَبوه عليه السلام وهو البيت الذي قام الوهابيون بتدميره يوم الأربعاء الماضي. لقد كان الإمام الحسن العسكري (نسبة لمدينة سامراء التي كانت تسمى آنئذ محلة العسكر) كما وصفه ابن خاقان نفسه لابنه أحمد: (يا بُنَيّ ذاك إِمامُ الرافِضَةِ الحسنُ بن عليّ المعروف بـابن الرضا.... يا بُنيَ لو زالَت الإمامَةُ عن خُلفائِنا بني العباس مَا اسْتَحقَّها أحَدٌ من بني هاشمِ غَيْرُه لِفَضْلِه وعَفافِه وهَدْيِه وصِيانتِه وزُهْدِه وعِبادتِه وجميلِ أَخلاقِه وصَلاحِه ولو رَأَيْتَ أَباه رَأَيْتَ رجلاً جَزْلاً نَبيلاً فاضلاً). ثم يقول أحمد بن خاقان: فازْدَدْتُ قلقاً وتَفَكُّراً وغَيْظاً على أَبي وما سمعتُ منه فيه ورَأَيْتُ من فِعْلِه به فلم يَكُنْ لي هِمَّةٌ بعد ذلك إِلا السؤالَ عن خَبَرِه والبَحْثَ عن أَمْرِه. فما سَأَلْتُ أَحَداً من بني هاشم والقُوّادِ والكُتّاب والقُضاةِ والفُقهاءِ وسائرِ الناسِ إلا وَجدْتُه عِنْدَه في غاية الإجلالَِ والإعظامِ والمحلِّ الرفيعِ والقولِ الجميلِ والتقديمِ له على جميع أَهل بيتهِ ومشايخه فعَظُمَ قَدْرُه عندي إِذْ لم أَرَ له وَلِيّاً ولا عَدُوّاً إلا وهو يحسِنُ القَوْلََ فيه والثناءَ عليه. ردود الأفعال بعد البحث والتفتيش عن ردود أفعال تلك الحركات المسماة بالإسلامية لم نجد شيئا يعول عليه بل وجدنا ردود أفعال تركز على إدانة بعض ردود الأفعال والسبب واضح وبسيط وهو أنهم يرون في أضرحة ومقامات أهل البيت مجرد معابد للأوثان ينبغي إزالتها وبالتالي فهذا العمل الإجرامي هو موضع قبول ومباركة من أغلبهم وهم من رضعوا الثقافة الوهابية الضحلة منذ ولادتهم وهم تلاميذ ابن تيميه الذي (لا يعلم ولا يقبل خلافا لرأيه) فالأمر إذا جد خطير وعلينا أن نتوقع ماذا ستصنع هذه الحركات حال وصولها للسلطة في ضريح مولانا الإمام الحسين في قلب القاهرة فضلا عما يرتكبه هؤلاء بالفعل من أعمال مشابهة لما ارتكبه المجرمون في سامراء هذه المرة في جنح الظلام وسط تواطؤ وتعتيم تام. وإنا لله وإنا إليه راجعون |
رؤية مقترحة للتعاطي مع نزعة التجاوز لمحات من سيرة الامامين العسكريين (ع) التنوير العراقي بين جدلية الدولة مفهومية التنوير في فكر الامام الشيرازي الأ بعاد الروحية للشعائر الإسلامية محمد علي شمس الدّين وألـفـة المكان الشّعري |
||||
|