التهديدات الاخيرة التي أطلقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بخصوص القيام بعمل عسكري جديد في شمال سوريا لاستهداف وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة من قبل الولايات المتحده الامريكية، اثارت قلق ومخاف بعض الدول التي تسعى الى انهاء الحرب المستمرة في سوريا، خصوصا بعد الانجازات العسكرية...
التهديدات الاخيرة التي اطلقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بخصوص القيام بعمل عسكري جديد في شمال سوريا لاستهداف وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة من قبل الولايات المتحده الامريكية، اثارت قلق ومخاف بعض الدول التي تسعى الى انهاء الحرب المستمرة في سوريا، خصوصا بعد الانجازات العسكرية المهمة التي تحققت ضد تنظيم داعش الارهابي، حيث يرى بعض المراقبين ان اي عمل عسكري تركي ضد وحدات حماية الشعب الكردية في الوقت الحالي سيصب في مصلحة تنظيم داعش وباقي الجماعات الارهابية الاخرى، وسيسهم في خلق صراع جديد بين بعض الحلفاء خصوصا مع وجود بعض الازمات والتوترات.
وأظهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بحسب بعض المصادر، عزمه على "استئصال" المقاتلين الأكراد من شمال سوريا، وإبعادهم عن الحدود الجنوبية لتركيا، وقال أردوغان إنه إذا لم يرغم الأميركيون المقاتلين الأكراد على الانسحاب من شمال سوريا، وتحديدا من شرقي الفرات، فإنه عازم على "التخلص منهم".
واعتبر أردوغان، في كلمة وأشار فيها إلى حديث أجراه مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخرا، أن وحدات حماية الشعب الكردية "تشكل مصدر قلق" لبلاده. غير أن الرئيس التركي أشار إلى احتمال التوصل إلى حل مع الأميركيين لمسألة المقاتلين الأكراد، قائلا: "لأننا شركاء استراتيجيون، يجب أن نقوم بما هو ضروري"، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن الهجوم التركي المحتمل يمكن أن يبدأ "في أي وقت".
وتأتي تهديدات أردوغان الجديدة للأكراد بعد 3 أيام على محادثته الهاتفية مع ترامب، اتفق خلالها الزعيمان على التعاون في شمال سوريا بشكل "أكثر فاعلية". ويشكل هذا التهديد من أردوغان امتدادا لتهديدات أخرى ضد المقاتلين الأكراد والدعوة إلى انسحابهم من منبج، أو طردهم بالقوة في حال لم تلتزم الولايات المتحدة بتعهداتها. وردا على تهديدات أردوغان السابقة، اعتبرت أحزاب كردية سورية أنها تصل إلى "إعلان حرب"، ودعت القوى الدولية لمنع الهجوم على المنطقة، بينما تعهدت قوات سوريا الديمقراطية بالرد بقوة على أي هجوم تركي محتمل في سوريا.
دخول منبج
وفي هذا الشأن قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن القوات التركية ستدخل مدينة منبج السورية إذا لم تُخرج الولايات المتحدة وحدات حماية الشعب الكردية من المنطقة كما ستستهدف المناطق التي يسيطر عليها الأكراد إلى الشرق. وكان أردوغان قد قال إن أنقرة ستشن عملية جديدة خلال أيام تستهدف وحدات حماية الشعب الكردية التي تسيطر على مساحات من المنطقة الحدودية في شمال سوريا. وستكون هذه ثالث عملية عسكرية تشنها داخل سوريا خلال عامين. وهناك خلاف بين أنقرة وواشنطن بشأن سوريا، إذ قدمت الولايات المتحدة الدعم لوحدات حماية الشعب في المعركة ضد تنظيم داعش في حين تقول تركيا إن الوحدات منظمة إرهابية وامتداد لحزب العمال الكردستاني المحظور.
وشكت تركيا من بطء وتيرة تنفيذ اتفاق مع واشنطن لانسحاب مقاتلي الوحدات من منبج، التي تقع في مناطق عربية بالأساس غربي الفرات، إلى الضفة الشرقية من النهر. وقال أردوغان ”منبج مكان يعيش فيه العرب لكنهم سلموا المنطقة للمنظمة الإرهابية، ما نقوله الآن هو أن عليكم تطهير المنطقة واخراجهم منها وإلا فسندخل منبج. أنا أتكلم بوضوح“.
وأضاف أن تركيا عازمة على إحلال ”السلام والأمن“ في المناطق الواقعة شرقي الفرات حيث تسيطر الوحدات على مساحة من الأرض تمتد لأكثر من 400 كيلومتر على الحدود مع العراق. وقارن العملية العسكرية المتوقعة بالتوغل في شمال سوريا في 2016 وبعملية شنتها هذا العام القوات التركية وحلفاؤها من مقاتلي المعارضة السورية والذين لا يزالون يسيطرون على أراض انتزعوها من وحدات حماية الشعب ومقاتلي الدولة الإسلامية. وذكر متحدث باسم مقاتلي المعارضة أن ما يصل إلى 15 ألف مقاتل على استعداد لدعم العملية التركية المرتقبة.
وحذرت الولايات المتحدة، التي أقامت مواقع مراقبة على الجانب السوري من الحدود، تركيا من التوغل الجديد وقالت إن المواقع التي شيدت حديثا ستساعد في ردع أي خطر على تركيا من سوريا. لكن أردوغان قال إن تركيا انتظرت بما فيه الكفاية للتحرك ضد وحدات حماية الشعب. وقال ”نحن لا نوفر الأمن لبلادنا فحسب عندما نتحرك في سوريا لكننا نحمي شرف الشعب أيضا“. وقال القيادي الكردي مظلوم كوباني يوم الخميس إن قوات سوريا الديمقراطية التي تقودها وحدات حماية الشعب سترد بقوة على أي هجوم.
حرب جديدة
في السياق ذاته قال قائد قوات سوريا الديمقراطية إن القوات التي تساندها الولايات المتحدة سترد بقوة على أي هجوم تركي لكنها تواصل الجهود الدبلوماسية لمنع أي هجوم. وفي مقابلة نادرة، قال مظلوم كوباني إن واشنطن قامت بمحاولات جادة لمنع وقوع الهجوم التركي على المقاتلين الأكراد الذين يسيطرون على مساحة واسعة من شمال سوريا على الحدود التركية، لكنه شدد على ضرورة أن تبذل الولايات المتحدة جهودا أكبر.
وحذر كوباني قائد قوات سوريا الديمقراطية من أن الهجوم التركي سيعطل مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية الذين يحاربون فلول تنظيم داعش حاليا في شرق سوريا وهو ما سيسمح للمتشددين بالانتشار من جديد. وقال قائد قوات سوريا الديمقراطية ” نحن مستعدون لأي هجوم وسنرد بقوة… وضمن مناطقنا“. وتابع قائلا ”وحتى هذه اللحظة محاولاتنا الدبلوماسية مستمرة لردع هذا الهجوم على مناطقنا“.
وحذرت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) من أن أي عمل عسكري من جانب واحد سيكون ”غير مقبول“. وأغضب دعم واشنطن لوحدات حماية الشعب الكردية شريكتها في حلف شمال الأطلسي أنقرة التي تعتبر أن المقاتلين الأكراد إرهابيون. وتقول تركيا إن وحدات حماية الشعب امتداد لحزب العمال الكردستاني المحظور الذي قاد حركة انفصالية مسلحة في جنوب شرق تركيا لعشرات السنين.
وقال كوباني إن تركيا تحشد المقاتلين السوريين المتحالفين معها على الجبهات المتاخمة للمناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية. وفي الأعوام القليلة الماضية اجتاحت قوات تركية سوريا وأجبرت وحدات حماية الشعب على الانسحاب من أراض غربي نهر الفرات. لكن الحملات السابقة توقفت على ضفتي النهر ويرجع ذلك لأسباب منها تفادي المواجهة المباشرة مع القوات الأمريكية.
واجتمع كوباني (50 عاما) مع المبعوث الأمريكي الخاص بسوريا جيمس جيفري الذي زار المنطقة الخاضعة لقوات سوريا الديمقراطية بعد أن أجرى محادثات في أنقرة. وقال كوباني إن جيفري ”لديه محاولات لوقف الهجمات التركية لأنه يعلم جيدا أن الهجمات التركية ستفشل الحرب ضد داعش وسيكون سببا لاسترجاع داعش قوته من جديد وكذلك ستذهب كل الأعمال المشتركة بيننا وبين التحالف لمحاربة داعش في هذه المناطق هباء“.
وعلقت قوات سوريا الديمقراطية القتال ضد داعش في شرق سوريا في أكتوبر تشرين الأول بسبب قصف تركيا للشمال عبر الحدود. واستؤنفت العمليات البرية حين أنشأ الجيش الأمريكي نقاط مراقبة على الحدود. وقال كوباني إنه لا يزال هناك خمسة آلاف متشدد على الأقل متحصنين في الجيب الصحراوي بشرق سوريا بينهم بعض من المقاتلين الأعلى كفاءة وأعضاء بمجلس شورى تنظيم داعش ويشمل ذلك ألفي مقاتل أجنبي تقريبا معظمهم من العرب والأوروبيين مع أسرهم.
ومضى كوباني قائلا ”اتخذوا القرار أن يقاتلوا حتى الموت… داعش لا يزال قويا“. وقال كوباني إن من الممكن أن يكون زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي في شرق سوريا لكن قوات سوريا الديمقراطية لا يمكنها التأكد لأنه يختفي كثيرا. بحسب رويترز.
وأضاف أن قدامى محاربي وحدات حماية الشعب الكردية يديرون الحملة ويقودون الآلاف من المقاتلين المحليين الذين انضموا في الآونة الأخيرة من محافظة دير الزور بشرق سوريا التي يغلب على سكانها العرب. وتابع ”لو حصل الهجوم التركي فقوات وحدات حماية الشعب الكردية مجبرة أن تأتي وتحمي حدودها مع الدولة التركية. مقاتلو الوحدات سيدافعون عن عوائلهم وأهلهم وأطفالهم، وإن لم يكونوا موجودين في دير الزور فالحرب ضد داعش غير ممكنة“.
من جانب اخر ذكر متحدث باسم جماعة المعارضة الرئيسية في سوريا المدعومة من تركيا إن ما يصل إلى 15 ألفا من مسلحي المعارضة مستعدون للمشاركة في هجوم عسكري تركي على مقاتلين أكراد تساندهم الولايات المتحدة في شمال شرق سوريا. وقال المتحدث باسم الجيش الوطني، وهو قوة معارضة تدعمها تركيا وتهدف لتوحيد فصائل مختلفة في شمال غرب سوريا، إنه لا يوجد موعد مقرر للعملية التي ستبدأ من أراض سورية وتركية.
وقال الرائد يوسف حمود”حتكون المعركة بعدة محاور ورح تنطلق بالتزامن من محاور مشتركة... ستكون بمنبج وتل أبيض ورأس العين“ في إشارة إلى مدن تبعد عن بعضها نحو 200 كيلومتر قرب الحدود السورية الشمالية. وأضاف حمود أن العملية التي ستنطلق من تركيا قد تبدأ قبل أيام قليلة من التحرك من داخل سوريا.
هزيمة داعش
الى جانب ذلك قالت متحدثة باسم قوات سوريا الديمقراطية إن القوات المدعومة من الولايات المتحدة توشك على انتزاع السيطرة على بلدة هجين في شرق البلاد من يد تنظيم داعش. وكانت هجين آخر بلدة خاضعة لسيطرة داعش في الجيب الأخير للتنظيم المتشدد شرقي نهر الفرات قرب الحدود مع العراق. وتقاتل قوات سوريا الديمقراطية التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردية وتدعمها الولايات المتحدة.
وقالت ليلوى العبدالله المتحدثة باسم حملة قوات سوريا الديمقراطية في محافظة دير الزور ”العمليات العسكرية لا تزال مستمرة... قواتنا تتقدم مع اشتباكات عنيفة... في الوقت القريب سيتم زف بشرى تحرير هجين بشكل كامل من يد المرتزقة“. وذكر مصدر في وحدات حماية الشعب الكردية أن قوات سوريا الديمقراطية تسيطر الآن على هجين وأن جيوبا صغيرة متبقية لداعش في البلدة سيتم القضاء عليها.
وبانتزاع السيطرة على هجين، لم تعد داعش تسيطر سوى على شريط صغير من الأراضي على طول الضفة الشرقية لنهر الفرات في المنطقة التي تتركز فيها عمليات تدعمها واشنطن. كما يسيطر المتشددون على بعض الأراضي الصحراوية غربي النهر في منطقة تقع تحت سيطرة حكومة دمشق وحلفائها. وتمكنت حملات منفصلة شنتها قوات سوريا الديمقراطية بدعم من الولايات المتحدة من جانب وحملات من قوات الحكومة السورية بدعم روسي من جانب آخر العام الماضي من طرد داعش من أغلب الأراضي التي سبق وسيطرت عليها في سوريا. بحسب رويترز.
وقالت أحزاب كردية سورية إن التهديدات التركية بمهاجمة شمال سوريا تصل إلى حد إعلان حرب ودعت القوى الدولية لمنع الهجوم على المنطقة. وجاء في بيان وقعته الأحزاب الكردية الرئيسية في سوريا وغيرها من الجماعات المتحالفة معها ”كل المكونات وكل القوى في شمال وشرق سوريا، المطالبة بالحرية والديمقراطية، مطالبة بالالتقاء على برامج استراتيجية ومرحلية لمواجهة هذا العدوان“. في الوقت نفسه قالت الرئاسة التركية إن الرئيس رجب طيب أردوغان عبر عن قلقه في اتصال هاتفي مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن وجود وتحركات فصيل مسلح كردي في شمال سوريا.
قلق ومطالب
من جانب اخر قال مسؤول أمريكي، طلب عدم نشر اسمه في وقت سابق إن تصريحات أردوغان أثارت القلق في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) وإن هذا ربما يؤثر على القتال ضد داعش. وأوضح المسؤول أن القلق مبعثه أن العملية التركية ربما تصرف انتباه مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية في القطاع الأوسط من وادي نهر الفرات.
وكان هجوم آخر، نفذته تركيا ضد الوحدات في مارس آذار أثر على القتال ضد التنظيم وقاد إلى ”وقف العمليات“ في شرق سوريا. ويقول البنتاجون إن هناك حوالي ألفي جندي أمريكي في سوريا وقالت الولايات المتحدة في وقت سابق إنها ستقيم مواقع مراقبة على الحدود بين شمال سوريا الذي يسيطر عليه الأكراد وتركيا بعدما أسفر قصف تركي عبر الحدود عن مصرع أربعة مقاتلين أكراد.
وقال مسؤول أمريكي إن ثلاثة مواقع للمراقبة انشئت بالفعل. وأضاف أن المواقع عليها علامات واضحة وأن أي قوة تهاجم تلك المواقع ”ستكون على علم تام بأنها تهاجم الولايات المتحدة“. وقال أردوغان إن تركيا ضحية ”لأسلوب مماطلة“ إزاء منبج وأضاف أن تنظيم داعش لم يعد يمثل تهديدا في سوريا. وأضاف ”حان الوقت لتنفيذ قرارنا بضرب دوائر الإرهاب شرقي الفرات. حقيقة خلافاتنا العميقة مع الولايات المتحدة لا تخفى على أحد“. وتابع ”جرى اتباع أسلوب مماطلة في منبج ولا يزال متبعا... لم يعد هناك تهديد اسمه داعش في سوريا. هذه قصة خيالية“. بحسب رويترز.
ولا تزال وحدات حماية الشعب تسيطر على قطاع كبير من شمال شرق سوريا على الحدود الجنوبية لتركيا. وتنظر تركيا إلى الوحدات باعتبارها امتدادا لحزب العمال الكردستاني. وقتل ما يربو على 40 ألف شخص، معظمهم من الأكراد، في الصراع بين حزب العمال الكردستاني والدولة التركية. وتخشى أنقرة تأجج الصراع بسبب وجود وحدات حماية الشعب على الجانب الآخر من الحدود. وقال الكوماندر شون روبرتسون المتحدث باسم البنتاجون في بيان إن القيام بعمل عسكري من جانب واحد في شمال شرق سوريا من أي طرف سيكون محل قلق بالغ ”خاصة في ظل احتمال وجود أفراد من الجيش الأمريكي هناك أو في محيط المنطقة“.
في السياق ذاته طلبت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني من تركيا "الامتناع عن أي تحرك أحادي الجانب" في سوريا بعد تهديد أنقرة بشن هجوم جديد على مقاتلين اكراد تدعمهم واشنطن. واعتبرت موغيريني في بيان أن "التصريحات عن عملية عسكرية تركية جديدة محتملة في شمال شرق سوريا، هي مصدر قلق". وأضافت أنها تتوقع من "السلطات التركية الامتناع عن أي تحرك احادي الجانب من شأنه أن يقوض جهود التحالف ضد داعش أو تصعيد عدم الاستقرار في سوريا". وبعدما اعتبرت أن التصدي لمسلحي تنظيم داعش دخل "مرحلته النهائية"، دعت "الاطراف كافة" الى العمل على "تحقيق هدف إلحاق الهزيمة به قريبا والذي يبقى هدفا لا غنى عنه لاي حل دائم للازمة السورية".
اضف تعليق