لا تزال فرنسا التي تستعد لانتخابات رئاسية في أبريل نيسان ومايو أيار، تواجه وكما نقلت بعض المصادر تهديدا ارهابيا "مرتفعا جدا". تسري في هذا البلد الذي يشارك ايضا ضمن العمليات العسكرية في سوريا ضد تنظيم داعش الارهابي. حالة طوارئ ؟منذ الاعتداءات الارهابية في 2015 و2016 والتي خلفت 238 قتيلا، وقد ذكر رئيس الوزراء الفرنسي ان مستوى التهديد الارهابي مرتفع للغاية وأن التهديدات ضد فرنسا مازالت مستمرة وتزداد يوماً تلو الآخر. وقد تم في الأشهر الأخيرة إحباط العديد من الاعتداءات و المخططات. وفي 13 كانون الاول/ديسمبر اشار وزير الداخلية الى "ما لا يقل عن 13 محاولة شارك فيها اكثر من ثلاثين شخصا" بينهم نساء منذ اعتداء نيس في 14 تموز/يوليو والذي أسفر عن 86 قتيلا وأكثر من 400 جريح. ونهاية تشرين الثاني/نوفمبر اعتقلت الشرطة أربعة فرنسيين ومغربي بايعوا تنظيم داعش ويشتبه بانهم كانوا ينوون ارتكاب اعتداء في منطقة باريس.
ويرى بعض المراقبين ان تنظيم داعش الارهابي وبعد الهزائم الكبيرة في العراق وسوريا، سيسعى ومن خلال بعض أنصاره في فرنسا وباقي الدول، الى تكثيف عملياته الإرهابية والعمل على توسيع شبكات تجنيد الشباب في هذه الدول، وقد أكد رئيس وحدة التنسيق لمكافحة الإرهاب في فرنسا لوييك غارنييه أن عدد الإرهابيين الفرنسيين الذين انضموا إلى صفوف تنظيم داعش الإرهابي في سورية والعراق، يقدر بنحو 700 إرهابي من أصل 3000 إرهابي أوروبي، مشيراً إلى أن عدد الإرهابيين الأجانب الذين انضموا إلى داعش في عام 2015 وصل إلى 30000 لكن هذا العدد تراجع في الوقت الحالي إلى 12000 إرهابي.
وتوقع غارنييه حدوث اعتداءات إرهابية كالتي ضربت فرنسا في عام 2015، معرباً عن قلقه من عودة الإرهابيين الفرنسيين وعائلاتهم إلى فرنسا. وأشار غارنييه إلى أن نحو أكثر من 200 إرهابي فرنسي عادوا إلى بلادهم بطرق غير شرعية. وحسب الحكومة الفرنسية فقد تم إحباط 17 محاولة اعتداء إرهابي على الأراضي الفرنسية خلال العام الماضي. من جانب اخر ذكر المدعي العام الفرنسي فرانسوا مولان أن عدد القاصرين المدانين في فرنسا بجرائم مرتبطة بملفات التيار "الجهادي" ارتفع خلال عام 2016 من 13 إلى 51 ليصل إلى أربعة أضعافه قياسا بـ2015. وكشف مولان أن المدانين إما "سافروا للجهاد ضمن شبكة سورية عراقية، أو منعوا من مغادرة البلاد بعد كشف أمرهم، أو خططوا لنشاط عنيف داخل فرنسا". وأشار إلى أن 10 منهم ملاحقون على خلفية ارتباطهم "بالجهادي" الفرنسي رشيد قاسم الذي جندهم عبر موقع "تلغرام" انطلاقا من المنطقة العراقية السورية للتحرك في فرنسا".
وأكد مولان أنه تبنى مواجهة ما صار "قضية جماهيرية حقيقية" في فرنسا، وأنه جرى تبني تشريعات إضافية تجيز المثول الفوري أمام المحاكم في قضايا تمجيد "الجهاد" ومتابعة المواقع "الجهادية"، محذرا من "خطر عودة الجهاديين الفرنسيين" الناشطين في الوقت الراهن من سوريا والعراق. وأضاف أن تنظيم "داعش" "صار أضعف من ذي قبل مع انحسار الرقعة التي يشغلها على الأرض"، في البلدين المذكورين معربا عن ثقته التامة بأنه "سيأتي اليوم الذي سيكون علينا فيه مواجهة عودة الناجين" من هناك.
وكشف عن أن المعلومات الاستخبارية المتوفرة لديه تؤكد انضمام 693 فرنسيا بينهم 288 امرأة و20 قاصرا إلى صفوف "داعش"، للقتال إلى جانبه في سوريا والعراق. وفي صدد احتدام مشكلة التحاق القاصرين بالتيار المتطرف، ذكر ميشال هايات رئيس المحكمة الابتدائية الكبرى في فرنسا، أن "سبعة من القضاة العاملين في حقل قضاء القصّر من أصل 15، وافقوا في الآونة الأخيرة على التخصص في معاجلة هذه الملفات بينما لم يفكر أي منهم بذلك قبل عام واحد فقط في مواجهة هذا التطور الذي برز منذ صيف 2016". ولفت النظر إلى أن التحقيق شمل حتى الآونة الأخيرة 1236 شخصا، أسندت الاتهامات لـ355 منهم بمن فيهم 112 امرأة، فيما البحث والتحري مستمر عن الباقين لضبطهم وإحضارهم.
اعتداء وشيك
وفي ما يخص ملف الارهاب في فرنسا فقد اعلنت السلطات الفرنسية انها احبطت مشروع اعتداء "وشيك" عبر توقيف اربعة اشخاص في مونبيلييه (جنوب) بينهم قاصر في السادسة عشرة، وذلك بعد هجوم بساطور على جنود قرب متحف اللوفر. وقال وزير الداخلية برونو لورو في بيان ان هذه العملية "اتاحت احباط مشروع اعتداء وشيك على الاراضي الفرنسية"، فيما اوضح مصدر قريب من التحقيق ان المحققين لم يتمكنوا من تحديد هدف الاعتداء.
واورد مصدر قريب من التحقيق "يبدو ان نية الانتقال الى الفعل وتحضير عبوات ناسفة عدة كانت في طور التحقق" فيما اوضح مصدر في الشرطة ان "المشتبه بهم الاربعة واعمارهم 16 و20 و26 و33 عاما اوقفوا بعد شرائهم مادة اسيتون" التي يمكن استخدامها لصنع عبوة ناسفة. وبين الموقوفين فتاة في السادسة عشرة تم رصدها على شبكات التواصل الاجتماعي بعدما عبرت عن رغبتها في التوجه الى سوريا والعراق وفي ضرب فرنسا. بحسب فرانس برس.
واضاف المصدر في الشرطة ان "احد شركائها كانت تراقبه الادارة العامة للامن الداخلي" اي الاستخبارات الفرنسية. وتفيد العناصر الاولى لدى المحققين ان هذا الرجل، وهو احد المشتبه بهم الموقوفين، كان يعتزم "تفجير نفسه". واوضح مصدر قضائي ان السلطات ضبطت خلال عمليات الدهم مادة شديدة الانفجار اضافة الى لوازم اخرى تستخدم في صنع عبوات ناسفة مثل مادة اسيتون وماء الاوكسجين وحقن وقفازات واقية. وبعدما تجاهلتهن الاستخبارات لفترة طويلة، باتت الفتيات يعتبرن خطرا محتملا يوازي خطر الرجال، وخصوصا منذ اوقفت مجموعة من النساء في منطقة باريس في ايلول/سبتمبر 2016 بعد العثور على قوارير غاز داخل سيارة في العاصمة.
هجوم اللوفر
الى جانب ذلك قال مصدر قضائي إن رجلا هاجم جنودا بسلاح أبيض عند متحف اللوفر بباريس أبلغ الشرطة أنه يؤمن بأفكار تنظيم داعش لكنه لم ينفذ الهجوم بأوامر من الجماعة المتشددة. وتعرض المصري عبد الله رضا الحماحمي (29 عاما) لإطلاق نار وأصيب بجروح خطيرة عندما هاجم فجأة مجموعة من الجنود في الثالث من فبراير شباط وهو يصيح "الله أكبر" فيما وصفه الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند بأنه هجوم إرهابي.
وأضاف المصدر أن الحماحمي الذي كان يحمل بخاخات طلاء في حقيبة على ظهره أبلغ الشرطة أنه أراد إتلاف اللوحات في المتحف "للانتقام للشعب السوري". ويرقد الحماحمي في المستشفى منذ الهجوم ولم يعد قيد احتجاز الشرطة لأن حالته الصحية "تدهورت بشدة". وقال مصدر قريب من التحقيق أنه على الرغم من تعاطف الحماحمي مع داعش فإنه قال إنه لم يتلق تعليمات من التنظيم ولم يبايعه رسميا. وقال المصدر إن المشتبه به قام بتحويل أموال مرتين -الأولى ثلاثة آلاف يورو والثانية 2000 يورو- إلى زميل مصري في بولندا في الأيام التي سبقت الهجوم مباشرة. وأصيب الحماحمي بعدة طلقات في بطنه.
من جانب اخر قال والد الحماحمي إن وصف ابنه بالإرهابي "كلام فارغ" وقال إنه أصغر أبنائه الأربعة وهو خريج حقوق يعمل في الإمارات منذ نحو خمس سنوات وإنه كان في باريس في مهمة عمل. ووصل الحماحمي (29 عاما) إلى فرنسا في 26 يناير كانون الثاني بعد أن حصل على تأشيرة دخول سياحية في دبي. ولم يفصح مسؤولون أمنيون مصريون عما إذا كانت له أي صلات معروفة بجماعات متشددة. بحسب رويترز.
وقبل ساعات من هجوم اللوفر كانت هناك تغريدة على حساب الحماحمي على تويتر تقول "لماذا يخافون من قيام دولة للإسلام؟! لأن دولة الإسلام تدافع عن مواردها وأرضها وعرض المسلمين وكرامتهم."
واتهم رضا الرفاعي والد المهاجم المسؤولين الفرنسيين بتلفيق مزاعم ضد ابنه لتبرير استخدامهم القوة المفرطة لردعه. ولدى سؤاله عما إذا كانت أي ميول إسلامية متشددة قد بدت على ابنه قال الرفاعي وهو لواء شرطة متقاعد إنه كان سيطرده من المنزل إذا شعر بذلك. وقال والد المهاجم إن آخر مرة تحدث فيها مع ابنه كانت قبل بضع ساعات من الهجوم وإنهما ناقشا لون قبعة كان يريد الحماحمي شراءها لتدفئته من البرد في باريس. وأضاف أنه عرف بأنباء حادثة اللوفر من على فيسبوك. وبعدها جاءت الشرطة لمنزله وسألته عدة أسئلة وانصرفت.
التحقيق مستمر
على صعيد متصل قال النائب العام فرنسوا مولان في سرد الوقائع، إن المهاجم تقدم من دورية من أربعة جنود وهو يرتدي قميصا اسود اللون ومسلحا بساطورين يبلغ طول الواحد نحو 40 سنتم "وهاجمهم وهو يصرخ الله اكبر فأصاب أحد الجنود في رأسه، ثم اسرع نحو الثاني الذي وقع ارضا وتلقى ضربات من الساطور". وأضاف النائب العام ان الجندي الذي وقع ارضا "اطلق النار للمرة الاولى نحو القسم السفلي من بطن المهاجم الذي لم يتوقف، ما دفع الجندي الى اطلاق النار ثلاث مرات اضافية. عندها هوى المهاجم ارضا مصابا بجروح خطرة".
وأصيب أحد العسكريين بجروح طفيفة في الرأس، وأعطي تقرير للتغيب عم العمل عشرة أيام. العسكريون الأربعة الآخرون ينتمون إلى الفوج الأول للقناصين المظليين لباميية في منطقة أرييج. وفي 27 كانون الثاني/يناير، استأجر المهاجم سيارة حتى الخامس من شباط/فبراير من وكالة تأجير، عثر عليها في الدائرة الثامنة. وفي اليوم التالي، عند اشترى ساطورين عسكريين بطول 40 سنتيمترا بمبلغ 680 يورو من متجر للأسلحة قرب ساحة الباستيل. بحسب فرانس برس.
وداخل المنزل الذي كان يستأجره، عثر المحققون على مبلغ 965 يورو، وفاتورة شراء الساطورين، بالإضافة إلى عدد من بطاقات الدفع المسبق وملابس تكفي لأسبوع تقريبا، عدا عن جواز سفر مصري عليه تأشيرتان سعودية وتركية في العامين 2015 و2016. وأوضح النائب العام أن "التحقيقات مستمرة (...) لتحديد مسار ودوافع المهاجم، ولا سيما اكتشاف ما إذا كان تصرف بمفرده، بشكل عفوي، أو بناء على تعليمات".
وقالت مصادر مقربة من التحقيق في الهجوم على جنود قرب متحف اللوفر إنه يشتبه بأن يكون منفذ الهجوم قد نشر على حساب على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي تغريدات ذات طابع جهادي قبل تنفيذ الهجوم بساعات، أشار في إحداها إلى تنظيم داعش المتشدد، وفي أخرى إلى من وصفهم بـ"إخوة مجاهدين". وأشار أحد تلك المصادر إلى أن تلك التغريدات مصدرها "حساب على تويتر يمكن أن يكون صاحبه منفذ الهجوم"، من دون أن يتمكن المحققون من التأكيد رسميا في هذه المرحلة. وفي إحدى تلك التغريدات التي نشرت كتب الحماحمي "بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إن لنا إخوة مجاهدين في سوريا وكل بقاع الأرض". وبعد دقيقة، نشر أخرى يشير فيها إلى تنظيم داعش.
اضف تعليق