تطورات ميدانية مهمة تشهدها الحرب السورية التي دخلت عامها الثامن وتسببت بمقتل مئات الآلاف ونزوح أكثر من 11 مليونا على الأقل بينهم ستة ملايين تقريبا فروا إلى خارج البلاد في واحدة من أسوأ أزمات اللجوء في العصر الحديث.
تطورات ميدانية مهمة تشهدها الحرب السورية التي دخلت عامها الثامن وتسببت بمقتل مئات الآلاف ونزوح أكثر من 11 مليونا على الأقل بينهم ستة ملايين تقريبا فروا إلى خارج البلاد في واحدة من أسوأ أزمات اللجوء في العصر الحديث. حيث تمكنت القوات التركية المسلحة والفصائل الموالية لها من دخول مدينة عفرين ذات الغالبية الكردية في شمال سوريا، والسيطرة على أحياء منها. وشنت تركيا هجوما في يناير كانون الثاني ضد وحدات حماية الشعب الكردية السورية. وتقدم الجيش السوري في هجوم منفصل ليستعيد أغلب أراضي الغوطة الشرقية التي كانت آخر معقل كبير لمقاتلي المعارضة قرب العاصمة دمشق.
هذه التطورات وكما يرى بعض المراقبين ربما ستكون سبباً في خلق ازمة وحرب جديدة، بسبب تضارب المصالح بين الخصوم والدول الداعمة، وتمكن الجيش التركي من دفع وحدات حماية الشعب المدعومة من قبل الولايات المتحدة الامريكية، إلى التقهقر من المنطقة المحاذية للحدود وتقدم من على الجبهتين الغربية والشرقية نحو مدينة عفرين نفسها. وتعتبر أنقرة المسلحين الأكراد امتدادا لحزب العمال الكردستاني المحظور الذي حمل السلاح على أراضيها على مدى عقود. وقال الرئيس التركي طيب إردوغان أمام مؤتمر لحزب العدالة والتنمية الحاكم ”نستطيع دخول (مدينة) عفرين في أي لحظة. يمكن أن نقدم لكم الأنباء السارة في أي دقيقة..الفتح قريب. نحن نسير نحو ذلك الهدف“.
والسيطرة على عفرين بحسب بعض المصادر ستسهم بتقليص او انهاء المشروع الكردي الكبير الهادف الى إقامة دولة مستقلة ترفضها جميع دول المنطقة(تركيا وإيران والعراق وسوريا) والعديد من دول العالم ومنها الولايات المتحدة الأمريكية الداعم الاول الداعم للقوى الكردية، والتي تخلت عن دعم وحدات حماية الشعب في هذه المعركة التي ما كان لها ان تنطلق بدون وجود اتفاق بين روسيا وامريكا وباقي الحلفاء، يضاف الى ذلك ان هذه المعركة ستسهم ايضا في اعادة رسم الخارطة السورية من جديد خصوصا وان تركيا قد استطاعت ابعاد خطر الاكراد عن حدودها، لذا فهي ستكون شريك مهم في ما سيتحقق مستقبلا من قبل روسيا وحلفائها.
دروع بشرية
وفيما يخص اخر تطورات هذا الملف فقد عبرت الامم المتحدة عن قلقها ازاء المعلومات التي تتحدث عن مدنيين عالقين في جيب عفرين الكردي بشمال غرب سوريا، تمنعهم القوات الكردية من الفرار ويستخدمون "دروعا بشرية". وقالت رافينا شمسداني وهي ناطقة باسم مفوض الامم المتحدة لحقوق الانسان في لقاء مع صحافيين في جنيف ان "مئات الآلاف من المدنيين معرضون للخطر". واضافت "نشعر بقلق عميق من خطر مرتفع لتعرض مدنيين عالقين للقتل والجرح والحصار واستخدامهم كدروع بشرية او نزوحهم بسبب المعارك".
ويشن الجيش التركي بمساعدة مقاتلين سوريين في المعارضة منذ 20 كانون الثاني/يناير هجوم لطرد وحدات حماية الشعب الكردية من عفرين ومن حدودها. وتعتبر انقرة وحدات حماية الشعب حليفة واشنطن في الحرب على الجهاديين، منظمة "ارهابية". ومدينة عفرين باتت مطوقة بشكل شبه كامل باستثناء ممر وحيد يستخدمه المدنيون الذين يفرون بالآلاف الى المناطق التي يسيطر عليها النظام كما قال المرصد السوري لحقوق الانسان السوري. وفي الايام الاخيرة فقط فر اكثر من ثلاثين الف مدني من عفرين، حسب المرصد.
وتنفي انقرة استهداف المدنيين لكن المرصد قال ان 245 مدنيا على الاقل بينهم 41 طفلا قتلوا منذ بدء الهجوم التركي. وقالت شمسداني ان المفوضية السامية تلقت "تقارير مقلقة جدا (...) عن قتلى وجرحى" بينما الغارات الجوية وعمليات القصف البري مستمرة، "وكذلك تقرير تؤكد ان القوات الكردية تمنع المدنيين من مغادرة مدينة عفرين". وتابعت "تلقينا تقارير تفيد ان وحدهم المدنيين الذين لديهم اتصالات مع السلطة الكردية او القوات المسلحة الكردية تمكنوا من الرحيل". بحسب فرانس برس.
واضافت "حتى عندما يرحلون، فانهم يواجهون مخاطر كبيرة (...) وعليهم دفع رشى عندما يصلون الى الاراضي التي تسيطر عليها الحكومة". وتابعت انه يقال لهم "اذا كنت لا تستطيعون دفع الاموال فعليكم العودة ادراجكم". وقالت سمشداني "نشعر بالقلق من ان يكون المدنيون (...) يستخدمون دروعا بشرية". واضافت ان "المدنيين عبروا لنا عن مخاوفهم الجدية على امنهم خصوصا لان مقاتلين وضعوا قاذفات صواريخ في مناطق سكنية". وتابعت "هناك نقص خطير في المياه بسبب تدمير محطة ضخ وسيطرة القوات التركية على موارد اخرى للمياه".
عواقب وخيمة
من جانب اخر توعدت تركيا قوات موالية للحكومة السورية تحاول دخول منطقة عفرين بشمال غرب سوريا لدعم فصيل كردي ”بعواقب وخيمة“ قائلة إنها ستعتبرها أهدافا مشروعة. وقال إبراهيم كالين المتحدث باسم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن قافلة تضم ما يتراوح بين 40 و50 مركبة تنقل قوات موالية للحكومة السورية حاولت دخول عفرين لكنها تراجعت بعد إطلاق القوات التركية لنيران المدفعية.
وأضاف كالين في مؤتمر صحفي ”ستكون هناك بالتأكيد عواقب وخيمة لأي خطوة للنظام أو لعناصر أخرى في هذا الاتجاه“. وقال قائد في التحالف العسكري الموالي للرئيس السوري بشار الأسد إن القوات عادت أدراجها بعدما تعرضت لإطلاق نار لكنها استأنفت تقدمها وموجودة في عفرين.
وقال كالين ”أي خطوة هناك لدعم... تنظيم وحدات حماية الشعب الإرهابية سيعني مباشرة أنهم ينحازون إلى التنظيمات الإرهابية وسيصبحون بناء على ذلك أهدافا مشروعة لنا“. وأوضح أن تركيا لا تجري محادثات مباشرة مع الحكومة السورية لكن يتم نقل رسائلها بشكل غير مباشر إلى دمشق.
ويضع ذلك الجيش التركي والفصائل السورية المتحالفة معه في مواجهة مباشرة مع التحالف العسكري الذي يدعم حكومة الرئيس السوري بشار الأسد الأمر الذي يزيد من تعقيد ساحة القتال الفوضوية بالفعل في شمال غرب سوريا. ووصف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان القافلة بأنها مؤلفة من ”إرهابيين“ تحركوا بشكل مستقل. وقال إن نيران المدفعية التركية أجبرتهم على التراجع رغم نفي الجماعة الكردية ذلك.
وأشادت وحدات حماية الشعب بوصول القوات المؤيدة للحكومة السورية والتي تضمنت فصائل متحالفة مع الأسد لكن ليس الجيش السوري نفسه، وقالت إن تلك القوات ستنتشر على طول خط القتال بمحاذاة الحدود التركية. لكنها لم تأت على ذكر اتفاق قال مسؤول كردي إنه تم إبرامه مع حكومة الأسد ويسمح بدخول الجيش السوري عفرين. وقال إردوغان إنه حال دون نشر القوات السورية ضمن اتفاق مع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني. وذكر القائد في التحالف المؤيد للأسد أن روسيا تدخلت كي ”تؤجل دخول قوات كبيرة للجيش السوري“.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن أزمة عفرين قد تحل من خلال المفاوضات المباشرة بين دمشق وأنقرة. وإيران هي الحليفة الرئيسية الأخرى للأسد وتشارك عن كثب أكبر من روسيا مع شبكات الفصائل مثل التي دخلت عفرين وتدعم الحكومة السورية على الأرض.
تقسيم سوريا وعودة داعش
في السياق ذاته اعتبر المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا أن سوريا تتجه نحو "تقسيم كارثي"، مرجحا عودة تنظيم "داعش" إليها، إذا لم يتم التوصل إلى تسوية سلمية شاملة. وأضاف دي ميستورا في كلمة ألقاها في معهد للدراسات العليا في جنيف: "الحقيقة تكمن في أن التقسيم الهادئ لسوريا والذي مرت عليه فترة زمنية طويلة وما نراه في الوقت الراهن من فقدان السيطرة على مناطق مختلفة في سوريا، سيكون له تأثير كارثي ليس فقط على سوريا بل والمنطقة بأسرها.
وأكد المبعوث الأممي أن التسوية الشاملة للأزمة السورية لن تنجح دون مشاركة المستبعدين وخاصة الأغلبية السنية. ويشن الجيش التركي بمشاركة عناصر من الجيش السوري الحر"، عملية "غصن الزيتون" العسكرية ضد المسلحين الأكراد في منطقة عفرين شمال غربي سوريا، وتمكن من السيطرة على مدينة عفرين. ولم تكتف أنقرة بهذا الحد من التوغل في شمال سوريا، فقد صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن القوات المسلحة التركية عازمة على توسيع نطاق عملية "غصن الزيتون" في شمال سوريا لتشمل مناطق منبج والقامشلي وعين العرب. بدوره قال بكر بوزداغ، نائب رئيس الوزراء التركي إن جيش بلاده لن يبقى في مدينة عفرين السورية وسيعمل على تسليمها لأصحابها الحقيقيين..
كما انتقدت تركيا، تصريحات الخارجية الأمريكية بشأن الوضع في عفرين شمالي سوريا، متهمة واشنطن بعدم إدراك أسباب عملية "غصن الزيتون" وأهدافها. وقال حامي أقصوي المتحدث باسم الخارجية التركية في بيان إن "السلطات الأمريكية لم تدرك بعد سبب وهدف وطبيعة عملية غصن الزيتون، أو أنها للأسف لا تريد أن تدرك ذلك"، مشددا على أن "عملية غصن الزيتون هي حملة لمكافحة الإرهاب".
واعتبر أقصوي، أن الادعاء بأن العملية العسكرية في عفرين ستضر بالحرب على تنظيم داعش، "لا يستند إلى أي أساس". وكانت الخارجية الأمريكية أشارت إلى أن "الولايات المتحدة قلقة للغاية بشأن الأحداث في مدينة عفرين التي تقطنها أغلبية كردية.. حيث يبدو أن معظم السكان فروا وسط هجوم من القوات التركية"، ودعت "جميع الأطراف الفاعلة" لإتاحة وصول المنظمات الإنسانية الدولية إلى المنطقة.
اضف تعليق