q

تعيش باكستان كغيرها من دول المنطقة الكثير من المشكلات والأزمات المختلفة (داخلية وخارجية)، بسبب الصراعات المستمرة التي أثرت سلبا على الواقع الأمني في هذه البلاد، حيث تزايدت وبحسب بعض المصادر الخلافات السياسية وأعمال العنف والتطرف الديني والعمليات الإرهابية في باكستان، التي أصبحت وبحسب بعض المصادر أيضا هدف مهم للجماعات المسلحة المتشددة. مثل: تنظيم داعش الارهابي، حركة تحريك طالبان الباكستانية، والجماعات الفرعية المنشقة عنها مثل جماعة الأحرار، وجماعة "عسكر جنجوي (أو لشكر جنجوي) المناوئة للشيعة. حيث استُهدف مئات الأشخاص بسبب معتقداتهم، بما في ذلك طوائف من أتباع أقليات مسيحية أو مسلمة شيعية، وهو ما دفع الحكومة الباكستانية إلى إتباع خطط جديدة من اجل تأمين الواقع الأمني، وفي هذا الشأن قال المتحدث باسم الجيش الباكستاني إن الجيش شن عملية ضخمة في المناطق القبلية المضطربة لمنع تنظيم داعش من التقدم في المناطق المجاورة لأفغانستان. وتنفي باكستان منذ فترة طويلة أن لتنظيم داعش موطئ قدم داخل الدولة التي تملك سلاحا نوويا رغم سلسلة هجمات أعلن التنظيم مسؤوليته عنها خلال العامين الماضيين منها تفجير في مدينة باراتشينار أسفر عن قتل 75 شخصا.

وقال المتحدث العسكري اللفتنانت جنرال أصف غفور إن تنظيم داعش تزداد قوته داخل أفغانستان مما يدفع باكستان لشن عملية في المناطق القبلية. وقال غفور "هذه العملية ضرورية لأن داعش تزداد قوة هناك ويتعين علينا منع انتشار تأثيرها داخل الأراضي الباكستانية عن طريق وادي ريجال" مشيرا إلى واد تحيط به جبال يصل ارتفاعها إلى 14 ألف قدم. وقال إن عملية "خيبر4" التي ستشارك فيها القوات الجوية الباكستانية ستركز على المناطق الحدودية داخل منطقة خيبر القبلية. وقال غفور إن هناك ملاذات آمنة عبر حدود خيبر للعديد من المنظمات الإرهابية التي لها صلة بهجمات وقعت في الفترة الأخيرة في باكستان منها هجوم باراتشينار.

عنف مستمر

الى جانب ذلك أدت هجمات في باكستان إلى مقتل 37 شخصا على الأقل، وجرح 150 آخرين بجروح في بالوشستان، جنوب غرب البلاد، و في سوق مزدحمة في باراشينار، على الحدود مع أفغانستان. وفي كويتا، كبرى مدن إقليم بالوشستان المضطرب، تم استهداف الشرطة في هجوم تبناه تنظيم داعش وجماعة الأحرار، الفصيل المنشق عن حركة طالبان باكستان. وأعطت المنظمتان تفاصيل متضاربة وفقا لمركز سايت الأمريكي المتخصص في رصد المواقع الإلكترونية الجهادية.

وأعلنت ولاية خراسان فرع تنظيم داعش في باكستان وأفغانستان، مسؤوليتها عن العديد من الهجمات في الأشهر الأخيرة في بالوشستان، وأحيانا بالتحالف مع مجموعات إسلامية محلية مثل "جماعة الأحرار". وهذا الإقليم المتاخم لإيران وأفغانستان هو الأكبر في باكستان، لكن سكانه البالغ عددهم سبعة ملايين نسمة يشكون من التهميش والحرمان رغم موارده من الغاز والمعادن. ويعاني الإقليم من أكثر من عقد من تمرد انفصالي وعنف الإسلاميين.

وقد سمحت العمليات العسكرية ومشاريع التنمية بتقليص حجم أعمال العنف إلى حد كبير في السنوات الأخيرة، لكن الهجمات لا تزال تحدث بشكل متقطع. والإقليم استراتيجي بسبب الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان، وهو مشروع طموح للربط بواسطة الطرق والطاقة بين الصين وبحر العرب عبر مياه ميناء غوادار العميقة في بالوشستان.

على صعيد متصل حددت باكستان اسمي مواطنين صينيين خطفهما تنظيم داعش وقتلهما وقالت إنهما كانا من الدعاة الدينيين وادعيا أنهما رجلا أعمال لدخول البلاد. وقالت وزارة الداخلية الباكستانية إن الصينيين هما لي تسنغ يانغ (24 عاما) ومنغ لي سي (26 عاما) وأوضحت أن انتهاكهما قواعد التأشيرة ساهم في اختطافهما. وكان مسؤولون ذكروا في وقت سابق أنهما كانا معلمين للغة الصينية. وخطف مسلحون يتنكرون في هيئة رجال شرطة الرجلين في كويتا عاصمة إقليم بلوخستان. وكانت وكالة أعماق المرتبطة بداعش ذكرت أن أعضاء التنظيم قتلوا الرجلين.

وقالت الداخلية الباكستانية في بيان "بدلا من الانخراط في أي نشاط تجاري ذهبا إلى كويتا وكانا يمارسان نشاطا دعويا بينما تظاهرا بتعلم لغة الأوردو على يد مواطن كوري... في الواقع كانا يقومان بالدعوة". وأكدت وزارة الداخلية مقتلهما لكنها لم توضح هل عثرت السلطات على جثتيهما. والخطف جريمة نادرة ضد مواطنين صينيين في باكستان التي لها علاقات وثيقة منذ أمد بعيد مع بكين. بحسب رويترز.

ودفع الحادث باكستان إلى تعزيز الأمن حول المواطنين الصينيين وغيرهم من الأجانب وتسريع خطط تشكيل فرق حماية من الشرطة الخاصة للتركيز على حراسة المواطنين الصينيين. وتعهدت الصين باستثمار 57 مليار دولار في باكستان في مشروعات مرتبطة بخطة "الحزام والطريق" التي تهدف إلى إقامة مشروعات في البنية التحتية تهدف لربط الصين بالشرق الأوسط وأوروبا.

من جانب اخر قال متحدث باسم حكومة إقليم بلوخستان بجنوب غرب باكستان إن باكستان اعتقلت قياديا من حركة طالبان تصفه السلطات بأنه "العقل المدبر" وراء ثلاثة هجمات كبيرة في الإقليم المضطرب. وتحمل باكستان جارتيها أفغانستان والهند مسؤولية تأجيج التمرد العرقي في الإقليم إلى جانب مساعدة حركة طالبان الباكستانية وهي حركة منفصلة عن طالبان الأفغانية لكنها متحالفة معها.

وقال المتحدث أنوار الحق كاكار إن الرجل المعتقل واسمه سعيد أحمد بداني كان من مدبري الهجمات الثلاثة في 2016 التي أسفرت عن مقتل أكثر من 180 شخصا. وأضاف قوله "كان ضالعا مع فريق في كل الهجمات لكن أستطيع أن أصفه بأنه عقل مدبر لأنه كان العمود الفقري في تحديد الأهداف وتسهيل الأمور للمفجرين الانتحاريين".ىوقال وزير داخلية الإقليم سفراز بوجتي إنه خلال التحقيق اعترف بداني بأنه تلقى تمويلا من أجهزة مخابرات هندية وأفغانية. وأضاف كاكار أن القيادي المعتقل حث على تنفيذ هجوم انتحاري العام الماضي في مستشفى إقليمي أسفر عن مقتل 70 شخصا على الأقل.

ماكين يدعو باكستان

في السياق ذاته قال السيناتور الاميركي جون ماكين في كابول ان واشنطن تعتمد على دعم باكستان للقضاء على التمرد المسلح في افغانستان خصوصا شبكة حقاني المسؤولة عن عديد الهجمات في هذا البد. وشهدت العلاقات الأميركية الباكستانية توترا في بعض الاحيان بعد ان اعتبر عدد من المسؤولين الأميركيين ان إسلام أباد لم تبذل جهودا كافية من اجل إقناع حركة طالبان الأفغانية بنبذ العنف.

وتأتي تصريحات ماكين بعد يوم من زيارته اسلام اباد على رأس وفد من الكونغرس، حيث قال مسؤولون باكستانيون إنه أكد اهمية باكستان في استقرار المنطقة. وقال ماكين رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ في كابول "ابلغناهم بكل وضوح إننا نتوقع أن يتعاونوا (الباكستانيون) معنا، خصوصا ضد شبكة حقاني والمنظمات الارهابية". وتابع "إذا لم يغيروا سلوكهم، فربما سنغير سلوكنا تجاه باكستان كأمة".

وتلقت باكستان مساعدات أميركية بمليارات الدولارات منذ التدخل الأميركي في أفغانستان العام 2001. وتتمركز شبكة حقاني التابعة لحركة طالبان في المناطق الحدودية بين البلدين، ويعتقد أن لديها علاقات مع المؤسسة العسكرية في باكستان. وشنت الحركة التي يقودها سراج الدين حقاني وهو أيضا نائب زعيم حركة طالبان، عمليات عديدة في قلب كابول، وتتهمها السلطات الافغانية بالمسؤولية عن هجوم دامٍ بواسطة شاحنة.

وتأتي زيارة وفد الكونغرس إلى كابول في حين تدرس الولايات المتحدة زيادة عديد قواتها في أفغانستان لمساعدة القوات الأفغانية في التصدي لتمرد طالبان، بعد مطالبة القادة الأميركيين بآلاف الجنود الإضافيين. ودعا ماكين الى اكثر من مجرد ارسال قوات، وتطبيق "استراتيجية للانتصار" في الحرب المستمرة منذ 16 عاما ويعتبرها قادة عسكريون اميركيون انها تواجه "طريقا مسدودا". بحسب فرانس برس.

وقال ماكين إن "أقوى دولة على وجه الأرض ينبغي أن تكون قادرة على الانتصار في هذا النزاع"، داعيا إلى بذل جهود دبلوماسية الى جانب الضغوط العسكرية. ويبلغ عدد الجنود الاميركيين في افغانستان حاليا نحو 8400 ضمن حلف الاطلسي، وتدرس الولايات المتحدة ارسال نحو 4000 آخرين. وقوضت المكاسب الاخيرة التي حققتها حركة طالبان الثقة في مستقبل افغانستان وأججت المخاوف من تورط حلف الاطلسي في حرب لا يمكن كسبها. وكان ماتيس اعلن في بروكسل ان "حلف الأطلسي اعلن التزامه تجاه افغانستان حرة من الخوف والارهاب ... لا يمكننا التراجع عن ذلك".

اضف تعليق