ظاهرة انضمام النساء الاوروبيات وغيرهن لتنظيم داعش الارهابي، ماتزال محط اهتمام واسع خصوصا وان هذا التنظيم المتطرف، وعلى الرغم من ارتكابه الكثير من الجرائم والممارسات الخطيرة وغير المقبولة قد نجح في اجتذاب النساء ومن مستويات ودول مختلفة، الامر الذي اثار حالة من الرعب في المجتمعات الغربية، خصوصا مع تكرار حالات هروب الفتيات الصغيرات والنساء وانضمامهن إلى تنظيم داعش.
ويرى بعض الخبراء ان انجذاب النساء إلى هذا التنظيم يأتي بسبب ما يطلق عليه عمليات "غسيل مخ" من قبل المتطرفين الذين يستغلون أفكارا خاطئة للترويج لمعتقداتهم الخاطئة. كما ان ظاهرة انضمام النساء إلى داعش وبحسب بعض المصادر، تقف وراءها دوافع اجتماعية وثقافية ودينية فالمرأة التي تعيش حياة متحررة في أوروبا ترى في إغراء داعش فرصة للانتقال إلى مكان أكثر أخلاقا والتزاما حسبما يصورون لها من خلال مواقعهم وعبر أئمتهم وشيوخهم الذين ينتشرون في العديد من المساجد والجمعيات الإسلامية بأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. وهناك ايضا دوافع اقتصادية للانضمام إلى داعش، فالمرأة المقاتلة في التنظيم ستعامل مثل الرجل وتتقاضى أجرا مجزيا عن عملياتها، ثم يأتي بعد ذلك الخداع عن طريق الدين وإيهامهن بأن ما يفعلنه هو حرب مقدسة باسم الإسلام للوقوف أمام تيار الكفر وهي كلها عوامل إغراء خصوصا للفتيات الصغيرات.
بعض علماء الاجتماع اكدوا ايضا ان أسباب انضمام النساء إلى داعش هو اعتقادهن بأن ذلك سيجعلهن محصنات ضد الاعتداءات والعنف، وسيعطيهنّ موقع قوة على سائر النساء، وسيعزز ثقتهن بأنفسهن باعتبارهن مساويات للرجل. فداعش تحاول استغلال الأوضاع الصعبة للنساء في سوريا من أجل خدمة أهدافه. وذكرت باحثة أمريكية متخصصة في شؤون المرأة والعنف الجنسي أن هناك حاجة ملحة لفهم حقيقة دوافع النساء المنضمات لـ "داعش" من أجل القتال في صفوف التنظيم. وقالت نيمي غوريناثان، الأستاذة في كلية "سيتي" بنيويورك وأخصائية شؤون المرأة والعنف الجنسي "في الأصل لم تكن هناك نساء في التنظيم، كما هو الحال في الكثير من التنظيمات المشابهة، ولكنهم أحسوا لاحقا بأهمية وجود نساء في صفوفهم وشكلوا كتيبة نسائية بالكامل وهذه الكتيبة تقوم بالعديد من المهام وبعض النساء يشاركن في القتال على الخطوط الأمامية." وتابعت القول: "الدعوة إلى القتال قادرة على اجتذاب المتطوعات، ففي فرنسا أظهرت الإحصائيات أن 45 في المائة من الذين يخططون للانضمام إلى داعش هن من النساء، كما أن هناك نساء يدرن هذه الكتيبة ويقمن بنشر مواد دعائية تروج لفكر التنظيم."
وحول كيفية انجذاب النساء في الغرب إلى الخطاب الديني لـ"داعش" على الرغم من تعارضه مع حقوق المرأة قالت الباحثة: "المنضمات للتنظيم يدركن أن المعركة لا تتعلق بحقوق المرأة بل بقضية قيام الخلافة، وبالتالي فهن يدخلن من أجل الصراع السياسي، وهذا أمر لا يفهمه الكثيرون، والنساء اللواتي يذهبن إلى "داعش" يبحثن عن أمور بينها الأمان لأنهن يشعرن أن هويتهن مهددة ". ومن الواضح أن استخدام تنظيم داعش لوسائل التواصل الاجتماعي زاد من قدرته على المزيد من الاستقطاب باستعمال دعاية ممنهجة، تساهم بشكل أو بآخر في الإيقاع بالعديد من الفتيات واستدراجهن إلى ميادينه.
فرنسا
وفي هذا الشأن أعلنت مصادر قضائية فرنسية عن اعتقال فتاة تبلغ من العمر 16 عاما إثر إعلانها في محادثات مشفرة عبر تطبيق "تلغرام" عزمها على شن هجوم في فرنسا، ووجهت إليها تهمة التحضير لشن اعتداء إرهابي وأمر بحبسها احتياطيا. وقال مصدر مطلع على سير التحقيق أن الفتاة اعتقلت خلال عملية لمكافحة الإرهاب في مولان (سان إيه مارن) في ضاحية باريس. ووجهت إلى الفتاة تهم "التآمر الإجرامي مع إرهابيين" و"الحض على ارتكاب أعمال إرهابية باستخدام وسيلة تواصل عبر الإنترنت" هي "تلغرام".
وعلى الرغم من صغر سنها، إلا أن الفتاة "المتطرفة للغاية" كانت تدير مجموعة على موقع "تلغرام" حيث عمدت إلى "إعادة نشر العديد من الرسائل الدعائية لتنظيم داعش، وأعادت أيضا نشر دعوات لشن اعتداءات، إضافة إلى إعلانها هي نفسها عزمها على شن اعتداء"، كما أوضح المصدر. والفتاة ليست لها أي سوابق قضائية، وقد وصل إليها المحققون عن طريق تعقب رسالة "مقلقة للغاية" نشرت ضمن هذه المجموعة على موقع تلغرام، بحسب المصدر نفسه.
ودهمت قوات النخبة في الشرطة منزل ذوي الفتاة في مولان وأماكن أخرى في المنطقة نفسها ولكن من دون أن تعثر على أسلحة أو ذخائر. ولا يزال المحققون يعملون على استخراج البيانات من هاتف الفتاة النقال وجهاز الكومبيوتر خاصتها. وتعتبر خدمة "تلغرام" التي أسهها أخوان روسيان في 2013 وسيلة تواصل مفضلة للجهاديين، كونها تتميز بإمكانية تشفير كل المحادثات التي تجري عبرها. بحسب فرانس برس.
وكان المتطرفان اللذان شنا في نهاية تموز/يوليو الفائت هجوما على كنيسة في منطقة النورماندي، ذبحا خلاله الكاهن جاك هاميل (85 عاما) داخل كنيسته أثناء احتفاله بالقداس، تعرفا على بعضهما البعض من خلال "تلغرام". ومنفذا الهجوم عادل كرميش وعبد الملك بوتيجان اللذان قتلتهما الشرطة بعد دقائق على بدء هجومهما كانا يعيشان على بعد 700 كيلومتر الواحد عن الأخر، ولم يتعرفا على بعضهما البعض إلا قبل أيام من تنفيذ اعتدائهما، عن طريق "تلغرام".
هولندا
في السياق ذاته اعلنت السلطات الهولندية انها اعتقلت شابة هولندية عند عودتها الى بلادها بعدما هربت من سوريا مع ولديها، بسبب صلاتها المشبوهة مع تنظيم داعش. وكانت هذه الشابة (20 عاما) التي قالت وسائل الاعلام انها تدعى لاورا هانسن، اعتقلت في مطار شيبول. وغادرت هولندا قبل حوالى سنة مع زوجها. واعلنت النيابة العامة الهولندية انها "فرت من منطقة النزاع في سوريا". وقد وصلت الى مطار شيبول "حيث اعتقلت على الفور لدى وصولها".
واضافت النيابة العامة في بيان انه "يشتبه بانها شاركت في منظمة ارهابية في سوريا و/او في العراق بين الاول من ايلول/سبتمبر 2015 و12 تموز/يوليو 2016". وقد تم الاهتمام بطفليها. ويبحث المدعون الان في ما اذا كان ممكنا توجيه تهم اليها. وظهرت امرأة تحمل الاسم نفسه الشهر الماضي على التلفزيون الكردي وقالت انها هربت من تنظيم داعش. واوضحت الشابة ان زوجها (27 عاما) قال لها في ايلول/سبتمبر الماضي انهم سيذهبون في اجازة. وبدلا من الاجازة، اقتادها بالقوة الى الرقة، معقل تنظيم داعش في شمال سوريا.
وصرحت هانسن لتلفزيون كردستان 24 انها هربت من تنظيم داعش بمساعدة والدها، واستسلمت للبشمركة الكردية بعد اصابة طفليها في قصف على الموصل. واضافت بلغة انكليزية مترددة لدى الحديث عن زوجها خلال مقابلة مع شبكة التلفزيون في اربيل "كنت لا اريد المجيء الى سوريا... ارغمني على ذلك". واوضحت "وضعوني في منزل كان يحرسه رجال. انهم رجال ملتحون ويحملون بنادق". وقالت "كنت طوال الوقت احاول الهرب من هذا الجحيم الذي كنت اعيش فيه". بحسب فرانس برس.
وكان دبلوماسيون على اتصال بالسيدة هانسن وبعائلتها عندما كانت في العراق، كما قالت وزارة الخارجية الهولندية. وقال متحدث باسم الوزارة ان "قنصليتنا العامة في اربيل كانت على اتصال بالسلطات المحلية طوال الوقت، وقدمت مساعدة لعودة لاورا الى هولندا". وقد غادر 250 هولنديا على الاقل بلادهم للانضمام الى المقاتلين في سوريا والعراق، كما قال المنسق الوطني الهولندي للامن ومكافحة الارهاب. وعاد حوالى 40 منهم منذ ذلك الحين، ويسود الاعتقاد ان 42 قتلوا في المعارك.
امريكا
على صعيد متصل أصدر قاض أمريكي حكما بالسجن 12 عاما على امرأة من مسيسبي لتقديمها دعما ماديا لتنظيم داعش بعدما تآمرت هي وزوجها مع عميل سري بمكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.آي) للسفر إلى سوريا ومعاونة الحملة الإعلامية للتنظيم. وكانت جايلين ديلشون يونج (20 عاما) قد اعترفت بالذنب في تهمة واحدة في مارس آذار مثلما فعل شريكها في الاتهام زوجها محمد عودة دخل الله (23 عاما).
وقالت وزارة العدل الأمريكية في بيان إن قاضي محكمة منطقة شمال مسيسبي الجزئية شاريون أيكوك أصدر حكما بالسجن 12 عاما على يونج وبأن تقضي 15 عاما تحت المراقبة بعد خروجها من السجن. ومن المقرر أن يصدر الحكم على دخل الله في 24 أغسطس آب. وقضيتاهما ضمن عشرات القضايا الجناية المرفوعة ضد مواطنين أمريكيين فيما يتعلق بدعمهم لداعش التي تصنفها وزارة الخارجية الأمريكية منظمة إرهابية.
واعتقلت يونج ودخل الله في مطار بمسيسبي في أغسطس آب 2015 خلال محاولتها استقلال رحلة إلى تركيا. وأظهرت وثائق المحكمة أن يونج اعترفت بدورها "كمخططة للرحلة" في خطاب وداع يدينها. ولفتت تغريدات يونج على موقع تويتر بشأن رغبتها في الانضمام إلى تنظيم داعش انتباه مكتب التحقيقات الاتحادي في مايو أيار وبدأ أحد عناصر المكتب في مراسلة الزوجين مدعيا أنه وسيط لتجنيد الراغبين في الانضمام للتنظيم المتشدد.
وتظهر وثائق المحكمة أن يونج ودخل الله أبلغا المجند المزعوم أنهما سيساعدان داعش عن طريق "تصحيح الأكاذيب" بشأنه في وسائل الإعلام الأمريكية مثل تقرير عن اتخاذ الفتيات الصغيرات عبيدات جنس. كما سألا المجند عما إذا كانت داعش ستعلمهما القرآن بالإنجليزية وكيف سيطلب منهما إثبات أنهما مسلمان سنيان وعن نوع التدريب العسكري الذي سيتلقاه دخل الله. بحسب رويترز.
وجاء في سجلات المحكمة أن الزوجين اللذين تزوجا وفقا للشريعة الإسلامية لكن لم يوثقا زواجهما أمام الدوائر الرسمية تحمسا للانضمام إلى الجماعة بعد مشاهدتهما لعمليات إعدام من جانب الدولة الإسلامية لأشخاص اعتبروا أنهم عديمو الأخلاق ولنظرهما للتنظيم على أنه "محرر" لمناطق في سوريا والعراق.
الكويت
الى جانب ذلك ذكرت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) أن السلطات الكويتية اعتقلت فلبينية لاتهامها بمبايعة تنظيم داعش والتخطيط لشن هجوم في البلاد. وقالت وزارة الداخلية في بيان نشرته كونا إن المرأة وهي من مواليد 1984 دخلت الكويت في يونيو حزيران "بتأشيرة دخول عمالة منزلية... ومن خلال تواصلها وتخابرها مع ذلك التنظيم الإرهابي في ليبيا باستخدام اسم وكنية مختلفة في محاولة للإفلات والتملص من رقابة ومتابعة الأجهزة الأمنية." وأضافت الوزارة أنها "تمكنت من رصد أحد الحسابات الإلكترونية تديره المتهمة" وعثرت على رسائل تواصلت من خلالها مع التنظيم المتشدد في ليبيا. بحسب رويترز.
وقالت الوزارة في البيان الذي نشرته كونا إن "المتهمة أقرت واعترفت بعد مواجهتها بالأدلة والبراهين أنها كانت على استعداد للقيام بأي عمل إرهابي بمجرد أن تتاح لها الفرصة لذلك وفور توفر الوسائل اللازمة لاستهداف فئة معينة من فئات المجتمع الكويتي بقصد زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد وإثارة الفتنة." ونشرت الوكالة أيضا صورة لامرأة ترتدي حجابا وعباءة سوداء وقالت إنها المتهمة. وأحبطت الكويت ثلاثة هجمات لداعش منها هجوم على مسجد للشيعة بعد حملات اعتقال للمتشددين.
تونسيات في ليبيا
من جهة اخرى وعندما أصابت ضربة جوية أمريكية صبراتة بغرب ليبيا في 19 فبراير شباط.. سوت مبنى على المشارف الجنوبية للمدينة بالأرض وقتلت عشرات المتشددين وكشفت شبكة من خلايا تنظيم داعش تعمل على مقربة شديدة من الحدود التونسية. لكن هذه الضربة قلبت أيضا حياة ثلاث شابات تونسيات كن متزوجات من متشددين قتلوا في الضربة أو بعدها ومحتجزات الآن مع أطفالهن في سجن في طرابلس.
وتلقي رواياتهن التي جاءت في مقابلة نادرة الضوء على كيفية تمكن تنظيم داعش من العمل بلا منغصات تذكر في صبراتة بينما كان أعضاء الخلية خاصة التونسيين يدبرون لهجمات في بلدهم. وقالت رحمة الشيخاوي زوجة نور الدين شوشان وهو قائد بارز يقول مسؤولون إنه لقي حتفه في تلك الضربة "كنا نعيش عيشة طبيعية في المدينة وكان الجيران يعرفوننا. كنا حتى نذهب للسوق ولصالونات التجميل." أضافت رحمة البالغة من العمر 17 عاما أن بعض المتشددين بقوا في صبراتة استعدادا للانتقال إلى سرت أو إلى سوريا لكن معظمهم كان يخطط لعمليات في تونس. وقالت "كانوا يشترون السلاح أمام أعين جيراننا."
وينفي المسؤولون المحليون في صبراتة منذ فترة طويلة وجود داعش في المدينة أو كانوا يقللون من شأن ذلك ويتعذر التأكد من تلك الروايات. لكن المسؤولين الأمريكيين والتونسيين يقولون إن شوشان لعب دورا مهما في الإعداد لهجومين كبيرين استهدفا سياحا في تونس العام الماضي.. أولهما على متحف في العاصمة والثاني على شاطئ في منتجع سوسة ثم أصبح بعدهما ضمن قائمة المطلوبين. وقالت رحمة إن في صبراتة "لم تجئ السلطات أبدا للبحث عنا رغم أن الكل كان يعرف مكاننا... لم يتغير الأمر إلا بعد الضربة."
وبدأت داعش تتوسع وتدخل ليبيا في أواخر 2014 عندما عاد مقاتلون من كتيبة البتار التي يهيمن عليها الليبيون إلى مدينة درنة بشرق البلاد. وخلال العام التالي انضمت المجموعة إلى حملة عسكرية في بنغازي وسيطرت تماما على سرت ونفذت هجمات في طرابلس بعد أن اندمجت مع مقاتلين محليين من جماعة أنصار الشريعة المرتبطة بتنظيم القاعدة وجندت مقاتلين منها من سكان المنطقة.
إلا أن داعش أخفقت في تحقيق ذلك التقدم السريع الذي حققته في سوريا والعراق نظرا لما لاقته من عناء في جمع إيرادات أو الفوز بتأييد واسع في المجتمع الليبي الممزق. ويقول سكان ومسؤولون إن التنظيم بات يستقطب مقاتلين أجانب بشكل متزايد خاصة من تونس. وفي سرت أقام التنظيم دويلة تتبع نهجا كالذي أرساه في العراق وسوريا حيث فرض ضرائب على السكان وطبق قواعد صارمة فيما يتعلق بالملبس والتعليم ونفذ عقوبات علنية بما فيها عقوبة الإعدام. ثم فقد بعد ذلك أجزاء من المدينة سيطرت عليها قوات موالية للحكومة.
لكن في صبراتة حيث يشيع وجود التونسيين كان الهيكل أكثر تراخيا حسب رواية السجينات. قالت رحمة الشيخاوي "لم يكن هناك قائد في صبراتة. كل واحد كان يتولى أمره" لكنها أضافت أن التركيز الرئيسي كان ينصب على التوغل إلى داخل تونس. أما غفران أخت رحمة والتي كانت متزوجة أيضا من عضو في داعش فقالت إن مقاتلي التنظيم في صبراتة كانوا منقسمين إلى خلايا مستعدة لتحدي الهيكل الإداري للتنظيم.
وقالت غفران البالغة من العمر 18 عاما "كل مجموعة لها أمير يعمل وفق استراتيجيته الخاصة. البعض كان يصنع جوازات سفر لسوريا والبعض كان يتولى أمر تونس وآخرون مختصون بأمر ليبيا." وأضافت "كانوا يطلبون دائما توجيهات من الأمير في سوريا وكان يطلب منهم إطاعة الأمير في سرت لكنهم كانوا يرفضون ويتخذون القرارات بأنفسهم."
لكن أفراد الكتائب الليبية المحلية الذين يطلق عليهم "الثوار" لدورهم في انتفاضة 2011 التي أطاحت بمعمر القذافي لم يتحركوا ضد مقاتلي داعش إلا بعد الضربة الجوية في فبراير شباط. فمع تحليق الطائرات فوق المدينة بدأ السكان يتعقبون مقاتلي التنظيم لأنهم كانوا يخشون مزيدا من الضربات حسبما قالت وحيدة بن مختار الرابحي.. السجينة التونسية الثالثة. وفرت وحيدة بابنها البالغ من العمر عامان وغفران وطفلتها ذات الخمسة أشهر جنوبا باتجاه الصحراء بصحبة زوجيهما. بحسب رويترز.
وقالت وحيدة إنهم ظلوا بلا طعام ليوم كامل بينما كانوا يحاولون الترتيب للذهاب إلى بلدة الزاوية القريبة. وأضافت "الاشتباكات بدأت وأصيب ابني براء برصاصات في بطنه وظهره. في تلك اللحظة بدأ زوجي يصيح: معنا نساء وأطفال. لكن الثوار لم يتوقفوا لأنهم كانوا يعرفون أننا من داعش وأننا قد نفجر أنفسنا." وتابعت قائلة إن الكتائب المحلية فتشتها وضربتها ثم سلمتها إلى قوة الردع الخاصة في طرابلس التي أخذتها للتعرف على جثة زوجها. وعولج ابنها في مستشفى محلي قبل نقلهما إلى السجن في العاصمة حيث يوجد أيضا عشرات المشتبه بانتمائهم للتنظيم. ورغم ضبابية المستقبل في ليبيا لا ترغب السجينات في العودة لتونس حيث عانين الفقر والاضطهاد بسبب نهجهن الإسلامي. وقالت وحيدة "أريد أن أكون سعيدة مع ابني. أريد أن أعود لحياتي... لا أريد لابني أن يكبر في السجن."
الانتقام من داعش
في السياق ذاته وعندما اجتاح تنظيم داعش الارهابي بلدة سنجار في شمال العراق في عام 2014 حملت بضع شابات يزيديات السلاح ضد المتشددين الذين هاجموا النساء والفتيات من طائفتهن. وقالت أسيمة ضاهر عند نقطة تفتيش قرب خط للجبهة شمالي الموصل "أخذوا ثمانية من جيراني ورأيتهم يقتلون الأطفال." وتنتمي الفتاة التي ترتدي زيا عسكريا وتبلغ من العمر 21 عاما حاليا إلى وحدة نسائية في قوات البشمركة الكردية التي لعبت دورا مهما في دحر التنظيم في شمال العراق.
وسلط قتل واستعباد الآلاف من أبناء الأقلية اليزيدية بالعراق انتباه المجتمع الدولي على حملة التنظيم العنيفة لفرض فكره المتطرف ودفع واشنطن لشن حملة جوية. وكانت أيضا حافزا لتشكيل هذه الوحدة النسائية المؤلفة من 30 امرأة من اليزيديات والكرديات من سوريا والعراق. ولا يهمهن سوى شيء واحد فقط: الانتقام للنساء اللاتي اغتصبن وضربن وأعدمن على يد المتشددين. وقالت ضاهر إنها ذهلت من وحشية المتشددين الذين كان بعضهم جيران وآخرون من خارج المنطقة. وأضافت "قتلوا عمي وأخذوا زوجة ابن عمي التي كانت تزوجت قبل ثمانية أيام من ذلك فقط." ولا تزال العروس محتجزة لدى المتشددين مثلها في ذلك مثل آلاف اليزيديات الأخريات.
وقالت ضاهر إنها قتلت اثنين من مقاتلي داعش قبل إصابتها في الساق خلال المعارك التي اندلعت في سنجار في 2014. وعلقت صور مهترئة لأطفال وأسر على حافة مرايا أو على الحوائط في الثكنات التي تقيم بها النسوة فيما يذكر بما ضحين من أجله للانضمام إلى القتال.
وفقدت حسيبة نوزاد قائدة الوحدة البالغة من العمر 24 عاما زوجها. كانت نوزاد تعيش مع زوجها في تركيا عندما اجتاحت التنظيم شمال العراق. وقالت نوزاد "رأيتهم يغتصبون أخواتي الكرديات ولم يكن بوسعي قبول هذا الظلم." وكان زوجها يريد أن يدفع لمهربي البشر أموالا لنقلهما إلى أوروبا ضمن أكثر من مليون آخرين فروا من الصراع بالمنطقة. لكنها أصرت على العودة للوطن لقتال المتشددين. وقالت "نحيت حياتي الشخصية جانبا وجئت للدفاع مع الأخوات والأمهات الكرديات والتصدي للعدو." وفقدت الاتصال مع زوجها منذ أن وصل إلى ألمانيا. بحسب رويترز.
وفي مجتمع محافظ من المتوقع فيه دوما أن تبقى النساء في البيت تقول هؤلاء النسوة إن الجنس لا يمنعهن من خوض المعركة. وقالت نوزاد "إذا كان بوسع الرجل حمل السلاح .. فبوسع المرأة فعل نفس الشيء." وأضافت "يتحمس الرجال للقتال بقوة أشد عندما يرون النساء يقفن معهم في نفس ساحة المعركة." وتابعت تقول إن النساء في الوحدة مقتنعات بأن متشددي داعش يخشون من المقاتلات النساء "لأنهم يعتقدون أنهم إذا قتلوا على يد امرأة فلن يدخلوا الجنة." وقالت "هذه القصة تشجع المزيد من النساء على الانضمام للقتال".
اضف تعليق