أ.م.د. ياسين البكري/كلية العلوم السياسية جامعة النهرين
تعاني الدول الخارجة من الحروب أو من وضع الحكم الشمولي للديمقراطية، من إضطرابات وحالة عدم إستقرار وعنف وتطرف نتيجة هشاشة المؤسسات الأمنية وعدم فعالية مؤسسات الحكم بسبب الوضع الانتقالي.
تعرض الأوضاع الإنتقالية في كثير من الاحيان حالات من عدم الثقة وعدم اليقين بالمستقبل أو بكفائة البنى السياسية والأمنية والإقتصادية الجديدة في القيام بمهام إعادة الإستقرار وتوفير إحتياجات المواطن، ويزيد من حدة عدم الإستقرار ان الإنتقال من الحالة الشمولية الى مقدمات الديمقراطية ناتج عن تدخل خارجي عنفي وليس بتطور ميكنزمات سياسية واقتصادية داخلية متدرجة.
يترافق ذلك مع تفكك البنى القيمية خصوصاً إذا سبقتها حالة من التنشئة على العنف تفرضها اما قيم النظام السياسي أو ضرورات حالة الصراع العنفي (الحرب) مع دولة اخرى.
في الانموذج العراقي ترافقت تلك المدخلات:
- نظام شمولي ذا قيم عنفية
- 3 حروب خلال 3 عقود
- حصار اقتصادي لمدة ثلاثة عشر عام
- تغير النظام بفعل عنفي من قبل قوة خارجية
- تفكك في الهياكل الإقتصادية واندثار للطبقة الوسطى لحساب الطبقة الدنيا
- زيادة في مستوى الامية نتيجة للعوامل السابقة
- تبني سياق تفكيكي للنظام السياسي (توافقي، مكوناتي) بعد 2003
تلك المدخلات عززت حالة الشك والمخاوف المتبادلة في الحالة الجديدة.
التغير في هرم السلطة وشكل النظام السياسي وإرتفاع مستوى الدخل الفردي لم يكن كافياً لتحقيق الإستقرار في بيئة كانت ظروفها الموضوعية تسير باتجاه زيادة العنف، ما يتطلب زيادة في برامج التنشئة ضد العنف والتطرف.
الحالة العراقية تطرح إشكالية العلاقة بين العنف كمخرج موضوعي بسبب المدخلات سالفة الذكر واساليب التنشئة ضد العنف والتطرف.
ونفترض ان أساليب التنشئة نحو الإعتدال ونبذ التطرف والكراهية لم تكن بمستوى تجذرها، ما أدى الى ظهور وتنامي حالة التطرف في الخطاب والسلوك السياسي على المستوى الفردي والجمعي.
ما سبق يطرح أسئلة عدة منها:
لماذا فشلت التنشئة الإجتماعية السياسية في تعزيز قيم الإعتدال، وهل كانت هناك تنشئة بهذا الإتجاه؟
ما هي مسارات تحقيق تنشئة نحو الإعتدال، ومن يقوم بها؟
اضف تعليق