تصاعدت حدة الازمات والتوترات في منطقة الخليج العربي بين الولايات المتحدة وايران، والتي ازدات بشكل كبير بعد مزاعم تعرض سفن إماراتية وسعودية لـ\"عمل تخريبي قرب الفجيرة وما اعقبها من تطورات، يخشى بعض المراقبين ان تسهم هذه التوترات في تعقيد الكثير من الامور في المنطقة...
تصاعدت حدة الازمات والتوترات في منطقة الخليج العربي بين الولايات المتحدة وايران، والتي ازدات بشكل كبير بعد مزاعم تعرض سفن إماراتية وسعودية لـ"عمل تخريبي قرب الفجيرة وما اعقبها من تطورات، يخشى بعض المراقبين ان تسهم هذه التوترات في تعقيد الكثير من الامور في المنطقة ومنها الحرب في اليمن مع استمرار غارات التحالف العسكري الذي تقوده السعودية. والذي أدى إلى خسائر بشرية فادحة، وأزمة إنسانية تقول الأمم المتحدة إنها الأسوأ. ففي مارس/آذار 2017 وصف المسؤول عن العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة ستيفن أوبراين الأزمة في اليمن بأنها "الأزمة الإنسانية الأسوأ في العالم".
حيث تشير بعض التقارير إلى أن "80 بالمئة من السكان، أي نحو 24 مليون شخص، بحاجة إلى مساعدة غذائية أو حماية، بينهم 14,3 مليون شخص بشكل عاجل". بينما أكدت منظمة العمل ضد الجوع الفرنسية أن عدد النازحين داخل اليمن بلغ 3,3 ملايين شخص. وتفشى وباء الكوليرا في البلاد مؤديا إلى وفاة أكثر من 2500 شخص منذ أبريل/نيسان 2017. وتم الإبلاغ عن الاشتباه بنحو 1,2 مليون حالة إصابة، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وتقول منظمة "سيف ذي تشيلدرن" الإنسانية البريطانية أن قرابة 85 ألف طفل ماتوا من الجوع أو المرض في الفترة بين أبريل/نيسان 2015 وأكتوبر/تشرين الأول 2018. وقتل آخرون خلال المعارك. ولقد أوقعت الحرب الدائرة هناك نحو 10 آلاف قتيل منذ بدء عمليات التحالف في 26 مارس/آذار 2015، وفقا لمنظمة الصحة العالمية، في حين تقول منظمات حقوقية مستقلة إن عدد القتلى الفعلي قد يبلغ خمسة أضعاف ذلك.
وفيما يخص اخر تطورات الحرب في اليمن فقد أكد المبعوث الدولي إلى اليمن مارتن غريفيث أنه يسعى لإبقاء اليمن خارج التوترات في المنطقة، خلال لقاء في العاصمة السعودية الرياض مع نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان. وكتب مكتب غريفيث في تغريدة على تويتر "ناقشنا السبل لإبقاء اليمن خارج التوترات الإقليمية، وإحراز التقدّم في تنفيذ اتفاق ستوكهولم ودعم المملكة العربية السعودية لعملية السلام".
وأكد البيان أن غريفيث عقد اجتماعا "مثمرا" مع الأمير خالد نجل العاهل السعودي الملك سلمان عبد العزيز وشقيق وزير الدفاع ولي العهد الامير محمد بن سلمان. ويتصاعد التوتر في منطقة الخليج منذ أيار/مايو الماضي، وتفاقم مع تعرض ناقلات نفط في الخليج لهجمات اتّهمت الولايات المتّحدة إيران بالوقوف خلفها رغم نفي طهران، وسط تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز على خلفية العقوبات الأميركية عليها.
بينما كثّف الحوثيون هجماتهم بصواريخ وطائرات من دون طيار عبر الحدود السعودية في الأسابيع الأخيرة. وأدت ثلاثة من تلك الهجمات إلى مقتل شخص على الأقل وجرح 56 آخرين في السعودية منذ 12 حزيران/يونيو، وفق السلطات السعودية. وتتهم السعودية إيران بتزويد الحوثيين بأسلحة متطورة وهو ما تنفيه طهران.
هجمات جديدة
نفذ الحوثيون هجمات جديدة بطائرات مسيرة على مطار سعودي بعدما ذكر سكان أن طائرات للتحالف العسكري الذي تقوده السعودية قصفت مناطق في محيط العاصمة اليمنية صنعاء. وقال تلفزيون المسيرة التابع للحوثيين إن الجماعة شنت عددا من الهجمات بطائرات مسيرة على مطار أبها في جنوب السعودية وذلك بعد يومين من إعلانهم المسؤولية عن هجوم صاروخي على نفس المطار.
وقال التحالف، الذي تقوده السعودية والذي تدخل في 2015 في الحرب الأهلية اليمنية لإعادة حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، إنه اعترض خمس طائرات مسيرة استهدفت مطار أبها وخميس مشيط في نفس المنطقة. وكان التحالف المدعوم من الغرب قد تعهد بالرد بصرامة على الهجوم الصاروخي الذي شنه الحوثيون وقال إنه دمر أهدافا عسكرية للحوثيين على مشارف العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وأضاف بيان التحالف أن العملية استهدفت ”خبراء أجانب من تنظيمات إرهابية يعملون مع الحوثيين“ دون أن تحدد جنسياتهم أو تفصح إن كان الهجوم قد أودى بحياة أحد. ويتهم قادة السعودية والإمارات الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني المدعوم من إيران بدعم الحوثيين لكنهم ينفون ذلك. بحسب رويترز.
وقال البيان الذي نقلته قناة العربية المملوكة لسعوديين ”الأهداف شملت صواريخ وأسلحة ومعامل تصنيع“. وقال تلفزيون المسيرة إن غارات استهدفت ثلاثة مواقع، تتضمن أهدافا عسكرية لقوات الحوثيين، على مشارف صنعاء. وقال سكان إن الضربات استهدفت معسكرات إلى الغرب والشمال من المدينة.
الإمارات في اليمن
الى جانب ذلك أعلن مسؤول إماراتي كبير أنّ هناك خفضا في عديد قوات بلاده في مناطق عدة في اليمن ضمن خطة "إعادة انتشار" لأسباب "استراتيجية وتكتيكية"، موضحا أنّ أبوظبي تعمل على الانتقال من "استراتيجية القوة العسكرية" إلى خطّة "السلام أوّلا" في هذا البلد. وقال المسؤول خلال لقاء مع صحافيين في دبي مشترطا عدم الكشف عن هويته "هناك خفض في عديد القوات لأسباب استراتيجية في الحديدة (في غرب اليمن) وأسباب تكتيكية في مناطق أخرى".
وأضاف "الأمر يتعلّق بالانتقال من (...) استراتيجية القوة العسكرية أولا إلى استراتيجية السلام أولا". من جهته، أكّد مسؤول عسكري في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا أنّ الإمارات "أخلت معسكر الخوخة جنوب الحديدة تماما وسلّمته قبل أيام لقوات يمنية، وسحبت جزءا من أسلحتها الثقيلة". وتابع "لكنّها (القوات الإماراتية) لا تزال (...) تدير الوضع العسكري في الساحل الغربي بشكل كامل مع القوات اليمنية ضمن عمليات التحالف بقيادة السعودية".
والإمارات عضو رئيسي في التحالف العسكري الذي تقوده المملكة السعودية في اليمن منذ آذار/مارس 2015، دعما لقوات الحكومة في مواجهة الحوثيين المقرّبين من إيران. وجاء الاعلان الإماراتي عن إعادة الانتشار في اليمن في الذكرى السنوية الخامسة لبداية النزاع في هذا البلد. ويشهد اليمن، أفقر دول شبه الجزيرة العربية، نزاعا داميا منذ تموز/يوليو 2014 بين القوات الموالية للحكومة المعترف بها دوليا والمتمردين الحوثيين الذي يسيطرون منذ نحو أربع سنوات على العاصمة صنعاء ومناطق اخرى.
وتسبّب هذا النزاع بمقتل عشرات آلاف الأشخاص، بينهم عدد كبير من المدنيين، بحسب منظمات إنسانية مختلفة. وتنشر الإمارات في اليمن آلافا من قواتها، خصوصا في المنطقة الجنوبية والغربية، وتقود حملتين رئيسيتين، الاولى ضد المتمردين على ساحل البحر الأحمر وفي محيط محيط مدينة الحديدة، والثانية ضد تنظيمي القاعدة والدولة الاسلامية المتطرفين اللذين استغلا النزاع لتعزيز نفوذهما في مناطق القتال.
وقال المسؤول الإماراتي إن الحديدة هي واحدة من أكثر من المناطق التي ستتأثّر بعملية إعادة الانتشار "لأن في الحديدة اتفاق سياسي ندعمه (...) ولذا فإنّه من المنطقي أن نعيد الانتشار بعيدا عن الحديدة". وتابع "إعادة انتشارنا في مناطق أخرى من اليمن تكتيكية". ورغم عملية إعادة الانتشار، شدّد المسؤول الإماراتي على التزام بلاده بدورها ضمن التحالف العسكري بقيادة السعودية.
وأوضح "نقاشنا بشأن إعادة الانتشار يجري منذ نحو عام، وقد تعزّز بعد التوصل إلى اتفاق ستوكهولم في كانون الاول/ديسمبر"، في إشارة إلى الاتفاق في السويد الذي نص على وقف لإطلاق النار في الحديدة والانسحاب منها، وهو ما لم يطبّق بشكل كامل حتى الآن.
وقال "هذا ليس قرار اللحظة الأخيرة. إنّه جزء من المسار (...) وقد جرت مناقشته بشكل مكثّف مع شركائنا السعوديين"، مؤكّدا أنّ "التزامنا في اليمن يبقى كما هو. نحن جزء من التحالف". كما شدّد على الالتزام "بمكافحة الارهاب". وبحسب المسؤول العسكري اليمني، فإنّ الإمارات درّبت "قوات يمنية تقدر بعشرات الآلاف لمحاربة القاعدة وداعش في محافظات جنوب اليمن المحررة، أبرزها عدن والمكلا وشبوة".
واعتبر أنّ "الاماراتيين لا يمكن أن ينسحبوا من حرب اليمن"، موضحا "لا تزال (قوات) الإمارات تتواجد في مواقع ومحافظات مختلفة". وتتزامن الخطوات الإماراتية في اليمن مع توتر متصاعد بين إيران والولايات المتحدة على خلفية مهاجمة ناقلات نفط قرب مضيق هرمز، وتعزيز واشنطن حضورها العسكري في المنطقة، وتراجع إيران عن بعض التزاماتها ضمن الاتفاق النووي الدولي الذي تم التوصّل إليه في 2015.
وفي أيار/مايو 2018، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحاب بلاده بشكل أحادي من الاتفاق، الذي اعتبره "كارثياً"، وإعادة فرض العقوبات الأميركية على إيران. وجرى تشديد هذه العقوبات في أيار/مايو الماضي. وأوضح المسؤول الإماراتي "العديد من الناس يسألون عما إذا كان هذا الأمر (إعادة الانتشار) مرتبطا بالتوتر المتصاعد مع إيران. أقول لا". لكنه أضاف أنّه في الوقت ذاته "لا يمكننا أن نغض النظر عن الوضع الجيواستراتيجي بشكل عام". بحسب فرانس برس.
ويرى جيمس دورسي الباحث في معهد راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة أنّ إعادة الانتشار قد تعكس اختلافا في مقاربتي الإمارات والسعودية حيال اليمن. وأوضح في تعليقات نشرها على الانترنت قبل أيام أنّه "من خلال الانسحاب، قد تكون الإمارات تسمح لخلافات مع السعودية بأن تطفو على السطح، لكنّها لن تعرّض تحالفها مع المملكة للخطر". واعتبر دورسي أنّ الإمارات "قلقة أيضا من موقعها على الساحة الدولية في ظل تصاعد الانتقادات مع تزايد حصيلة القتلى من المدنيين بسبب الحرب". وتابع أنّه في حال انسحاب الإماراتيين من مناطق رئيسية في اليمن، فإن القوات المحلية المدرّبة على أيدي الإماراتيين والتي يقدر عديدها بنحو 90 ألف مقاتل، ستواصل خدمة الأهداف الإماراتية.
تأمين موانئ اليمن
قالت أربعة مصادر مطلعة إن القوات السعودية في اليمن اتخذت إجراءات لتأمين ميناءين استراتيجيين في البحر الأحمر ومضيق باب المندب بعد أن خفضت حليفتها الرئيسية الإمارات وجودها العسكري هناك بشكل كبير. وقال قياديان عسكريان يمنيان ومسؤولان بالحكومة اليمنية إن ضباطا سعوديين تسلموا قيادة القواعد العسكرية في ميناءي المخا والخوخة وكانت القوات الإماراتية تستخدمهما لدعم الحملة العسكرية التي كانت تستهدف السيطرة على الحديدة القريبة ولمراقبة الساحل. كما أرسلت الرياض عددا غير محدد من القوات لمدينة عدن الساحلية وإلى جزيرة بريم الصغيرة البركانية في مضيق باب المندب، وهو ممر استراتيجي للملاحة يربط بين البحر الأحمر وخليج عدن.
وقال مسؤول إماراتي كبير عن الخطوة ”لا يعترينا أي قلق بشأن حدوث فراغ في اليمن لأننا دربنا 90 ألف جندي يمني في المجمل.. هذا أحد نجاحاتنا الكبيرة في اليمن“. وتقول الإمارات إنها لا تزال على التزاماتها تجاه التحالف والحكومة المعترف بها دوليا في اليمن وأضاف المسؤول الذي رفض نشر اسمه إن قرار خفض القوات لم يكن وليد اللحظة بل نوقش باستفاضة مع الرياض. وليس من المتوقع أن تؤدي تلك التغييرات في قيادة القواعد العسكرية إلى تغير يذكر في مسار الحرب ولا في وقف لإطلاق النار في الحديدة أبرم بدعم من الأمم المتحدة في السويد بين الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية والحوثيين المتحالفين مع إيران. بحسب رويترز.
لكن توسيع نطاق الوجود السعودي على الأرض من شأنه أن يكثف من الانتقادات الدولية لدور المملكة في الحرب التي تسببت في أسوأ أزمة إنسانية في العالم وقتلت مئات المدنيين في ضربات جوية على مستشفيات ومدارس وأسواق. وتتمركز عشرات الآلاف من القوات اليمنية والسودانية في المنطقة وعلى المشارف الجنوبية للحديدة حيث اتفقت الأطراف المتحاربة على وقف لإطلاق النار لتمهيد الطريق لإجراء محادثات لإنهاء الحرب.
اضف تعليق