منذ عام 2013 وتشهد جمهورية افريقيا الوسطى العديد من الهجمات العرقية والدينية ما بين المسلمين والأقليات المسيحية في البلاد وان أسباب هذه الصراعات والفوضى التي عمت في أفريقيا الوسطى هي بسبب أطاحت جماعة سيليكا المتمردة التي يغلب عليها المسلمون بالرئيس السابق فرانسوا بوزيز مما فجر أعمالا انتقامية من جانب ميليشيات مسيحية أطلقت عليها أسم أنتي –بالاكا.
يبدوا ان النزاع ليس فقط نزاع انتقام وتصفية حسابات بين المليشيات المسيحية والمسلمين لابل هنالك أسباب أخرى للنزاع القائم منها النزاع حول النفوذ والسلطة والاهم من ذلك ان هنالك مطامع شخصية من قبل الفئات المتناحرة حول المناطق التي تشتهر بتعدين الألماس مثل بلدة بانجاسو وبلدة بريا.
راح نتيجة هذه الصراعات الكثير من الأبرياء من خلال القتل والتنكيل والاعدامات المستمرة وأيضا ترهيب السكان باعمال العنف المستمرة في البلاد، ونتيجة لتدهور الوضع الأمني في مناطق افريقيا الوسطى تمركز نحو 3500 جندي فرنسي في موريتانيا ومالي والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو في إطار العملية بارخان لمكافحة المتشددين وإنهاء دائرة القتل الانتقامي في جمهورية افريقيا الوسطى وبلغ الوجود الفرنسي ذروته عند مستوى ألفي جندي لكن في مطلع 2017 انخفض ذلك العدد إلى ما دون 300 جندي.
ترك انسحاب فرنسا الأمن إلى حد بعيد في أيدي مهمة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والتي يبلغ قوامها ثلاثة عشر ألف جندي. لكن تصاعدت الانتقادات للقوة في الأسابيع الأخيرة مع اتهام السكان المحليين لقوات حفظ السلام بعدم فعل ما يكفي لحمايتهم.
نتيجة لذلك شنت مليشيات الأقليات المسحية هجوم كبير على قاعدة للمنظمة الدولية للأمم المتحدة بعد أسبوع من العنف قتل فيه ستة من قوات حفظ السلام على الحدود الجنوبية الشرقية. وقالت منظمة أطباء بلا حدود إن القتال عرقل الدخول إلى وسط مدينة بانجاسو لنقل المرضى والجثث فيما تلقى 24 مصابا العلاج في مستشفى قريب.
ان هذه الهجمات المتكررة على بعثة الأمم المتحدة المؤلفة من الاف الجنود وادت بحياة ستة جنود حفظ السلام قد اثارت غضب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش وهدد بترك البلاد من دون تدخل المنظمات الإنسانية. أيضا ادانت الحكومة الفرنسية الحادثة وطالبت بإلزام محاكمة المسؤولين عن هذا الحادث.
من اجل ذلك أدان رئيس وزراء أفريقيا الوسطى سيمبليس ساراندجي الهجمات في بيان بثته الإذاعة المحلية وقال إن الجناة سيمثلون أمام العدالة.
هجوم على قاعدة الأمم المتحدة
في نفس الموضوع تعرضت قاعدة الأمم المتحدة الموجودة هناك لهجوم أيضا مما أدى إلى إرسال تعزيزات من القوات إلى تلك البلدة النائية تحسبا لوقوع هجمات أخرى. وقال إيرفيه فيرهوسل المتحدث باسم بعثة الأمم المتحدة إن القوات نجحت في تأمين البلدة إلى حد ما بحلول الغسق. وقال بارفيت أونانجا-أنايانجا قائد بعثة الأمم المتحدة لرويترز في مقابلة إن "الوضع مؤسف للغاية ونفعل كل شيء لاستعادة السيطرة على بانجاسو بسرعة". وفق رويترز.
وأضاف عندما سئل عن عدد القتلى من المدنيين "من السابق لأوانه إعطاء إحصاءات دقيقة لعدد القتلى بعد أعمال العنف ولكن من الواضح أننا نناقش أعدادا قد تتراوح بسهولة من 20 إلى 30 ". وقال رئيس الصليب الأحمر المحلي أنطونيو مباو بوجو إن أصوات إطلاق النار ظلت تُسمع من البلدة مما عرقل محاولات منظمته ومنظمات أخرى للوصول إلى الجرحى.
جريمة حرب
من اجل ذلك ادانت الامم المتحدة مقتل اربعة من جنود حفظ السلام التابعين لها في هجوم نسب الى مسلحين من حركة "انتي-بالاكا" في جمهورية افريقيا الوسطى، في أسوأ هجوم يطال بعثتها في البلد منذ انتهاء العملية العسكرية الفرنسية "سانغاريس" في تشرين الاول/اكتوبر 2016. وفق فرانس برس وقال الامين العام للمنظمة الدولية انطونيو غوتيريش انه يدين "بحزم" الهجوم الذي "تسبب بموت اربعة من جنود حفظ السلام بينما جرح عشرة آخرون ونقلوا الى بانغي".
واشار الى ان "الهجمات على جنود الامم المتحدة لحفظ السلام يمكن ان تشكل جريمة حرب"، داعيا سلطات جمهورية افريقيا الوسطى الى "اجراء تحقيق لمحاسبة المسؤولين (عن الهجوم) بسرعة امام القضاء". وقال الناطق باسم بعثة الامم المتحدة ايرفيه فيرهوسيل "للاسف انه الهجوم الذي ادى الى اكبر عدد من القتلى من جنود السلام التابعين للبعثة".
اثارت الغضب
وقال إيرفيه فيرهوسل المتحدث باسم بعثة الأمم المتحدة عبر الهاتف من العاصمة بانجي "أطلقوا النار على المعسكر خلال الليل وقمنا بالرد... لا نعتقد أن الأمر انتهى ومن المرجح أن يعود المهاجمون". وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إن الهجمات على البعثة المؤلفة من 13 ألف جندي "أثارت غضبه بشدة". وأدان رئيس وزراء أفريقيا الوسطى سيمبليس ساراندجي الهجمات في بيان بثه الراديو المحلي وقال إن الجناة سيمثلون أمام العدالة.
تحديد المسؤولين لمحاكمتهم
أيضا ادانت فرنسا القوة المستعمرة السابقة، الهجوم مؤكدة ضرورة "تحديد المسؤولين لمحاكمتهم". وقال بيان ان "فرنسا تؤكد دعمها الكامل للعمل الذي تقوم به بعثة الامم المتحدة وقواتها لاحلال الاستقرار في جمهورية افريقيا الوسطى وحماية المدنيين". وفي غياب جيش لهذا البلد تحاول بعثة من الاتحاد الاوروبي اعادة بنائه. ويواجه جنودها البالغ عددهم 12 الفا و500 وحدهم مجموعات "سيليكا" و"انتي-بالاكا" منذ انتهاء العملية الفرنسية "سانغاريس".
تصعيد جديد
هذا وقد قال رئيس الفرع المحلي للجنة الدولية للصليب الأحمر إن موظفيه عثروا على 115 جثة في بلدة بانجاسو التي تشتهر بتعدين الألماس في جمهورية أفريقيا الوسطى بعد عدة أيام من هجمات شنتها ميليشيات. وتمثل المعركة للسيطرة على البلدة تصعيدا جديدا في الصراع الذي بدأ عام 2013 عندما أطاح مقاتلو السيليكا الذين يغلب عليهم المسلمون بالرئيس آنذاك فرانسوا بوزيز مما أدى لأعمال قتل انتقامية من ميليشيات مسيحية.
وقال انطونيو مباو بوجو لرويترز عبر الهاتف من العاصمة بانجي "عثرنا على 115 جثة... لقد ماتوا بطرق مختلفة بسكاكين وهراوات ورصاص". يقول عمال إغاثة إن الاشتباكات الأخيرة تركزت في مناطق الوسط والجنوب الغنية بالألماس فيما تقتتل ميليشيات متنافسة فيما بينها للسيطرة عليها.
اشتباكات مليشيات
في نفس الصعيد سيطرت مئات من أفراد الميليشيات يحملون أسلحة ثقيلة على بلدة بانجاسو الجنوبية الشرقية الحدودية وتحاول قوات حفظ السلام استعادتها منذ ذلك الحين. وذكر المتحدث باسم الأمم المتحدة إيرفيه فيرهوزل أن نشر جنود إضافيين يتبعون الأمم المتحدة وضربات جوية ساعدت قوات حفظ السلام على استعادة السيطرة على نقاط استراتيجية. وقالت بعثة حفظ السلام الدولية إن قواتها سيطرت على مواقع استراتيجية بعد ضربات جوية. وتم تحديد هوية 26 جثة هناك حتى الآن بعد القتال
تقصي الحقائق
في سياق متصل تصاعدت الاشتباكات في بلدة بريا على بعد نحو 300 كيلومتر من بلدة بانجاسو الحدودية في جنوب شرق البلاد مما دفع نحو ألف مدني للبحث عن ملجأ قرب قاعدة للأمم المتحدة وفق ما ذكره ستيفان دوجاريك المتحدث باسم أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة.
وقال فريدريك لاي ماناتسوا رئيس بعثة مؤسسة أطباء بلا حدود الخيرية في العاصمة بانجي إن مستشفى تابعا للمنظمة في بريا استقبل 24 جريحا مع استمرار القتال. وقال دوجاريك في بيان إن تقارير لم يتم التحقق منها بعد تشير إلى أن القتال شرد ما يصل إلى 8400 شخص وأن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية يخطط لقيادة مهمة من عدة وكالات بهدف تقصي الحقائق هناك.
الخصومات العرقية والدينية
من جهته قال القائد العسكري بالبعثة الجنرال بالا كيتا للصحفيين في بانجي "انتهى الأسوأ. نحن نسيطر على الأرض ورجالنا سيواصلون عمليات البحث والتمشيط". وتقول مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين إن العنف في بانجاسو دفع ما يقدر بنحو 2750 لاجئا إلى الفرار عبر الحدود إلى الكونجو. وفي بانجي شارك المئات في مسيرة للمطالبة بتقديم مرتكبي أعمال العنف للعدالة بعد سنوات من الإفلات من العقاب. وأيضا بينت الأمم المتحدة ان سبب انتشار القتال في جنوب جمهورية أفريقيا الوسطى بفعل الخصومات العرقية والدينية.
استهداف المسلمين
بينما قال مسؤولون بالأمم المتحدة وموظفو إغاثة إن مئات المدنيين يسعون للاحتماء داخل مسجد في بلدة بانجاسو الحدودية بجمهورية أفريقيا الوسطى وسط هجمات متواصلة من ميليشيات مسيحية أدت إلى قتل ما يصل إلى 30 مدنيا. وأضافوا إن الهجمات التي وقعت خلال مطلع الأسبوع على بلدة بانجاسو على الحدود الكونجولية شارك فيها مئات المقاتلين المدججين بالسلاح واستهدفت على ما يبدو المسلمين في أحدث علامة على تفاقم الصراع الدائر منذ سنوات. وفق رويترز.
السيطرة على الثروات
فقد سادت الفوضى في افريقيا الوسطى في 2013 بعد الاطاحة بالرئيس السابق فرنسوا بوزيزيه من قبل متمردي "سيليكا" الذي ادى الى هجوم مضاد لميليشيا ""انتي-بالاكا". وسمح التدخل العسكري لفرنسا (كانون الاول/ديسمبر 2013 - تشرين الاول/اكتوبر 2016) والامم المتحدة بانتخاب الرئيس فوستان ارشانج تواديرا وعودة الهدوء الى بانغي، ولكن ليس داخل البلاد حيث تواصل المجموعات المسلحة القتال بينها للسيطرة على الثروات من ذهب والماس وماشية وغيرها. وفق فرانس برس.
تنافس على النفوذ
من جانب اخر تقاتل جماعات مسلحة بعضها البعض في منطقة أواكا الواقعة عند حدود الشطر الشمالي الذي تقطنه أغلبية مسلمة والشطر الجنوبي الذي أغلب سكانه من المسيحيين. وقال لويس مودجي الباحث الأفريقي في منظمة هيومن رايتس ومقرها الولايات المتحدة "مع تنافس الفصائل على النفوذ في جمهورية أفريقيا الوسطى يتعرض مدنيون من كل الأطراف لهجماتهم المميتة." وفق فرانس برس.
وقال شاهد عيان على الهجمات الأخيرة يدعى كليمنت إن مقاتلين من اتحاد فولاني من أجل السلام في أفريقيا الوسطى قتلوا بالرصاص أربعة من أبنائه بينهم رضيع عمره سبعة أشهر خلال هجوم في مارس آذار. واستندت هيومن رايتس ووتش في احصائياتها على مقابلات مع سكان في بلدة بامباري في أبريل نيسان. وقالت إن العدد الإجمالي أكبر على الأرجح لأن عشرات الأشخاص ما زالوا مفقودين.
إرهاب السكان
في نفس الشأن قالت منظمة أطباء بلا حدود إن العنف ضد المدنيين في جمهورية أفريقيا الوسطى والذي يشمل عمليات إعدام بدون محاكمة وجرائم بتر الأطراف بلغ مستويات لم تشهدها البلاد منذ ذروة الصراع الذي دام سنوات. واضافت المنظمة إن أعمال العنف تركزت في أربع مقاطعات في الوسط والشرق حيث تبذل الحكومة وقوة حفظ السلام الدولية المؤلفة من 13 ألف فرد جهودا مضنية لاحتواء العنف وسفك الدماء.
وقال ريني كولجو نائب رئيس بعثة المنظمة في جمهورية أفريقيا الوسطى في بيان نشر في وقت متأخر "شاهدت فرقنا عمليات إعدام بدون محاكمة وعثرت على جثث مشوهة تركن مكشوفة لإرهاب السكان." حسب رويترز.
عرقلة المساعدات
على الرغم من الدعوات العديدة التي اطلقها الرئيس تواديرا الى الجماعات المسلحة لتسليم اسلحتها، لا يزال نشاطها يعرقل توصيل المساعدات الانسانية الضرورية في البلد الذي يعد من افقر دول العالم، ويضم 900 الف لاجئ او نازح بينما لا يتجاوز عدد سكانه 4,5 ملايين نسمة.
وكان مكتب تنسيق العمليات الانسانية التابع للامم المتحدة (اوشا) قال مطلع الشهر الجاري ان "العنف الذي ساد في الفصل الاول من 2017 بات يؤثر بشكل مباشر على الجهات الفاعلة في القطاع الانساني". واضاف ان "اربع منظمات انسانية كبرى اتخذت قرار تعليق نشاطاتها مؤخرا في المناطق حيث بلغت التهديدات لها ذروتها". ويفترض ان تبدأ محكمة جنائية خاصة، تضم قضاة من افريقيا الوسطى واجانب، اعمالها قريبا.
اضف تعليق