قالوا قديمًا إن "العرق يمد لسابع جد"، وهي المقولة التي أكدتها دراسة نشرتها، دورية "نيتشر كوميونيكيشنز. وذكرت الدراسة، أن هناك ارتباطًا بين زيادة فرص حصول الأجداد على الغذاء خلال فترة نموهم التي تسبق مرحلة البلوغ (من سن 9 إلى 12 عامًا) وارتفاع معدلات الوفيات بين أحفادهم الذكور، وليس الإناث...
قالوا قديمًا إن "العرق يمد لسابع جد"، وهي المقولة التي أكدتها دراسة نشرتها، دورية "نيتشر كوميونيكيشنز"(Nature Communications). وذكرت الدراسة، التي أجراها باحثون من جامعة "ستوكهولم" السويدية، أن هناك ارتباطًا بين زيادة فرص حصول الأجداد على الغذاء خلال فترة نموهم التي تسبق مرحلة البلوغ (من سن 9 إلى 12 عامًا) وارتفاع معدلات الوفيات بين أحفادهم الذكور، وليس الإناث.
يقول "ديني فاجرو" -الأستاذ بمركز دراسات الحقوق الصحية وقسم علوم الصحة العامة بجامعة ستوكهولم، والباحث الرئيسي في الدراسة- في تصريحات لـ"للعلم": "إن التجربة الغذائية في جيل واحد يمكن أن تزيد معدلات الوفاة في الأجيال اللاحقة. وقد ظهر هذا من قبل في الدراسات المتعلقة بالحيوان، ولكن لم يظهر بشكل مقنع في الدراسات الخاصة بالبشر".
ويضيف "فاجرو" أن "إحدى المشكلات التي كانت تواجه الباحثين في التوصل إلى نتائج حول طبيعة تلك العلاقات بالنسبة للبشر كانت تتمثل في عدم القدرة على فصل التأثيرات الوراثية اللاجينية والثقافية في عمليات التعبير الجيني عبر الأجيال، وما إذا كان كلٌّ منها يعمل على حدة أو يتفاعل بعضها مع بعض، وبالرغم من أن الدراسة توصلت إلى وجود علاقة بين تَزايُد فرص حصول الأجداد على الغذاء بشكل كبير وارتفاع الوفيات في جيل الأحفاد، لكنها ومع ذلك لم تحدد آلية محتملة لهذه العلاقة".
ويهتم علم "الوراثة اللاجينية" -والذي يُعرف أيضًا بـ"علم التخلُّق المتعاقب"- بدراسة اختلاف السمات الخلوية والفيزيولوجية التي لا تحدث بسبب تغيُّرات في سلسلة الحمض النووي (DNA)، بل بسبب العوامل الخارجية والبيئيّة التي تنشِّط عمل الجينات أو تثبطه، وتؤثر على كيفية قراءة الخلية لتلك الجينات.
كما كشفت الدراسة عن ارتفاع معدل الوفيات الناجمة عن الإصابة بمرض السرطان في الأحفاد بسبب حصول الأجداد على كميات كبيرة من الغذاء في مراحل نموهم، وذلك مقارنةً بمعدل الوفيات الناتجة عن الإصابة بأمراض أخرى، مثل السكري والأمراض القلبية الوعائية.
واعتمد الباحثون في دراستهم على تحليل البيانات الواردة في السجلات التاريخية السويدية، بما في ذلك السجلات المعنية بمدى توافر المحاصيل وأسعار المواد الغذائية في شمال السويد.
ولكي يتحقق الباحثون من النتائج التي توصلوا إليها، قاموا بتحليل بيانات تفوق بـ40 مرةً البيانات التي اشتملت عليهادراسة سويدية مشابهة أُجريت عام 2001.
كما قام الفريق البحثي بدراسة التجربة الغذائية في مرحلة الطفولة على مدار ثلاثة أجيال، الجيل الأول مكون من 9039 من الأجداد، والجيل الثاني من 7280 من الآباء، والجيل الثالث مكون من 11561 حفيدًا.
واستعان الباحثون بالبيانات التي احتوت عليها دراسة "طولية" متعددة الأجيال أجرتها جامعة "أوبسالا" السويدية لمتابعة التطورات الصحية والغذائية للأجداد الذين عاشوا في الفترة بين عامي (1874 و1910)، وكذلك متابعة حالات الوفاة بين الأحفاد بين عامي (1961 و2015).
يقول "فاجرو": "إن هذه الدراسة كانت بمنزلة دراسة وبائية تعتمد على تطبيق تحليلات الانحدار، وهي طريقة إحصائية يتم فيها التنبؤ بمتوسط متغير عشوائي أو عدة متغيرات عشوائية؛ اعتمادًا على قيم وقياسات متغيرات عشوائية أخرى".
ووجد الباحثون أن الأجداد (للأب)، والذين تزامنت فترة نموهم في مرحلة ما قبل البلوغ مع الفترات التي سجل موسم الحصاد فيها غلةً عاليةً بشكل غير عادي، ارتفعت نسبة الوفيات بين أحفادهم (الذكور)، وخاصةً من جرّاء إصابتهم بالسرطان، دون وجود اي ارتباط ملحوظ بين هذا الطرح عند الأحفاد من الإناث.
ويعتقد "فاجرو" أن "أحد الجوانب المثيرة للاهتمام في هذه الدراسة هو إمكانية طرح فكرة أن المسار اللاجيني، الذي يحمل المعلومات عبر الأجيال، قد ينفتح قبل البلوغ مباشرة، خلال فترة النمو، وهو ما قد يمثل إحدى "النوافذ" المتعددة لإعادة برمجة السلالة الجرثومية في الاستجابة للإشارات الغذائية".
ويشدد "فاجرو" على أن الأمر يتطلب أيضًا "تكرار هذه الدراسة في المجموعات السكانية الأخرى؛ لمعرفة أهمية الحالة الغذائية للشعوب على المدى الطويل".
اضف تعليق