هجمات بروكسل التي تبناها داعش ارهابي وأودت بحياة أكثر من 34 شخصاً وجرح 250 على الأقل بجروح، لاتزال محط اهتما واسع خصوصا وان البعض يرى ان هذه الهجمات التي وقعت في المطار الرئيسي في بروكسل ومحطة لقطارات الأنفاق وهي اماكن حساسة ومهمة، وجاءت بعد أيام من إلقاء الأجهزة الأمنية في بلجيكا القبض على المتهم الأخير الباقي على قيد الحياة في هجمات نوفمبر تشرين الثاني الماضي على باريس، هي دليل واضح على ضعف الاجراءات الامنية التي لم تبذل كل ما في وسعها في سبيل ايقاف مثل هكذا تهديدات كبيرة قد تتكر في المستقبل، خصوصا وان بلجيكا هي صاحبة أكبر عدد من المقاتلين الذين توجهوا للقتال في سوريا مقارنة بعدد السكان بين الدول الأوروبية.
ويقول خبراء أمنيون وكما تنقل بعض المصادر، إن تعدد مؤسسات الحكم وعدم كفاية التمويل المخصص لأجهزة الاستخبارات ومجاهرة الدعاة الأصوليين بآرائهم وازدهار السوق السوداء في تجارة السلاح كل ذلك يجعل بلجيكا بين أكثر الدول عرضة لهجمات المتشددين في أوروبا. وقد حمّل وزير الداخلية البلجيكي الشرطة مسؤولية الفشل في تعقب متشدد من تنظيم داعش طردته تركيا في العام الماضي وفجّر نفسه في مطار بروكسل.
وفي مواجهة ذهول البرلمان البلجيكي في جلسة خاصة قال وزير الداخلية جان جامبون الذي عرض استقالته على خلفية التفجيرات "شخص ما كان مهملا ولم يكن فاعلا بما فيه الكفاية." وأضاف "شخص ما في جهاز الشرطة لدينا ارتكب خطأ فادحا." وتواجه السلطات البلجيكية حرجا بعد إعلان تركيا أن أنقرة طردت ابراهيم البكراوي وأعادته إلى أوروبا في يوليو تموز الماضي وحذرت من أنه متشدد. وكان البكراوي أحد الانتحاريين الذين نفذوا الهجمات. وأبلغت تركيا السلطات البلجيكية والهولندية بشكوكها حيال البكراوي وبأنه مقاتل أجنبي يحاول الوصول إلى سوريا.
وقال جامبون إن تركيا ألقت القبض على البكراوي على مقربة من الحدود السورية في 11 يونيو حزيران عام 2015. وأبلغت تركيا السفارة البلجيكية أنها ستضع البكراوي على متن طائرة متجهة إلى أمستردام في 14 يوليو تموز من العام الماضي حيث لم يعتقل لأن الشرطة الهولندية لم تتلق أي توجيهات للقيام بذلك من نظرائها البلجيكيين.
وأشار جامبون إلى أن ضابط الاتصال التابع للشرطة البلجيكية في السفارة في تركيا أبلغ الشرطة في بلجيكا بعد ستة أيام- في 20 يوليو تموز- أن البكراوي كان قد اعتقل في تركيا للاشتباه في صلته بالارهاب. وبعد ذلك سعى الضابط للحصول على مزيد من التأكيد عن البكراوي من السلطات التركية ثم بعث بالرد بعد ستة أشهر في 11 يناير كانون الثاني.
سباق مع الزمن
في هذا الشأن وعندما اعتقلت شرطة بروكسل صلاح عبد السلام المشتبه به الرئيسي في هجمات باريس التي وقعت في نوفمبر تشرين الثاني الماضي كانت تعلم أنها في سباق مع الزمن للحيلولة دون وقوع هجوم جديد لتنظيم داعش. كان ذلك عندما قال وزير بحكومة شارل ميشيل رئيس الوزراء في تغريدة على تويتر "قبضنا عليه!" وذلك بعد اعتقال أبرز مطلوب في أوروبا خلال مداهمة منزل في حي مولينبيك بالعاصمة البلجيكية.
لكن رئيس الوزراء البلجيكي كان قلقا وفقا لما ذكره مسؤول حكومي كان حاضرا عندما توجه ميشيل مسرعا إلى مركز قيادة الأزمات تاركا قمة أوروبية كانت تعقد على مقربة. وقال المساعد الكبير "اعتقدنا في البداية أن...هذا سيؤدي إلى رد فعل قوي." وأضاف المساعد الذي تحدث لرويترز طالبا عدم الكشف عن هويته أن قوات الأمن أمرت بالتحلي بمزيد من اليقظة لكنها كانت تفتقر لمعلومات مخابراتية تبرر إغلاق المدينة مثلما فعل ميشيل بعد هجمات باريس.
لكن مخاوفهم كانت راسخة للغاية. فلقد كشفت التفجيرات الانتحارية في مطار بروكسل وفي أحد قطارات الأنفاق عن عدم قدرة السلطات البلجيكية على التصدي لعناصر تنظيم داعش أيا كان ارتفاع مستوى حالة التأهب. وأدى عدم التواصل الجيد وعدم تتبع الأدلة وإغفال المشتبه بهم إلى كشف القصور في أجهزة الشرطة والمخابرات كما كشف أيضا عن الكيفية التي يمكن أن تتصرف بها الخلايا الإسلامية التي نمت في أوروبا وتدربت في سوريا بسرعة هائلة تجاه أحداث مثل اعتقال عبد السلام.
وقال فينسينت جيليه رئيس النقابة الرئيسية لشرطة بلجيكا "كان سباقا مع الزمن." لكنه كان سباقا لم تستطع السلطات الفوز فيه في ظل إدراك عناصر الخلية أن السلطات تضيق الخناق عليهم وقلة عدد العاملين بجهاز المخابرات والذي تشير تقديرات عدة بأنهم يمثلون نحو نصف العدد النموذجي مقارنة بالدول الأوروبية الغنية الأخرى. وقال جيليه "ما حدث كان تقريبا أمرا محتوما".
وتقول بعض وسائل الإعلام المحلية إن المحققين يشتبهون في أن عبد السلام خطط لإطلاق النار على حشود خلال عطلة عيد القيامة تزامنا مع التفجيرات الانتحارية على غرار ما حدث في باريس. لكن المهاجمين قدموا الموعد خشية أن يفضح عبد السلام مخططهم أو أن يتخلى عنهم. وتعد بلجيكا بالنظر إلى حجمها الدولة الأوروبية التي خرج منها أكبر عدد من المتشددين للقتال في سوريا. واستقطبت داعش جيلا يعاني من الاغتراب وينحدر لمهاجرين معظمهم مغاربة توجهوا إلى أوروبا في الستينات. وكان للكثير منهم صلات قوية بمتشددين فرنسيين.
وكثفت السلطات البلجيكية عمليات البحث عن ناشطين من تلك الخلايا منذ يناير كانون الثاني 2015. وفي ذلك الشهر وبعد أيام من الهجوم الذي استهدف صحيفة شارلي إبدو في باريس أحبطت الشرطة البلجيكية مؤامرة في بلدة فيرفييه كشفت عن حملة لداعش لإعادة عدد من الشبان البلجيك الذين حاربوا في سوريا وعددهم 300 أو يزيد إلى أوروبا لتنفيذ هجمات هناك. وفي فيرفييه قتلت الشرطة رجلين كانا قد عادا من سوريا مع عبد الحميد أباعود الذي قتل في تبادل لإطلاق النار في باريس بعد أيام من الهجمات هناك بعد أن اتضح أنه "العقل المدبر للشبكة" حسب وصف وزير بلجيكي.
ورغم أن السلطات البلجيكية ارتابت في عدة اتصالات لأباعود خاصة من حي مولينبيك القديم الذي كان يقطن به فإن حملة التعقب لم تكن على الوجه المطلوب. وكان من ضمن من استجوبتهم وأطلقت سراحهم صلاح عبد السلام وشقيقه إبراهيم اللذين طردا من تركيا للاشتباه في محاولتهما السفر للقتال في سوريا. وفي النصف الأول من عام 2015 أدانت المحاكم البلجيكية العشرات من رجال الدين المتشددين وأتباعهم لقيامهم بتجنيد أشخاص للسفر إلى سوريا. لكن الخلايا الجديدة التي تشكلت من بينهم لم تكن تظهر مؤشرات على التشدد.
وفي هذا الإطار أتيح المجال في الصيف الماضي لعبد السلام وشقيقة -وهما تجار مخدرات أدارا حانة في مولينبيك ولم تظهر عليهما أي دلائل على التشدد- لوضع ما وصفها صلاح للمحققين بأنها خطة لوجيستية للإعداد لهجمات باريس. وسافر صلاح بسيارته عبر أوروبا أكثر من مرة ونقل على الأرجح كميات من الأسلحة والمتفجرات والأشخاص أيضا.
لذا فإنه بعد وقوع هجمات باريس التي سقط خلالها 130 قتيلا واكتشاف أدلة على أن المهاجمين جاءوا من بلجيكا انتابت الحكومة البلجيكية صدمة بالغة وأدركت أنها أمام مشكلة ملحة. وبناء على إخبارية من مصدر تبين أنه محل ثقة في فيرفييه أغلق رئيس وزراء بلجيكا وسائل النقل والأماكن العامة لعدة أيام حيث كان واثقا بنسبة "100 في المئة" من وجود تهديد. وكان في محور هذه المخاوف صلاح عبد السلام الذي فجر شقيقه نفسه في مقهى بباريس والذي عاد عبر الحدود البلجيكية قبل حملة التفتيش الفرنسية. وفي صباح اليوم التالي لهجمات فرنسا اختفى عبد السلام في بروكسل.
وتعهد ميشيل فورا بتقديم أموال وإصلاحات قانونية سعيا لتعزيز النظام الأمني الذي يعاني نقصا في العمالة وأعباء ضخمة ترهق العاملين. ويبلغ عدد العاملين في جهاز المخابرات 700 شخص يجدون صعوبات في أداء مهامهم في بلاد يبلغ تعداد سكانها 11 مليونا. والشيء ذاته ينطبق على جهاز الشرطة الذي تقل إمكاناته بنسبة 20 في المئة عن مستوى الكفاءة الكاملة. كما وجدت أجهزة الشرطة والأمن صعوبات بسبب نقص الاتصالات والتنسيق في مختلف البلديات عبر خط التقسيم اللغوي الذي تتميز به بلجيكا بين اللغتين الفرنسية والهولندية وفي ظل نظام معقد يقلل الصلاحيات ويحد من الحكم الاتحادي.
ويتكون سكان بلجيكا من عنصرين رئيسيين هما الوالون ويعيشون في جنوب بلجيكا ويتكلمون الفرنسية والثاني هم الفلمنك ويتحدثون لغة شبيهة بالهولندية وتعرف بالفلمنكية. وكان اثنان ممن نفذوا الهجمات الانتحارية وهما نجم العشراوي وخالد البكراوي على قوائم الترقب الخاصة بمحاربة الإرهاب. وكان الأول مشتبها بأنه صانع قنابل هجمات باريس والثاني استأجر منزلا آمنا لخلية باريس وكذا الشقة التي استخلصت منها الشرطة الخيط الذي أدى للقبض على عبد السلام قبل ذلك بثلاثة أيام.
وأدين إبراهيم شقيق البكراوي بالسطو المسلح في انتهاك لشروط الإفراج عنه. وكان قد طرد من تركيا في يوليو تموز الماضي. وحذرت أنقرة بلجيكا من أن إبراهيم ألقي القبض عليه وهو يحاول الوصول إلى سوريا. وفي ديسمبر كانون الأول تلقت الشرطة في بلدة ميشلان الفلمنكية معلومات بشأن أسرة تستضيف عبد السلام. وتضمن البلاغ عنوانا تم فيه القبض عليه في نهاية المطاف. ولكن مسؤولين أكدوا أن تلك المعلومات لم يتم تمريرها إلى زملائهم في بروكسل.
وأدى الكشف عن هذه المعلومات إلى اتهامات تم نفيها بشدة بأن بلدية ميشلان الفلمنكية ربما فضلت إخفاء المعلومات لتجنب إثارة المسلمين المحليين الذين يشكلون قاعدة انتخابية رئيسية. وفي سياق بحثها عن عبد السلام على مدى أربعة أشهر اعتقلت الشرطة عشرات الأشخاص. وفي الشهر الماضي اعتقلت عشرة منهم اثنان قاما بتوصيل المشتبه به من باريس مرورا بثلاث نقاط تفتيش تابعة للشرطة الفرنسية.
وجرت مداهمة عشرات المنازل ولكن دون جدوى. ولكن الشرطة ترفض تحليلات مفادها أن الصدفة وحدها هي التي قادتها إلى منزل في منطقة فوريست الإدارية التابعة لبروكسل في 15 مارس آذار. وأصيب أربعة ضباط في إطلاق نار مع المتحصنين بداخل المنزل وبعدها قتل أحد المسلحين. وكشفت هويته عن رجل سافر الصيف الماضي مع عبد السلام وقام بتحويل أموال إلى ابن عم أباعود في باريس. وقام خالد البكراوي الذي نفذ تفجير مترو بروكسل باستئجار الشقة في فوريست باسم مزور. وكان في الشقة بصمات حديثة تخص صلاح عبد السلام وأظهرت أنه ما زال في المدينة. وأدى بلاغ آخر إلى إرشاد الشرطة إلى منزل من خلال هاتف محمول كان يستخدمه مما أتاح القبض عليه بعد ثلاثة أيام.
على مدى ثلاثة أيام ونصف من بعد الاعتقال تعاون عبد السلام في بداية الأمر وهو مصاب ولكنه رفض بعدها الإجابة عن الأسئلة. وفكرت الحكومة في إغلاق بروكسل مثلما فعلت بعد هجمات باريس في نوفمبر تشرين الثاني. ولكن الحكومة قررت ألا تفعل ذلك لأنه لا توجد دلائل واضحة على هجوم وشيك على حد قول مسؤول حكومي. وحينما نفذ المهاجمون ضربتهم في ساعة الذروة الصباحية تحركت السلطات بسرعة على الرغم من أنها تواجه أسئلة بشأن تأخرها ساعة في إغلاق المترو. وهو ما كلف نحو عشرة أشخاص أرواحهم.
وبعد ثلاث ساعات اتصل سائق سيارة أجرة أقل المفجرين الانتحاريين إلى المطار بالشرطة وقادها إلى الشقة التي أخذ المهاجمين منها. وأدى ذلك إلى العثور على أدلة كثيرة منها مواد كيماوية وقنبلة أخرى. وأفاد تقرير بأن منفذي التفجيرات تركوا القنبلة وراءهم بعد أن أرسلت شركة سيارات الأجرة بطريق الخطأ سيارة أصغر حجما من التي طلبوها. وأشار التقرير إلى شاهد عيان قال المحققون إنه تعرف على شخص ثالث شوهد في كاميرات المطار مع منفذي التفجير.
واستعرضت الشرطة اتصالات ومعارف الذين تم التعرف عليهم ومنهم من يشتبه بأنه مخطط الهجوم في باريس. وتعمل حكومة شارل ميشيل أيضا على شن حملة على الوثائق المزورة التي سمحت فيما يبدو لأمثال العشراوي وأباعود بالتسلل عائدين إلى مختلف أنحاء أوروبا من معقل تنظيم داعش في سوريا. وسعت الحكومة للحصول على صلاحيات قانونية جديدة فيما يتعلق بالإنترنت وبالتعاون مع شركات الاتصالات لتعقب المشتبه بهم. بحسب رويترز.
ولكن مسؤولين يحذرون من أن سد الثغرات في البنية الأمنية للبلاد التي تستضيف مقري الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي ربما يستغرق سنوات. وأكد مسؤول حكومي أن إجراء ذلك لن يكون "بين عشية وضحاها". وكان رد فعل المسؤولين البلجيكيين هو الاستقالة إزاء هذه الهجمات الأعنف في بلادهم منذ الحرب العالمية الثانية. وأعلن ميشيل ببساطة "ما كنا نخشاه قد حدث".
فشل المخابرات
على صعيد متصل اتهم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان السلطات البلجيكية بالتساهل مع الجماعات المتشددة وقال إن عليهم تفسير الفشل في عمل المخابرات في الفترة التي سبقت تفجيرات بروكسل الانتحارية التي نفذها تنظيم داعش. وقال إردوغان إن السلطات الأوروبية أظهرت نفسها بوصفها "عاجزة" بعد أن رحلت تركيا أحد منفذي هجمات بروكسل في يوليو تموز الماضي لكن السلطات أطلقت سراحه فيما بعد.
وساوى إردوغان مرارا بين حزب العمال الكردستاني الذي يشن تمردا في جنوب شرق تركيا وبين داعش قائلا إنهما منظمتان إرهابيتان واتهم أوروبا بالفشل في التنديد بحزب العمال الكردستاني بالشكل المناسب. وقال إردوغان "إنهم (البلجيكيين) يسمحون لأعضاء من هذه المنظمة الإرهابية الانفصالية بنصب خيام بجوار المجلس الأوروبي يسمحون بعرض صور لإرهابيين ويتركون أعلامهم ترفرف هناك، وأضاف "ثم ماذا حدث؟ ماذا حدث بعد يومين فقط؟" قبل أن يندد بالسلطات الأوروبية لإطلاقها سراح إبراهيم البكراوي أحد الشقيقين اللذين أعلنت بلجيكا أنهما مسؤولان عن هجمات في بروكسل بعد ترحيله من تركيا. وقال إردوغان في خطاب في مدينة سورجن في وسط تركيا "مثل هذه الحكومات العاجزة ... اعتقلنا هذا الشخص في غازي عنتاب ورحلناه .. أعدناه إلى هناك. هؤلاء السادة لم يفعلوا ما كان يجب فعله وأفرجوا عن الإرهابي... الإرهاب ليس مشكلة دولة منفردة إنه مشكلة العالم أجمع. إن شاء الله سيفهمون ذلك."
وقال إردوغان إن بلجيكا تجاهلت تحذيرا من أن البكراوي متشدد. ونشرت السلطات الهولندية نسخة من مذكرة من الخارجية التركية تعود لتاريخ 14 يوليو تموز 2015 تبلغهم بترحيل البكراوي وتفاصيل الرحلة التي سيصل عليها دون أي ذكر لأسباب طرده ولا الصلات المشتبه بها بينه وبين المتشددين. وواجهت تركيا نفسها انتقادات بسبب عدم فعلها المزيد لوقف تدفق المقاتلين الأجانب الذين يقدر عددهم بالآلاف الذين يعبرون أراضيها للانضمام لصفوف داعش في سوريا والعراق.
من جانب اخر نفذت قوات الأمن البلجيكية عملية أمنية كبيرة في حي سكاربيك بالعاصمة بروكسل على صلة باعتقال فرنسي في باريس قالت السلطات أنه كان في مرحلة متقدمة من التخطيط لتنفيذ اعتداء حسب ما نقلته وكالة الأنباء البلجيكية. وتمت خلال العملية "السيطرة" على ثلاثة رجال، وسماع دوي انفجارين، وأن خبراء متفجرات كانوا في المكان، حسب النيابة البلجيكية. كما أكد مصدر في الشرطة الفرنسية أن العملية التي جرت في حي سكاربيك على صلة بتوقيف رضا كريكت البالغ من العمر 34 عاما في باريس والذي عثر في شقته على أسلحة ومتفجرات.
وبسبب العملية في بروكسل اضطر رئيس الوزراء شارل ميشال إلى إلغاء حفل لوضع أكاليل الزهور مع وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري في المطار. وعثرت الشرطة خلال عدة مداهمات في سكاربيك على 15 كيلوغراما من المتفجرات الشديدة التفجير ومواد كيميائية لصنع العبوات الناسفة وراية تنظيم داعش. بحسب فرانس برس.
وكان وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف أعلن عن إحباط مخطط لتنفيذ اعتداء إرهابي "في المراحل الأخيرة من الإعداد"، وأكد أن قوات الأمن قامت بعملية توقيف "مهمة" خلال مداهمة بضاحية أرجنتوي في شمال باريس. وقال كازنوف إن شخصا "يحمل الجنسية الفرنسية" تم توقيفه وهو "متورط على مستوى عال" في هذا المخطط الإرهابي. وكان الوزير كشف أن بلاده نشرت 1600 عنصر شرطة ودرك إضافيين عقب التفجيرات التي هزت العاصمة البلجيكية.
مسلمو بلجيكا
الى جانب ذلك وفي جامع بروكسل الكبير اختلطت صيحات التكبير بصيحات "عاشت بلجيكا"، في حين تعهد المسؤولون المسلمون في بلجيكا "العمل" لمواجهة التطرف الاسلامي، مؤكدين تضامنهم مع ضحايا هجمات. ورفعت اعلام بلجيكية واوروبية عند مدخل الجامع الكبير في بروكسل. وفي قاعة الصلاة امام مئات المصلين قال الامام نديايي محمد غالايي انه يندد "بشدة" باعتداءات بروكسل التي اصابت المسلمين ب"الحزن والقنوط"، وحض المصلين على "التبرع بالدم" للضحايا الجرحى.
وبعد الصلاة وفي الحديقة المجاورة للمسجد التزم المصلون دقيقة صمت حدادا على الضحايا قبل ان يهتفوا "عاشت بلجيكا". ثم توجه الامام برفقة المصلين الى محطة مترو مايلبيك التي تبعد مئات الامتار عن المسجد، ووضعوا زهورا في المكان الذي انفجرت فيه احدى القنابل التي زرعت الموت في بروكسل. ويضم مجمع المسجد، المركز الاسلامي والثقافي البلجيكي الذي افتتح عام 1978 باموال سعودية. الا ان امام المسجد قال "نحن لا نمول من السعودية بل من رابطة العالم الاسلامي" مضيفا ان "من بين ال400 او500 شاب الذين غادروا بلجيكا للقتال في سوريا لا يوجد اي شخص منهم درس عندنا".
واعتبر ان الانتقال الى التطرف يتم "عبر مواقع التواصل الاجتماعي والانترنت، واغلب المجندين من المنحرفين والمجرمين". وبعد الصدمة التي ولدتها اعتداءات بروكسل قرر المسؤولون المسلمون في البلاد وضع ثقلهم للعمل على الحد من تطرف الشبان المسلمين. وقال الامام "لقد نددنا بما يكفي بما حدث في باريس وغيرها، وحان الوقت للعمل لان بلجيكا هي التي استهدفت اليوم". واوضح ان المركز الاسلامي والثقافي البلجيكي ينوي اطلاق "برنامج حول التطرف" الاسلامي يكون الهدف منه "الوصول الى الشبان بشكل خاص" عبر الاستعانة ب"رجال دين من الاسلام المعتدل" للقيام بمحاضرات.
ولم توضع بعد تفاصيل هذه الخطة، الا ان العمل جار لاطلاقها، موضحا ان العديد من الاهالي يزورونه لتقديم النصح لهم في كيفية تجنب وقوع اولادهم في فخ التطرف. واضاف الامام "نجري الكثير من الاتصالات، ونجحنا حتى الان في ثني عدد من الشبان عن التوجه الى سوريا وهم يتابعون حاليا الدروس عندنا". ولدى الخروج من المسجد هتف احد الشبان "المسلم ليس ارهابيا" قبل ان يقول اخر "نحن في غاية الحزن ولا بد ان يتوقف هذا العنف". بحسب فرانس برس.
وتهافت الشبان للادلاء بتصريحات للعديد من وسائل الاعلام. وقال صهيب بن اياد (25 عاما) ان الارهابيين "هم من مروجي المخدرات واللصوص" مضيفا "ليس علينا ان نبرر انفسنا كمسلمين، فلدينا اقرباء اصيبوا في المطار والمترو". وكانت الشابة البلجيكية المسلمة لبنى لفقيري الام لثلاثة اولاد قتلت الثلاثاء في الاعتداء الذي استهدف مترو بروكسل.
اضف تعليق