تزايد وتيرة أعمال العنف والعمليات الإرهابية التي شهدتها مصر، بعد ثورة 25 يناير وما تبعها من تطورات سياسية، اسهمت بعزل الرئيس السابق محمد مرسي وانهاء سيطرة جماعة الاخوان المسلمين، التي صنفت بحسب القانون المصري كجماعة ارهابية، كانت وبحسب بعض المراقبين سببا في تفاقم مشكلات وازمات مصر الداخلية، خصوصا وان السلطات المصرية بقيادة الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، التي تواجه اليوم العديد من التحديات الامنية والاقتصادية، قد سعت الى تشيد القوانين والاجراءات من اجل الحفاظ على امن واستقرار، حيث شهدت مصر في الآونة الأخيرة سلسلة الخروقات الامنية والعمليات الارهابية، وظهور العديد من الحركات والتنظيمات السلفية الجهادية الداعمة لجماعة جماعة الإخوان وتنظيم داعش الارهابي، وهو ما دفع الحكومة الى اعلان حرب مضادة وتنفيذ حملات اعتقال واسعة و صدور أحكام إعدام على مئات من المعارضين في السجون، الامر الذي اثار غضب وانتقاد بعض الجهات والمنظمات الحقوقية، التي اكدت ان مصر ومع استمرار سياسة القمع والاقصاء، تنحدر نحو دوامة من التطرف وعدم الاستقرار.
من جانب اخر اكد بعض المراقبين ان ما تقوم به الحكومة المصرية في هذا الوقت بذات، امر أمر هام وضروري للحفاظ على الأمن والنظام، خصوصا وان المنطقة بشكل عام تعيش حالة من عدم الاستقرار الامني وانتشار مخيف للجماعات الارهابية المسلحة، التي استطاعت الوصول الى مصر وبناء قواعد في شبه جزيرة سيناء وباقي انحاء البلاد. وفيما يخص بعض تطورات هذا الملف، قالت مصادر أمنية إن ضابطا كبيرا بالجيش المصري ومجندا قتلا عندما انفجرت عبوة ناسفة زرعت على جانب طريق في مدرعة بمحافظة شمال سيناء حيث ينشط إسلاميون متشددون موالون لتنظيم داعش. وقال مصدران أحدهما عسكري والآخر أمني طلبا عدم نشر اسميهما إن العقيد رامي حسنين قائد الكتيبة 103 صاعقة قتل عندما انفجرت العبوة الناسفة في مدرعته قرب مدينة الشيخ زويد. وأضاف المصدران أن ثلاثة مجندين آخرين أصيبوا في الانفجار. ولم يصدر بيان عسكري حول الهجوم كما لم يتسن الحصول على تعليق من الجيش. وتحول قيود أمنية مشددة في شمال سيناء دون التغطية الصحفية المباشرة.
الى جانب ذلك قالت مصادر أمنية وزوجة إن ضابطا كبيرا في الجيش المصري قتل برصاص مسلحين مجهولين قرب منزله في ضواحي القاهرة. وقالت زوجة العميد أركان حرب عادل رجائي قائد الفرقة التاسعة المدرعة إن المسلحين أطلقوا النار على زوجها الذي خدم في محافظة شمال سيناء لدى مغادرته منزله في مدينة العبور متوجها إلى عمله. وقالت سامية زين العابدين التي تعمل صحفية "بعد خروجه بدقائق سمعت صوت طلقات النار. وأعلنت جماعة متشددة جديدة تسمي نفسها "لواء الثورة" عبر حساب على تويتر مسؤوليتها عن الهجوم. وأغلق الحساب بعد قليل من إعلان المسؤولية.
مخطط جديدة
الى جانب ذلك قالت مصر إن الشرطة ضبطت كمية من الأسلحة كان مؤيدو جماعة الإخوان المسلمين المحظورة يتآمرون لاستخدامها قبل احتجاجات مزمعة على تفاقم الأوضاع الاقتصادية. ودعت حركة مجهولة سمت نفسها "حركة الغلابة" في الأشهر الأخيرة المصريين للتظاهر في 11 نوفمبر تشرين الثاني ضد ارتفاع الأسعار وإجراءات تقشفية أخرى. واكتسبت الدعوة زخما على مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن حررت مصر سوق صرف العملة ورفعت أسعار الوقود وهي خطوات أشاد بها مصرفيون لكن ندد بها المواطنون بوصفها أحدث ضربة للقوة الشرائية المتناقصة لدخولهم.
لكن حركة الغلابة قالت على صفحتها على فيسبوك إنها ألغت الاحتجاجات بسبب ما قالت إنه "بطش" الشرطة. ولم تحظ الحركة بالكثير من الدعم من حركات النشطاء. لكن السلطات لا تترك مجالا للمخاطرة في بلد أطاحت فيها سياسة الشارع برئيسين خلال عامين. واعتقل العشرات من الأشخاص في الأسابيع الأخيرة لمزاعم تحريضهم على الاضطرابات في البلاد. وقالت وزارة الداخلية إنها صادرت كمية من الأسلحة والذخيرة كانت مخبأة في مقبرة وفي منزل في محافظة الفيوم جنوب غربي القاهرة.
وأضافت الوزارة أنها داهمت خمسة "أوكار لتصنيع المتفجرات" في أنحاء البلاد واتهمت جماعة متشددة بالتنسيق مع الإخوان المسلمين للهجوم على نقاط تفتيش للشرطة. وقال البيان إن "قيادات لجان الحراك المسلح التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية اتخذت وكرين بمحافظة الفيوم كمقرين لإخفاء أسلحتهم ومعداتهم التفجيرية التي كانوا يعتزمون استخدامها في عملياتهم الإرهابية خلال الفترة الراهنة والمتزامنة مع الدعوات الإثارية للجماعة الإرهابية للتظاهر مستغلين الظروف الاقتصادية الحالية لإثارة المواطنين."
وتقول جماعة الأخوان المسلمين - أقدم الحركات السياسية في مصر - إنها سلمية وتنفي أن لها أي جناح مسلح. ولم تعد بعد ذروة أجواء السياسة في الشارع المصري عام 2011 التي خيم خلالها مصريون في ميدان التحرير لإنهاء حكم حسني مبارك الذي استمر ثلاثين عاما. وعندما خرج المصريون للشوارع مجددا في 2013 لإنهاء عام من حكم الإخوان المسلمين الذي قسم البلاد توجهت أنظارهم للقائد العسكري الذي تحول رئيسا عبد الفتاح السيسي لإعادة الاستقرار للبلاد. لكن السيسي سحق المعارضة بسرعة وطبق قانونا للتظاهر بحزم جعل قلة من يجرؤون على الخروج على الرغم من الاستياء المتنامي. ويعتبر السيسي الإخوان المسلمين جماعة إرهابية. بحسب رويترز.
وحث السيسي المصريين في الأسابيع الأخيرة على عدم الاحتجاج وحذر من أن طريق الإصلاحات الاقتصادية لا رجعة فيه. وبسبب معاناتهم من الاحتجاجات التي صعبت من الحياة بدلا من تحسينها قال الكثيرون إنهم سيبقون في منازلهم. وقالت فاطمة ياسر وهي متقاعدة عن العمل "الغلابة الذين لا يريدون تدمير البلاد لن يتظاهروا. يريدون بناء البلاد لا تدميرها."
استهداف مستمر
في السياق ذاته نجا قاض مصري شارك في احدى محاكمات الرئيس الاسلامي السابق محمد مرسي من انفجار سيارة مفخخة في القاهرة، بحسب ما اعلنت وزارة الداخلية. وقالت الوزارة في بيان على صفحتها الرسمية في موقع فيسبوك ان "إحدى السيارات المتوقفة على جانب الطريق انفجرت بجوار قطعة أرض فضاء أمام عمارات التوفيقية بنهاية شارع مصطفى النحاس بمدينة نصر اثناء مرور سيارة السيد المستشار أحمد أبو الفتوح رئيس محكمة جنايات بإحدى دوائر القاهرة ( سبق له نظر بعض قضايا عناصر الإرهاب بينها إحدى قضايا محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسى)". واضاف البيان ان الانفجار "لم يسفر عن إصابة" المستشار أو "مواطنين وإنحسرت التلفيات في عددٍ من السيارات المتوقفة بالمنطقة". بحسب فرانس برس.
ويأتي الانفجار بعد ايام من مقتل مواطن كان يمر بالصدفة في احد الشوارع عند انفجار قنبلة كانت موضوعة على جانب الطريق في شرق القاهرة. وفي ايلول/سبتمبر الماضي، انفجرت سيارة مفخخة في ضاحية راقية بشرق القاهرة اثناء مرور موكب مساعد النائب العام لكنه نجا من الانفجار كذلك. ومنذ الاطاحة بمرسي العام 2013، شن ناشطون اسلاميون هجمات ادت الى مقتل مئات من رجال الشرطة والجيش. وعقب اطاحته، شنت اجهزة الامن حملة قمع ضد الاسلاميين اسفرت عن مقتل المئات من المتظاهرين. ويحاكم مرسي في قضايا عدة وصدر ضده حكم غير نهائي بالاعدام في واحدة منها.
اغتيال السيسي
على صعيد متصل قالت مصادر قضائية إن النائب العام المصري أحال 292 متشددا للقضاء العسكري أثبتت التحقيقات أن بعضهم حاولوا اغتيال الرئيس عبد الفتاح السيسي بينما حاول آخرون اغتيال ولي عهد السعودية الأمير محمد بن نايف. وأضافت المصادر أن المتهمين تابعون لجماعة ولاية سيناء التي تنشط في محافظة شمال سيناء والتي بايعت تنظيم داعش في 2014 وأنهم أعضاء في 22 خلية بالجماعة.
وقال مصدر إن المتهمين وهم مصريون نفذوا 19 عملية حاول بعضهم خلال إحداها اغتيال السيسي العام الماضي في الحرم المكي أثناء أدائه العمرة كما حاول آخرون اغتياله في مصر. وأضاف أن بعض المتهمين استهدفوا الأمير محمد بن نايف بعد أن رصدوا مهبطا لطائرات الهليكوبتر خاص بالأسرة الملكية السعودية. وأضاف أن من بين العمليات التي اتهموا بها اغتيال ثلاثة قضاة في مدينة العريش عاصمة شمال سيناء خلال انتخابات مجلس النواب وهجمات ضد الجيش والشرطة في المحافظة المتاخمة لإسرائيل وقطاع غزة.
وتابع أن 151 من المتهمين محبوسون وأن سبعة أخلي سبيلهم بينما صدرت أوامر ضبط وإحضار للباقين. وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية إن 66 من المتهمين أدلوا باعترافات تفصيلية خلال التحقيقات التي استمرت 18 شهرا. وخلال السنوات الثلاث الماضية كثف متشددو ولاية سيناء هجماتهم ضد الجيش والشرطة في شمال سيناء وقتلوا مئات من أفرادهما كما أعلنوا مسؤوليتهم عن هجمات في القاهرة ومدن أخرى في وادي ودلتا النيل. بحسب رويترز.
ويقول الجيش إنه قتل المئات من متشددي الجماعة في حملة تشارك فيها الشرطة. وقالت المصادر إن نيابة أمن الدولة العليا تولت التحقيقات. وقال أحد المصادر "بعرض الأوراق على النائب العام المستشار نبيل صادق أمر بإحالتها إلى القضاء العسكري." والمحاكمات العسكرية أسرع لكن انتقادات توجه لها من حقوقيين ونشطاء سياسيين يقولون إن قضاة الجيش ليسوا القضاة الطبيعيين للمدنيين.
إعدام مرسي
من جانب اخر قالت مصادر قضائية إن محكمة النقض المصرية قضت بإلغاء حكم الإعدام الصادر بحق الرئيس السابق محمد مرسي ومرشد جماعة الإخوان المسلمين المحظورة محمد بديع في القضية المعروفة إعلاميا باسم اقتحام السجون وأمرت بإعادة المحاكمة. وكانت محكمة للجنايات أصدرت حكمها بإعدام مرسي القيادي في جماعة الإخوان وبديع وعدد آخر من قيادات الجماعة في القضية يوم 16 يونيو حزيران 2015. وحكمت بالسجن المؤبد على عدد آخر. وتتعلق القضية باقتحام عدة سجون وتهريب سجناء إبان الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك عام 2011.
وقال القاضي شعبان الشامي الذي أصدر حكم الجنايات العام الماضي إن جماعة الإخوان وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) التي تدير قطاع غزة وحزب الله اللبناني وجهاديين في شبه جزيرة سيناء المصرية اتفقوا فيما بينهم على اقتحام سجون مصرية لتهريب المنتمين لهم وإشاعة الفوضى في البلاد واستهداف استقلالها. وأدانت المحكمة المتهمين بعدة تهم من بينها خطف وقتل وشروع في قتل ضباط شرطة وحرق ومهاجمة منشآت حكومية وشرطية واقتحام سجون والهروب منها في الأيام الأولى للانتفاضة التي استمرت 18 يوما.
وشملت قائمة المحكوم عليهم عشرات وصفتهم المحكمة بأنهم أعضاء في حماس وحزب الله. وقالت المصادر القضائية إن الحكم الصادر من محكمة النقض -وهي أعلى محكمة مدنية في البلاد- يشمل 27 متهما محبوسين لكنه لا يشمل بقية المحكوم عليهم بالإعدام والسجن نظرا لأن الأحكام الصادرة بحقهم كانت غيابية. وينص القانون المصري على وجوب إعادة محاكمة أي متهم يصدر بحقه حكم غيابي تلقائيا بمجرد تسليمه نفسه أو إلقاء القبض عليه.
وقال عبد المنعم عبد المقصود وهو محام لجماعة الإخوان إن محكمة النقض طبقت صحيح القانون. وأضاف "الحكم كان متوقعا لأنه كان به عوار كثير جدا. نحن في انتظار إعادة المحاكمة." وفي وقت سابق أيدت محكمة النقض حكما أصدرته محكمة للجنايات بحبس مرسي 20 عاما في قضية تتعلق بأحداث عنف اندلعت خلال فترة رئاسته التي استمرت عاما واحدا. وأصبح الحكم نهائيا. ويحاكم مرسي وبديع في عدة قضايا يتصل بعضها بالاحتجاجات العنيفة التي اندلعت عقب إعلان الجيش عزل مرسي في يوليو تموز 2013 إثر احتجاجات حاشدة على حكمه. ويتصل بعضها باتهامات من بينها التخابر مع جهات ودول أجنبية. بحسب رويترز.
وفي أكتوبر تشرين الأول أيضا أيدت محكمة النقض حكما بالسجن المؤبد على بديع في قضية تتعلق باحتجاج عنيف اندلع في محافظة القليوبية التي تجاور القاهرة من الشمال في يوليو تموز 2013. وأصبح هذا أول حكم نهائي بحقه. وأثارت أحكام الإعدام والسجن بحق المئات من أعضاء ومؤيدي جماعة الإخوان المسلمين انتقادات واسعة من حكومات غربية ومنظمات حقوقية دولية لكن محكمة النقض ألغت الكثير من هذه الأحكام وأمرت بإعادة عدة محاكمات.
اضف تعليق