مقتل المتحدث باسم تنظيم داعش الارهابي والقيادي البارز فيه أبو محمد العدناني، الذي أثار ضجة واسعة النطاق في الوسط السياسي والإعلامي، ما يزال محط اهتمام واسع حيث تضاربت تصريحات بين أمريكا وروسيا حول مسؤولية مقتل هذا القيادي المهم، الذي يطلق عليه التنظيم وبحسب بعض المصادر، لقب "المنجنيق"، كونه المصدر الرئيسي لنشر الرسائل الرسمية، فقد اشتهر بتهديداته وتصريحاته التي طالت العديد من دول العالم، والتي من أبرزها "إننا نريد باريس قبل روما، ونريد كابول، وكراتشي، والرياض، وعمّان، وأبو ظبي وغيرها".
وقد أعلنت وزارة الدفاع الروسية في بيان خاص، مسؤوليتها عن مقتل العدناني في غارة جوية في منطقة معراتة أم حوش في محافظة حلب، فيما وصف مسؤول دفاعي أمريكي البيان الروسي بأنه "مثير للضحك"، مؤكدا على ما أعلنته قوات التحالف الدولي ضد "داعش" بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بأن العدناني كان مستهدفا في غارة موجهة قرب مدينة الباب السورية في حلب. و قد أعلن تنظيم داعش في بيان نشره عبر ذراعه الإعلامية وكالة أنباء "أعماق"، مقتل العدناني، جاء في هذا البيان، أنه لاقى مصرعه خلال تفقده العمليات العسكرية في منطقة حلب بسوريا دون الكشف عن سبب مقتله. ويعتبر العدناني من أهم وجوه التنظيم السورية وهو من مؤسسي تنظيم القاعدة في العراق. كان له عدة أدوار عملانية ودعائية، تعدت كونه مجرد ناطق باسم التنظيم، وهو الذي أعلن عن "إقامة الخلافة وكسر حدود سايكس بيكو" بين سوريا والعراق.
ومقتل العدناني كما يرى بعض المراقبين، يعد ضربة قوية وموجعة للتنظيم الذي سيجد صعوبة في ايجاد بديلا مناسب له، نظرا لتمتعه بمزيج من الخبرة العسكرية والقدرة على الخطابة، فقد كان معروفا ومسموع الكلمة بين أنصار التنظيم والمتعاطفين معه.
وعُرف العدناني بدعواته لمؤيدي التنظيم إلى شن هجمات فردية في دول الغرب أو ما تعرف بـ"هجمات الذئاب المنفردة". وولد العدناني، واسمه الأصلي طه صبحي فلاحة في بلدة بنش شمالي سوريا في عام 1977. ويعتقد أن العدناني كان العقل المخطط للهجمات التي شنها التنظيم في أوروبا. وكانت الولايات المتحدة قد رصدت مكافأة 5 ملايين دولار أمريكي مقابل أي معلومات تفضي إلى قتل العدناني أو القبض عليه. وكانت آخر رسالة صوتية بثها العدناني في مايو / أيار الماضي دعا فيها "المسلمون إلى شن هجمات ضد الغرب". ويقول مسؤولون أمريكيون إن العدناني كان من بين الجهاديين الذين عارضوا الوجود الأمريكي في العراق عقب غزوه عام 2003.
جدل وبيانات
وفيما يخص ملف مقتل العدناني فقد رفضت الولايات المتحدة إعلان روسيا بأنها قتلت أبو محمد العدناني، القائد البارز في تنظيم داعش في سوريا، ووصفته بأنه "كذبة" و"مزحة". وكانت روسيا قد قالت إنها قتلت العدناني، خلافا لبيان صادر عن وزارة الدفاع الأمريكية "بنتاغون" جاء فيه أن العدناني قتل في غارة أمريكية. وقال متحدث باسم بنتاغون إن الولايات المتحدة لا تزال تراجع نتائج غارة جوية شنتها على محافظة حلب. وقال مسؤول أمريكي إن غارة جوية أمريكية استهدفت سيارة كان يستقلها أحد قادة التنظيم في حلب. وأضافت أن إبعاده عن ساحة القتال - إن تأكد قتله - سيكون ضربة قاصمة للمسلحين المتشددين.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن غارة شنها الطيران الحربي الروسي في مدينة حلب السورية هي التي قتلت، مقتل المتحدث باسم تنظيم "داعش" والقيادي البارز فيه، أبو محمد العدناني،. وجاء في بيان الوزارة، "في يوم 30 من أغسطس/ آب استهدفت مقاتلة سو-34 روسية تجمعات لمسلحي داعش (40 مسلحا) في منطقة معراتة أم حوش في محافظة حلب، ما أدى إلى مقتلهم. وبموجب المعطيات المؤكدة فإن من بين القتلى القيادي الميداني أبو محمد العدناني، المعروف بأنه متحدث رسمي باسم تنظيم داعش الإرهابي،" حسبما نشرت الوزارة على صفحتها الرسمية على موقع "فيسبوك".
وتعهد التنظيم بالثأر لمقتل العدناني. وقال "نبشر الأنجاس الجبناء في ملة الكفر وحملة لواء الصليب فيها بما يقض مضاجعهم"، مؤكدا أن مقتله سيزيد عناصر التنظيم "عزيمة على الثأر".
وقال العدناني في تسجيل صوتي يعود إلى العام 2014 "ابذل جهدك في قتل أي أميركي أو فرنسي أو أي من حلفائهم، فإن عجزت عن العبوة أو الرصاصة، فاستفرد بالكافر، فارضخ له بحجر، أو انحره بسكين، أو اقذفه من شاهق، أو ادعسه بسيارة، وإن عجزت، فاحرق منزله أو سيارته، أو تجارته، أو مزرعته، فإن عجزت فابصق في وجهه، وإن لم تفعل، فراجع دينك". وتبنى التنظيم منذ ذلك الحين اعتداءات دموية في دول عدة أوقعت مئات القتلى أبرزها في فرنسا وبلجيكا ودول أخرى. بحسب بي بي سي.
وقال الخبير في الشؤون السورية في معهد الشرق الأوسط للدراسات تشارلز ليستر في تغريدة على موقع تويتر أن مقتل العدناني يشكل "ضربة كبيرة لتنظيم داعش. وفي كانون الثاني/يناير 2015، وبعد هجوم ثلاثة جهاديين على مقر صحيفة "شارلي إيبدو" الفرنسية الساخرة في وسط باريس، خلف 12 قتيلا وعشرة جرحى، دعا العدناني المسلمين في أوروبا والغرب إلى شن هجمات جديدة. وقال في تسجيل صوتي "إننا خصوم بين يدي الله لكل مسلم يستطيع أن يريق قطرة دم صليبية واحدة ولا يفعل سواء بعبوة أو طلقة أو سكين أو سيارة أو حجر أو حتى بركلة أو لكمة"، مضيفا "رأيتم ما فعل (...) إخواننا بفرنسا وأستراليا وبلجيكا رحمهم الله جميعا".
معلومات واسلحة
الى جانب ذلك رأى نيك روبرتسون، كبير مراسلي الشؤون الدبلوماسية في CNN، أن الرواية الروسية حول مقتل الناطق باسم تنظيم داعش، أبومحمد العدناني، تفتقد إلى بعض الدقة نظرا لاختلاف أنظمة الأسلحة المسؤولة عن مقتل القيادي المتشدد إلى جانب غياب المعلومات الاستخبارية الروسية الميدانية، مرجحا أن تكون موسكو قد حاولت الاستفادة من إعلان التنظيم لإعلان مسؤوليتها.
وقال روبرتسون، ردا على سؤال حول رأي الجانب الأمريكي بالحديث الروسي عن المسؤولية عن قتل العدناني بغارة جوية: "هذا ما زعمه الروس ولكن الجانب الأمريكي تحدث عن مقتله بأنظمة سلاح مختلفة كليا. الروس حاليا لا يستخدمون الصواريخ الموجهة. هذا هو التقدير الأمني لوزارة الدفاع الأمريكية على الأقل. أما القوات الأمريكية فهي تستخدم هذا النوع من الصواريخ المحمّلة على متن طائراتها العاملة بدون طيار والذي أطلقته خصيصا لاستهداف العدناني."
وتابع روبرتسون بالقول: "قبل أن يرمي المرء قنبلة أو صاروخا من طائرة فعليه أن يعرف الوجهة التي يستهدفها، ويبدو أن الروس ليس لديهم هذا النوع من المعلومات، ناهيك عن أن تكون تلك المعلومات دقيقة لدرجة تحديد مكان العدناني والسيارة التي يستخدمها وموقعها. هذه المعطيات لا يمكن الحصول عليها إلا بعد متابعة طويلة تستمر لسنوات لتحديد الهدف ومعرفة كل ما يحيط به بما يسمح بنجاح ضربة تشنها طائرة بدون طيار، ولذلك فإن المزاعم الروسية ليست سوى محاولة للتشويش."
وحول خطوة التنظيم بإعلان مقتل البغدادي رد روبرتسون بالقول: "علينا ألا ننسى أن داعش كان يدرك بأن مقتل العدناني سيشكل خبرا سيئا للتنظيم وأنصاره ولذلك بادر هو إلى الإعلان عنه قبل أن تتمكن وزارة الدفاع الأمريكية من القيام بذلك وتحويل التنظيم إلى موقع المدافع عن نفسه وهذا الأمر على ما يبدو أثار اهتمام الروس الذين يحاولون الاستفادة من الوضع."
الهدف القادم
على صعيد متصل وكما ذكرت بعض المصادر، توقعت صحيفة التايمز البريطانية ان يكون زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي الهدف القادم بعد مقتل ابو محمد العدناني. واشارت الصحيفة في مقال موسع عن تداعيات مقتل المتحدث باسم تنظيم "داعش" ابو محمد العدناني ، الى نداءات صدرت عبر إلانترنت من التنظيم إلى أنصاره بضرورة الانتقام لمقتل العدناني، وتطالب بتنفيذ عمليات ضد الغربيين ولو بشكل منفرد.
وقالت كاثرين فيليب كاتبة المقال إن "المتعاطفين مع التنظيم وأنصاره استخدموا موقع تويتر للدعوة للانتقام"، مشيرة إلى مقال نشر على موقع النبأ، الذي ينشر مواد دعاية للتنظيم، جاء فيه أن مقتل العدناني وإن كان خسارة للتنظيم، فإنه لن يؤثر فيه". وتوقعت الصحيفة " أن تكون العمليات الأخيرة التي نفذها التنظيم في باريس وبروكسل، ساهمت في اختراقه من قبل أجهزة الأمن الغربية لدرجة لم يعد معها قادرا على حماية القياديين فيه".
وتستند فيليب في هذا الرأي إلى تصريحات لأحد مستشاري الحكومة العراقية هشام الهاشمي، الذي صرح أن "مقتل العدناني في غارة أمريكية يدل دلالة واضحة على أن التنظيم اخترق من الداخل، وأن البغدادي سيكون الهدف القادم، فهو المنصب خليفة بل هو التنظيم نفسه"، حسب تصريحات الهاشمي. واهتمت كاتبة المقال أيضا بتحليل خطاب النعي الذي نشره التنظيم على الانترنت، ووصفته بأنه سابقة من نوعها، إذ وصف التنظيم العدناني بأنه ينحدر من سلالة الرسول محمد، وأنه أحد أبناء قبيلته ومن آل بيته. وتصل الكاتبة في مقالها إلى أن ما ورد في خطاب التأبين يعزز الفكرة القائلة أن العدناني هو القيادي الذي كان سيخلف البغدادي في الخلافة، لو بقي على قيد الحياة.
من هو العدناني
في السياق ذاته يعتبر أبو محمد العدناني من أكثر الشخصيات النافذة في تنظيم داعش، وعلى عكس الكثيرين، لم يكن خفي الوجه، واعتبر مسؤولا على أهم العمليات التي نفذها التنظيم خارج مناطق وجوده في العراق وسوريا لا سيما الهجمات الأخيرة في تركيا وأوروبا. هو طه صبحي فلاحة من بلدة بنش بمحافظة إدلب شمالي سوريا، ولد في عام1977. بايع تنظيم القاعدة قبل أكثر من عشر سنوات، ووفقا لمؤسسة "بروكينغز" فقد سجنته القوات الأمريكية في العراق ما بين 2005 وعام 2010، حيث التقى لأول مرة مع أبو بكر البغدادي في سجن أمريكي بالعراق.
إلتحق بتنظيم القاعدة حينما كان يقوده أبو مصعب الزرقاوي في العراق تحت اسم "دولة العراق الإسلامية". صنفته واشنطن "إرهابيا عالميا" وكان واحدا من أوائل المقاتلين الأجانب الذين حاربوا القوات الأمريكية في العراق بعد غزوه عام 2003، أعلن في فتوى أصدرها في سبتمبر/ أيلول عام 2014 عن تأسيس ما يعرف بالدولة الإسلامية، يعتبر المسؤول الأول عن العمليات الخارجية للتنظيم، وأحد أبرز من أشرفوا على عمليات الدعاية ونشر تسجيلات تحريضية وأخرى بهدف تجنيد المقاتلين، أو التشجيع على شن هجمات.
أصدر العدناني منشورا في مجلة "دابق" التابعة للتنظيم يحمل فتوى وتحريض على قتل الغربيين في البلدان الغربية التي تشارك في قوات التحالف الدولي في العراق وسوريا. كان العدناني من بين عدد قليل ممن بقي على قيد الحياة من الأعضاء المؤسسين لتنظيم الدولة، إلى جانب أبو بكر البغدادي زعيم التنظيم. العدناني هو ثالث شخصية كبيرة في صفوف قيادة التنظيم يقتل هذا العام، بعد مقتل أبو علي الأنباري نائب البغدادي، وأبو عمر الشيشاني، قائد التنظيم العسكري. بحسب بي بي سي.
جرح في غارة جوية في العراق في يناير/ كانون الثاني هذا العام (حسب مصادر رسمية عراقية) في محافظة الأنبار، وانتقل بعدها إلى الموصل. رصدت الولايات المتحدة مكافأة 5 ملايين دولار أمريكي مقابل أي معلومات تفضي إلى قتله أو القبض عليه. أعلن عن مقتل العدناني في غارة جوية في بلدة الباب قرب مدينة حلب السورية في 30 آب/ أغسطس 2016.
اضف تعليق