العمليات العسكرية التي شنتها القوات السورية على محافظة درعا انطلاقاً من ريفها الشرقي، والتي حققت فيها تقدماً ميدانياً مهماً تمكنت بموجبه من فصل مناطق سيطرة الفصائل في الريف الشرقي، ستسهم وبحسب بعض المراقبين في قلب الموازين في هذه المنطقة التي تسعى الحكومة السورية الى استعادتها لما لها من اهمية كبيرة، ووسعت القوات الحكومية السورية هجوما كبيرا تشنه على قوات المعارضة في جنوب غرب البلاد...
العمليات العسكرية التي شنتها القوات السورية على محافظة درعا انطلاقاً من ريفها الشرقي، والتي حققت فيها تقدماً ميدانياً مهماً تمكنت بموجبه من فصل مناطق سيطرة الفصائل في الريف الشرقي، ستسهم وبحسب بعض المراقبين في قلب الموازين في هذه المنطقة التي تسعى الحكومة السورية الى استعادتها لما لها من اهمية كبيرة، ووسعت القوات الحكومية السورية هجوما كبيرا تشنه على قوات المعارضة في جنوب غرب البلاد، ويستهدف الرئيس بشار الأسد استعادة السيطرة على منطقة مهمة من الناحية الاستراتيجية على الحدود مع الأردن ومرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل معتمدا على القوة الدافعة التي حققتها قواته في أماكن أخرى من سوريا في الصراع المستمر منذ سبعة أعوام.
وذكرت وسائل إعلام رسمية أن القوات الحكومية فتحت جبهة جديدة في الهجوم على الجزء الذي تسيطر عليه قوات المعارضة من مدينة درعا، عاصمة المحافظة، وأبلغ قائد عسكري في التحالف الإقليمي الذي يساند الأسد بأن الهدف هو الوصول إلى معبر نصيب مع الأردن، وهو شريان اقتصادي تسيطر عليه المعارضة منذ 2015. ويواصل الأسد الهجوم بدعم روسي على الرغم من تحذيرات الولايات المتحدة التي تسعى إلى تثبيت اتفاق ”خفض التصعيد“ الذي توسطت في التوصل إليه مع موسكو في الجنوب الغربي العام الماضي.
وكانت واشنطن حذرت الأسد من تبعات خطيرة. لكن لا يوجد ما يشير حتى الآن إلى القيام بتحرك لوقفه: فقد أبلغت واشنطن الجيش السوري الحر أن عليه ألا يتوقع دعما عسكريا للمساعدة في التصدي للهجوم، وفقا لما ورد في نسخة من رسالة بعثت بها واشنطن إلى قادة فصائله في المنطقة. واتجه مسار الحرب ناحية الجنوب الغربي منذ سحق الأسد، بدعم من القوة العسكرية الإيرانية والروسية، آخر الجيوب المتبقية من المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة قرب مدينتي دمشق وحمص. وكانت سيطرة الأسد قد تقلصت إلى جزء صغير فقط من سوريا في 2015 ولكنه الآن أصبح يحكم قبضته على أكبر جزء منفرد من البلاد، غير أن كل الحدود الشمالية مع سوريا تقريبا وكثيرا من مناطق الشرق لا تزال خارج سيطرته.
تقدم مهم
وفي هذا الشأن ذكرت مصادر اعلامية والمرصد السوري لحقوق الإنسان إن القوات الحكومية السورية انتزعت السيطرة على منطقة من أراضي المعارضة تشمل بلدة بصر الحرير في شمال شرق درعا، وذلك في أول تقدم كبير في الشمال الغربي. ولم تصدر بيانات من جماعات المعارضة على التقدم الذي تتحدث عنه الحكومة.
وأفادت وسائل إعلام رسمية بأن الطائرات الحربية والمدفعية الحكومية استهدفت القطاع الذي تسيطر عليه المعارضة من مدينة درعا على الحدود مع الأردن، بغية قطع طريق الإمداد إلى الأردن. وقال المرصد السوري إن الضربات الجوية استهدفت بلدة نوى التابعة للمعارضة للمرة الأولى منذ نحو عام. ويركز الهجوم حتى الآن على محافظة درعا وليس على المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة بمحافظة القنيطرة المجاورة على حدود الجولان، وهي منطقة أكثر حساسية بالنسبة لإسرائيل.
وهناك تصميم إسرائيلي على إبقاء القوات الإيرانية وتلك التي تدعمها طهران وتساند الأسد بعيدا عن حدودها، وتريد إخراجها على نطاق أوسع من سوريا. في الوقت نفسه قالت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) والمرصد السوري إن صاروخين إسرائيليين سقطا بالقرب من مطار دمشق الليلة الماضية. وامتنع متحدث باسم الجيش الإسرائيلي عن التعليق على النبأ. وقالت سانا إن الضربات الصاروخية بالقرب من مطار دمشق الدولي تدل على دعم إسرائيل لمقاتلي المعارضة في جنوب غرب البلاد.
وإيران حليف رئيسي للأسد وتساند عدة فصائل مسلحة منها حزب الله اللبناني الذي يقاتل دعما للرئيس السوري. وقال ينس لايركه المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن مدنيين من بينهم أطفال سقطوا بين قتيل ومصاب وأن مستشفى توقف عن العمل بسبب ضربة جوية. وأضاف أن عدد الفارين بلغ 45 ألفا.
وقال أحمد الدبيس مدير السلامة والأمن في منظمة (يو.أو.إس.إس.إم) الطبية الخيرية التي تعمل في مناطق المعارضة بسوريا ”الناس لا تعرف أين تذهب“. وذكر أن خمسا من منشآت المنظمة في الجنوب، ومن بينهما عيادة متنقلة ومركز للرعاية الصحية، توقفت عن العمل خلال الاشتباكات الأخيرة. وقالت بتينا لوشر المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إن البرنامج يوفر الغذاء لنحو 30 ألف شخص ويعتزم توصيل المزيد خلال الأيام المقبلة عبر الحدود من الأردن. وأضافت ”نتوقع أن يزيد عدد النازحين إلى أكثر من المثلين مع تصاعد العنف“. بحسب رويترز.
في غضون ذلك، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن حدود الأردن ستبقى مغلقة وإن الأمم المتحدة يمكنها مساعدة السوريين الفارين من العنف داخل بلادهم. وكتب الوزير على حسابه على تويتر ”لا تواجد لنازحين على حدودنا والتحرك السكاني نحو الداخل، حدودنا ستظل مغلقة ويمكن للأمم المتحدة تأمين السكان في بلدهم. نساعد الأشقاء ما استطعنا ونحمي مصالحنا وأمننا“. وأفاد مصدر من المعارضة بأن السلطات الأردنية حذرت بدافع السلامة الفصائل من السماح بتدفق اللاجئين قرب الحدود المغلقة فعليا منذ سنوات.
دعم روسي
الى جانب ذلك قال مصادر بالمعارضة السورية إن طائرات روسية قصفت بلدة يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في جنوب غرب سوريا في أول غطاء جوي توفره موسكو لهجوم موسع يشنه الجيش السوري لاستعادة تلك المنطقة الإستراتيجية المجاورة للأردن ومرتفعات الجولان السورية المحتلة. وقال مصدران إن مركزين يتابعان تحركات الطائرات العسكرية سجلا ما لا يقل عن 20 هجوما على بصر الحرير.
واستخدمت القوات الحكومية السورية المدفعية والصواريخ بشكل مكثف حتى الآن في الهجوم الذي بدأ الأسبوع الماضي ولم يكن قد تم الاستعانة حتى الآن بالطائرات الحربية الروسية التي كان دورها حاسما في استعادة المناطق الأخرى التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة. واستخدمت القوات الحكومية السورية المدفعية والصواريخ بشكل مكثف حتى الآن في الهجوم الذي بدأ ولم يكن قد تم الاستعانة حتى الآن بالطائرات الحربية الروسية التي كان دورها حاسما في استعادة المناطق الأخرى التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة.
وتعهد الرئيس السوري بشار الأسد باستعادة المنطقة الواقعة على الحدود مع الأردن ومع هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل، وشرع الجيش في تصعيد هجومه هناك مهددا منطقة ”لخفض التصعيد“ اتفقت عليها الولايات المتحدة وروسيا العام الماضي. وسيؤدي تدخل روسيا بكامل ثقلها العسكري في الحملة الرامية إلى استعادة جنوب سوريا إلى إضعاف قدرة جماعات الجيش السوري الحر للصمود في وجه القصف العنيف الذي أجبر رفاقهم في مناطق أخرى على قبول اتفاقيات استسلام. بحسب رويترز.
من جانب اخر أبلغت واشنطن فصائل المعارضة السورية ألا تتوقع حصولها على دعم عسكري لمساعدتها في التصدي لهجوم ضخم تشنه القوات الحكومية المدعومة من روسيا لاستعادة مناطق بجنوب سوريا قرب الأردن ومرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل. وقالت نسخة من رسالة بعثت بها واشنطن إلى قادة جماعات الجيش السوري الحر إن الحكومة الأمريكية تريد توضيح ”ضرورة ألا تبنوا قرارتكم على افتراض أو توقع قيامنا بتدخل عسكري“.
وكانت الولايات المتحدة حذرت الرئيس السوري بشار الأسد وحلفاءه الروس من ”عواقب وخيمة“ للانتهاكات بمنطقة ”خفض التصعيد“ التي اتفقت واشنطن وموسكو على إقامتها العام الماضي متعهدة باتخاذ ”إجراءات حازمة وملائمة“. وزادت هذه التصريحات القوية من آمال المعارضة المدعومة من الغرب في تدخل عسكري أمريكي في حالة توسع حملة الجيش السوري في جنوب غرب البلاد.
وقالت الرسالة الأمريكية لمقاتلي المعارضة أيضا إن الأمر يعود إليهم فقط في اتخاذ القرار السليم بشأن كيفية مواجهة الحملة العسكرية التي يشنها الجيش السوري بناء على ما يرون أنه الأفضل بالنسبة لهم ولشعبهم. وأضافت الرسالة“ إننا في حكومة الولايات المتحدة ندرك الظروف الصعبة التي تواجهونها ومازلنا ننصح الروس والنظام السوري بعدم الإقدام على إجراء عسكري يمثل خرقا للمنطقة“.
ودعمت واشنطن الجيش السوري الحر بملايين الدولارات في صورة أسلحة ورواتب خلال الحرب الدائرة منذ سبع سنوات بموجب برنامج للمساعدات العسكرية تديره وكالة المخابرات المركزية الأمريكية. ولكن محللين يعتقدون أن هذه المساعدات انخفضت بعد أن قرر ترامب العام الماضي وقف هذا البرنامج.
من جهة اخرى طلبت عدة دول غربية اعضاء في مجلس الامن من روسيا احترام تعهداتها في جنوب غرب سوريا عبر وقف هجوم الجيش السوري المدعوم من موسكو والذي يهدد بحسب الامم المتحدة استئناف العملية السياسية. وقال جوناثان كوهين مساعد سفيرة الولايات المتحدة لدى الامم المتحدة خلال الاجتماع الشهري للمجلس حول سوريا ان "الولايات المتحدة بامكانها التاكيد ان روسيا شنت في الايام الماضية غارات في منطقة خفض التوتر في جنوب غرب" سوريا. واضاف ان "العمليات العسكرية الاحادية لنظام الاسد وروسيا في جنوب غرب سوريا تشكل انتهاكا لوقف اطلاق النار" الذي دعمه الرئيسان الاميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين.
وقال الدبلوماسي الاميركي ان واشنطن تبقى "مصممة على احترام تعهداتها في سبيل وقف اطلاق النار هذا. نطالب شركاءنا الروس بالقيام بالمثل، واتخاذ اجراءات فورية لخفض العنف". من جهته قال السفير الفرنسي لدى الامم المتحدة فرنسوا دولاتر ان "فرنسا تدعو كل طرف بدءا بروسيا الى الالتزام بالتعهدات التي قطعت لكي يتوقف هذا الهجوم بدون تاخير". واضاف "من الضروري ان تحترم روسيا الاتفاق الذي ابرم قبل سنة وان تضمن فورا وقف الاعمال الحربية" معتبرا ان "موجة اضافية من اللاجئين ستزعزع بشكل دائم استقرار الدول المجاورة وخصوصا الاردن".
وحذرت سفيرة بريطانيا وكذلك سفيرا هولندا والسويد من تكرار ما حصل في حلب والغوطة الشرقية اي قصف دموي كثيف ثم استعادة السيطرة على مناطق مع احتمال التوصل الى اتفاقات اجلاء مع فصائل المعارضة المسلحة. وقالت كارين بيرس سفيرة بريطانيا في مجلس الامن "اضم صوتي الى فرنسا والولايات المتحدة لمطالبة روسيا باحترام تعهداتها والحرص على ان تحترم الحكومة السورية وقف اطلاق النار بهدف تجنب ازمة انسانية جديدة". وعبر مبعوث الامم المتحدة الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة عن قلقه معتبرا ان الهجوم الذي يشن في جنوب غرب سوريا يمكن ان يعرقل استئناف عملية التسوية السياسية في سوريا.
اضف تعليق