أثار خبر هروب سجناء من سجن غويران في منطقة الحسكة السورية الرعب مجددا بعد محاولات لداعش فك السجن على النزلاء من القادة التابعين لهم، اذ يعد هذا الهروب من الأمور الخطيرة ليست على سوريا والعراق فحسب، بل على المنطقة والعالم بصورة عامة، اذ حول المنطقة الحدودية الى أماكن لبث الخطر على الدولتين العراق وسوريا...
أثار خبر هروب سجناء من سجن غويران في منطقة الحسكة السورية الرعب مجددا بعد محاولات لداعش فك السجن على النزلاء من القادة التابعين لهم، اذ يعد هذا الهروب من الأمور الخطيرة ليست على سوريا والعراق فحسب، بل على المنطقة والعالم بصورة عامة، اذ حول المنطقة الحدودية الى أماكن لبث الخطر على الدولتين العراق وسوريا.
في السابع من شهر كانون الأول من عام 2017، وخلال زيارته لقصر الإليزيه بباريس، قال حيدر العبادي لقد انتهى داعش إلى الأبد، وبعد سلسلة من الاحداث والاعتداءات الإرهابية من قبل التنظيم اتضح إن امر الإعلان كان جزء من لعبة سياسية يبحث فيها عن الفوز برئاسة حكومة أخرى.
وحسب معلومات المركز الفرنسي للبحوث حول العراق، نفذ داعش على مدى السنة الماضية 73 هجوماً في العراق، قُتل خلال هذه الهجمات 276 شخصاً، بينهم 231 عراقياً و45 فقط من عناصر داعش. كما أصيب 243 وتم خطف 318 آخرين.
وحين نحاول معرفة جغرافية توزيع الهجمات على أشهر السنة نجد أن كانون الثاني شهد ثماني هجمات، وشهد كانون الأول 11 هجوماً، ما يعني تصاعداً في عدد الهجمات مع مرور الأيام، كما لا يخلو شهر من الأول حتى الثاني عشر من هجمات نفذها داعش.
الهروب الأخير لبعض عناصر التنظيم اعاد المجتمع الدولي والإقليمي الى دائرة الخطر الذي يظنان انهم تخلصا منه قبل سنوات، فهذه الخلايا النائمة تتحين الفرصة الذهبية للخروج الى الوجود وتعيد النشاط المتوقف قليلا بفعل التحالف الدولي الذي جمد الحركة عبر طيرانه.
العشرون شخصية التي يعتقد انها هربت من السجن امامها وجهتان، وهما اما الداخل السوري او التسلل عبر الحدود الملتهبة مع الجار العراق، فمن الممكن ان تكون عودة داعش الى الساحة العراقية، في أفضل اوقاتها؛ نتيجة ما تعيشه البلاد من فوضى سياسية وتراشق بين المكونات جعلت إمكانية حدوث الاعمال الإرهابية بسيطة للغاية.
وهذا ما تتعكز عليه المجموعات الإرهابية العاملة في العراق وسوريا، لكن لو نعود قليلا الى الوراء وندرس إمكانية عودة الأيام السوداوية عندما اجتاحت العصابات الدموية الكثير من المناطق وقتلت وشردت الآلاف من الأبرياء.
سيناريو العودة من الصعب تكراره في الوقت الراهن لكن لا يجوز التهاون في التعامل معه، لما يحمله من خطورة على الوضع السياسي القائم وتهديده لنسف العلمية برمتها او يعرضا للفشل، فقد يكون التحرك الداعشي الأخير مدروس دوليا او من قبل الأطراف المؤثرة في الساحة، ومن بينها الولايات المتحدة الامريكية التي ايقنت ان تشكيل الحكومة القادمة في العراق لا يمكن ان تكون كما تريد او تتمنى، في حال سارت الأمور بهذه الطريقة وبقي الصدر هو المتصدي لذلك بعيدا عن الأطراف الشيعية الأخرى.
وما قد يجعل هذا الاعتقاد قابل للتطبيق هو إمكانية منع التهديد من الوصول الى الأراضي العراقية، لا سيما وان العراق يملك أكثر من مليون وربع عنصر أمني وينفق قريب الثلث من ميزانيته على التجهيز الأمني، لذلك هنا نتوقع إمكانية عدم العودة قائمة.
ولكن على أصحاب القرار في العراق الا ينسون في السابق كان الطيران الجوي التابع للتحالف الدولي هو المهيمن على الأجواء العراقية وهو من يتحكم بعملية متابعة العناصر الإرهابية، فالحدود العراقية من جهة محافظة الموصل يسيطر على ادارتها الجانب الأمريكي، ومن المستحيل إذا كان الموضوع له اهداف بعيدة ان تسمح للجانب العراقي والسوري تسيير طائرات لحماية نفسها من الهجمات الإرهابية.
ومع جود هذه الاحتمالية فلا يمكن تغافل السياسة الجديدة التي اتبعها التنظيم في شن هجماته مؤخرا، فقد اعتمد أسلوب التسلل بعيدا عن مبدأ التدفق الذي اتبعه في السابق، وهذا يعتبر من التغيرات الحاصلة بفلسفة كسر الحدود وتغيير قواعد اللعبة من قبل عناصر التنظيم.
أضف الى ذلك استثمر التنظيم الجغرافية المعقدة وهي الجبال في المناطق الحدودية، التي يصعب على الأجهزة الأمنية تطهيرها، اذ بقيت تلك المناطق ساخنة وحاضنة للجماعات الإرهابية، ومن ثم التحرك نحو استهداف طرق النقل الاستراتيجية من خلال السيطرات الوهمية بما يخلخل الاستقرار بصورة دائمة.
وفق المعطيات والمؤشرات الموجودة على ارض الواقع فان العراق بحاجة الى هندسة حدوده وإعادة تنظيمها لمنع تسلل الارهابين الى أراضيه والرجوع الى المربع الأول الذي كلف البلد أموالا طائلة، وارواح لا تقدر بثمن، ولن نحمي أنفسنا من المخاطر الوافدة ما لم يتم تنصيب منظومة كاميرات حرارية خاضعة لإشراف مختصين من ذوي الخبرة بالاعتماد على التطور التكنولوجي والاستفادة من منظومات الإنذار المبكر لرصد التحركات المشبوهة.
اضف تعليق