تواجه أغلب الدول النامية والتي منها العراق، تحديات كبيرة وشائكة في مجال تحقيق التنيمة في قطاعاتها الاقتصادية، وعلى الرغم من ان العديد من الدول النامية أستطاعت من خلال التنمية من ان تعبر جسور كان من العصي عليها سابقاً عبورها، وتجربة النمور الاسيوية خير مثال على ذلك، فضلا عن تجارب دول كالبرازيل والارجنتين وغيرها.
والعراق وبأعتباره دولة نامية، الا أنه وعلى الرغم من تعدد الموارد الاقتصادية وتنوعها فيه، الا أنه في مجال التنمية لم يستطع ان يصل الى مصاف حتى الدول المجاورة له، ومن أهم الاسباب التي تقوض عمل التنمية في العراق هي :
1- ان العديد من الخطط التنموية لاسيما خطة التنمية الوطنية للسنوات 2013-2017، مازالت توثق إستمرار هيمنة النفط في تكوين الناتج المحلي الاجمالي، وهذا يعد من الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد العراقي، اذ لم تسهم السياسات المتخذة احداث اي تغيرات ملموسة في تطوير القاعدة الانتاجية في البلد، اذ كل ماقدمته وماتسعى اليه الخطة، هو النجاح في زيادة معدل انتاج النفط وصادراته بأعتباره اهم مصدر من مصادر تمويل التنمية.
2- لاتزال الخطط الوطنية او الاستراتيجيات المعدة لتحقيق التنمية، تناقش ذات المصطلحات التنموية التقليدية مثل تحسين الكفاءة وتقليل الاعتماد على النفط، وتطوير البنى التحتية والزراعة والصناعة والنهوض بالقطاع الخاص، وكالعادة فأنها لم تبين سُبل وآليات تحقيق ذلك وماهي الآماد الزمنية لها، أي بمعنى أخر أنها مازالت تدور في فلك الأمنيات والأحلام.
3- ادراجها لأهداف دعائية لايمكن تحقيقها في ظل الظروف الراهنة، وهي مرتبطة أساساً بتطور الواقع الاقتصادي والسياسي للبلد، كأساس لتحقيقها وبدون ذلك تبقى مجرد كلام على ورق، مثل البيئة النظيفة وحقوق الانسان ونبذ العنف بكافة أشكاله وغيرها، وبالتالي فأنها تمثل شعارات وأطر مستهلكة لم يحقق منها شيء لا في السابق ولا حتى الأن.
4- ثمة إشكالات عديدة في إطار مفاهيم الحسابات القومية، اذ ان من المعلوم إن تحسن نسبة التبادل التجاري ينعكس في زيادة قيمة الناتج المحلي والدخل القومي، ولأبد من التمييز بين الناتج المحلي او الدخل القومي بالاسعار الثابتة، وبين تقييم الدخل القومي بوحدات ثبات القوة الشرائية.
اذ ان زيادة اسعار النفط تعني زيادة الدخل القومي بالدولار ثابت القوة الشرائية (PPP)، وهي نظرية وضعها غوستاف كاسل عام 1920، وتستخدم في المدى الطويل لقياس التوازن بسعر الصرف بين عملتين وتحقيق المساواة بين العملات.
وتعادل القوة الشرائية لسعر الصرف يساوي القوة الشرائية لمختلف العملات في بلدانها الاصلية لسلعة معينة من السلع. وكثيرا ما تستخدم لمقارنة مستويات المعيشة من بلدين أو أكثر، من أجل رسم صورة أفضل للناتج المحلي الإجمالي باستخدام أسعار الصرف في السوق. لذا فأنه من الأنسب للعراق حساب الناتج المحلي الاجمالي بالدولارات الدولية على أساس تعادل القوة الشرائية (PPP)، او تركيب مخفض ضمني للناتج المحلي الاجمالي من متوسط موزون برقم قياسي لاسعار السلع والخدمات المنتجة محلياً ورقم قياسي لاسعار السلع والخدمات المستوردة بصفته نائباً عن المخفض الضمني للدخل النفطي.
وهذا من شأنه مقاربة الطلب الكلي مع الدخل القومي بالقوة الشرائية الثابتة، وهي مسألة مهمة وتتطلب التأكد من تقارب وترابط الرقم القياسي لاسعار المستهلك مع المخفض الضمني البديل، لان مفهوم الدخل الحقيقي لابد أن يعرف يطرقة تجعله معبراً عن الرفاهية الاجتماعية.
5- كما أن اغلب الخطط التنموية بضمنها الخطة الوطنية الأخيرة لم تنجح في التنسيق بين بيانات الموازنة المالية للدولة وتقديرات تكوين رأس المال الثابت، اذ توجد لحد الان صعوبات في المطابقة بين تكوين رأس المال في القطاع العام من زاوية الحسابات القومية من جهة والانفاق الحكومي الاستثماري المركزي وغير المركزي من جهة أخرى.
بالاضافة الى مشاكل أخر عديدة تتمثل في التوبيب القطاعي، اذ يعتمد الاحصاء الاقتصادي التصنيف القياسي الدولي للأنشطة بينما تعتمد الموازنة في الجانب الاستثماري اقساما متسقة مع البنية الادارية والتنظيمية للحكومة لتسهيل التمويل والصرف والمحاسبة المالية والتدقيق، وهذه البيانات الخاصة بالموازنة هي غير دقيقة ويشوبها كثير من اللبس، لاسيما فيما يتعلق بالتخصيصات الاستثمارية بين الوزارات والاقاليم والمحافظات، فضلا عن مشكلة تراكم اعداد المشاريع مع تأخر الانجاز.
اضف تعليق