اصبح تنظيم داعش الارهابي ومع خسارة الاراض في سوريا والعراق، يعتمد خطط واساليب جديدة في حربه القذرة، من خلال دعوة مقاتليه وكما نقلت بعض المصادر، إلى التركيز على تخريب البنية التحتية للدولتين حتى لا يستفيد أعداؤه من خسائره، وهو ما يزيد من التحديات التي تواجهها حكومتا البلدين. ويعتقد محللون أن التنظيم، الذي استحوذ يوما على ثلث أراضي العراق ومساحات واسعة في سوريا وأعلن قيام خلافة إسلامية عام 2014، يعيش وضعا صعبا في ظل الضربات الجوية للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق فضلا عن الضربات الجوية التي تنفذها روسيا في سوريا. كما تحقق قوات عراقية تقدما كبيرا في معركتها لاستعادة الموصل وهي المدينة التي أعلن منها زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي قيام الخلافة.
وقال جنرال بريطاني كبير في وقت سابق، إن الضربات الجوية للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش قتلت أكثر من 45 ألفا من أعضاء الجماعة المتشددة حتى أغسطس آب من العام الماضي. وواصلت القوات العراقية التي تدعمها الولايات المتحدة هجومها في الموصل التي يُعتقد أن كثيرين ممن سافروا من دول غربية للانضمام للتنظيم يتمركزون فيها. وقال الميجر جنرال روبرت جونز نائب قائد قوة المهام المشتركة للتحالف "نحن نقتل داعش بمعدل لا يمكنهم ببساطة تحمله... لا يمكن للعدو تحمل هذا الاستنزاف الذي يعانيه ومن ثم فإنه يخسر الأرض ويخسر المعارك."
وقال جونز إنه على الرغم من أن المعركة لن تنتهي بسقوط الموصل أو الرقة إلا إن ذلك سيكون بداية النهاية. وأضاف قائلا "حتمية تدميرهم تصبح فعلا مسألة وقت" مضيفا أن قيادة التنظيم تركز الآن على البقاء. ويقدر التحالف أن عدد مقاتلي تنظيم داعش في العراق وسوريا وصل إلى أدنى مستوى له في أكثر من عامين ونصف العام مع فقدان الجماعة المتشددة 62 % من الأراضي التي كانت تسيطر عليها في العراق و30 % في سوريا.
وقال جونز إن عدد المقاتلين الأجانب الذين سافروا للانضمام إلى التنظيم تراجع بما يتراوح بين 75 إلى 90 % وذلك بسبب زيادة صعوبة الدخول والخروج من العراق وسوريا وبسبب الكشف عن حقيقة عدم جاذبية فعل ذلك. وقال "تم كشف طبيعة الفكرة الكبيرة التي كانت تطرحها داعش هناك ونوع جاذبيتها.. فهي كذبة. "هم يدركون أن ما تنضم إليه فعليا هو أن تعيش في ظل نظام وحشي."
وقال إن التنظيم ركز اهتمامه من جديد على جعل الناس خارج العراق وسوريا يعتنقون فكرا متطرفا لتنفيذ هجمات في الدول التي يقيمون فيها ومن ثم فما زال أمام التحالف عمل يؤديه بشأن التصدي لأيدلوجية التنظيم. ويقدر التحالف أن نشاط التنظيم على تويتر تراجع بنسبة 45 في المئة منذ 2014 مع تعليق 360 ألفا من حسابات التنظيم على تويتر كما أن فترة بقاء حساب مرتبط بالتنظيم على وسائل التواصل الاجتماعي انخفضت إلى أقل من يومين.
خسارة الارض
وفي هذا الشأن قال العميد يحيى رسول المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة إن تنظيم داعش الارهابي فقد معظم الأراضي التي كان يسيطر عليها في العراق منذ عام 2014. وأشار المتحدث إلى أن التنظيم المتشدد في أوج قوته كان يسيطر على نحو 40 بالمئة من الأراضي العراقية. وقال إن هذه المساحة انخفضت الآن إلى نحو 6.8 بالمئة من أراضي العراق بعد عمليات عسكرية مكثفة ما تزال مستمرة في مدينة الموصل. ويسيطر التنظيم حتى الآن على بلدات القائم وتلعفر والحويجة في العراق وكذلك الرقة معقل التنظيم في سوريا.
وقال رسول إن قوات الأمن العراقية تسيطر الآن على الشطر الشرقي من المدينة بالكامل. غير أن القتال ضد داعش في غرب الموصل يواجه صعوبات نظرا لأن قوات الأمن العراقية تقاتل في أزقة مكتظة بالسكان في الجزء القديم من المدينة. وقالت الشرطة الاتحادية في بيان إنها تعزز مواقعها في غرب الموصل تأهبا لهجوم على جامع النوري الذي أعلن منه أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش الخلافة في عام 2014. بحسب رويترز.
وقال المتحدث باسم التحالف الدولي الكولونيل جون دوريان خلال المؤتمر الصحفي إن التنظيم استخدم مئات السيارات الملغومة وكذلك طائرات بدون طيار ملغومة في الموصل وإن مقاتليه زجوا بالمدنيين في القتال عن طريق استخدامهم دروعا بشرية ونشر قناصة في مناطق سكنية وإعدام من حاولوا الفرار. وأضاف دوريان أن القتال في غرب الموصل صعب لكن مقاتلي داعش ليس أمامهم سبيل للفرار. وقال "لا تغفلوا أبدا حقيقة أنه برغم أن القتال سيكون صعبا للغاية فإن العدو محاصر تماما. لن يهربوا لأي مكان."
الأرض المحروقة
الى جانب ذلك ومع استمرار الهزائم في سوريا والعراق قال تنظيم داعش الارهابي بخصوص دعوى مقاتلية لاعتماد اساليب اجرامية جديدة، "الواجب على المجاهدين اليوم أن يوسعوا من حجم عملياتهم التي تستهدف الأسس الاقتصادية لأنظمة المشركين وذلك سعيا لحرمان الحكومات الصليبية والمرتدة من هذه الموارد." وتشكل هذه الاستراتيجية التي ينتهجها التنظيم تحديا مزدوجا أمام حكومتي بغداد ودمشق إذ تحرمهما من الدخل وتجعل من الصعب في الوقت نفسه تقديم الخدمات والدعم الشعبي في المناطق المدمرة التي يتم تحريرها من أيدي التنظيم.
وأضاف التنظيم أن العمليات في المنطقة المحيطة بتدمر "تثبت الأثر الكبير للضربات الموجهة إلى اقتصاد المشركين في إرباك صفوفهم وخلخلة بنيانهم واستفزازهم أحيانا للدخول في معارك هم غير مستعدين لها." ولم يقف الأمر عند حقول النفط والغاز بل امتد إلى آثار المدينة القديمة تدمر والتي تبعد 200 كيلومتر شمال شرقي العاصمة دمشق خلال سيطرة التنظيم عليها لمرتين حيث دمر بعض تراثها الأثري الذي لا يقدر بثمن قبل أن تستعيد القوات السورية السيطرة عليها.
ووصف خبير الآثار وائل حفيان الأضرار التي لحقت بالمصلبة (التترابيلون)، المؤلفة من أربع قواعد متقابلة فوق كل منها أربعة أعمدة، بأنها جسيمة. وقال حفيان إن أربعة أعمدة فقط بقيت من أصل 16 عمودا. وأضاف أن المتشددين ألحقوا أضرارا خلال احتلالهم الثاني للمدينة أقل من فترة احتلالهم الأولى عندما دمروا قوسا أثريا عمره 1800 سنة ومعبد بعل شمين الذي يبلغ عمره نحو ألفي عام.
ويرى التنظيم أن تدمير الأصول الاقتصادية الأساسية يشكل أولوية أكبر من تدمير التراث الأكثر رمزية. وقال "مع الأيام الأولى لغزوة تدمر الثانية التي فتح الله فيها للموحدين مدينة تدمر ومناطق واسعة غربها تضمن بعضها آخر ما تبقى بيد النظام النصيري من موارد نفطية... وجدنا السرعة الكبيرة التي دفع فيها النظام النصيري وحلفاؤه بقواتهم الكبيرة في عمق الصحراء لاستعادة السيطرة على تلك الموارد التي سبقهم جنود الخلافة إلى تدمير آبارها ومعاملها تماما كيلا يستفيد منها أعداؤهم وتستمر أزمته الاقتصادية إلى أبعد مدى ممكن."
وقال التنظيم "أي ضرر يلحقه التنظيم بمصالح هاتين الحكومتين الاقتصادية أو الخدمية من شأنه إضعافها. ولو كان برج كهرباء في ديالى أو بئر نفط في كركوك أو شبكة اتصالات في بغداد أو موقعا سياحيا في أربيل." وتابع أن توسيع حجم العمليات ضد "الأسس الاقتصادية" للأنظمة التي تقاتل عناصره من شأنها "دفعهم إلى الانشغال بحماية تلك الموارد وتوجيه قسم كبير من جيوشهم وطاقاتهم لهذا الغرض مما يساهم في تشتيت قواهم وبعثرة جهودهم ومنعهم من التفرغ للمعارك المباشرة." بحسب رويترز.
وقال جعفر الإبراهيمي مستشار الحكومة العراقية للبنى التحتية إن التنظيم تسبب في خسائر تقدر بنحو 30 مليار دولار في البنية التحتية العراقية منذ 2014. وأضاف الإبراهيمي "داعش استخدم سياسة التدمير الشامل للمنشآت والمصانع والبنايات بقصد إحداث أكبر ضرر اقتصادي للعراق. "أستطيع أن أؤكد أن ما لا يقل عن 90 بالمئة من البنى التحتية والمنشآت الحيوية الصناعية قد دمرت على أيدي داعش في المناطق التي احتلها في العراق." وقال الإبراهيمي إنهم دمروا أيضا مصانع السكر والأسمنت ونقلوا معداتها إلى سوريا. وفي سوريا قال علي غانم وزير النفط والثروة المعدنية للوكالة العربية السورية للأنباء إن التنظيم دمر أكثر من 65 بالمئة من معمل حيان للغاز. وينتج حقل حيان الذي يقع في محافظة حمص ثلاثة ملايين متر مكعب من الغاز الطبيعي يوميا.
داعش والفساد
في السياق ذاته قالت منظمة الشفافية الدولية إنه لا يمكن أبدا هزيمة تنظيم داعش مالم يتم التعامل مع الظروف الفاسدة التي تساعد التنظيم على النمو والتمدد. واتهم تقرير للمنظمة حكومات الدول الغربية، بما فيها المملكة المتحدة وأمريكا، بتجاهل الفساد كمحفز رئيسي يؤدي إلى انتشار الإرهاب، وخاصة في الشرق الأوسط.
وتدعو المنظمة هذه الحكومات إلى الضغط بدرجة أقوى من أجل ضمان المحاسبة فيما يتعلق بالميزانيات العسكرية. ويأتي التقرير بينما تتقدم القوات العراقية نحو الموصل، معقل التنظيم الرئيسي في العراق. ويقول التقرير، الذي صدر بعنوان "المحفز الكبير"، إن التنظيم استغل الفساد لنشر التطرف والتجنيد، مقدما نفسه على أنه العلاج للفساد بينما يسعى لستر أنشطته غير الشريفة. وقالت كاثرين ديكسون، مديرة برنامج الدفاع والأمن في منظمة الشفافية الدولية، إن الفساد هو الصرخة التي يجمع بها التنظيم المؤيدين وأسلوب عمل رئيسي له.
وحذرت من أن "الإخفاق في استيعاب ذلك يقوض الجهود الرامية لمعالجة صعود التطرف العنيف." "الأمر لا يتعلق بمجرد إغلاق قنوات الفساد التي تزيد قدرة العمليات اليومية لجماعات مثل تنظيم داعش بل بإعادة التفكير في العلاقات مع أمثال مبارك ( في مصر)، والقذافي (في ليبيا) ، والمالكي (في العراق) الذين سوف يظهرون في المستقبل. وقال ديكسون "المجتمع الدولي يبذل جهودا هائلة لمواجهة 'أيدولوجية' جماعات مثل تنظيم داعش في العراق وسوريا، بالتركيز على الخطاب الديني الرنان الصادر عن هذه الجماعات، لكنه يتجاهل تماما الظروف المادية التي تزدهر فيها."
وتحدد المنظمة الدولية، التي تشن حملات ضد الفساد في الحكومات، من خلال بحوثها عددا من الأفكار التي يستخدمها تنظيم داعش لتجنيد الأنصار. وفي منصات التواصل الاجتماعي، يشدد التنظيم على الفساد المنظم، بما فيه المحسوبية والرشوة، بينما يقدم نفسه على أنه قادر على توفير الأمن والعدالة والرفاهية، حسب المنظمة. ويغذي التنظيم أيضا شعورا بالتمييز لدى الجماعات السنية، ويروج لأن الغرب وحلفاءه متواطئون في الفساد. بحسب رويترز.
وتقول المنظمة إنه فضلا عن ذلك، فإن الفساد أضعف بشكل مادي بعض القوات، مثل الجيش العراقي، الذي لم يوجد لديه عدد كاف من الجنود لقتال داعش عندما بدأ الهجوم على الموصل لأن الآلاف يتقاضون راوتب ولكنهم لا يعملون فعليا. وتحذر ديكسون من أن هذا يعني أنه من دون علاج مشكلة الفساد، لن يهزم تنظيم داعش على المستوى الأعلى. واضافت أن "الأمر لا يتعلق بمجرد إغلاق قنوات الفساد التي تزيد قدرة العمليات اليومية لجماعات مثل التنظيم بل بإعادة التفكير في العلاقات مع أمثال مبارك ( في مصر)، والقذافي (في ليبيا) ، والمالكي (في العراق) الذين سوف يظهرون في المستقبل". وتؤكد ديكسون أن " الفساد تهديد أمني حقيقي، وأكثر من مجرد وسيلة تتبعها الصفوة لملء جيوبها. إن الحكومات الفاسد، في النهاية، إنما هي بتأجيج غضب الناس وتقويض المؤسسات، مهندس أزماتها الأمنية."
أمريكا تغرق
على صعيد متصل قال تنظيم داعش في أول تصريحات رسمية تشير إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ توليه منصبه، إن الولايات المتحدة الأمريكية "تغرق" ويقودها "أخرق". وأضاف المتحدث الرسمي باسم التنظيم أبو الحسن المهاجر في تسجيل صوتي نشر على تليجرام "لقد أفلست (أمريكا) وأمارات زوالك ظاهرة بادية للعيان فلا أدل من أن تسلم أمرك رقيع أخرق.. ما يدري ما الشام وما العراق وما الإسلام." وجعل ترامب هزيمة التنظيم أولوية قصوى خلال فترة رئاسته.
وتشن قوات عراقية تساندها قوات التحالف حملة عسكرية لاستعادة الموصل آخر المعاقل الرئيسية للتنظيم في العراق. وفي سوريا يتعرض التنظيم لضربات جوية من التحالف الدولي ومن روسيا بينما يتحدث قادة عسكريون عن قرب اكتمال الاستعدادات لمعركة لاستعادة مدينة الرقة المعقل الرئيسي للتنظيم في سوريا. وقال المهاجر" موتي بغيظك أمريكا موتي بغيظك فلن تهزم أمة يتسابق شيبها وشبابها على الموت وإزهاق النفس رخيصة في سبيل الله." بحسب رويترز.
ويبحث ترامب سبل تسريع حملة التحالف التي يقول المسؤولون الأمريكيون والعراقيون إنها نجحت حتى الآن فى اقتلاع التنظيم من العراق وسوريا. وعلى الرغم من أن خسارة الموصل ستمثل ضربة كبرى لداعش، ويستعد مسؤولون أمريكيون وعراقيون لخوض معارك أصغر حتى بعد استعادة المدينة ويتوقعون لجوء عناصر التنظيم للعمل السري وخوض حرب عصابات.
الذئاب المنفردة
من جهة اخرى مع تراجع قدرته على تدبير اعتداءات واسعة النطاق يتم التخطيط لها مركزيا، بات تنظيم داعش يعتمد على "مدربين افتراضيين" يعملون بصورة مستقلة عن قيادة التنظيم الجهادي لتوجيه "ذئاب منفردة" وحضهم على تنفيذ هجمات محدودة، بحسب ما أظهرت دراسة. وقال باحثان في "البرنامج حول التطرف" في جامعة جورج واشنطن أن الأدلة تشير إلى أن العديد من منفذي الهجمات المعروفين بـ"الذئاب المنفردة" لتحركهم بمفردهم، يتلقون في الواقع التشجيع والتوجيه من عناصر في داعش يدفعونهم لتنفيذ هجمات يمكن للتنظيم لاحقا تبنيها.
وقال ألكسندر ميلياغرو-هيتشنز الذي وضع الدراسة بالاشتراك مع سيموس هيوز "ثمة أشخاص يبادرون إلى ابتكار أساليب جديدة لنشر العقيدة الجهادية وتشجيع الهجمات". والجديد على حد قوله، هو أن هؤلاء الأفراد الذين يطلق عليهم الباحثان تعبير "المدربين الافتراضيين" يعملون على ما يظهر بصورة مستقلة لتطوير مخططات اعتداءات بعيدا عن أي إشراف أو توجيه من قادة تنظيم داعش، مستخدمين شبكات التواصل الاجتماعي ومواقع الرسائل المشفرة.
وتابع الباحث "يتهيأ لنا أنهم متروكون إلى حد بعيد لشأنهم، مع وسائلهم الخاصة. إنهم يستخدمون حسهم بالابتكار لإيجاد وسائل جديدة لاجتذاب عناصر وتشجيعهم على شن هجمات، وكذلك الطلوع بأساليب جديدة لمهاجمة الغرب". وتشير الدراسة التي صدرت في صحيفة "سي تي سي سينتينل" التابعة لمركز مكافحة الإرهاب في كلية "وست بوينت" العسكرية الأميركية إلى أن ثمانية مشاريع اعتداءات وهجمات على الأقل من أصل 38 خطط لها أو نفذت في الولايات المتحدة منذ 2014، أي ما يعادل الخمس، دبرها أو نفذها أشخاص أعدهم "مدربون افتراضيون" تابعون للتنظيم.
واستند الباحثان إلى عناصر أدلة اعتمدتها الإدارة الأميركية لإعداد ملفات قانونية ضد مهاجمين محتملين، وإلى معلومات مستمدة من اعتداءات تم تنفيذها، لاستخلاص نمط تحرك لتنظيم داعش، يقضي بمنح بعض عناصره الحرية لتطوير مخططات من تلقاء أنفسهم. وفي تحليلهما لمخطط اعتداء دبره ثلاثة رجال على معرض رسوم عن النبي محمد في أيار/مايو 2015 في غارلاند بولاية تكساس، يظهر في بادئ الأمر أن الخطة دبرت حصرا في الولايات المتحدة، وأن دور تنظيم الدولة الإسلامية اقتصر فيها على إلهام المخططين.
غير أن معلومات تم جمعها لاحقا كشفت أن عنصرا من تنظيم داعش في سوريا يدعى جنيد حسين هو الذي أعطى المخططين التعليمات، وقام حتى باختيار الهدف بنفسه. وينطبق السيناريو نفسه على جهادي أخر من "الذئاب المنفردة" هو ايمانويل لوتشمان الذي أوقف لتخطيطه لاعتداء بمناسبة عيد رأس السنة عام 2015 في نيويورك. والواقع أن عنصرا في تنظيم داعش يدعى ابو سعد السوداني هو الذي وجه لوتشمان واختار هدفه، وقد أقنعه بتصوير فيديو يعلن فيه مبايعته لداعش قبل تنفيذ الاعتداء. ويعمل عشرة من هؤلاء "المدربين المفترضين" في السنوات الأخيرة انطلاقا من الرقة، أبرز معاقل التنظيم في سوريا، فيحاولون التواصل مع أشخاص في الولايات المتحدة يعتقدون أنهم يؤيدون قضية الجهاديين. بحسب فرانس برس.
واكتسب دورهم أهمية أكبر بعدما بات التنظيم يواجه صعوبة متزايدة في تدبير اعتداءات كبرى ضد الدول الغربية، وهو يتعرض لهجوم على معاقله في سوريا والعراق تنفذه القوات السورية والقوات العراقية، والتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن. وقال ميلياغرو-هيتشنز "بما أن الأمر بات يزداد صعوبة بالنسبة لهم، فهم يحاولون الحفاظ على الأقل على حضور معين في الدول الغربية من خلال هذا النوع من الاعتداءات المحدودة".
اضف تعليق