q

تعيش الكثير من الدول الغربية حالة من الخوف والقلق الشديد، بسبب تنامي خطر الإسلاميين المتطرفين في تلك الدول، وخصوصا في دول الاتحاد الأوربي التي شهدت العديد من الهجمات والاعتداءات المسلحة، كان آخرها الهجمات التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس وما أعقبها من إجراءات واتفاقات أمنية، في سبيل مواجهة الإرهاب والتطرف على أرضيها كما يقول بعض الخبراء، ويقاتل آلاف الأوروبيين في صفوف تنظيمات متطرفة عدة، على رأسها تنظيم "داعش"، الذي يستقطب مزيدًا من المقاتلين الغربيين وقد حذرت العديد من الجهات والمؤسسات من الخطر الذي يشكله مواطنون أوروبيون عائدون من القتال في سوريا والعراق على دولهم. وحث تنظيم ما يسمى الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة في مناسبات عدة مناصريهما في الدول الغربية على شن هجمات في الدول التي يقيمون فيها.

وبحسب بعض المراقبين فان الدول الغربية تجني اليوم ثمار سياستها الفاشلة وتميزها بين المواطنين والمقيمين على أرضها، وهو ما استفادت منه التنظيمات الإرهابية بشكل جيد خصوصا وإنها قد سعت الى استخدام الانترنت في كسب واستقطاب عناصر جديدة، يضاف الى ذلك إن بعض تلك الدول قد سعت الى احتضان ودعم الجماعات الجهادية والإرهابية في سبيل تحقق طموحات ومصالح الخاصة وضرب جهات وأطراف أخرى، هو ما انعكس سلباً على أمنها الداخلي خصوصا بعد بروز أجيال جديدة من المتطرفين يصعب السيطرة عليه.

5000 مقاتل أوربي

وفي هذا الشأن فقد قال رئيس جهاز الشرطة الأوروبية (يوروبول) روب وينرايت إن نحو 5000 من مواطني الاتحاد الأوروبي انضموا إلى صفوف الحركات الجهادية. وقال أمام لجنة الشؤون الداخلية في مجلس العموم البريطاني ردا على سؤال حول عدد المقاتلين الأجانب الذي غادروا أوروبا للالتحاق بالجهاديين "نحن نتحدث عن نحو 3000 إلى 5000 مواطن من الاتحاد الأوروبي". وأضاف "نحن نتعامل مع مجموعة كبيرة من الأشخاص معظمهم من الشباب يمكن أن يعودوا (إلى البلاد) وتكون لديهم النية أو القدرة على شن هجمات كالتي شهدناها في باريس.

وأكد وينرايت كذلك على ضرورة مراقبة أكبر لاستخدام المجموعات الجهادية لشبكات التواصل الاجتماعي. وقال "يجب أن تكون هناك علاقة أوثق وأفضل بين أجهزة تطبيق القانون وشركات التكنولوجيا". وأضاف إن "أحد التطورات المهمة التي نشهدها الآن في التهديد الإرهابي الحالي هي الطريقة التي يتم فيها استخدام الإنترنت، حيث من الواضح أن هذه الشبكات تستخدمها بشكل أكثر قوة وخيالا". بحسب فرانس برس.

من جانب اخر حث القيادي في تنظيم القاعدة في اليمن ناصر بن علي الآنسي المسلمين على شن هجمات فردية في الدول الغربية بعد إعلان هذا التنظيم مسؤوليته عن هجمات باريس الأخيرة.

اكبر التهديدات

في السياق ذاته قال جهاز المخابرات الدنمركي (بي.إي.تي) إن الدنمرك تواجه تهديدا "كبيرا" من مواطنيها المسلمين المتطرفين العائدين من سوريا والعراق اللتين سافر إليهما 110 دنماركي للقتال مع جماعات جهادية مثل الدولة الإسلامية. وقال إن 16 شخصا على الأقل ممن ذهبوا إلى سوريا والعراق من الدنمرك قتلوا في المعارك وإن نحو نصف عدد من سافروا إلى هناك عادوا إلى البلاد.

والدنمرك واحدة من دول أوروبية غربية تكافح لوقف انتشار التطرف بين شبانها المسلمين ومنعهم من أن يتحولوا إلى جهاديين في سوريا أو العراق خشية أن يشنوا هجمات في الداخل بعد عودتهم. وبالاضافة الى ذلك أرسلت الدنمرك سبع مقاتلات من طراز إف-16 الى العراق في اطار تحالف تقوده الولايات المتحدة الان وينفذ ضربات جوية ضد تنظيم الدول الاسلامية مما أثار مخاوف من مواجهة أعمال انتقامية في الداخل. بحسب رويترز.

وقال جهاز المخابرات الدنمركي إن "تقييم (الوكالة) هو أن عدد الافراد الذين يسافرون من الدنمرك الى منطقة الصراع يصل الى 110 على الاقل لكن العدد ربما يكون أكبر" مضيفا ان عددا صغيرا من النساء سافرن الى هناك أيضا.

ضغط الرفاق والدعاية الإعلامية

من جانب اخر توصل خبراء بريطانيون إلى أن التأثير الذي يمارسه المقاتلون المتطرفون في سوريا والعراق على أندادهم ورفاقهم أكثر فعالية من الدعاية الإعلامية التي يقوم بها تنظيم الدولة الإسلامية في اجتذاب المجندين الجدد في أوروبا. وذكر المركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي في دراسة أن الصداقة والصلات الأسرية أمران أساسيان في تجنيد المقاتلين اليافعين لا التسجيلات المصورة لتنظيم الدولة الإسلامية ورسائل الإنترنت.

وقال بيتر نيومان مدير المركز "عندما تبحث في ما جعلهم يذهبون حقا.. (ستجد) أن أحد الأسباب هو الغضب. لكن الأصدقاء هم حقا من يدفعونك لاتخاذ قرار حزم حقائبك والسفر لا أي تسجيل مصور على الإنترنت." وفي بحث منفصل قدمه كمال ديب بوي وهو طبيب متخصص في التفاعل بين الثقافة والصحة النفسية من جامعة كوين ماري في لندن إن المسلمين الأكثر عرضة للتطرف في بريطانيا سيكونون على الأرجح يافعين مكتئبين ومعزولين اجتماعيا نسبيا لكن ليسوا وحيدين بالضرورة.

وقال نيومان إن المقاتلين الأجانب يستخدمون الضغط الذي يمارسه الأنداد أو الرفاق ليحثوا غير القادرين على التوجه إلى سوريا على شن هجمات في الوطن. وأشار إلى وجود افتراض خاطئ بأن الدعاية الإعلامية على الإنترنت هي ذات التأثير الأكبر. وحلل المركز الذي جمع بيانات عن 700 مقاتل أوروبي في العامين الأخيرين شخصيات عشرة مقاتلين بريطانيين وأعادوا بناء المسار الذي مشوا عليه باتجاه التطرف مستخدمين المعلومات المفصلة التي عثروا عليها في تاريخ استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي.

ووجدت الدراسة أن الصداقات المتينة والشعور بالواجب كانا السببين الطاغيين لانضمام المقاتلين إلى صراع أجنبي وهي توضح لماذا كان المجندون الأوروبيون يبدون وكأنهم قادمون في مجموعات. وقال نيومان إن استخدام المقاتلين في سوريا لوسائل التواصل الاجتماعي أظهر أيضا أن الاشخاص الأكثر تأثيرا ليسوا المسؤولين الكبار في تنظيم الدولة الإسلامية بل "المشجعين" للقضية وهم في الغالب لا يقطنون في العراق أو سوريا. وأشار نيومان إلى أن الصوتين الإسلاميين المتشددين الأكثر بروزا في هذا المجال كانا الأمريكي أبو موسى جبريل وموسى سيرانتينو الذي يقيم في أستراليا.

حملة اعتقالات مستمرة

من جانب اخر ذكرت صحيفة لا تريبون الصادرة في جنيف ان تونسيا في الخامسة والثلاثين من عمره من التيار الاسلامي المتشدد وتعتبره اجهزة الاستخبارات السويسرية "خطرا على الامن الداخلي"، ينتظر ترحيله. واضافت ان الرجل الذي اعتقل خلال التدقيق في بطاقات القطار في مدينة فريبور، ويقيم في جنيف، موجود في الوقت الراهن في سجن شان-دولون تمهيدا لإعادته الى تونس "وسط تدابير امنية مشددة".

وذكرت السلطة القضائية في جنيف ان "المحكمة اكدت الامر بالاعتقال الاداري ضد المذكور"، لكنها لم تقدم تفاصيل عن القضية، كما اوضحت الصحيفة السويسرية. واوصت المحكمة الادارية للدرجة الاولى في جنيف التي استمعت في 12 كانون الثاني/يناير الى هذا التونسي، بعدم تجديد اقامته لان "لديه اتصالات بتونسي محكوم عليه في الخارج بتهمة اقامة علاقات بالارهاب الدولي". واعلنت محكمة جنيف ان المشتبه به اعترف ايضا ب "سلطة زعيم الدولة الاسلامية ابو بكر البغدادي".

واعتبر المكتب الفدرالي للهجرة الذي اخذ علما بتحذير اجهزة الاستخبارات، في اواخر تشرين الثاني/نوفمبر ان "المصلحة العامة لسويسرا تقضي على سبيل الوقاية ايضا بالإسراع في ابعاد" هذا التونسي من الاراضي السويسرية. واضافت ان "الغاية من اقامته في سويسرا قد حققت هدفها". وقد وصل هذا التونسي الى سويسرا في 2006 للدراسة وتسجل في جامعة جنيف ثم في جامعة نوشاتل.

على صعيد متصل اعتقل خمسة روس من الشيشان في جنوب فرنسا للاشتباه بانهم كانوا يعدون لتنفيذ هجوم في فرنسا، بحسب ما افاد مدعون محليون. واعتقل الخمسة في بلدة بيزييه قرب ساحل المتوسط على بعد نحو 70 كلم عن مونبيلييه. واكدت النيابة دون مزيد من التفاصيل مصادرة بعض "المواد" اثناء عملية التفتيش. واضافت ان احد المعتقلين كان يعيش في بلدة بيزييه بينما كان يعيش اخر "على الارجح" في مونبيلييه، ولا يزال يجري التحقيق في اماكن اقامة المعتقلين الباقين. واعلنت فرنسا حالة التأهب القصوى بعد هجمات جهاديين ادت الى مقتل 17 شخصا. وشهدت الشيشان المضطربة التي يدين سكانها بالإسلام، تظاهرات حاشدة منددة برسوم الكاريكاتور للنبي محمد التي نشرتها صحيفة شارلي ايبدو الفرنسية الساخرة.

من جانبها قضت محكمة هولندية بسجن شاب ثلاثة أعوام بتهمة القتل العمد والإعداد لهجوم إرهابي بعد القتال مع متشددين إسلاميين في سوريا ودعوة آخرين للانضمام للقتال. وقال المحكمة في لاهاي إن الرجل الذي قالت إن اسمه ماهر شارك في صراع مسلح في سوريا في 2013 و2014 وبعد عودته إلى هولندا كان يوزع مواد لتحريض آخرين على ارتكاب جرائم مماثلة.

وتشعر حكومات أوروبية بالقلق من أن آلافا من المتطوعين الغربيين الذين يسافرون إلى سوريا والعراق للانضمام إلى الجماعات المتشددة قد يعودون وينفذون هجمات في مواطنهم. وأفاد ماهر بأنه سافر ليقوم بعمل إنساني لكن القضاة انحازوا إلى المدعين الذين عرضوا صورا له وهو يرتدي الزي العسكري المموه ويحمل بندقية كلاشنيكوف. وأصدرت المحكمة بيانا جاء فيه "وجدته المحكمة مذنبا بتهمة القتل العمد والإعداد لهجوم إرهابي." وبرأت زوجته من تهمة تجنيد متشددين وحكم على متهم آخر بمئتي ساعة من العمل المجتمعي.

مقرب من الشقيقين كواشي

في السياق ذاته قررت السلطات البلغارية ترحيل مواطن فرنسي اعترف بأنه "صديق قديم" للأخوين كواشي اللذين هاجما صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية الساخرة. يأتي هذا الإجراء بعد إصدار فرنسا مذكرة اعتقال بحقه، وأبدى المتهم ترحيبه بالقرار مؤكدا أنه بريء ولا يخشى الإدانة. واعتقل فرتز-جولي يواكين (29 عاما) الذي اعتنق الإسلام، في الأول من كانون الثاني/يناير أثناء محاولته العبور من بلغاريا إلى تركيا. وقال أمام المحكمة في هاسكوفو جنوب بلغاريا "أنا بريء. أريد أن أعود إلى فرنسا".

واعترف يواكين، وهو من هاييتي أصلا، أنه "صديق قديم" للأخوين كواشي اللذين هاجما الصحيفة الفرنسية. وقال إنه كان يشاركهما لعب كرة القدم وكانت له بهما "علاقة عمل" تتعلق ببيع الملابس، إلا أنه نفى معرفته بنيتهما شن الهجوم. وبحسب مذكرة الاعتقال التي أصدرتها السلطات الفرنسية، فقد سافر يواكين بالحافلة مع ثلاثة أشخاص آخرين كانوا على معرفة بالأخوين كواشي عند اعتقاله. وسمح لهم بمواصلة السفر إلى تركيا.

واعتقل أحدهم وهو شيخو دياخابي في تركيا في الثاني من كانون الثاني/يناير بموجب مذكرة اعتقال فرنسية وسيتم ترحيله إلى فرنسا. واعتقل دياخابي بينما كان يقاتل ضد القوات الأمريكية في العراق في 2004 وأمضى سبع سنوات في السجن هناك قبل ترحيله إلى فرنسا في 2011. بحسب فرانس برس.

وقال القاضي ستراتمير ديمتروف للمحكمة في بلغاريا إن يواكين "سيبقى قيد الاعتقال حتى تسليمه إلى السلطات الفرنسية" وأن "الحكم نهائي". وصرح محاميه رادي راديف للصحافيين أنه يتوقع ترحيل موكله دون أي تأخير. واقتاد العديد من رجال الشرطة يواكين إلى المحكمة وهو موثق اليدين. وصرح بعد الجلسة "نعم أنا سعيد لأنني سأعود إلى فرنسا". ولدى سؤاله ما إذا كان خائفا من إدانته، قال "لا".

إغلاق مسجد في المانيا

على صعيد متصل أعلن مسؤول في السلطات المحلية ان الشرطة الالمانية اغلقت مسجدا في مدينة بريمن في شمال البلاد للاشتباه بتقديم المسؤولين عنه الدعم لتنظيم الدولة الاسلامية. كما اعلن وزير الداخلية في بريمن اولريخ مورير حظر نشاط جمعية الثقافة والعائلات السلفية المتهم بالدعاية لتنظيم الدولة الاسلامية وتمت مداهمة مقرها و17 شقة اخرى. وقال مورير في بيان "ما من تساهل ابدا" في مواجهة هذه الجمعيات "وسنستخدم كل الوسائل القانونية لحظر مثل هذه الجمعيات من اجل تجنب وقوع اعتداءات في المانيا والتوجه الى مناطق القتال".

من جهتها، اوردت دير شبيغل في موقعها على الانترنت ان الخطب التي كانت تلقى في المسجد كانت تتضمن تمجيدا للجهاديين في العراق وسوريا. واضاف بيان الداخلية ان كانت يتم عبر المسجد تجنيد الاشخاص لارسالهم للقتال الى جانب تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا. واكد بيان وزارة الداخلية في المدينة القريبة من بحر الشمال التعرف على 15 شخصا من بريمن توجهوا للقتال في سوريا حتى الان، جميعهم من اعضاء جمعية الثقافة والعائلات السلفية او مقربين منها. بحسب فرانس برس.

وحسب مدير اجهزة الاستخبارات الداخلية الالمانية فان ما لا يقل عن 60 مواطنا المانيا قتلوا في سوريا والعراق وهم يقاتلون في صفوف تنظيم الدولة الاسلامية. كما اعلن وزير الداخلية توماس دي ميزيير ان نحو 550 المانيا انضموا الى صفوف هذا التنظيم في العراق وسوريا. وتحظر المانيا منذ ايلول/سبتمبر الماضي اي نشاط يتضمن دعما او دعاية للمنظمات الجهادية.

أسلحة وخط ساخن

من جانب آخر ذكرت صحف بلجيكية ان الاسلامي الفرنسي احمدي كوليبالي اشترى معظم الاسلحة التي استخدمت في الهجمات التي وقعت باريس من بلجيكا. وقالت صحيفة "هيت لاتستي نيو" التي تصدر باللغة الفلمنكية ان بندقية الكلاشنيكوف وقاذفات الصواريخ التي استخدمها الشقيقان سعيد وشريف كواشي في الهجوم على صحيفة شارلي ايبدو اشتراها كوليبالي من مكان قريب من محطة قطار غار دو ميدي باقل من 5 الاف يورو (حوالى 6 الاف دولار).

كما ان كوليبالي اشترى البندقية سكوربيو التي استخدمها في الهجوم على متجر يهودي في باريس من بروكسل، بحسب ما نقلت الصحيفة عن "مصادر موثوقة". ورفض الادعاء البلجيكي التعليق على ما جاء في الصحيفة. من ناحية اخرى سلم تاجر اسلحة معروف في شارلروا، جنوب بروكسل، نفسه للشرطة وقال انه كان على اتصال مع كوليبالي في الاشهر الاخيرة، بحسب وكالة بلجا للانباء. وقال ان كوليبالي اراد شراء سيارة. واضاف انه خدع كوليبالي في ذلك الوقت، الا انه توجه الى الشرطة بعد الهجمات لأنه كان خائفا، بحسب الوكالة.

وخلال تفتيش منزله عثرت الشرطة على وثائق تدل على ان كوليبالي اراد شراء اسلحة وذخيرة من بينها بندقية توكاريف من النوع الذي استخدمه كوليبالي في الهجوم على متجر الاطعمة اليهودي. وقالت الوكالة ان تاجر الاسلحة محتجز حاليا لدى الشرطة. وذكرت صحيفة "دي ستاندارد" الصادرة باللغة الفلمنكية ان المعلومات عن ان كوليبالي اشترى الاسلحة من بلجيكا "ليست سوى نظرية" في الوقت الحالي. بحسب فرانس برس.

اضف تعليق