لطالما مثّل الصراع الوجودي مع الموت أحد أبرز السمات الثقافية للإنسان مذ بدأت الأفكار تُسجل من خلال الفن أو الكتابة، إذ يجمع الكثير من الناس على اختلاف توجهاتهم واعتقاداتهم الفكري او الدينية ان عالمنا تنتشر فيه الكثير من الظواهر المستعصية على التفسير، على الرغم من التطور العلمي الكبير والمتسارع في مختلف مناحي الحياة.
في الوقت الذي شغلت فيه ظاهرة العودة من الموت التي اختزل التاريخ القديم والحديث العديد من الرويات حولها، شغلت حيزا كبيرا من جهد العلماء وهم يحاولون ايجاد تحليل علمي او مادي لمن يعيش تلك التجربة، ومما يزيد من غموض الأمر هو تضارب الآراء حول ذلك، فالخلط بين الخيال العلمي والحقيقة العلمية يظهر مشكلة هذا الجدل الدائر هو أن دعاة تقنية "التجميد" يخلطون بين الخيال العلمي والحقيقة العلمية، وهو ما يعد محاولة منهم للوصول إلى دعاية مقنعة لتقنيتهم، لكي تتمكن هذه الادعاءات من الاستمرار، فهي تحتاج إلى أدلة أقوى كثيراً لتثبت أن إعادة الحياة بعد التجميد أكثر من مجرد خيال.
ففي نهاية الأمر، ربما تكون هذه التقنية شديدة الاستغلال لأولئك الذين يمرون بأوقات عصيبة في حياتهم، خصوصاً العائلات التي تواجه موتاً مبكراً لأحد أطفالها، ورغم أن الشركات التي تقدِّم هذه الخدمة تتميز بالوضوح والصراحة فيما يخصّ العملية، إلا أنها تعِد بما هو أكثر.
مما لا ريب فيه هو ان الموت حقيقة مؤكدة، لكن هذا لا يعني انه لا يحتوي بعض الحقائق الغريبة والعجيبة تزيد هالة الغموض والرعب حول هذه الحقيقة المجهولة، وإذا ما تأملنا في الموت وأحواله وكيف أن أرواح البشر تحصد في كل يوم لرأينا العجب العجاب.. فهنالك من يموت على فراشه، وهنالك من يموت جالساً أو يسقط ميتاً.. وللموت أحوال متعددة لا تخطر على قلب بشر ولا يستطيع «أجعص» كمبيوتر أو متنبئ التكهن بها، وكل حالة تذهب فيها روح إنسان تعد ظاهرة لوحدها فمنها ما يثير الدهشة، ومنها ما يخيف ومنها ما يجعل الواحد منا يتوقف مقراً ومؤمناً بعظمة الحي الذي لا يموت والذي بيده ملكوت كل شيء.
فيما يخص الدراسات الحديثة بهذا الشأن قالت منظمة الصحة العالمية إن أكثر من نصف حالات الوفاة في العالم لا تزال بلا سبب مسجل مما يزيد كثيرا من صعوبة مراقبة ووضع السياسات الصحية الفعالة، في حين تمثل الاخطاء الطبية السبب الثالث للوفيات في الولايات المتحدة بعد الامراض القلبية الوعائية والسرطان اذ تحصد ارواح نحو 250 الف شخص سنويا، بحسب حسابات خبيرين نشرتها مجلة "بريتش ميديكل جورنال".
على صعيد مختلف في منطقة بعيدة بشارع سكني هادئ في مدينة كاواساكي اليابانية مبنى فضي اللون بلا أي زخارف من الخارج نوافذه مغطاة بستائر سوداء من الداخل ويراه السكان مخيفا، إنه فندق سوسو أحد ما يسمى بفنادق الجثث التي بدأت تظهر في الآونة الأخيرة في اليابان والتي توضع بها جثث تنتظر مكانا لها في أحد محارق البلاد التي تعمل بما يزيد عن طاقتها.
بينما يبدو السويديون غير مستعجلين البتة في انجاز مراسم دفن ذويهم الراحلين اذ يتركون جثثهم لأيام واسابيع في المشرحة قبل مواراتهم الثرى، في منحى يبدو عاديا في هذا البلد الاسكندينافي على رغم الانتقادات التي يثيرها لدى البعض.
ومن العادات الغريبة، اعتمد الزردشتيون في بومباي بالهند إحراق جثث موتاهم، بعدما اندثرت النسور التي كانت تأتي لتلتهم الجثامين وفقا لعاداتهم. ويؤمن الزردشتيون بالإله أهورامازدا وبتعاليم زردشت، وهم يعتبرون أن النار هي رمز للطهارة الإلهية، وبأنها طريقة فعالة للتخلص من الجثث لأنها تطهر المتوفى.
على صعيد مماثل، يحمل ايلي مابيل زعيم قبيلة في اندونيسيا بقايا محنطة تعود لمئات السنين لاحد اجداده مسلطا الضوء على تقليد قديم اندثر في صفوف اتنية داني الصغيرة في جبال غرب بابوا-غينيا الجديدة احدى محافظات اندونيسيا.
من جانب طريف، فاز شقيقان بجائزة أسرع وأفضل قبر في مسابقة لحفر القبور ضمن معرض دولي لخدمات الجنازات والدفن وحرق الجثث في سلوفاكيا.، ووسط تهليل حشد من الحضور حفر لاديسلاف سكلادان (43 عاما) وسابا سكلادان (41 عاما) قبرا عمقه 1.5 متر وطوله متران وعرضه 90 سنتيمترا في 54 دقيقة في بلدة ترنسين بغرب سلوفاكيا ليتفوقا على عشرة فرق أخرى من سلوفاكيا وبولندا والمجر، واتفقت لجنة التحكيم المؤلفة من خمسة حكام على أن قبرهما كان أيضا الأجمل من ناحية الشكل، وقال لاديسلاف ستريز الذي دشن المسابقة العام الماضي "نريد أن نلقي الضوء على العمل الشاق الذي يقوم به حفارو القبور وما يستحقه من تقدير"، وعليه فان الموت حقيقة لا يمكن إنكارها او الفرار منها فهو سر من أسرار الخالق عز وجل، وقد عجز العلماء والعلم الحديث عن الوصول الى معرفته على الرغم من تعدد أسبابه وتنوعها.
أكثر من نصف الوفيات في العالم لا تزال بلا سبب
قالت منظمة الصحة العالمية إن أكثر من نصف حالات الوفاة في العالم لا تزال بلا سبب مسجل مما يزيد كثيرا من صعوبة مراقبة ووضع السياسات الصحية الفعالة.
ولكن أحدث تقرير عن الصحة العالمية تصدره المنظمة التابعة للأمم المتحدة قال إن تحسن جمع الإحصائيات أدى إلى تسجيل سبب وفاة 27 مليون شخص من بين 56 مليون حالة وفاة على مستوى العالم في 2015 بالمقارنة مع نحو ثلث عدد الوفيات في 2005، وقالت المنظمة إن دولا من بينها الصين وتركيا اتخذت "خطوات واسعة" في مجال جمع البيانات. وأضافت أن إيران أصبحت تسجل 90 بالمئة من الوفيات فيها مع ذكر تفاصيل الأسباب بالمقارنة مع نسبة خمسة بالمئة فقط في 1999.
وقالت ماري-بول كيني مساعدة المدير العام لمنظمة الصحة العالمية لشؤون أنظمة الصحة والابتكار في بيان إنه وعلى الرغم من تحسن الأمور كثيرا في السنوات القليلة الماضية فإن دولا كثيرة ما زالت لا تجمع بيانات صحية بكفاءة عالية بانتظام، وأضافت "إذا كانت الدول لا تعلم ما الذي يجعل الناس يمرضون ويموتون فمن الأصعب معرفة ما يجب فعله حيال ذلك"، وذكرت أن المنظمة تعمل مع دول العالم في سبيل تقوية أنظمة معلومات الصحة وتحسين كفاءة البياناتن وركز تقرير المنظمة لهذا العام على أهداف التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة وهي مجموعة أهداف تم الاتفاق عليها عالميا وأقرت في 2015 وتعنى بمسائل مثل الصحة والمناخ والصرف الصحي وانعدام المساواة الاقتصادية. بحسب رويترز.
وأفاد التقرير بأنه وعلى الرغم من تراجع نسب الوفاة بين الأمهات وحديثي الولادة فإن نسبة الوفيات بين الأمهات في العالم بلغت 19 بين كل ألف ولادة ووصلت نسبة الوفيات بين الأطفال أقل من خمس سنين إلى 43 بين كل ألف ولادة. وأضاف أن نحو 830 امرأة توفيت يوميا في 2015 بسبب مضاعفات الحمل أو الولادة.
دراسة: الاخطاء الطبية ثالث اسباب الوفيات في الولايات المتحدة
تمثل الاخطاء الطبية السبب الثالث للوفيات في الولايات المتحدة بعد الامراض القلبية الوعائية والسرطان اذ تحصد ارواح نحو 250 الف شخص سنويا، بحسب حسابات خبيرين نشرتها مجلة "بريتش ميديكل جورنال".
ولا احصاء رسميا عن الوفيات الناجمة عن الاخطاء الطبية. وبحسب تقديرات نشرت حديثا، قد يراوح عدد هذه الوفيات بين 210 الاف و400 الف بين المرضى الذين يدخلون الى المستشفيات في الولايات المتحدة.
ومع الاستعانة بدراسات تحوي بيانات تصل الى سنة 1999 ومع اجراء اسقاطات على كل حالات المرضى الذين احصي دخولهم الى المستشفى سنة 2013، خلص الباحثان مارتن مكاري ومايكل دانيال من كلية الطب في جامعة جونز هوبكينز في بالتيمور الى معدل وسطي قدره 251 الفا و454 وفاة سنويا على صلة بالاخطاء الطبية، وهو رقم وصفاه بأنه "مخفف" لانه لا يأخذ في الاعتبار الا الوفيات في داخل المستشفى.
وقال مكاري في مقابلة مع وكالة فرانس برس إن الاخطاء الطبية تمثل "السبب الثالث للوفيات في الولايات المتحدة" مشيرا الى ان المشكلة ليست محصورة في هذا البلد بل هي منتشرة في سائر انحاء العالم، وأضاف "الناس يموتون جراء اخطاء في التشخيص وجرعات زائدة من الادوية وتجزئة الرعاية الطبية ومشكلات تواصل ومضاعفات يمكن تفاديها"، واعتبر ان سوء مستوى الرعاية الصحية في افريقيا يؤدي على الارجح الى وفاة "عدد اكبر من الناس مقارنة مع عدد الوفيات الناجم عن مرضي الايدز والملاريا معا"، ولفت معدا الدراسة الى اهمية اتخاذ تدابير تسمح بتقليص "وتيرة" الاخطاء الطبية و"تبعاتها"، كذلك، نصح الباحثان بادراج بيانات في وثيقة الوفاة توضح ما اذا كانت مضاعفات متصلة بالرعاية الطبية قد ساهمت في وفاة المريض.
فنادق الجثث عمل يزدهر في اليابان وسط غضب بعض السكان
في منطقة بعيدة بشارع سكني هادئ في مدينة كاواساكي اليابانية مبنى فضي اللون بلا أي زخارف من الخارج نوافذه مغطاة بستائر سوداء من الداخل ويراه السكان مخيفا، إنه فندق سوسو أحد ما يسمى بفنادق الجثث التي بدأت تظهر في الآونة الأخيرة في اليابان والتي توضع بها جثث تنتظر مكانا لها في أحد محارق البلاد التي تعمل بما يزيد عن طاقتها.
قال هيساو تاكيجيشي الذي بدأ هذا العمل في عام 2014 "هناك حاجة لبناء محارق ولكن ليس هناك أي مساحة لذلك ومن ثم هناك جثث تنتظر"، وفي مقابل تسعة آلاف ين (82 دولارا) يوميا يمكن لعائلة أن تترك جثة أحد أبنائها في غرفة من غرف فندق سوسو العشر لما يصل إلى أربعة أيام لحين العثور على محرقة. بحسب رويترز.
وعلى عكس مثل هذه المباني التي هي مشارح في واقع الأمر وإن حاولت أن تبدو على هيئة فنادق.. لا يضع فندق سوسو الجثث في مبردات ولكن في غرف مكيفة، ولا يشعر سكان كاواساكي براحة للعيش قرب جثث فندق سوسو وتظهر في الحي لافتات وأعلام تعبر عن الغضب لوجود هذه المشرحة، لكن زبائن سوسو يشعرون بالامتنان لوجود مكان يضعون فيه جثث ذويهم، وقالت هيروكازو هوساكا أمام جثمان والدتها الموضوع في نعش مزخرف في سوسو "من الرائع أن يحضر أفراد العائلة والمعارف إلى هنا ويزورونها قبل نقلها إلى المحرقة".
وتيرة الحياة السريعة في السويد تنعكس تمهلا مفرطا في مسار دفن الموتى
يبدو السويديون غير مستعجلين البتة في انجاز مراسم دفن ذويهم الراحلين اذ يتركون جثثهم لأيام واسابيع في المشرحة قبل مواراتهم الثرى، في منحى يبدو عاديا في هذا البلد الاسكندينافي على رغم الانتقادات التي يثيرها لدى البعض.
وتقول المؤلفة لوتي مولر صاحبة بحث نقدي في الموضوع "لا يمكن ترك دجاجة في الثلاجة لاسابيع، لكن هذا ما نفعله مع موتانا، هذا مريع"/ فبعد الوفاة، يترك السويديون عادة في المشرحة بانتظار اتمام مراسم الجنازة، وهي فترة تستغرق في المعدل اكثر من عشرين يوما وفق احصائيات الجمعية السويدية لدفن الموتى.
ويؤكد العاملون في مجال دفن الموتى أن هذه المراسم في السويد تستغرق مدة قياسية على الصعيد العالمي، وتشير مولر الى ان "ثمة جهات تهتم بأمر الجثة وبالتالي لا يعود المتوفى مشكلة لعائلته بل يخرج من حساباتها".
وقد فقدت الطالبة اغنيس هانسون البالغة 21 عاما والدها اثر وفاته المفاجئة في الثامن من شباط/فبراير في منزله في مدينة هارنوساند الساحلية الواقعة على بعد 400 كيلومتر شمال ستوكهولم حيث تدرس، وقد حصلت مراسم التشييع في الرابع من آذار/مارس اي بعد 24 يوما من الوفاة. هذه المدة قد تبدو طويلة لكن في نظر هذه الطالبة فإنها "قصيرة للغاية"، وتوضح هانسون لوكالة فرانس برس "كان لدي امور كثيرة للقيام بها ولم استطع المشاركة في التحضيرات. آخرون لم يتسن لهم الحصول على يوم اجازة او تامين حضانة لاطفالهم"، وتضيف "فكروا بالوقت الذي ينقضي خلال التحضير لمراسم عماد او زفاف بين ارسال بطاقات الدعوة والمراسم بذاتها".
وتحتل الاعتبارات الدينية موقعا متدنيا على قائمة الدوافع التي تحرك السويديين في حياتهم اليومية إذ ان السويد تعتبر من اقل البلدان في العالم تدينا مع نسبة لا تزيد عن 8 % من المؤمنين الممارسين لشعائرهم الدينية، ومنذ حركة الاصلاح البروتستانتي في القرن السادس عشر، يلتزم المؤمنون السويديون بطقوس دينية بروتسانتية تركز على المراسم المتواضعة والهادئة في تشييع الموتى خلافا للمراسم السائدة لدى اتباع الكنيسة الكاثوليكية.
اختلاف الوضع في النروج والدنمارك
لكن "النروج تشهد الطقس نفسه في فصل الشتاء ومع ذلك فإن الجنازات تقام بسرعة اكبر" بحسب لوتي مولر، ففي المملكة النروجية المجاورة، يتعين انجاز مراسم الجنازة خلال فترة لا تتعدى عشرة ايام عمل بعد الوفاة. وفي الدنمارك، يفرض القانون تنظيم مراسم دفن في الايام الثمانية التي تلي الوفاة، أما ايفا بروني اسقف ستوكهولم فتنتقد في تصريحات لوكالة فرانس برس "اعطاء الاولوية حاليا لأمور اخرى كالسفر او الالتزامات المهنية الهامة ما يدفع الى تأجيل جنازة امرأة مسنة" على سبيل المثال.
ويرى المؤرخ اندرس يارلت أن هذه الممارسات السويدية سيئة ايا كانت المبررات، ويقول "تكريم الموتى هو من الأمور التي تميزنا عن سائر الاجناس الحيوانية"، من ناحيته يرى رئيس اتحاد عمال مراسم دفن الموتى اولف ليرنيوس أن هذا المنحى يعكس الاتجاه المتزايد في المجتمع السويدي نحو الطابع الفردي الذي يقوم على ايداع المسنين في دور العجزة اذ انهم بنظر ابنائهم في عداد الاموات.
الهند: الزردشتيون يحرقون جثث موتاهم بعدما اندثرت النسور التي كانت تأكلها
اعتمد الزردشتيون في بومباي بالهند إحراق جثث موتاهم، بعدما اندثرت النسور التي كانت تأتي لتلتهم الجثامين وفقا لعاداتهم. ويؤمن الزردشتيون بالإله أهورامازدا وبتعاليم زردشت، وهم يعتبرون أن النار هي رمز للطهارة الإلهية، وبأنها طريقة فعالة للتخلص من الجثث لأنها تطهر المتوفى.
لجأ الزردشتيون في بومباي بالهند إلى إحراق موتاهم، بعد اندثار النسور التي كانت تأكل الجثامين، على مدى قرون، كانت هذه الجماعة، التي يتراجع عدد أفرادها بشكل كبير حيث باتت استمراريتها مهددة، تسجي أمواتها في "أبراج الصمت" في المدينة، وكانت النسور تأتي لتلتهم الجثامين في غضون ساعة، تاركة العظام تنشف في الشمس قبل أن ترمى في بئر. ويعتقد الزردشتيون أنها طريقة فعالة للتخلص من الجثث يعتقد أنها تطهر المتوفى، فطالما اعتبر كايكوباد رستم فرام أن النسور ستأكل جثته عند وفاته بموجب التقليد الزردشتي. إلا أن هذه الكواسر اختفت من سماء الهند.
وقد حرقت جثة هذا الرجل التسعيني الشهر الماضي بدلا من حصوله على مراسم تقليدية، شأنه في ذلك شأن الكثير من أتباع هذه الديانة الذين يختارون استخدام مركز صلاة في بومباي بات يغير عادات هذه الجماعة الدينية في ما يختص بمراسم التشييع.
وقد اختارت خورشيد، زوجة رستم فرام التي توفيت في كانون الثاني/يناير عن 82 عاما، هي أيضا أن تحرق جثتها في هذه المنشأة التي فتحت أبوابها قبل عشرة أشهر ويعارضها المحافظون من الزردشتيين في وسط عاصمة الهند المالية.
وقالت ابنتهما هوتوكشي في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية "أرادا أن تحرق جثتهما منذ عرفا أن الطريقة التقليدية للتخلص من جثمان المتوفى لم تعد صالحة بسبب غياب النسور"، ويؤمن الزردشتيون بالإله أهورامازدا وبتعاليم زردشت. وهم يعتبرون أن النار هي رمز للطهارة الإلهية، وقد وصل الزردشتيون إلى الهند قبل أكثر من ألف عام بعدما فروا من الاضطهاد في بلاد فارس، فعدد النسور في الهند بدأ يتراجع بشكل كبير في مطلع التسعينات وقد اندثرت هذه الكواسر بشكل شبه كامل في منتصف ذلك العقد بسبب مادة مضادة للالتهابات تستخدم في معالجة المواشي، فالطيور التي كانت تلتهم جيف الحيوانات التي حقنت بهذا الدواء كانت تنفق جراء قصور في عمل الكلى، ما أدى إلى اختفاء 99 % من العدد الإجمالي للنسور في الهند، وحظرت الهند هذا الدواء البيطري في العام 2006، إلا أن الضرر اللاحق بالتقليد الزردشتي كان قد وقع مع حديث عن أن الجثث كانت تتكدس في البرج الواقع في حي مالابار هيل الراقي في بومباي.
قبيلة في باوبوا-غينيا الجديدة تحافظ على تقليد تحنيط الجثامين
يحمل ايلي مابيل زعيم قبيلة في اندونيسيا بقايا محنطة تعود لمئات السنين لاحد اجداده مسلطا الضوء على تقليد قديم اندثر في صفوف اتنية داني الصغيرة في جبال غرب بابوا-غينيا الجديدة احدى محافظات اندونيسيا.
هذه الرفات الصغيرة المائلة الى السواد التي تشبه المومياء عائدة الى اغات ماميته مابيل الذي كان زعيم هذه البلدة النائية قبل 250 عاما في جزيرة غينيا الجديدة، وعند وفاته كرم زعيم البلدة بتقليد مخصص لكبار القوم والابطال المحليين في اتنية داني فتم تحنيط جثمانه بالدخان وزيوت حيوانية، وبعد تسعة اجيال على وفاته يتزعم قريبه ايلي مابيل قرية ووغي النائية عند مدخل وامينا التي يمكن الوصول اليها فقط مشيا او بمركب.
ويقول ان العمر المحدد لاغات ماميته مابيل غير معروف الا انه يؤكد لوكالة فرانس برس انه الشخص الاخير في البلدة الذي حظي بهذا التقليد الجنائزي، واوضح ان هذا التقليد القائم على التحنيط بالنار التي تجفف حرارتها الزيت المسكوب على الجثمان، الذي كان منتشرا كثيرا، اندثر الان، وقد شجع المرسلون المسيحيون والدعاة المسلمون افراد القبائل على دفن الموتى فتلاشى التقليد مع مرور الوقت، الا ان مابيل عازم على التمسك بالطقوس القديمة لحفظها للاجيال المقبلة، ويقول لوكالة فرانس برس "علينا حماية ثقافتنا بما في ذلك مراسم التحنيط وطريقة معالجة الجثامين" بتقليد النار.
وتحفظ المومياء المزينة بانياب حيوانات حول الصدر فضلا عن مجموعة من الريش في كوخ يسمى "هوناي"، هذا الكوخ الكبير ذو السقف المصنوع من القش يخضع على مدار السنة لحراسة بعض سكان البلدة الذين يغذون النار للتحقق من ان الجثمان يبقى جافا ومحفوظا، ومهمة الاهتمام بالمومياء تقع خصوصا على عاتق ايلي الذي يمضي الكثير من الليالي نائما بمفرده في الكوخ للسهر على المومياء.
ويأمل ايلي ان تتواصل طقوس الاهتمام بالمومياء بعد وفاته وان اولاده سيساهمون في المحافظة على تقاليد القبيلة الا انه يشعر بالقلق بسبب التشرذم الجغرافي، فهو لديه اربعة اولاد الا ان بعضهم يقيم في مناطق حضرية بعيدة عن القرية، ويوضح "قلت لهم ان عليهم ان يهتموا بالمومياء في مرحلة ما من حياتهم".
وكانت قبائل داني في الجزء الاندونيسي من جزيرة غينيا الجديدة معزولة عن العالم الخارجي حتى الجزء الاول من القرن العشرين. فموطنهم في وادي بالييم كان معزولا بسبب وديانه الوعرة وغاباته الجبلية الكثيفة، واليوم تبقى هذه المنطقة من افقر مناطق اندونيسيا. وتعتمد قبائل كثيرة فيها على السياحة وعلى تقاليدها واعرافها الفريدة وملابسها التقليدية وطقوسها، لجذب الزوار الى بلداتها النائية.
شقيقان يفوزان بجائزة "أفضل قبر" في مسابقة لحفر القبور في سلوفاكيا
فاز شقيقان بجائزة أسرع وأفضل قبر في مسابقة لحفر القبور ضمن معرض دولي لخدمات الجنازات والدفن وحرق الجثث في سلوفاكيا.، ووسط تهليل حشد من الحضور حفر لاديسلاف سكلادان (43 عاما) وسابا سكلادان (41 عاما) قبرا عمقه 1.5 متر وطوله متران وعرضه 90 سنتيمترا في 54 دقيقة في بلدة ترنسين بغرب سلوفاكيا ليتفوقا على عشرة فرق أخرى من سلوفاكيا وبولندا والمجر، واتفقت لجنة التحكيم المؤلفة من خمسة حكام على أن قبرهما كان أيضا الأجمل من ناحية الشكل، وقال لاديسلاف ستريز الذي دشن المسابقة العام الماضي "نريد أن نلقي الضوء على العمل الشاق الذي يقوم به حفارو القبور وما يستحقه من تقدير".
هل يمكن تجميد الجثامين لإعادتها للحياة ولو بعد مئات السنين؟
حصلت مؤخراً مراهقة تحتضر ذات 14 ربيعاً، وهي من عائلة مسلمة، على حق حفظ جثمانها بالتبريد أو ما يسمى بالقبر الجليدي، وذلك بعد معركة قضائية في المملكة المتحدة مع والدها الذي كان يرفض تنفيذ رغبتها.
وفي خطاب أرسلته الطفلة للقاضي قبل وفاتها، قالت فيه "أظن أنني إذا حصلت على حق حفظ جسدي بالتبريد فسيمنحني الفرصة للشفاء والعودة للحياة مرة أخرى، ولو بعد مئات السنين. لا أريد أن أدفن تحت الأرض.. أريد أن أعيش، وأعيش عمراً أطول، وأعتقد أنه في المستقبل ربما يمكنهم العثور على علاج لنوع السرطان الذي أصابني وإعادتي للحياة مرة أخرى"، ووفقاً لتقرير صحيفة ديلي ميل البريطانية، فإن عدداً من الأطفال الصغار، حتى أنَّ بعضهم في سن السابعة، تم تجميد جثامينهم بعد الوفاة.
من الصعب الحصول على أرقام دقيقة للأشخاص الذين قاموا بذلك، إذ لا يوجد نظام معين لتسجيل هذه المعلومات، وتقدر الأرقام بوجود المئات ممن تم تجميد جثامينهم في الولايات المتحدة وروسيا، حيث توجد منشآت متخصصة للقيام بذلك في هذه الدول. ولا توجد قوانين معينة تحظر هذه الممارسات بشكل صريح، لكن توجد بعض الصعوبات القانونية وذلك لأن معظم الدول تحدد الطرق التي يجب اتباعها للتخلص من الجثث، والتي لا تشمل هذا النوع من الحفظ والتخزين الطويل.
لكن ما هي القضايا الأخلاقية التي تتضمنها إتاحة هذه الممارسات؟، وما هي العواقب في حال أصبح "حفظ الجثث بالتبريد" أمراً شائعاً؟، وتجميد الجثث عملية تبريد عميقة للجثة بهدف حفظ الأنسجة في درجة حرارة منخفضة جداً. وفي الواقع، يمكن القول إن هذه العملية هي أحد أشكال التحنيط البارد.
الأشخاص الذين يلجؤون إلى تقنية التجميد يفتنهم احتمال حفظ جثثهم إلى أن تأتي لحظة غير محددة في المستقبل، يمكن للعلم والتكنولوجيا حينها من معالجة أسباب الوفاة، وإصلاح الأنسجة التالفة، والأهم من ذلك، إعادة هذه الجثث إلى الحياة مرة أخرى، ولكن هل يبدو ذلك معقولاً؟، يمكن بالتأكيد حفظ الأنسجة البشرية وكذلك الأنسجة الحيوانية.
وقد أظهرت جثث الماموث المحفوظة في الجليد، أن أجزاء من الحمض النووي (DNA) يُمكن أن تكون قابلة للحياة بعد آلاف السنين، والأهم من ذلك، هو أن الحيوان المنوي الخاص بالإنسان وكذلك الأجنة يُمكن حفظها أيضاً حتى عدة سنوات وتبقى مع ذلك محتفظة بقدرتها على الحياة، ورغم أن العلماء يشككون إلى حد كبير بإمكانية إنعاش جثة حُفظت بالتجميد، لكن ما أن ظهرت مؤسسات تعطي الأمل بإمكانية العودة للحياة في المستقبل ولو البعيد وعدم فقدان الأمل بمجرد الوفاة، حتى ألهم ذلك أفراداً تعلقوا بمستقبلٍ واعد يمكن للعلم التقني فيه من حل مشكلة فناء البشر.
اضف تعليق