أ.م.د. هادي مشعان ربيع-رئيس قسم العلوم السياسية-كلية القانون والعلوم السياسية/جامعة الانبار
مصطلح الدولة المدنية أخذ يتردد مؤخراً في كل مناسبة سياسية أو دينية، أو في مظاهرة، أو في تحرك مطلبي، على ألسنة السياسيين، وعلى ألسنة المواطنين، إذ نسمع من البعض أن الحل لآفة الفساد ومشكلة النظام الطائفي هو قيام الدولة المدنية، مما يعني أنها أصبحت مطلباً جماهيرياً واسعاً في العراق.
والدولة المدنية كما هو معروف هي دولة تحافظ وتحمي كل أعضاء المجتمع بغض النظر عن انتماءاتهم القومية أو الدينية أو الفكرية، وهي تقوم على عدة مبادئ لعل من أهمها أن تقوم تلك الدولة على السلام والتسامح وقبول الآخر والمساواة في الحقوق والواجبات، بحيث تضمن حقوق جميع المواطنين، بعيداً عن أي حالة تطرف، بمعنى أخر يمثل الاعتدال الديني والسياسي والاجتماعي الركن الأساسي في بناء هذه الدولة.
إشكالية الدراسة:
على الرغم من تصاعد الدعوات المطالبة بقيام الدولة المدنية في العراق إلا أن تلك الدعوات وغيرها لم تتحقق، ومازال المجتمع العراقي يعاني حالة من التطرف الديني والسياسي والفكري الذي يزيد الأمور سوءا ويهدد وحدة المجتمع وكيانه.
والسؤال هنا كيف يمكن للاعتدال بناء دولة مدنية حديثة؟ بمعنى آخر على أي أسس يجب أن يبنى هذا الاعتدال من اجل إقامة هذه الدولة المدنية الحديثة؟
أهمية الدراسة:
ترجع أهمية الدراسة إلى ما يمر به المجتمع العراقي اليوم من أزمات تهدد وجوده وبقاءه كدولة موحدة بسبب الخلافات ذات البعد الديني والسياسي التي تسود مجتمعه وتدفع إلى حالة من التطرف في المواقف والأفعال، مما يستدعي ضرورة قيام الدولة المدنية التي يمثل الاعتدال ركنها الأساسي، تستطيع تجاوز كل هذه الخلافات وتضع مصلحة الوطن والمواطن في مقدمة أهدافها وغاياتها.
هدف الدراسة:
تهدف الدراسة بشكل أساسي إلى بيان كيف يمكن من خلال الاعتدال بناء دولة مدنية حديثة، تكون فيها السيادة لأحكام القانون وليس للاعتبارات الدينية أو الطائفية أو القومية.
تقسيمات الدراسة:
سوف يتم تقسيم الدراسة على أربعة محاور: نحاول في الأول منها تحت عنوان الإطار المفاهيمي: توضيح مفهومي الاعتدال، والدولة المدنية الحديثة، وفي الثاني: نتناول أسس الاعتدال، أما في المحور الثالث سوف نتناول مبررات الدولة المدنية الحديثة للمجتمع العراقي، والمحور الرابع سوف يخصص للحديث عن طرق ترسيخ قيم الاعتدال في المجتمع العراقي. والخاتمة سوف تتضمن أهم ما نتوصل له من نتائج...والله المعين
اضف تعليق