q
كلنا يبحث عن السعادة، ولكن أين يجدها؟، وكيف يصل إليها؟، وما هو الطريق السهل نحو حياة سعيدة؟، أسئلة قد تكون يومية تتبادر إلى ذهن الإنسان، فيما تختلف حدود ودرجات السعادة فهناك من يراها في المال، أو الحب أو الإبداع، أو في أشياء أخرى، وها هو دليلك...

كلنا يبحث عن السعادة، ولكن أين يجدها؟، وكيف يصل إليها؟، وما هو الطريق السهل نحو حياة سعيدة؟، أسئلة قد تكون يومية تتبادر إلى ذهن الإنسان، فيما تختلف حدود ودرجات السعادة فهناك من يراها في المال، أو الحب أو الإبداع، أو في أشياء أخرى، وها هو دليلك إلى السعادة.

تبدو اسئلة التي ذكرتها بديهة سهلة، لكن لمجرد التفكير فيها بعمق تكتشف أنها محيرة وصعب جداً، صحيح الكل يبحث عن السعادة، لكن ليس الكل يملكها، فقد تكون ثرياً ولست سعيداً، وقد تكون مشهوراً ولست سعيداً، وقد تمتلك اصدقاء وأسرة محبة ولست سعيداً، لأن السعادة هي شعور نابع من الداخل، هي قوة داخلية تنبعث من الشخص فتنير نفسه بالسكينة والرضى.

يبحث الجميع عن تحقيق "السعادة"، وينظر لها دائماً كأمر إيجابي، بينما يعتبر "الحزن" والصدمات مصدراً لكثير من المشاكل الصحية، لكن دراسة حديثة أثبتت أن الأحداث السعيدة أيضاً قد تصبح "قاتلة".

فلا يكاد يمر يوم دون التفكير في كيفية تحقيق السعادة في الحياة، فهي من أهم ما يشغل بال كل شخص، وهي أيضاً من الأشياء التي يصعب دراستها أو قياسها بدقة في المواقف المختلفة، في التقرير ادناه خلطة سحرية من التقارير والدراسات حول كيفية تحقيق السعادة والتمتع بصحة نفسية سليمة.

السعادة حلم ومراد وحق لكل إنسان، فهي شعور عميق بالرضا والقناعة والراحة النفسية، هي أن تدخل السرور والبهجة إلى قلوب الآخرين، وترسم البهجة على شفاههم، هي أن تتوقف عن التفكير السلبي وتبدأ ببث طاقة إيجابية في كل ما هو حولك ولكل من هو حولك، هي ترك الحسد والغيرة والنظر إلى ما لدى الغير.. عندها فقط ستكون سعيداً.

ولكن الخطأ الذي يرتكبه معظمنا هو البحث عن سعادتنا لدى الآخرين, لأنها بالفعل غير موجودة لديهم. فكل منا يمتلك سعادته في داخله، ولا يمكن أن يجدها في مكانٍ آخر، لا تبحث عنها بعيداً, إنها فيك، في تفكيرِك المبدع. في خيالك الجميل في إرادتك, في قلبك المليء بالخير والمحبةِ، والابتسامةُ والحب مِفْتاحُ السعادةِ فهي عربون مودة ورسالة سلام، لذلك احرص على أن تجدها في داخلك، أن تكون سعيداً لأجلك، أن تفعل ما تحب وما ترغب لا ما يريده لك الآخرون. عندها فقط ستجد السعادة الحقيقية وستنعم به.

الاستقرار في الزواج

قالت الدراسة إن وجود شريك حياة للمرء يرفع نسبة سعادته 0.6 نقاط، كما أن خسارته لهذا الشريك إما بسبب الانفصال أو الموت يقلل من نسبة السعادة بنفس عدد النقاط، بحسب الدراسة، خلصت دراسة عالمية إلى أن وجود شريك حياة لأي شخص له تأثير كبير على سعادته يفوق الحصول على زيادة مالية على راتبه الشهري.

وذكرت الدراسة أن الصحة العقلية للإنسان ووضعه العاطفي لهما تأثير كبير على شعوره بالرضى أكثر من العوامل الاقتصادية، تبعاً لتحليل أجرته كلية لندن للاقتصاد، وشملت الدراسة العديد من الإحصائيات التي أجريت على مستوى العالم، وشارك فيها 200 ألف شخص لمعرفة العوامل التي تؤثر على سعادتهم.

ووجدت الدراسة أن مضاعفة الراتب الشهري للفرد تزيد من نسبة سعادته أقل من 0.2 نقطة من مقياس 10-0، ورأت الدراسة أن الأشخاص يهتمون بمقارنة رواتبهم بغيرهم من الناس، ففي حال حصل الجميع على نفس الزيادة المالية، فإن ذلك سيكون تأثيره قليل جداً على السعادة الإجمالية للأفراد.

ووفقاً للدراسة، فإن البطالة تقلل من نسبة سعادة كل شخص عاطل عن العمل بنسبة 0.7، ووجدت الدراسة أن "الصحة العقلية للمرء لها التأثير الأكبر على سعادة الإنسان"، مضيفة أن المعاناة من الكآبة واضطراب القلق يقللان من نسبة سعادة المرء بـ 0.7 نقاط"، كما أن وجود شريك حياة للمرء يرفع نسبة سعادته 0.6 نقاط، كما أن خسارته لهذا الشريك إما بسبب الانفصال أو الموت يقلل من نسبة السعادة بنفس عدد النقاط، بحسب الدراسة، وقال ريتشارد لايارد، المشارك في الدراسة، إن " الدليل يظهر بأن الأشياء التي تسعدنا هي حياتنا الاجتماعية وصحتنا العقلية والجسدية"، مضيفا ً أن هذا يتطلب دوراً جديداً على الحكومات، يتمثل بتوفير السعادة للأفراد عوضاً عن الاهتمام بالجانب المادي.

وأردف أن "الحكومات عملت في السابق على التخلص من الفقر والبطالة واهتمت بالتعليم والصحة البدنية، إلا أن هذه الأمور متساوية في أهميتها الآن بالعنف المنزلي و إدمان الكحول والكآبة واضطرابات القلق ومشاكل الشباب وقلق الامتحانات، فهذه العوامل يجب أن تصبح مثار اهتمام الحكومات"، وستناقش نتائج هذه الدراسة في مؤتمر في كلية لندن للاقتصاد الشهر الجاري.

الاستمرار في العمل

حثت كبيرة المسؤولين في القطاع الطبي بانجلترا، سالي ديفيز، من تتراوح أعمارهم بين 50 و70 عاما على الاستمرار في العمل من أجل الحفاظ على صحتهم.

وقالت ديفيز في تقرير صدر مؤخرا إنه "لا يجب الاستخفاف" بالفوائد البدنية والذهنية للعمل أو المشاركة في أنشطة تطوعية، وأكدت على أن العمل يساعد الناس على الشعور بالرضا ويقلل الإحساس بالوحدة، وقالت ديفيز: "الناس يعيشون الآن لفترات أطول من قبل، والتقاعد يوفر فرصة لمن ولدوا في فترة طفرة المواليد (بين عامي 1946 و1964) كي يصبحوا أكثر نشاطا من ذي قبل".

وتابعت: "البقاء في العمل، أو التطوع، أو المشاركة في مجموعة مجتمعية، يمكن أن يحفظ للناس نشاطهم الجسدي والذهني لفترة أطول. ولا يجب الاستهانة بالفوائد الصحية لهذه الممارسات"، وتناول التقرير الحالة الجسدية والذهنية والجنسية لمن تتراوح أعمارهم بين 50-70 عاما، وثمة العديد من المخاوف الصحية بين هذه الشريحة العمرية، رغم ارتفاع متوسط الأعمار، وتحسن الخدمات الصحية، وكذلك أدوية السرطان.

شراء الوقت

وذكر أشخاص خضغوا لتجربة في إطار الدراسة أنهم شعروا بسعادة أكبر حينما أنفقوا 40 دولارا من أجل توفير الوقت، مثل دفع أموال لأداء المهمات المنزلية، بدلا من إنفاقها لشراء السلع المادية، وقال أطباء نفسيون إن "الضغط الناجم عن ندرة الوقت يقلل من الإحساس بالسعادة ويساهم في الإصابة بالقلق والأرق".

لكنهم أوضحوا أنه حتى الأشخاص الأثرياء جدا يرفضون في أغلب الأحيان دفع أموال لأشخاص آخرين لأداء مهمات لا يحبونها (هؤلاء الأثرياء).

وقالت الدكتور إليزابيث دون، أستاذة الطب النفسي في جامعة بريتيش كولومبيا بكندا، إنه "من خلال سلسلة من الدراسات الاستقصائية وجدنا أن الأشخاص الذين ينفقون الأموال ليوفروا لأنفسهم المزيد من وقت الفراغ يكونون أكثر سعادة، ولهذا فإن لديهم مستويات أعلى من الرضا عن الحياة".

أدت زيادة الدخول في العديد من البلدان إلى ظاهرة جديدة، إذ أن الأشخاص من ألمانيا إلى الولايات المتحدة يشكون من "الندرة الشديدة في الوقت" إذ أن احتياجاتهم اليومية تضغط على أوقاتهم.

أجرى أطباء نفسيون في الولايات المتحدة وكندا وهولندا اختبارا لمعرفة إذا كان المال يمكنه أن يزيد من مستويات السعادة من خلال توفير أوقات للفراغ، وجه الأطباء أسئلة لأكثر من ستة آلاف بالغ في الولايات المتحدة وكندا والدنمارك وهولندا، من بينهم 800 مليونير، حول المبالغ المالية التي أنفقوها من أجل توفير الوقت.

وتوصل الباحثون إلى أن أقل من ثلث هؤلاء الأشخاص أنفقوا أموالا لتوفير وقت فراغ لأنفسهم كل شهر، وكشف هؤلاء بالفعل أنهم يشعرون برضا عن حياتهم أكبر من الآخرين.

وأجرى الباحثون بعد ذلك تجربة لمدة أسبوعين شملت نحو 60 من البالغين العاملين في مدينة فانكوفر الكندية، وفي أحد أيام عطلة نهاية الأسبوع، طلب الباحثون من المشاركين إنفاق 40 دولارا على أشياء توفر لهم وقتا.

وفعل هؤلاء أشياء من بينها شراء وجبات الغداء لتسليمها لأماكن العمل، ودفع أموال لأطفال الجيران لأداء مهمات لصالحهم أو إنفاق أموال على خدمات تنظيف المنزل، وفي عطلة نهاية الأسبوع التالي، طُلب من هؤلاء الأفراد إنفاق أموالهم على شراء السلع المادية مثل النبيذ والملابس والكتب، وتوصل البحث، الذي نشر في دورية "وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم"، إلى أن دفع أموال لتوفير الوقت مقارنة بشراء الأشياء المادية يزيد السعادة من خلال تقليل مشاعر ضغط الوقت.

ابتعد عن الفيس بوك

رجّحت دراسة علمية أن الإفراط في تصفح فيسبوك أثناء إجازة عيد الميلاد، بما في ذلك رؤية الصور العائلية والعطلات "المثالية"، قد يؤدي إلى الشعور بالتعاسة.

وتشير الدراسة، التي أعدتها جامعة كوبنهاغن، إلى أن الاستخدام الزائد لوسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يولد شعورا بالحسد، وخصّت الدراسة في تحذيرها التأثيرَ السلبي لـ "الاختباء" خلف صفحات الشبكات الاجتماعية دون التواصل مع الآخرين، ونصحت بأخذ قسط من الراحة خلال استخدام هذه المواقع.

ونُشرت الدراسة في دورية "علم نفس الإنترنت والسلوك والشبكات الاجتماعية"، وشارك فيها ما يربو على 1300 شخصا، معظمهم من النساء.

وذكرت الدراسة أن "استخدام مواقع التواصل المنتظم مثل فيسبوك قد يؤثر سلبا في رفاهيتك العاطفية ورضاك بالحياة من حولك"، وحذّر الباحثون من أن الشعور بالحسد، و"تدهور" الحالة المزاجية بسبب قضاء وقت طويل للغاية في النظر إلى أخبار الآخرين على مواقع التواصل الاجتماعي، ينجم عن عقد "المقارنات الاجتماعية الوهمية".

وتُشير الدارسة إلى أن الانخراط في المحادثات والتواصل مع الآخرين على شبكات التواصل الاجتماعي يمكن أن يؤدي إلى تجربةٍ أكثر إيجابية، وتضيف أن هذا يبدو أقل سوءا بكثير من حالة المستخدم "السلبي" الذي يقضي وقتا طويلا للغاية في "الاختباء" على مواقع الشبكات الاجتماعية دون التواصل مع الآخرين، وبحسب الدراسة، ثمة وسيلة أخرى لتحسين الرفاهية العاطفية من خلال التوقف التام عن استخدام شبكات التواصل مدة أسبوع.

هنا يكمن سر السعادة

"السعادة ليست بالمال وإنما براحة البال (أي التخفف من الهموم)".. لطالما ردد القدماء مثل هذه العبارات، والتي اقتنع بها البعض وعارضها آخرون، إلا أن دراسة حديثة أجراها فريق من الباحثين بكلية الاقتصاد في لندن خلصت إلى نفس النتيجة تقريباً.

فقد وجدت الدراسة، التي تحمل عنوان "أصول السعادة"، أن القضاء على الاكتئاب والقلق يؤدي إلى الحد من الشعور بالتعاسة بنسبة 20% مقارنة بنسبة 5% فقط إذا ما ركز صانعو السياسة على القضاء على الفقر، بحسب تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية.

وألقت الدراسة باللوم فيما يتعلق بتعاسة الإنسان على العلاقات الفاشلة والأمراض البدنية والنفسية بصورة أكبر من مشكلات الفقر والعوز، وذكر لورد رتشارد لايارد، الذي ترأس فريق الباحثين، أن الشخص العادي أصبح أقل سعادة خلال الخمسين عاماً الأخيرة، رغم زيادة متوسط الدخل إلى أكثر من الضعف.

وخلصت الدراسة إلى أن "قياس رضا الناس عن حياتهم يجب أن يحتل الأولوية لدى كافة الحكومات كافة"، بحسب لايارد الذي عمل كمستشار لرئيسي الوزراء البريطانيين السابقين توني بلير وجوردون براون، وحلل الباحثون بيانات مأخوذة عن أربعة بلدان، بما في ذلك الولايات المتحدة وألمانيا.

ولفتت الدراسة إلى أن إنفاق مبالغ إضافية على الحد من الأمراض النفسية يساهم في الاستثمار، نظراً لأن الحكومات سوف تسترد ذلك التمويل من خلال ارتفاع معدلات التوظيف وزيادة العائدات الضريبية، بالإضافة إلى الحد من نفقات المنظومة الصحية نتيجة انخفاض أعداد زيارة الأطباء الممارسين ودخول المستشفيات، لايارد أشار إلى أن "معالجة الاكتئاب والقلق تؤدي إلى نتائج تتجاوز أربعة أضعاف فعالية نتائج معالجة الفقر والقضاء عليه".

وتابع "الدراسة تدعم القول بأن العوامل الاجتماعية والنفسية تكون أكثر أهمية لرفاهية الأفراد من معدلات الدخل"، مردفاً "وجود شريك للحياة يكون مفيداً لك بينما تضرك البطالة إلى حد كبير"، وتنصح الدراسة بأن المؤسسات الحكومية، بما في ذلك المدارس، لابد أن تركز بصورة أكبر على معالجة الاكتئاب وقضايا الصحة النفسية.

وذكر لايارد "هذه الأدلة تتطلب دوراً جديداً تضطلع به الدولة – لا يتمثل في خلق الثروة بل في خلق الرفاهية. وفي الماضي، تعاملت الدولة مع قضايا الفقر والبطالة والتعليم والصحة البدنية. إلا أن العنف المنزلي وإدمان الكحوليات والاكتئاب والقلق ورهاب الامتحان وغيرها يحظى بأهمية مماثلة. وينبغي أن تحتل هذه القضايا الأولوية القصوى حالياً"، ونوه الخبير الاقتصادي إلى أن الأمر كان يمثل لعنة على الأطفال حينما كان يحكم المجتمع عليهم وفقاً لقدرتهم على تحصيل العلم فقط.

وبحسب الدراسة فإن "الحقيقة الأكثر قوة بشأن التنبوء بحياة سعيدة لا تتمثل في مؤهلات الطفل، بل في صحته النفسية. وهناك أيضاً أدلةٌ قوية على قوة تأثير المدرسة على الصحة النفسية للطفل. وتؤثر المدرسة التي يذهب إليها الطفل على رفاهيته وصحته النفسية بقدر ما تؤثر على حسن أدائه خلال الاختبارات".

اضف تعليق