هجوم نيس الارهابي الذي اسفر عن مقتل واصابة العشرات ما يزال محط اهتمام واسع، خصوصا وان هذا الهجوم قد نفذ بطريقة مختلفة، من خلال قيام شخص تونسي يقود شاحنة باختراق احتفال كبير في مدينة نيس جنوب فرنسا، الامر الذي تسبب في مقتل 84 شخص بينهم
أطفال ونساء و اصابة العشرات منهم 18 في حالة خطرة، هذا الهجوم الذي جاء بعد سلسلة من الهجمات الدموية، التي نفذت في العديد من الدول الاوربية وكما يرى بعض الخبراء، هو رسالة جديدة إلى كل الحكومات والاجهزة الامنية مفادها أن من شبه المستحيل منع الهجمات الفردية او السيطرة عليها خصوصا وانها نفذت بأسلوب عمل مختلف ومن قبل شخص غير معروف لدى أجهزة مكافحة الإرهاب. وقال ألان ميندوزا المدير التنفيذي لجمعية هنري جاكسون وهي مؤسسة بحثية محافظة إن هجوم نيس يظهر تطور أساليب الإرهابيين في محاكاة للأساليب التي تستخدم ضد الإسرائيليين.
والهجوم المباغت في الشاحنة الذي استهدف حشدا من المحتفلين بالعيد الوطني الفرنسي (يوم الباستيل) في شارع بروميناد ديز أنغليه، طغت عليه وفقا لصحيفة لو باريسيان الفرنسية بصمات داعش، وتشير الصحيفة أن هجوم نيس هو تطبيق لاستراتيجية “أبو محمد العدناني”، المعروف لدى أجهزة الاستخبارات الغربية بـ(وزير الهجمات) لدى تنظيم داعش، حيث أوصى عناصر وانصار التنظيم منذ عام 2014 بتنفيذ هجمات إرهابية بجميع الوسائل المتاحة.
ونقلت صحيفة لو باريسيان وصية العدناني لأنصار التنظيم بقوله: إذا لم تنجح في إلقاء قنبلة، أو فشلت في فتح النار على مشرك من الفرنسيين أو الأمريكيين، يمكنك طعنه بسكين أو ضربه بالحجر أو دهسه بسيارة . وكان تنظيم داعش قد نشر هذا المقطع الصوتي لأبي محمد العدناني عبر قناة الفرقان إحدى الماكينات الإعلامية لداعش. وفي الوقت الذي لم تتبن أي جهة حتى الآن هجوم نيس الدامي، إلا أن أصابع الاتهام تشير إلى تنظيم داعش الذي سبق وأن نفذ مجزرة باريس العام الماضي التي أوقعت 130 قتيلا ومئات الجرحى.
اعتداء مروع
وفي هذا الشأن شهدت فرنسا اعتداء مروعا في يوم عيدها الوطني في 14 تموز/يوليو، اذ انقض مهاجم من اصل تونسي بشاحنته على الحشود المتجمعة لمشاهدة عرض الالعاب النارية التقليدي بهذه المناسبة في نيس جنوب شرق البلاد فقتل 84 منهم على الاقل. واثار هذا الاعتداء الجديد الذي لم تعلن اي جهة مسؤوليتها عنه حتى الان، موجة من الانتقادات لمدى كفاءة عملية مكافحة الارهاب.
واعلن النائب العام في باريس فرنسوا مولان ان منفذ اعتداء نيس التونسي محمد لحويج بوهلال "مجهول تماما لدى اجهزة الاستخبارات" الفرنسية لكن ما قام به ينسجم مع دعوات الجهاديين الى القتل. واوضح مولان ان لحويج بوهلال (31 عاما) "لم يكن له اي ملف، مع عدم وجود اي مؤشر الى اعتناقه التطرف"، لكنه اشار الى ان الاعتداء ينسجم "تماما مع الدعوات الدائمة للقتل التي يطلقها الجهاديون".
واوضحت السلطات ان لحويج بوهلال المولود في احدى ضواحي سوسة ويعيش في نيس، هو السائق الذي دهس بشاحنته عائلات وسياحا متجمعين عند كورنيش "برومناد ديزانغليه" الشهير المحاذي للبحر المتوسط على الكوت دازور. وفي نهاية الامر قتل سائق الشاحنة برصاص قوات الامن بعدما باشر باطلاق عيارات نارية في اتجاههم، بحسب ما افادت مصادر متطابقة. والقي القبض على زوجته السابقة واودعت السجن.
وقتل في الاعتداء طفلان على الاقل، فيما نقل خمسون شخصا الى المستشفيات. ومن بين الاجانب القتلى هناك ثلاثة ألمان وأميركيان، واوكراني، وسويسرية وروسي وارمينية. ولا يزال عدد الضحايا مرشحا للارتفاع، اذ اعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ان هناك نحو خمسين شخصا "بين الحياة والموت" نتيجة الاعتداء، مشددا على "اننا لم ننته من الارهاب بعد". وفي وقت شهدت فرنسا الاعتداء الثالث في 18 شهرا وتتكثف الاعتداءات الارهابية في العالم، دعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الى تعزيز الجهود "من اجل مكافحة الارهاب".
واذ التزم مجلس الامن الدولي دقيقة صمت حدادا على ضحايا اعتداء نيس، توجه وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والاميركي جون كيري الى السفارة الفرنسية في موسكو من اجل وضع الزهور تكريما للضحايا. وفيما كان عرض الالعاب النارية التقليدي احتفالا بالعيد الوطني يشارف على نهايته نحو الساعة 21,00 ت غ، انقضت شاحنة بيضاء تزن 19 طنا باقصى سرعة على حشد من 30 الف شخص بينهم كثير من الاجانب، فدهست كل من كان في طريقها على مسافة نحو كيلومترين.
وروى الصحافي روبرت هولواي الذي كان في المكان ان الاحتفالات تحولت الى مشاهد رعب وقال "كانت فوضى عارمة (...) وكان بعض الناس يصرخون". واضاف "رأيت اشخاصا مصابين وحطاما يتطاير في كل مكان" وقال انه ادرك بسرعة ان "شاحنة بهذا الحجم تسير بهذا الخط المستقيم" لا يمكن الا ان تكون تنفذ "عملا متعمدا". وتحدث طروبي وحيد موستا الذي كان لا يزال تحت الصدمة عن "ساحة حرب" وذلك في شريط فيديو تمت مشاهدته 9 الاف مرة عبر فيسبوك. وقال هذا الشاهد الذي نشر صورة دمية وعربة اطفال متروكة "كدت امشي على جثة، كان ذلك رهيبا".
وقالت الاسترالية اميلي واتكنز التي كانت على بعد عشرات الامتار من الشاحنة لحظة الاعتداء للتلفزيون الاسترالي "ساد الارتباك والفوضى. لا اذكر اني رأيت الشاحنة آتية". واضافت "سمعنا صراخا من حيث كانت الشاحنة. رأينا الناس يجرون باتجاهنا وبدون ان نعرف ما يجري استدرنا وبدأنا نجري مثلهم. اثناء ابتعادنا سمعنا طلقات وظننت انها فرقعة العاب نارية. كان الناس يجرون ويتعثرون ويحاولون دخول المباني والفنادق والمطاعم والمواقف التي يجدونها في طريقهم مبتعدين عن الشارع".
وقال مصدر في الشرطة ان سائق الشاحنة الذي تم التعرف عليه من خلال اوراق ثبوتية عثر عليها داخل الشاحنة "حاول بشكل واضح قتل اكبر عدد ممكن من الضحايا". واشار جيران منفذ اعتداء نيس الى انه كان رجلا "منعزلا" و"صامتا". وقال الصحافي الالماني ريشار غوتجار ان سائق دراجة نارية حاول في وقت سابق وقف الشاحنة من خلال فتح بابها، قبل ان يسقط تحت عجلات الشاحنة. واعلن هولاند الذي زار الجرحى في مستشفيات نيس، الحداد الوطني لمدة ثلاثة ايام.
وعرفت منطقة نيس الفرنسية على ساحل الكوت دازور منذ سنوات بوجود بؤرة للتطرف الاسلامي فيها، وبانها شكلت مجال تجنيد لجهادي فرنسي يقود كتيبة لجبهة النصرة في سوريا. وشدد رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس على ان "فرنسا لن ترضخ للتهديد الارهابي. الزمن تغير، وسيترتب على فرنسا التعايش مع الارهاب. علينا ان نرص الصفوف ونكون متضامنين ونتحلى ببرودة اعصاب جماعيا"، وهي رسالة وجهها الى المعارضة اليمينية التي انتقدت عمل الحكومة الاشتراكية.
وقال رئيس الوزراء الفرنسي السابق الان جوبي الذي يسعى الى ان يكون مرشح اليمين للانتخابات الرئاسية عام 2017 "انا لا اريد إلقاء اللوم على اي شخص" لكن "لو كانت كل التدابير متخذة، لما حدثت المأساة". واضاف احد منافسيه الى الرئاسة، رئيس الوزراء السابق فرنسوا فيون "عندما نكون في حرب علينا حماية التراب الوطني". وقال مصدر مطلع على عمل المحققين انه عثر على "قنبلة غير معدة للانفجار" و"بنادق مزيفة" في الشاحنة البالغة زنتها 19 طنا.
واعلن هولاند تمديد حال الطوارئ التي كان يفترض ان ترفع بعد 15 يوما، لثلاثة اشهر اضافية. وتجيز حال الطوارئ التي اعلنت في اعقاب اعتداءات 13 تشرين الثاني/نوفمبر القيام بعمليات دهم بدون اذن من قاض وفرض الاقامة الجبرية على مشتبه بهم. كذلك اعلن استدعاء الاحتياط من المواطنين "لتعزيز صفوف الشرطة والدرك"، مشيرا الى امكان استخدام هؤلاء الاحتياطيين في "مراقبة الحدود". بحسب فرانس برس.
واثار الاعتداء وهو الاضخم في اوروبا منذ اعتداءات 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 في باريس واعتداءات 22 اذار/مارس 2016 في بروكسل، موجة استنكار في العالم. وفي فرنسا ندد المجلس الفرنسي للديانة الاسلامية "باشد الحزم" بالاعتداء. وهدد تنظيم داعش الذي تتقلص مناطق سيطرته في العراق وسوريا، بشكل متكرر بضرب فرنسا انتقاما لمشاركتها في التحالف العسكري الذي تقوده واشنطن ضده في هذين البلدين.
تحقيقات مستمرة
الى جانب ذلك تحاول السلطات الفرنسية تحديد ما إذا كان تونسي قتل 84 شخصا على الأقل عندما صدم حشودا كانت تحتفل بيوم سقوط الباستيل قد تحرك بمفرده أم له شركاء لكنها قالت إن الهجوم يحمل بصمات إسلاميين متشددين. وأعاد الهجوم الذي وقع في مدينة نيس أشباح الحزن والخوف إلى فرنسا مرة أخرى بعد ثمانية أشهر فقط من قتل مسلحين 230 شخصا في باريس. وأحدثت تلك الهجمات إلى جانب هجوم في بروكسل قبل أربعة أشهر صدمة في غرب أوروبا الذي يسوده التوتر بالفعل بسبب التحديات الأمنية التي يمثلها تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين إلى جانب الحدود المفتوحة وجيوب الإسلاميين المتشددين.
وقال مدعي باريس فرانسوا مولان إن التحقيق "سيحاول تحديد ما إذا كان قد تلقى مساعدة من شركاء وسيحاول أيضا معرفة إن كان محمد لحويج بوهلال له صلات بتنظيمات إسلامية إرهابية." وأضاف "على الرغم من عدم إعلان أي جهة مسؤوليتها عن هجوم أمس فإن هذه النوعية (من الهجمات) تتناسب تماما مع الدعوات للقتل التي تصدر عن هذه التنظيمات الإرهابية." وقال مولان إن الشرطة تحتجز زوجة بوهلال السابقة. وعثرت الشرطة على مسدس وعدة أسلحة مزيفة في مقدمة الشاحنة. وقالت مصادر أمنية تونسية إن المهاجم زار مسقط رأسه بلدة مساكن للمرة الأخيرة قبل أربعة أعوام وأضافت أن لديه ثلاثة أبناء وليس معروفا لدى السلطات التونسية باعتناق الفكر الإسلامي المتشدد.
ومع قرب إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بعد أقل من عام استغل الساسة المعارضون الفرنسيون ما وصفوها بأوجه القصور الأمنية التي سمحت لشاحنة بالسير لمسافة كيلومترين لتدهس حشودا كبيرة قبل إيقافها. وكتب كريستيان إتروسي الذي يتبنى مواقف متشددة من القضايا الأمنية وكان رئيسا لبلدية نيس حتى الشهر الماضي ويرأس حاليا منطقة الريفييرا التي تقع بها نيس عشية الهجوم رسالة لأولوند لطلب المزيد من التمويل للشرطة.
وقال لتلفزيون (بي.إم.إ) بعد ساعات من الهجوم "فيما يخصني أطلب إجابات وليس الإجابات المعتادة" وتساءل عما إذا كانت الحكومة وفرت ما يكفي من رجال الشرطة لتأمين عرض الألعاب النارية. وأضاف "نواجه معركة ستكون طويلة لأننا نواجه عدوا يريد مواصلة ضرب كل الناس في كل الدول التي لديها قيم مثل قيمنا." وأرسلت فرنسا أيضا قوات إلى غرب أفريقيا لمطاردة مسلحين إسلاميين. وبفرنسا أكبر جالية مسلمة في الاتحاد الأوروبي ويقول منتقدوها إنها أثارت استياء بعضهم بتمسكها الصارم بثقافة علمانية لا تدع مجالا للدين في المدارس والحياة المدنية. بحسب رويترز.
وكان هجوم باريس في نوفمبر تشرين الثاني هو الأعنف بين عدة هجمات وقعت في فرنسا وبلجيكا خلال العامين الأخيرين. وتنفس البلد الصعداء أحد بعد انتهاء بطولة كأس أوروبا 2016 والتي أقيمت على مدى شهر في مناطق متفرقة من فرنسا دون وقوع أي حادث خطير. وقبل أربعة أشهر قتل إسلاميون بلجيكيون مرتبطون بهجمات باريس 32 شخصا في بروكسل. واستخدم أفراد من جماعات متشددة المركبات في تنفيذ هجمات في السنوات الأخيرة لاسيما في إسرائيل وإن كانت لم تحدث مثل هذا الأثر المروع. وفي الولايات المتحدة أدان الرئيس باراك أوباما "ما يبدو أنه هجوم إرهابي مروع". وانضمت له شخصيات أخرى مثل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والبابا فرنسيس والرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومسؤولين من إسبانيا والسويد وحلف الأطلسي ومجلس الأمن الدولي.
من جانب اخر قال رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس إن هناك احتمالا كبيرا بأن يكون منفذ الهجوم قد ارتبط بدوائر التشدد الإسلامي. لكن وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف كان أكثر تحفظا في تصريحاته وقال إن دوافع المهاجم لم تعرف بعد. وقال فالس لمحطة (فرانس 2) التلفزيونية "إنه إرهابي ربما كان على صلة بطريقة أو بأخرى بالتشدد الإسلامي. نعم هذا عمل إرهابي وسننظر في الصلات الموجودة بتنظيمات إرهابية." وقال رئيس الوزراء الفرنسي أنه "مقتنع" بأن بلاده ستنتصر في الحرب على الإرهاب والإسلام المتشدد لكنه حذر من أن تلك المعركة ستكون طويلة الأمد. وأضاف فالس "كرئيس للحكومة أقول للشعب الفرنسي ستكون حربا طويلة خارج بلادنا وداخلها أيضا." ونفى وجود أي أوجه قصور أمنية أو أن الهجوم كان من الممكن منعه. وقال فالس "لقد منحنا قوات الأمن كل السبل والموارد التي تحتاجها" مضيفا أن 15 هجوما تم إحباطها خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
سائق الشاحنة
الى جانب ذلك ذكرت وسائل إعلام فرنسية أن السائق الفرنسي-التونسي الذي دهس بشاحنته محتفلين بالعيد الوطني لفرنسا في مدينة نيس بجنوب فرنسا جاء إلى مكان الهجوم قبل يومين من الحادث وتعرف على معالمه قبل أن يقدم على فعلته. وأضافت أن محمد لحويج بوهلال، منفذ هجوم نيس، قاد شاحنته إلى الممشى المجاور للبحر الذي أقيم فيه الاحتفال بالعيد الوطني "يوم الباستيل" للتعرف على معالمه استعدادا لتنفيذ جريمته.
وأظهرت صور الدوائر التلفزيونية المغلقة أن منفذ هجوم نيس قاد شاحنته إلى المنطقة وتعرف على معالمها قبل أن ينفذ جريمته. واعتقلت السلطات الفرنسية ستة أشخاص اشتبهت بأن لهم علاقة بالهجوم. وقالت مصادر قضائية فرنسية إن رجلا وامرأة تم التعرف على هويتهما اعتقلا في وقت لاحق. وأطلق سراح زوجة منفذ هجوم نيس التي اعتقلت الجمعة الماضي لكن المشتبه بهم الذين لا يزالون رهن الاعتقال لهم علاقة مباشرة بالهجوم. ولم يكشف عن هوياتهم بعد. بحسب رويترز.
على صعيد متصل فالساعات الأخيرة لمنفذ عملية نيس، حملت العديد من المفاجآت وأثارت الريبة والاستغراب بشأن دوافع العملية، فجابر (19 عاما)، شقيق محمد يقول إنه قبل لحظات من المجزرة، جرى اتصال مع شقيقه في نيس خلال مراسم الاحتفال وأبلغه شقيقه بأنه سعيد وأن حياته تجري على ما يرام. لكن السعادة والفرح تحولت إلى مأتم وعويل، فبعد الفاجعة، هرعت عائلة بوهلال للاتصال به قصد الاطمئنان عليه، لكن ما راعهم أن الهاتف ظل صامتا، وزادت حيرتهم حول مصير ابنهم.
وأجمعت عائلة بوهلال التي لا تزال تحت وطأة الصدمة، أن ابنها حضر جلسات مع طبيب نفسي لعدة سنوات قبل أن يترك تونس ويذهب إلى فرنسا في عام 2005، فيما أكد والده في مقابلة مع قناة فرنسية أنهم سعوا إلى تلقيه العلاج النفسي بعد أن تعرض لانهيار عصبي وعاني من الاكتئاب، نافيا أي علاقة لابنه مع التنظيمات الإرهابية.
وما زاد الغموض في شخصية بوهلال، أن وضعه المهني كان جيد جدا، علما أنه أرسل إلى عائلته التي تقطن بمدينة مساكن مبلغا قدره 100 ألف يورو، أي حوالي 240 ألف دينار تونسي قبل أيام قليلة من وقوع الحادثة، وفقا لتصريحات شقيقه. وتعتبر مدينة مساكن من المدن التجارية في تونس، ولا تعاني المدينة من مصاعب اقتصادية على غرار المدن الأخرى، ويرجع الفضل في ذلك جزئيا لتحويلات العاملين التونسيين المهاجرين في فرنسا.
والمواقع الفرنسية تحدثت عن محمد بوهلال الذي كان يعمل سائقا، وهو متزوج منذ 3 سنوات وأب لـ 3 أبناء، مؤكدة أنه اشتهر بأعمال الجنوح، بما في ذلك العنف ، إلا أنه لم يتم الاشتباه بتحوله للتطرف، وهو ما أكدته المصادر الأمنية في تونس قائلة أنه ليس معروفا بانتمآته المتطرفة أو الإسلامية لدى السلطات في تونس. وفي تصريح لشقيقته، أكدت أن محمد تشاجر قبل أيام مع صاحب العمل وانقطع لأيام عن العمل بسبب ارتكابه لمخلافه مرورية، وهو ما زاد في اضطراب سلوكه حيث أصبح أكثر عنفا وعدوانية، على حد قولها. وعلى الرغم من هذه التفاصيل المرتبطة بحياة منفذ هجوم نيس، إلا أن السلطات الفرنسية تؤكد ارتباطه بتنظيمات إرهابية. وما زاد في اللغط حول المسألة تبني تنظيم داعش للعملية، ما فجر سيلا من الاحتمالات والتكهنات عن أسباب ارتكاب بوهلال لهذه المجزرة .
اضف تعليق