يرى بعض المراقبين المملكة الاردنية اصبحت اليوم في دائرة خطر الإرهاب، بعد الهجوم الجديد الذي شنه مسلحون على مركز أمني وسيارات للشرطة في الكرك جنوب الأردن، والذي أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، وشهدت المملكة كما نقلت بعض المصادر خلال العام الجاري، هجمات إرهابية عدة. ففي يونيو، حزيران الماضي، قــتل خمسة أشخاص، في هجوم إرهابي على مكتب للمخابرات الأردنية في مخيم البقعة، شمال غرب عمان. وفي الثاني من مارس، آذار العام الحالي، قــتل ضابط أردني وسبعة مسلحين، كما أصيب آخرون، في عملية أمنية بمدينة إربد شمالي البلاد. أما العام الماضي، فقد شهد الأردن في نوفمبر تشرين الثاني، حادثة إرهابية أشاد بها تنظيم داعش، حيث قام ضابط بإطلاق النار على خمسة متعاقدين يعملون مع مديرية الأمن العام.
ويرى بعض الخبراء ان هذه الهجمات الارهابية هي رسالة واضحة للحكومة الاردنية، التي تساهلت كثيرا مع المتشددين الاسلاميين الموالين لتنظيم داعش الارهابي، الذي يسعى اليوم وبعد ان مني بهزائم كبيرة في سوريا والعراق، الى ايجاد طريق اخر يمكنه من اعادة صورته السابقة والاعتماد على الخلايا نائمة في بعض البلدان ومنها الاردن، التي يعيش فيها الكثير من المؤيدين لتنظيم داعش الارهابي، الذي قد يستغل بعض المشكلات والازمات المهمة ومنها تدهور الوضع الاقتصادي في المملكة وارتفاع معدلات البطالة وغيرها من المشكلات.
وفي هذا الشأن اوضح الخبير الاستراتيجي الأردني اللواء فايز الدويري الذي طالب ايضا، بضرورة إجراء مراجعة أمنية لآلية تنفيذ عمليات المداهمة ، أن الأردن أصبح على سلم أولويات تنظيم الدولة داعش، مما يعني أنه أصبح في مرمى الاستهداف، لافتًا إلى أن الكرك لم تكن هي الهدف الأساسي، ولكن تداعيات الحادث هي من قادت إلى منطقة الكرك. كما أن ما يقلق الأجهزة الأمنية الأردنية هو حقيقة أن الهجوم الإرهابي الأخير يهدف إلى الإضرار بصناعة السياحة في الأردن. وتخشى المملكة من أن الذئاب المنفردة سيتبنون استراتيجية داعش في تركيا ومصر لمهاجمة المواقع السياحية من أجل الضرر بالاقتصاد الأردني وصناعة السياحة الهامة. خصوصا وان هناك عمليات اخرى قد استهدفت السياح الاجانب كان منها، هجوم في سبتمبر 2006، استهدف شخص في حادثة إطلاق نار في عمان عددا من السياح، وقتل في الهجوم سائح بريطاني وأصيب 5 آخرون بينهم بريطانيتان وهولندي وأسترالية ونيوزلندية، بالإضافة إلى أحد الأدلاء السياحيين. في 9 نوفمبر 2005 وقعت سلسلة هجمات هي الأعنف في تاريخ الأردن الحديث، استهدفت فنادق في العاصمة عمان، وأسفرت عن مقتل 57 شخصا، سقط معظمهم أثناء حفل زفاف بأحد الفنادق. وتبنى الهجوم في وقتها تنظيم القاعدة في العراق بزعامة الأردني أبو مصعب الزرقاوي، الذي قتل لاحقا بقصف أميركي في العراق.
هجوم الكرك
من جانب اخر قال وزير الداخلية الأردني سلامة حماد إن أربعة مهاجمين قتلوا تسعة أشخاص في الأردن خزنوا سترات ناسفة وأسلحة أخرى مما يشير إلى تخطيطهم لهجمات أكبر في أجزاء أخرى من البلاد. وقالت قوات الأمن الأردنية إنها قتلت أربعة "إرهابيين خارجين على القانون" بعد إخراجهم من قلعة أثرية في مدينة الكرك الجنوبية. وكانوا قد تحصنوا هناك بعد أن قتلوا امرأة كندية وثلاثة مدنيين آخرين وخمسة من رجال الشرطة.
وقال حماد في مؤتمر صحفي "هاي عملية كبيرة إرهابية لا زلنا في طور المتابعة للمعلومات المتعلقة بها." وعن المضبوطات التي وجدت في شقة المشتبه بهم قال حماد إنه "تم ضبط أحزمة ناسفة ومتفجرات وأسلحة مختلفة كان الإرهابيون يعدونها لاستهداف مواقع بالمملكة وضرب استقرار الأردن." وأشار حماد إلى أنه تم ضبط خمسة أحزمة ناسفة على الأقل فضلا عن مخزن ذخيرة وأسلحة آلية ومتفجرات مخبأة بمنزل في بلدة قطرانة الصحراوية التي تبعد 30 كيلومترا شمال شرقي الكرك. بحسب رويترز.
وأوضح حماد أن المسلحين هربوا إلى الكرك بعد تبادل إطلاق النار مع الشرطة مشيرا إلى أنه استنادا إلى كمية المتفجرات والأسلحة "لا يعتقد أن الهدف كان فقط قلعة الكرك بل أكثر." ولم يورد الوزير تفاصيل عن هويات أو جنسيات منفذي الهجوم قائلا إن التحقيقات جارية وإن كشف التفاصيل في هذه المرحلة قد يضر بالأمن القومي. وتمكنت قوات الأمن من إطلاق سراح حوالي عشرة سياح في قلعة الكرك ونقل 30 شخصا على الأقل إلى المستشفى.
وقال شهود إن تبادل إطلاق النار استمر لعدة ساعات بين المسلحين وقوات الأمن. وقالت الشرطة وشهود إن المسلحين أطلقوا النار على رجال الأمن الذين يقومون بدورية في المدينة قبل دخول القلعة الموجودة على قمة أحد التلال. واستخدم المسلحون أحد أبراج القلعة لإطلاق النار على مركز شرطة قريب.
والأردن أحد الدول العربية المشاركة في الحملة التي تقودها الولايات المتحدة على تنظيم داعش في سوريا. لكن كثيرا من الأردنيين يعارضون مشاركة بلدهم في هذا التحالف بدعوى أنه يقتل مسلمين مثلهم ويثير تهديدات أمنية داخل الأردن. وخلال العام المنصرم وقعت حوادث هزت الأردن الذي لم يتأثر نسبيا بالانتفاضات والحروب الأهلية والتشدد الإسلامي في المنطقة منذ عام 2011. وفي نوفمبر تشرين الثاني الماضي قتل ثلاثة من المدربين العسكريين الأمريكيين بالرصاص عندما لم تنصاع سيارتهم لأوامر بالتوقف عند بوابة قاعدة عسكرية مما دفع أحد أفراد الجيش الأردني لإطلاق النار عليهم في واقعة لم تستبعد واشنطن فيها الدوافع السياسية.
الى جانب ذلك ظهرت تفاصيل جديدة عن الاشتباكات التي جرت قرب مدينة الكرك جنوبي الأردن، وقال أحد الاشخاص إنه شاهد مسلحا يصعد على سطح المنزل وهو يردد هتافات موالية لزعيم تنظيم داعش الإرهابي أبو بكر البغدادي. وأضاف أن هذا المسلح فتح النار من سلاحه على عناصر الشرطة التي لاحقته.
ومن ناحيته، ذكر موقع "عمون" الأردني أن الاشتباكات كانت ناجمة عن "كمين" نصبه المسلحون لرجال الأمن، إذ كانوا يرافقون "تاجر أسلحة" باتجاه أحد المنازل الذي يشتبه بوجود مطلوب داخله. وفور وصول رجال الأمن إلى المكان، بادر مسلحون إلى إطلاق النار عليهم، الأمر الذي أتاح للتاجر الفرار من المكان. وقال الموقع إن تاجر الأسلحة الذي ألقي القبض عليه لاحقا اعترف أنه موّل المسلحين الذين نفذوا الهجوم. وأشار إلى احتمال وجود مسلح ثالث استطاع الفرار من المكان. وبدأت الاشتباكات خلال مداهمة أحد الأشخاص الذين يشتبه بتورطهم بهجومي في منطقتي القطرانة وقلعة الكرك الأثرية.
قاتل ناهض حتر
على صعيد متصل حكمت محكمة أمن الدولة الاردنية على قاتل الكاتب الاردني ناهض حتر بالاعدام شنقا حتى الموت، حسبما افادت مصادر داخل قاعة المحكمة. وحكم قاضي المحكمة أمن الدولة على قاتل حتر (49 عاما) "بالاعدام شنقا حتى الموت" بعد ادانته "بتهمة القيام باعمال ارهابية أفضت الى موت انسان". وقال نائب عام المحكمة القاضي العسكري العميد زياد العدوان ان "المحكمة جرمت قاتل حتر بتهم القيام بأعمال إرهابية أفضت إلى موت إنسان، والقيام بأعمال من شأنها إثارة الفتنة، والقتل العمد، وحمل وحيازة سلاح ناري دون ترخيص".
كما حكمت المحكمة على شخصين آخرين هما بائع السلاح الى القاتل والوسيط ببيع السلاح بالسجن "سنة واحدة". وقال القاتل في اول رد فعل بعد تلاوة الحكم "حسبي الله ونعم الوكيل، لله العزة ورسوله والمؤمنين". وكانت نيابة أمن الدولة الاردنية وجهت في الثامن من تشرين اول/اكتوبر الماضي ثلاث تهم لقاتل حتر هي: "القيام بأعمال إرهابية أفضت إلى موت إنسان" و"القيام بأعمال إرهابية من شأنها إثارة الفتنة" و"القتل العمد" بقصد اثارة الفتنة".
وكان قد القي القبض على قاتل حتر في مكان الحادث. وقتل ناهض حتر في 25 ايلول/سبتمبر امام قصر العدل وسط عمان عندما كان يهم بدخول المحكمة لحضور اولى جلسات محاكمته لنشره رسما كاريكاتوريا على صفحته على فيسبوك اعتبر انه "يمس الذات الالهية" . وكان حتر (56 عاما) نشر الرسم الذي لم يرسمه على صفحته على فيسبوك بعنوان "رب الدواعش" ما اثار جدلا واستياء على مواقع التواصل الاجتماعي. بحسب فرانس برس.
لكن حتر حذف المنشور من صفحته بعد ان اكد أن الرسم "يسخر من الارهابيين وتصورهم للرب والجنة، ولا يمس الذات الالهية من قريب أو بعيد، بل هو تنزيه لمفهوم الألوهة عما يروجه الارهابيون". وكان مدعي عام عمان وجه الى الكاتب اليساري المسيحي تهمتي "اثارة النعرات المذهبية" و"اهانة المعتقد الديني"، واعلن حظر النشر في القضية. ونفى حتر حينها ما اتهم به مؤكدا انه "غير مذنب". وكان يمكن ان تصل عقوبة اي من التهمتين المسندتين لحتر في حال ادانته الى الحبس ثلاث سنوات.
اضف تعليق