مما لاشك فيه ان ظاهرة التنظيمات الارهابية والحركات المتطرفة التي غزت العالم في السنوات الاخيرة هدفها الاساسي هو الدمار حيث لو تصفحنا بصفحات جرائمها السوداء لوجدناها مليئة بأعمال التخريب والدمار التي تعتبر فتكا وتهديدا للارض التي تتواجد عليها تلك التنظيمات الارهابية فقد اعتدت على اسواق وقتلت الكثير من الابرياء وهتكت اعراض فضلا عن انها خططت لأرتكاب هجمات على شوارع واسواق ومراكز تجارية وغيرها من الاعمال الاجرامية التي لايبيحها شرع ولايحلها قانون.
ان الهدف الاساسي لتلك النتظيمات الارهابية المتشددة هو الغاء الفكر الانساني المتطور ودعس الابداع والابتكار بكل الطرق الوحشية لكي تسود افكاره المتطرفة التي بعيدة كل البعد عن المنطق والدين لذلك ركزت على المدارس والتلاميذ لكي ينقشوا تعاليمهم الارهابية في ذهونهم البيضاء الخالية من اجل ذلك نرى ان اكثر من تضرروا في هذه الحروب الارهابية هم الاطفال، وبحسب ما صرح به المتحدث باسم وزارة التعليم في افغانستان "تلاميذنا هم أول ضحايا الحرب".
فقد اغلقت الف مدرسة في افغانستان في هذا العام بسبب سيطرت حركة طالبان المتشددة على مزيد من المناطق الامر الذي يفاقم المشكلة التي يواجهها الأطفال في الحصول على التعليم. وبحسب تقارير اممية يقدر عدد الطلاب والطالبات خارج النظام التعليمي بنحو 3.5 مليون 75 في المئة منهم فتيات وذلك لان الجماعات المتطرفة لاتسمح بخروج الفتيات وهناك ايضا اسباب لاتعود فقط إلى العنف بل أيضا إلى نقص في المعلمات والزواج المبكر والقيود الاجتماعية في المجتمع المحافظ.
والحديث عن طلاب العراق وسوريا يطول وليس له حل معقول فتنظيم داعش الارهابي قد حطم كل شيء جميل في عيون الاطفال في المناطق التي سيطر عليها ففي العراق وبحسب تقارير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في العام الماضي أن قرابة 3.5 مليون طفل عراقي في سن الدراسة تسربوا من التعليم مع التحاق أكثر من نصف مليون طفل بسوق العمل بدلا من الدراسة. اغلبهم من المناطق التي سيطر عليها داعش.
فبسبب الظروف المعاشية الصعبة التي تعرضوا اليها اضطر معظم الاهالي ان يمنعوا اطفالهم من الذهاب الى المدارس لكي يعيلوا عوائلهم على المعيشة ايضا خوف بعض الاسر من ارسال اولادهم للمدارس من ان يجندوا تحت راية داعش الارهابي بسبب المناهج التي تدعوا للارهاب التي كانوا يدرسها التنظيم المتشدد في مدارسهم ممااضطرهم عن العزوف من المدراس وانتظار مستقبلهم المجهول في ظل داعش الارهابي.
بينما سوريا بعد ان حطم التنظيم الارهابي احلام الاطفال البريئة بتفجير مدارسهم وبيوتهم وبعد قرابة ست سنوات من الصراع فر أكثر من نصف سكان سوريا من منازلهم وبينهم أكثر من مليون ذهبوا إلى لبنان علهم يجدون مافقدوه في بلادهم من تعليم وحياة هانئة.
لكنهم تفاجئو بقوانين تعسفية وعدم وجود تسهيلات من قبل الحكومة اللبنانية لاتمام تعليمهم في المدارس من خلال طلب اجراءات مطولة ومعقدة وايضا اختلاف المناهج سبب لهم مشكلة اخرى وغيرها من المشاكل والعقبات التي لاتحصى ولاتعد مما اضطروا الى ترك مقاعد الدراسة والذهاب الى العمل او التسول بسبب الجوع والفقر الذي يعانون منه. وبحسب تقارير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) 187 ألف طفل أي قرابة نصف الأطفال السوريين في سن الالتحاق بالمدرسة لا يتعلمون.
سوريا: جيل ضائع معرض للانتهاك
في نفس السياق ان نحو ربع مليون طفل سوري لجأوا إلى لبنان تاركين الدراسة حيث فاتتهم سنوات من التعلم الرسمي في الأغلب. هذه الأزمة تظهر آثار الحرب السورية التي اندلعت قبل نحو ست سنوات وهي آثار ستظل محسوسة لوقت طويل في المنطقة التي غاب فيها مئات الآلاف من الأطفال عن مقاعد الدراسة. ويواجه هؤلاء الأطفال العيش كجيل ضائع معرض للانتهاك من جانب مهربي البشر والساعين لتجنيدهم لحساب الجماعات المتطرفة.
لكن حملة طموحة لتوفير التعليم لجميع الأطفال السوريين وأطفال الفقراء اللبنانيين يبلغ تمويلها عشرات الملايين من الدولارات سنويا يأتي معظمها من دول الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة لا تفي حتى بمتطلبات القيد لفترة مؤقتة. طرحت أسر أجرت رويترز مقابلات مع أفرادها في مناطق مختلفة من لبنان سلسلة من المعوقات أمام إدخال أطفالها المدارس منها الفقر والاعتماد على عمل الأطفال وكذلك القيود المفروضة من الحكومة اللبنانية على تنقلات السوريين وأيضا المدارس العامة التي تطرد التلاميذ السوريين المقيدين فيها مع بداية كل عام دراسي.
وتؤكد منظمات إغاثة وجماعات حقوقية وجود هذه العراقيل وتقول إنها ممارسات قديمة للحكومة اللبنانية تجاه اللاجئين وغيرهم ممن لا يخضعون لسلطتها. في العام الماضي أطلق لبنان الذي يستضيف أكثر من مليون لاجيء سوري بينهم نحو نصف مليون طفل حملة لقيد 200 ألف تلميذ في المدارس العامة من خلال فصول دراسية مسائية ضمن "دورة ثانية" للمدارس خصصت للسوريين وحدهم.
وأشاد المجتمع الدولي بوجه عام بجهود هذه الدولة الصغيرة في مواجهة الأزمة السورية وكرر التزامه بمساعدتها على مواجهة تدفق اللاجئين. وطبقا لتقرير سنوي للأمم المتحدة عن المساعدات وأرقام من وكالة اللاجئين التابعة للمنظمة الدولية قدم مانحون 267 مليون دولار في 2015 بينها تمويل لحملة التعليم و207 ملايين أخرى هذا العام مما جعل التعليم واحدا من أفضل القطاعات تمويلا في لبنان.
وتشير تقديرات الحكومة والمنظمات الخيرية إلى أن عشرات الآلاف من الأماكن لم تجد من يشغلها مع قيد ما لا يزيد عن 159 ألف سوري في المدارس العامة. وترك عدد غير معلوم من هؤلاء الدراسة. وذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان حديث أن من بين السوريين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 17 عاما هناك 95 في المئة غير مقيدين في مدارس.
وأبلغ بسام الخواجة الذي يعمل بالمنظمة الحقوقية ومقرها نيويورك رويترز أن خطة إلحاق الأطفال السوريين بالمدارس العام الماضي لم تكن فعالة في بعض المناطق: فالعديد من الأماكن المخصصة للسوريين كانت في مدارس بعيدة عن مكان إقامة معظم اللاجئين وهو ما يعني أن ما لا يقل عن 40 ألف مقعد ظل شاغرا.
وعلقت وزارة التعليم شروط الإقامة لدخول المدارس العامة لكن الأسر قالت إن بعض المدارس طلبت الإقامة وبطاقات الهوية ووثائق أخرى لم تكن لديهم. كما تعني قوانين الإقامة أن العديد من الآباء لا يتركون المنزل للبحث عن عمل خشية إلقاء القبض عليهم عند نقاط تفتيش الجيش ويعتمدون على أطفالهم في الحصول على دخل.
وتشمل الصعوبات الأخرى تكاليف وسائل النقل - فقد قالت إحدى الأسر أنها اضطرت للاختيار بين أي من طفليها الاثنين لإرساله إلى المدرسة لأنها تتكلف 30 دولارا شهريا للحافلة - فضلا عن حواجز اللغة حيث تستخدم المناهج اللبنانية الإنجليزية والفرنسية. وقالت وزارة التعليم إنها تعمل لضمان تنفيذ مزيد من المدارس سياسة الحكومة في السماح بالتحاق السوريين بها.
العراق: سنوات دراسية مع معلمين سيئين
على صعيد ذي صلة فتح أحد الجيران باب المدرسة للمرة الأولى منذ طردت القوات العراقية تنظيم داعش بلدة الجرف العراقية. انتشر الأطفال داخل المبنى، وسرعان ما بدأوا بلعب كرة القدم مع الجنود في القاعة الرئيسية وأقدموا وملؤهم البهجة على تمزيق كتب تنظيم داعش المدرسية.
تعود الطفلة سناء أحمد بالذاكرة إلى العام 2014 حين سيطر الجهاديون على قريتها جنوب الموصل، قائلة "لقد أحضروا كتبا جديدة كلها إسلامية". تضيف الفتاة ذات الأعوام العشرة "كان يوجد صور في كتبنا. لقد غيروا ذلك، قالوا إنه حرام". بحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، فإن 4,7 مليون طفل تأثروا بشكل مباشر بالاضطرابات الأخيرة، و3,5 مليون لا يتلقون التعليم.
في الجرف، قرر العديد من الأهالي عدم إرسال أولادهم إلى المدرسة بعد دخول تنظيم داعش. يقول أبو سالم، وهو أب يبلغ من العمر 28 عاما ويقع منزله مقابل المدرسة، إن الجهاديين "كانوا يحاولون السيطرة على عقول الأطفال، كانوا يعلمونهم أشياء تشجع على القتل". ويشير سالم عبد المحسن، وهو أب رفض أيضا إرسال أطفاله إلى المدرسة خلال حكم الجهاديين، إلى أنه "على سبيل المثال، في حصة الرياضيات، يعلمونهم ماذا تساوي رصاصة زائد رصاصة، أو صاروخ زائد صاروخ".
تكلفة كتب الجهاديين المدرسية، المدرجة على قائمة لا تزال معلقة على جدار مدرسة زينب بنت خديجة في الجرف، كانت رادعة للعديد من أولياء الأمور. على أرض أحد الفصول الدراسية، نسخة من كتاب التربية البدنية التي ينتجها تنظيم داعش، وكل صفحة فيه مختومة بشعار التنظيم.
أول دروس الكتاب كان عن "كيفية جلوس القرفصاء بشكل صحيح"، وعنوان آخر كان "لعبة الحجرات السبع"، الذي يهدف على ما يبدو تحضيرا لـ"رمي الجمرات" خلال موسم الحج. في درس آخر، يجب القيام بالتمرين مع إنشاد أغنية تمجد زعيم تنظيم داعش ، تقول لازمتها "كل واحد منكم ينضم ويبايع (أبو بكر) البغدادي".
الجرف واحدة من مئات البلدات الصغيرة والنائية الواقعة على طريق وادي دجلة في محافظة نينوى. وقبل أن تبدأ القوات العراقية باستعادة السيطرة على الأراضي، كانت تلك القرى في قلب "الخلافة" التي أعلنها تنظيم داعش في حزيران/يونيو 2014، بعزلة عن العالم أكبر مما كانت عليه سابقا. بحسب فرانس برس.
مدرسة الجرف بقيت مغلقة لأيام عدة متتالية، وحتى حينما كان يرسل التنظيم معلمين من الموصل، يلزم العديد من الأطفال منازلهم. يوبخ معلمو تنظيم داعش الأطفال في كل مرة يزورون فيها المدرسة، ويحضون الفتيات على ارتداء النقاب، والفتية على لبس "الزي الأفغاني".
لم يعد في الجرف معسكرات تدريبية للأطفال، على غرار تلك الموجود في أشرطة التنظيم الدعائية. يقول أبو سالم إن "الأطفال لم يفهموا كل ذلك، هم مجرد أطفال، يريدون اللعب". معظم الأطفال هناك لم يغامروا بالخروج أكثر من كيلومترات عدة خارج البلدة، والحديث عن حكم الجهاديين يقابله بضع سنوات دراسية مع معلمين سيئين.
افغانستان: لا يسمح للفتيات بالذهاب إلى المدرسة
الى جانب ذلك قال مسؤولون إن تدهور الوضع الأمني في أفغانستان أجبر حوالي ألف مدرسة على إقفال أبوابها هذا العام وهو أكثر من ضعف العدد الإجمالي المسجل في العام الماضي مما يفاقم المشكلة التي يواجهها الأطفال في الحصول على التعليم. ويخشى مسؤولو التعليم أن يسوء الوضع أكثر في العام المقبل إذا سيطرت حركة طالبان الإسلامية المتشددة على مزيد من المناطق.
وقال مجيب مهرداد المتحدث باسم وزارة التعليم "تلاميذنا هم أول ضحايا الحرب." وأضاف "إذا استمرت مكاسب طالبان فان المكاسب التي حققناها قد تختفي بسهولة" مضيفا أن 24 من أصل 34 إقليما قد أجبروا على إغلاق بعض المدارس جراء انعدام الأمن. بحسب وكالة رويترز.
وحقق نظام التعليم في أفغانستان مكاسب كبيرة منذ إطاحة القوات التي تقودها الولايات المتحدة في عام 2011 بحكم طالبان. وقبل ذلك تم منع الفتيات من التعليم الرسمي في حين التحق أقل من مليون صبي بالمدارس. وذكرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أن المانحين ضخوا حوالي مليار دولار في المدارس فيما ساعد على توفير التعليم لنحو 8.4 مليون طفل.
لكن على الرغم من التقدم فقد زادت الأوضاع الأمنية السيئة من المشاكل التي تواجه نظام التعليم الذي يعد حيويا للمستقبل الاقتصادي للبلاد التي تعتمد على المساعدات الخارجية. ويقدر عدد الأولاد خارج النظام التعليمي بنحو 3.5 مليون 75 في المئة منهم فتيات وذلك لا يعود فقط إلى العنف بل أيضا إلى نقص في المعلمات والزواج المبكر والقيود الاجتماعية في المجتمع المحافظ.
وقال ساخي جان وهو من سكان منطقة شامخاني في إقليم بكتيا بشرق البلاد "قررت عائلاتنا عدم السماح لفتياتنا بالدراسة بعد الصف السادس لأنهن كن يضطررن لارتياد مدرسة بعيدة عن منازلهن." وتقول حركة طالبان- التي منعت الفتيات من الذهاب إلى المدرسة خلال حكمها في 1996-2001- الآن إنها لا تعارض تعليم الفتيات. وأصدر زعيمها الملا هيبة الله أخونزادة بيانات تقول إن المقاتلين لديهم أوامر بعدم المساس بالمدارس.
غير أن مسؤولين حكوميين يقولون إن المتشددين يغلقون المدارس في المناطق التي يسيطرون عليها. وقال مهرداد إن وزارة التعليم توقفت عن إرسال الرواتب إلى المعلمين في عدد من المناطق التي تسيطر عليها طاليان خوفا من أن تذهب الأموال إلى الجهات الخطأ.
وقال لقمان حكيم حكيمي رئيس الإدارة التعليمية في بكتيا حيث أجبرت نحو 20 مدرسة للفتيات على إغلاق أبوابها هذا العام "لا يسمح للفتيات بالذهاب إلى المدرسة خاصة بعد المرحلتين الخامسة والسادسة" في إشارة إلى المناطق التي تنشط فيها طالبان. ولا يصل إلى الصف السادس إلا خمسة في المئة فقط من بين 50 ألف فتاة في سن الدراسة في الإقليم.
كانت كريمة ترتاد سرا المدرسة لدراسة الصف السادس في كرديز عاصمة بكتيا غير أن عائلتها أجبرتها على التوقف. وقالت كريمة "عندما علم إخوتي بالأمر أحرقوا كتبي." وأضافت "الآن أنا واختاي في المنزل ولا يسمح لنا بالذهاب إلى المدرسة".
اضف تعليق