بعد بلوغ التوتر اوجه ربما يكون هنالك نية من قبل قادة البلدين للوصول الى حل نهائي لمسالة كشمير، لكن ثمة اياد خفية لا تريد للمنطقة ان تستقر، فقد تكون هنالك رغبة غربية وتحديدا من قبل امريكا في تحجيم الدور الصيني في المنطقة فهي تريد ان تلعب بتلك الأوراق...
الموقف بجنوب آسيا وتحديدا في كشمير التي تشهد نزاعا بين الهند وباكستان منذ عقود يزداد سخونة في الاسبوع الاخير، ذلك على خلفية قرار رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي القاضي بإيقاف العمل بالمادة 370 في الدستور الهندي والتي تعطي الحكم الذاتي لولاية جامو وكشمير، بكونها منطقة متنازع عليها، هذا القرار يعمل مرة أخرى على تأزيم الاوضاع بين البلدين ما قد يحدث حربا مفتوحة.
باكستان ردت على تلك القرارت وعلى لسان رئيس وزرائها عمران خان الذي قال إن بلاده مستعدة للحرب إذا فرضت عليها محذرا من عواقب ما سماها "المغامرة الهندية" في كشمير، معتبرا إلغاء نيودلهي الوضع الخاص للشطر الهندي من كشمير خطأ استراتيجيا.
حتى وان لم تتجه التوترات صوب الهدوء في الايام القادمة فأن رئيس الوزراء الهندي لا يزال لديه الحافز في تحقيق رغبات حزبه ومن المرجح أن يتخذ العديد من الخيارات المثيرة للجدل خلال الخمس سنوات القادمة، والتي قد يؤثر الكثير منها أيضا على باكستان وهو ما يجعل استمرار التناحرات قائمة في العلاقات الهندية الباكستانية.
ولم تتأخر باكستان باتخاذ بعض الاجراءات التي تندرج ضمن ردود الافعال المنطقية، حيث قامت بطرد السفير الهندي لديها، وهو ما شكل الى جانب وقف التجارة مع نيودلهي حلقة جديدة في مسلسل الصراع بين البلدين الجارين على الإقليم.
ويعتبر صراع الهند وباكستان على كشمير من أطول النزاعات الدولية، وبدأ قبل سبعين عاما، بعد إعلان استقلال الهند عن الاحتلال البريطاني، في حين لعبت الصين دورا ثانويا في بعض الأوقات.
الامم المتحدة لم تقف مكتوفة الايدي بل تدخلت في يناير عام 1949 في النزاع المسلح بين البلدين على الإقليم، وتم تحديد خط لوقف إطلاق النار، وبموجبه وضع ثلثي مساحة كشمير تحت السيطرة الهندية، والباقي تحت السيطرة الباكستانية.
الا ان المعاهدة لم تكن مانعا امام الدولتين من خوض حربين في 1965 و1971 إلى جانب تلك التي اندلعت قبل إبرام الاتفاقية وكانت في العام 1948 مما أسفر عن مقتل نحو 70 ألف شخص من الطرفين.
ما يتمتع به الاقليم من موقع استراتيجي بالنسبة للهند يجعل منها تتبع طرق شرعية وغيرها من اجل ضمه الى اراضيها، ذلك كونه يرتبط بتوازن القوى في جنوب آسيا، وبين الهند والصين، في حين اهميته لباكستان تتمثل بجغرافيته وحيويته حيث تنبع أنهار باكستان الثلاثة منه.
تعددت الروايات في هذا الخصوص ولكن ووفقا للرواية الهندية فإن ولاية جامو وكشمير كلها ملك لها، وفعليا تحكم الهند نحو 43 في المئة من المنطقة، وتتنازع مع باكستان التي تحكم نحو 37 في المئة من الولاية.
واعتبر قادة الأحزاب الباكستانية في تصريحات صحفية الخطوة الهندية التفافا على قرارات مجلس الأمن الدولي التي تنص على إجراء استفتاء في كشمير لتقرير المصير وإلغاء الاتفاقات المبرمة بين الهند وباكستان.
ويرى قادة الأحزاب أن قرار الهند سيؤدي على المدى البعيد إلى تغيير التركيبة السكانية للإقليم، حيث يصبح من حق أي هندي التملك فيه بغض النظر عن معتقده وعرقه، وهو ما كان محظورا منذ تقسيم شبه القارة الهندية عام 1947.
وسط حالة التوتر التي تشهدها المنطقة يبقى خيار الحرب مستبعدا لحد الآن، لاسيما وان الهند ضمت جامو وكشمير الى الاراضي الاتحادية ودعت الى الاستثمار على اراضيها بغية تحويلها الى منطقة تجارية سياحية على الخارطة العالمية.
الحكومة الهندية عازمة على المضي بالقرار ولم يبقى امام باكستان سوى الدفاع عن القضية في المحافل الدولية، والتباحث في الشأن وفق الاساليب الدبلوماسية.
ربما يستغرب البعض الاجراء الهندي في هذا التوقيت الحساس الذي يعتقد انه استفز اللسلطات الباكستانية، لو نعود قليلا الى الوراء نجد ان الحزب الهندوسي الذي يمثله مودي في سياسته مصمم منذ توليه الرئاسة على انهاء صفة الحكم الذاتي لكشمير وما يرافقه من منع للهنود من شراء الاراضي فيها والاستثمار لذلك هذا القرار يعد جزء من ايديولوجيته، علينا ان لا نتغافل ان موقف معظم الاحزاب السياسية في الهند وبشقيها الموالية والمعارضة تتفق على ان جامو وكشمير جزء لا يتجزأ من الاراضي الهندية بما فيها الجزء الباكستاني.
في الصورة يبدوا ان الهند اكثر نجاحا واقناعا للمجتمع الدولي في الوقت الذي يحضى قرار مودي بقبول شعبي للاستحواذ على كشمير بصورة كاملة، معتمدة بذلك على مكانتها الاقتصادية وهو ما يضمن وقوف المجتمع الدولي الى جانبها دون ادنى شك.
بعد بلوغ التوتر اوجه ربما يكون هنالك نية من قبل قادة البلدين للوصول الى حل نهائي لمسالة كشمير، لكن ثمة اياد خفية لا تريد للمنطقة ان تستقر، فقد تكون هنالك رغبة غربية وتحديدا من قبل امريكا في تحجيم الدور الصيني في المنطقة فهي تريد ان تلعب بتلك الاوراق المطروحة في الساحة لتستفيد من الوضع المتقلب لصالح حربها مع الصين، فضلا عن خلق بلبلة من اجل اضعاف الدولتين النوويتين ومن ثم القضاء على السلاح النووي الذي يؤرق الادارة الامريكية لاسيما وان جزء منه خارج سيطرتها.
اضف تعليق