q
سياسة - عنف وارهاب

قواعد الحرب النفسية ضد الإرهابيين

الواقع والطموح

الحرب النفسية من أخطر أنواع الحروب عبر التاريخ حيث ساهمت في انخفاض كلفة الحرب البشرية لترتفع عوضا عنها الكلفة المادية من خلال ما توصلت إليه التكنولوجيا لإحداث تغيير في الرأي العام للعدو. لها قواعدها ومعايرها كي تستطيع دولة معينة شن حرب نفسية ناجحة على دولة أخرى...

الحرب النفسية: تمهيد نظري

إن الحرب النفسية هي من حروب العصر الحديث انها حرب تغيير السلوكيات والقناعات وميدانها الشعوب والافراد المدنيين أو العسكريين، وهي من أخطر الاسلحة وذلك لأنها تقوم على إضعاف معنويات العدو وتحطيم إرادته وهنا تكمن قوتها.

فالحرب النفسية هي من أخطر أنواع الحروب عبر التاريخ حيث ساهمت في انخفاض كلفة الحرب البشرية لترتفع عوضا عنها الكلفة المادية من خلال ما توصلت إليه التكنولوجيا لإحداث تغيير في الرأي العام للعدو.

فالحرب النفسية كغيرها من الحروب لها قواعدها ومعايرها كي تستطيع دولة معينة شن حرب نفسية ناجحة على دولة أخرى، يجب أن تمتلك فريقا متخصصا في الحرب النفسية، يعرف كل شيء عن الدولة المستهدفة كالعادات والتقاليد ونسبة وعي الشعب المستهدف، ونقاط الضعف ونقاط القوة لدى الخصم، طبيعة الشعب المستهدف عاطفي أو عقلاني.

تعريف الحرب النفسية

الحرب النفسية هي الاستعمال المخطط والممنهج للدعاية والإشاعة ولمختلف الأساليب النفسية للتأثير على أراء مشاعر وسلوكيات الخصم بطريقة تسهل الوصول الى الأهداف.

أدوات الحرب النفسية

بعد تهيئة الفريق المتخصص يتم تحديد ادوات الحرب النفسية والتي تتنوع بين توزيع المنشورات وتوجيه الاعلام المعادي ضد الدولة العدوة (وهو ما فعلته الولايات المتحدة الامريكية في حربها على العراق في سنة 2003 حيث ادعت ان هدف حملتها هو تطوير المجتمع العراقي ونشر روح الديمقراطية وارساء معالم الحضارة الحديثة وتحقيق العدالة الاجتماعية).

اختارت تلك الدول ان تهزم اعدائها وتحكم سيطرتها عليهم من خلال ممارسة الحرب النفسية فأنشأوا في سبيل ذلك مكاتب تكون تابعة لأجهزة الاستخبارات شغلها الشاغل التخطيط ووضع الاستراتيجيات لهذا النوع من الحرب وهدفها نشر الشائعات وزرع الفتن والترصد والتضليل ضد اعدائها لحماية امنها القومي على المدى البعيد.

الإرهاب والحرب النفسية

الارهاب يسهم وبنحو كبير في الحرب النفسية وهناك عوامل تسهم في انتشار الإرهاب وهي الدفع، والجذب، والدوافع الشخصية.

- تحدد محركات الدفع الأسباب الهيكلية التي تحفز الافراد على الانخراط في العنف، وتشمل القمع الذي تمارسه الدولة والحرمان والفقر والتمييز والظلم الاجتماعي.

- أما محركات الجذب فتشير الى ما يجعل الانتماء الى جماعة متطرفة جذابا مثل الشعور بالأخوة أو الحصول على فائدة سياسية أو مادية أو تعزيز السمعة.

- أما المحركات الشخصية فهي تلك التي تجعل بعض الافراد أكثر عرضة للتطرف من أقرانهم، مثل معاناة الفرد من اضطراب نفسي أو تجربة حياتية عصيبة.

محركات مستويات الدفع، والجذب، والدوافع الشخصية

يستند الباحثون لدراسة هذه المحركات على نموذج من ثلاثة مستويات، وكما يأتي:

1- المستوى الأول: وهي محركات تؤثر على شريحة واسعة من الناس، أو في دولة أو منظمة بأكملها وكمحركات دفع فأنها تنتج عن الحوكمة السيئة أو التهميش الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.

2- المستوى الوسيط: وهي بطبيعتها اجتماعية وثقافية، وكثيرا ما تنتج عن ثقافات فرعية داخل الأغلبية، وتعمل هذه المحركات على دفع الافراد نحو الجماعات المتطرفة من خلال خطاب العنف والمظلومية والعدالة والمكافأة.

3- المستوى الجزئي: وهي الدوافع الشخصية مثل العزلة والتمييز والاضطرابات النفسية التي تجعل الفرد يميل اتجاه العنف.

وقد برعت الجماعات الارهابية في التلاعب بهذه المحركات وتجيرها لصالحها وكثيرا ما تلجأ الى الاستنزاف والتخويف والاستفزاز وتعطيل الامان والوضع القائم من اجل استغلال الافراد المعرضين للضعف وإطالة وجودها.

إدراك الإرهابيين أهمية الدور الإعلامي في تحقيق أهدافهم

لقد أدرك الإرهابيون أهمية الدور الاعلامي في تحقيق الاهداف عبر ما انشأه من آلات اعلامية اضافة الى استغلاله الوسائل التكنولوجيا الحديثة كافة، وزيادة تواجده على مواقع التواصل الاجتماعي لبث دعايته الترويجية التي اعتمد في اغلبها على الاستعراض والتهويل لشن حرب نفسية ضد الشعوب والدول فضلا عن رفع الروح المعنوية لمقاتليه.

وتقوم المنظمات الإرهابية بنشر صور ضحايا الهجمات التي تنفذها باعتبارها نوعا من الحرب النفسية التي تشنها ضد الخصم لإحباط معنوياتهم. والترويج الدعائي بالوسائل المختلفة هو السلاح والورقة الرابحة التي يركز عليها الارهابيون جهودهم باعتبارها ملاذا لإثبات وجودهم وكذلك العمل على استقطاب عناصر جديدة لصفوفهم.

أهداف الحرب النفسية لدى الإرهابيين

يستعمل الإرهابيين الحرب النفسية من اجل تحقيق الأهداف الأتية:

1- تدمير الروح المعنوية للخصم.

2- تدمير ارادة المقاومة في جميع انحاء دولة الخصم هدف استراتيجي طويل الامد.

مبادئ الحرب النفسية الناجحة

من مبادئ الحرب النفسية الناجحة اعتمادها على ما يلي:

1- تقديم افكار أو حقائق جديدة للمستمع أو استهداف أو استغلال وتوظيف هذه الحقائق لخدمة اغراض الحرب النفسية مع انتقاء الافكار التي يحتمل ان يتقبلها الخصم وعدم استعمال الافكار التي من المتوقع ان يرفضها الأعداء، ولذلك لابد من يشن حربا نفسية ناجحة من دراسة اتجاهات المجتمع المستهدف ومعرفة ميولة وحاجاته وعقائده وكافة الامور التي تتعلق بثقافته.

2- الاعتماد على التكرار مع التنوع حتى لا يؤدي التكرار الى الشعور بالملل ومن ثم رفض الرسالة، استعمال التكرار مع التشويق واستعمال وسائل الجذب.

3- تقديم المكافآت أو التعزيزات للجمهور المتلقي.

4-خلق حالة من الغموض وحب الاستطلاع لدى الخصم بحيث تأتي الرسالة كإشباع او اجابة على هذه الحاجة وخفض حالة التوتر التي تنجم عن الحرمان من المعرفة بالحقيقة وذلك لأنه في جو الغموض وحده تنتشر الشائعات ويقبلها المجتمع لإشباع الحاجة الى المعرفة.

5- ضرورة توفير المصداقية في مصدر الرسالة حتى يصدقه ويثق فيه الجمهور المستهدف فاذا عرف المجتمع المستهدف ان اذاعة معينة كاذبة وتروج الشائعات ينصرفون عنها وتكون منبوذة.

6- تستهدف الدعاية زعزعة قضية الخصم وتشكيكه في عدالتها وصحتها.

7- ابراز نواحي الفقر والحرمان والعوز والجوع والاشارة الى معاناة الخصم من مشاكل مثل البطالة وانخفاض مستوى المعيشة وقلة المساكن وصعوبة الزواج وصعوبات التعلم.

8- خلق صورة براقة ومشرقة عن حالة المجتمع المعادي في حالة استسلامه وتوقفه عن الحرب وقبوله الهزيمة.

9- مخاطبة عواطف الناس ووجدانهم وانفعالاتهم أكثر من مخاطبة العقل والمنطق.

10- إثارة الخوف والفزع والرعب في نفوس الخصوم والمبالغة والتضخيم في القوات المسلحة وتوجيه المدمرات والبوارج وحاملات الطائرات والمدرعات واسراب الطائرات المقاتلة والقاذفة والاشارة الى الاعداد الضخمة من القوات المسلحة وتدريبهم على كافة الحروب الحديثة والتهديد باستخدام اسلحة الدمار الشامل أو الاسلحة النوية والكيميائية والجرثومية أو البيولوجية واستخدام الغازات السامة والقنابل الضخمة والعنقودية والهيدروجينية وما الى ذلك مما استخدم في الحرب النفسية التي استخدمتها الولايات المتحدة الأمريكية في حربها ضد افغانستان والعراق.

أساليب الحرب النفسية

تعتمد الحرب النفسية بشكل أساسي على الشائعات، وهدفها إثارة الذعر والقلق في نفوس المواطنين خاصة في الجوانب الفكرية لديهم، وعادة ما تكون أوقات الحرب والعمليات الإرهابية أفضل مناخ يسود فيه الشائعات، فيتناقل المواطنون معلومات لا يتحققون من مصدرها وتثير البلبلة.

ومن أساليبها فهي:

1- الدعاية.

2- الاشاعة.

3- التضليل الاعلامي.

4- غسيل الدماع.

5- الغزو الفكري.

6- الفكاهة (النكتة) والكاريكاتير.

7- البلاغات والنداءات.

8- التخريب النفسي وافتعال الازمات واثارة الرعب والفوضى.

9- استعراض القوة وعرض الاسلحة.

10- تشويه الشخصية

الخاتمة

إن الحرب النفسية أكثر خطورة من الحرب العسكرية لأنها تستخدم العديد من الوسائل، إذ توجه تأثيرها على أعصاب المواطنين ومعنوياتهم ووجدانهم.

إضافة إلى أنها تكون في الغالب مقنعة بحيث لا ينتبه الناس إلى أهدافها، ومن ثم يحذرون منها.

إن المواطنين يدركون خطر القنابل والمدافع ويحمون أنفسهم منها، ولكن الحرب النفسية تتسلل إلى نفوسهم دون أن يدروا، بالإضافة إلى أن جبهتها أكثر شمولا واتساعا من الحرب العسكرية لأنها تهاجم المدنيين والعسكريين على حد سواء. وتُسخّر التنظيمات الإرهابية وسائل إعلامية وهذه الوسائل تبث الدعاية الكاذبة والإشاعات السوداء العارية من الصحة لإضعاف معنويات الناس وجعلهم يتبنون مواقف سلبية وعدائية، مما يتطلب مجابهتها باستراتيجية علمية واقعية شاملة قابلة للتنفيذ والنجاح.

اضف تعليق