أ.م.د. وائل عبد الكريم محمد الحاج-جامعة تكريت /كلية التربية/قسم علوم القران
ذمَّ الإسلام الغلوّ في الدين، واعتبره سبيلاً إلى الانحراف والشطط، ووسيلةً إلى إضعاف المجتمع المسلم، وتمزيق نسيجه الاجتماعي وكيانه السياسي. والإسلام باعتباره الرسالة السماوية الخاتمة، الهادية إلى أقوم السبل للحياة السّوية، ويرى أن الغلوّ في كل شيء، مجلبةٌ للشرور وللمظالم وللانحرافات ولكل الموبقات؛ لأنه يؤدي إلى التطرف الذي هو نقيضُ الطبيعة البشرية السوية، وإخلالٌ بالموازين التي أقامها اللَّه للكون، على وجه العموم
وكما يكون الغلوّ والتطرف في الدين، يكونان أيضاً في الفكر والتصوّر، وفي الممارسة والتطبيق. لذلك فإن الاعتدال محمودٌ ومطلوبٌ في كل الأحوال، ومن ثم كان المنهج الإسلامي، منهجَ الاعتدال والوَسَطية.
وفي اللغة العربية، ينتهي الاعتدال والعدل والعدالة والمعادلة، إلى معنى أصلي واحد. ففي الاعتدال كلُّ العدل. والمجتمع المسلم مجتمع معتدل؛ لأنه مجتمع عادل. وهذا يناقض تماماً ما يروج عن المجتمعات الإسلامية من أنها تجنح إلى التطرف في كل شأن من شؤونها، أو أن الإسلام دين التطرف، فهذا محض ادعاء، ومطلق افتراء، فلا الإسلام دين التطرف، ولا المجتمع المسلم مجتمع تطرف، ولا العالم الإسلامي يجنح إلى التطرف.
لذلك تكمن أهمية الموضوع في بيان قيم الاعتدال عند آل البيت الطيبين الطاهرين، لنثبت لمن يتهم الإسلام بالتطرف أن لبُّ التربية في الإسلام قيم الاعتدال، تماماً كما هي جوهرُ التربية على وجه الاطلاق، في المنظور الإسلامي.
ولنبين للعالم اجمع أن ديننا ومنهجنا يستمد تعاليمه ومبادئه من القرآن الكريم ومن احاديث رسولنا الكريم وآل بيته الطيبين الطاهرين فهم يمثلون التوازن والاعتدال، وهم وسط بين العقل والعاطفة، وبين نوازع الجسد ومتطلبات الروح، فلا يطغى طرف على طرف، ولا جانب على جانب، ولا إفراط ولا تفريط، ولا غلو ولا تقصير، إنما منهجهم منهج اعتدال واستقامة على طريق رباني حكيم، فالله سبحانه وتعالى أكرمهم بالوسطية في كل الأمور، سواء كانت دينية أو دنيوية، مادية أو روحية، فالإسلام وسط في عقيدته وعبادته، ووسط في تشريعه ومعاملاته، ووسط في أخلاقه وآدابه.
وقد تضافرت الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة وأقوال آل البيت الطيبين التي تحث على التمسك بالاعتدال، فالتوازن والاعتدال سمة ديننا ومظهر حضارتنا، قال تعالى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق»
وقال الامام علي عليه السلام (إن أغنى الغنى العقل، وأكبر الفقر الحمق، واوحش الوحشة العجب، واكرم الكرم حسن الخلق).
وقال عليه السلام ثلاث منجيات: (خشية الله في السر والعلانية، والقصد في الفقر والغنى، والعدل في الغضب والرضى).
(برُ الوالدين أن تبذل لهما ما ملكت، وتعطيهما فيما أمراك ما لم يكن معصية).
وقال الأمام الصادق عليه السلام (حسن الخلق أحد مراكب الحياة).
هذه بعض الآليء نستدل بها على هذا المنهج القويم في الاعتدال وقد اقتضت طبيعة البحث الموسوم (المنهج المعتدل لآل البيت الطيبين الطاهرين ودوره التربوي في ريادة المجتمع) -دراسة حديثية –.
أن تكون خطته كالآتي:
المقدمة
المبحث الأول: تمهيد في مفهوم الاعتدال والريادة لغةً واصطلاحاً.
المبحث الثاني: المبحث الأول: منهج الاعتدال عند آل البيت في تربية الأسرة دينياً ودوره في ريادة المجتمع.
المطلب الأول: منهج الاعتدال عند آل البيت في تعليم الأسرة على التشهد.
المطلب الثاني: منهج الاعتدال عند آل البيت في تعليم الأسرة على (الصلاة الزكاة الصيام والحج).
المطلب الثالث: منهج الاعتدال عند آل البيت في ذكر الله تعالى ودوره في ريادة المجتمع.
المطلب الرابع: منهج الاعتدال عند آل البيت في الزهد ودوره في ريادة المجتمع.
المبحث الثالث: منهج الاعتدال في المعاملات عند آل البيت ودوره في ريادة المجتمع
المطلب الأول: منهج الاعتدال عند آل البيت في تربية الأسرة على الفضائل ودوره في ريادة المجتمع.
المطلب الثاني: منهج الاعتدال عند آل البيت في التعامل التجاري ودوره في ريادة المجتمع.
المطلب الثالث: منهج الاعتدال عند آل البيت في التعامل مع الحكام ودوره في ريادة المجتمع.
المبحث الرابع: منهج الاعتدال عند آل البيت في الآداب والأخلاق العامة ودوره في ريادة المجتمع.
المطلب الأول: منهج الاعتدال عند آل البيت أخلاق (الصبر، التواضع، الصدق، الكرم، العفة، السماحة والإحسان، العفو عند المقدرة....).
المطلب الثاني: منهج الاعتدال عند آل البيت في أدب التعامل مع الوالدين.
المطلب الثالث: منهج الاعتدال عند آل البيت في أدب التعامل مع الجيران وغيرهم.
اضف تعليق