كيف نعالج هيمنة القوى الكبرى علينا؟

وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ (4)

وهنا نخاطب حكام سورية الجدد وحكام الدول الإسلامية: اعملوا بالآيات الحيوية في القرآن الكريم فإن بها حياتكم وسعادتكم في الدنيا والآخرة، ما يضركم لو عملتم بالشورى حقاً حقاً؟ ونقصد بها تشكيل برلمانات شورية حقيقية، لا صورية ديكورية؟ مع انه ليس في إطاعة أوامر الله تعالى إلا العز والسؤدد والاستقرار...

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة على سيدنا محمد وأهل بيته الطاهرين، سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولاقوه إلا بالله العلي العظيم.

قال الله العظيم في كتابه الكريم: (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ) (سورة آل عمران: الآية 140).

وقال جل اسمه: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ) (سورة الرعد: الآية 11).

الحديث يدور بإذن الله تعالى ضمن ثلاثة فصول: الأول: بصائر قرآنية، الثاني: الغرب في أزمة بل في أزمات والشرق في أزمة بل في أزمات، الثالث: مفاتيح الحل.

الفصل الأول: بصائر قرآنية

هل (نُداوِلُها) يستفاد منها جبرية التاريخ؟

البصيرة الأولى والثانية: ان قوله تعالى: (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ) قد يتوهم بعض الناس منه ان حركة التاريخ جبرية وان القسر هو الحاكم على مصائر الأمم وان هذه المداولة تتم بتدخل إلهي مباشر ليس للإنسان معه مساحة من حرية اتخاذ القرار والحركة وتقرير المصير.

والجواب: ان مآل الأمور كلها إليه تعالى (أَلا إِلَى اللَّهِ تَصيرُ الْأُمُورُ)[1]، لكنّ ذلك لا يعني انه تعالى سلب عباده حرية الاختيار بقول مطلق بل منحه الحرية والاختيار في مساحات شاسعة.

وحرية الإنسان وإرادته تقع في طول إرادته تعالى أي انه سمح له بتقرير مصيره (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً)[2]، وبحسب نظام الأسباب والمسببات (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبا)[3]، و(وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسيلَةَ)[4].

والحاصل: انه تعالى اذن له تكوينياً بالحركة والسكون والأكل والشرب والذهاب والإياب واتخاذ القرار.. إلخ ولكن مع ذلك فإن له تعالى الهيمنة (وَاللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحيطٌ)[5]، (وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ)[6]، ويوضحه ان بطلاً لو كان ممسكاً بيدك لكنه فسح لك المجال لتحركها كيفما تشاء فإنك تحركها أو تسكنها حينئذٍ بملئ إرادتك كيفما تريد ولكنك الوقت نفسه خاضع لهيمنته إذ متى شاء أن يمنعك من تحريكها منعك.

وأما الآية الثانية (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) فإنها تكمل الصورة حيث تفيد فيما تفيد أن تغيير الله تعالى لما بالإنسان من قوة أو ضعف أو غنى أو فقر أو عزة أو ذلة أو سعادة أو شقاء يكون على أثر تغيير الإنسان لما بنفسه، فإذا سلك سبل الغنى اغتنى، لكن بعد مشيئة الله تعالى، وإذا سلك سبل العز أو القوة أو التقدم أو عكسها كان ذلك لكذلك ولكن بعد إذنه ومشيئته فقد يشاء أحياناً وقد لا يشاء بحسب العلل الخفية والمصالح والمفاسد المخفية (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ)[7]، وهذه هي البصيرة الثانية المستبطنة في البصيرة الأولى وهي أن الله تعالى وإن جعل لنا حرية الاختيار وحرية تغيير أنفسنا ولكنه مع ذلك هو الحاكم النهائي وذلك هو ما تؤكده الآية الثانية في تتمتها إذ يقول تعالى: (وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ).

حكومة ثنائي الغيب والشهود على العالم

البصيرة الثالثة: انّ عالم الإنسان يقوده ثنائي الغيب – الشهود، فلا الشهود وحده هو الحاكم ولا الغيب وحده هو الفاعل، بل كلاهما عنصر مؤثر قائم، فهما كجناحي الطائر يسيران جنباً إلى جنب، وهما متداخلان متشابكان، قال تعالى: (وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفينِ)[8]، ومع ذلك يجب أن ترجع إلى الطبيب، فلا انه تعالى يشفيك، كأصل عام وقد خرج ما خرج، دون أن ترجع إلى الطبيب ولا أن الطبيب هو العِلّة التامة للشفاء، بل إنما يكون إذا أراد الله تعالى فقد جعل نظام الأسباب والمسببات وقرر مسيرة الحياة على ضوئها، ولكن مع ذلك هو (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في‏ شَأْنٍ)[9] والبداء شاهد والمعجزات شاهد آخر، ولذا نقل انه أجاب جل اسمه موسى النبي (عليه السلام) عندما تمرض فطلب الشفاء من الله بدون الذهاب إلى الطبيب نظراً إلى انه (منك الداء ومنك الشفاء) أجابه تعالى بـ: (يا موسى اتريد أن تبطل حكمتي في الأشياء) أو في خلقي، وقيل: (إن موسى بن عمران (عليه السلام) اعتلّ بعلة، فدخل عليه بنو إسرائيل، فعرفوا علته، فقالوا له: لو تداويت بكذا لبرئت، فقال لا أتداوى حتى يعافني الله من غير دواء. فطالت علته، فأوحى الله إليه: وعزتي وجلالي! لا أبرؤك حتى تتداوى بما ذكروه لك.

فقال لهم داووني بما ذكرتم فداووه فبرئ. فأوجس في نفسه من ذلك فأوحى الله تعالى إليه: أردت أن تبطل حكمتي بتوكلك على، فمن أودع العقاقير منافع الأشياء غيري؟)[10].

فإنّ حكمته تعالى جرت على نظام الأسباب والمسببات والعلل الظاهرية التي هي في واقعها علل إعدادية، فلا هي بنحو التوافي ولا هي بنحو العلية التامة والتوليد[11].

وبذلك يُفسَّر أيضاً قوله تعالى (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى‏)[12]، و(أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ)[13]، فإنه صح نفي (رَمَيْتَ) في (وَما رَمَيْتَ) نظراً لأن الهيمنة والإحاطة له تعالى فرغم انك رميت بإرادتك ورغم ان النسبة (نسبة الرمي إليك) صحيحة تامة ولكن مع ذلك يصح نفيها نظراً لأنك لست فاعلاً غير مهيمَنٍ عليه أي، بعبارة أخرى: لأنك فاعل مهيمَن عليه.

بل ان ثنائي عالمي الغيب والشهود ليس حاكماً على عالم البشرية فحسب، بل ان الكون كله مزيج من عالمي الغيب والشهود: ففي هذه الغرفة مثلاً هناك ما نراه وما نحسه بالحواس الخمس وهناك ما لا نراه كالملائكة والشياطين والجنّ وبل وحتى الطاقة كالأشعة الكهرومغناطيسية وأشعة جاما والجاذبية وغير ذلك.

أين بالضبط موقع التوكل على الله تعالى؟

البصيرة الرابعة: ومن هنا يتجلى لنا موقع التوكل على الله تعالى فإنه إذا كان ذلك كذلك، وانه لكذلك، فإن علينا أن نعلق قلوبنا بالله تعالى وأن نتوكل عليه في نفس الوقت الذي نُعِدّ فيه الأسباب الطبيعية بكل قوة، فههنا موطن التوكل ولذا قال (صلى الله عليه وآله): (اعْقِلْ‏ وَتَوَكَّلْ‏)[14]، أي هيِّئ الأسباب والعلل ولكن لا تتكل عليها أبداً بل توكل عليه جل اسمه، فأشرب الدواء ولكن لا تعتبره العلّة التامة، بل أطلب الشفاء منه جل اسمه، وتحرّ سبل القوة والعزة والغنى والثروة (لا حباً فيها وعشقاً لها بل لكي تصرفها في التوسعة على العيال ثم في الإحسان والإنفاق على خلق الله الذين هم عيال الله ولتستخدم قوتك في سبيل إعمار البلاد وخدمة العباد وإحقاق الحق وإبطال الباطل) ولكن مع السعي وقبله وبعده أطلب منه تعالى التيسير والتسديد والتوفيق والإيصال إلى المقصود ثم البركة والزيادة والنمو والازدهار والاستقرار.

ولذا ورد في الحديث (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَفِي قَلْبِهِ نُورَانِ: نُورُ خِيفَةٍ وَنُورُ رَجَاءٍ لَوْ وُزِنَ هَذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا وَلَوْ وُزِنَ هَذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا)[15]، فلو انك عبدته تعالى عبادة الثقلين وترقيت في مدارج العلم والكمال وأسست مئات المؤسسات الدينية والثقافية والخدمية، فلتكن مع ذلك على حذر شديد وتخوّف عميق من أن يُحبَط عملك وتزلّ قدمك وتكون، لا سمح الله، كبلعم بن باعورا (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ)[16]، ومن جهة أخرى لو انك كنت غارقاً في الذنوب، فأرجه واستغفره وتب إليه إذ (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذينَ أَسْرَفُوا عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَميعاً)[17]، و(وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى‏)[18].

لماذا يلزم أن يلتزم العلماء بالأذكار والمستحبات؟

ومن هنا أيضاً فإن علينا، إضافةً إلى الدراسة الجادة كي نصبح أساتذة وعلماء، أن نلتزم بالأذكار (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثيراً)[19]، وبالذهاب إلى المشاهد المشرفة والتوسل والتضرع والتهجد وصلاة الليل و... ولا تقل انها مستحبة والدرس واجب (كفائي لم يقم به من فيه الكفاية فوجب التفرغ له) إذ هذا المستحب ظاهراً هو الجناح الذي يكفل لك بمؤازرة عالم الغيب ان تكون من (العلماء الأبرار) إذ أية فائدة في عالم غير بَرّ؟ بل علمه عليه وبال وسعيه خبال، فهو الذي يتكفل بتزكيتك، بل إن العلم سلاح ذو حدين فكلما ازداد علمك ازداد خطر غرورك وعجبك وتكبرك على الناس واحتجابك عنهم وعن حوائجهم، كما ازداد خطر ذلك وأن تتخذ مواقف خاطئة أو ضارة بالإسلام والمسلمين، بعبارة أخرى: كلما ازددت علماً ازددت مكانة بين الناس وقوة وكان لكلامك أكبر الأثر في الشؤون العامة وشؤون الأمة، وما أكثر ما يخطئ الإنسان في قراراته ومواقفه!! وهنا تتجلى أهمية المستحبات إذ دورها الأساس هو التزكية (الذي قد يكون واجباً مقدمياً أيضاً، كما ان طلب العلم قد يكون واجباً)، قال تعالى: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى‏ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً)[20]، وقال: (وَيَزيدُ اللَّهُ الَّذينَ اهْتَدَوْا هُدىً)[21]، وقال: (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسيلَةَ)[22]، وقال: (وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْري‏)[23]، و(الَّذينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ * أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)[24].

و(المؤمن مفهّم) و(محدَّث) (إنّا لا نعد الفقيه منهم فقيهاً حتى يكون محدثاً)

روى الكشي فقال: قال الصادق (عليه السلام): (اعرفوا منازل شيعتنا بقدر ما يحسنون من روايتهم عنا، فإنا لا نعد الفقيه منهم فقيهاً حتى يكون محدَّثاً، فقيل له: أو يكون المؤمن محدثاً؟ قال: يكون مفهَّماً، والمفهم المحدث)[25]، وإنما سُئل عن المحدَّثين، لورود روايات عديدة لدينا[26] بأن الأوصياء محدثون[27].

وتعليق الحكم على الوصف مُشعِر بالعلّية فإن لإيمانه المدخلية في إلهامه الصواب والحكمة، وكلما ازداد إيماناً زادت نسبة إلهامه غيبياً بما يصلحه ويصلح أمره.

الفصل الثاني: الشرق في محنة والغرب في محنة

ان الغرب في أزمة بل في داهية بل دواهي والشرق في أزمة بل في داهية بل دواهي، وبعبارة أخرى أشمل وأدق: ان الدول الغربية وأمثال الصين وروسيا والدول المتقدمة لهي في أزمة بل في أزمات، وان الدول الإسلامية ومطلق دول العالم الثالث هي كذلك في أزمة بل أزمات.

أما أزمة الدول الإسلامية ومطلق الدول المتخلفة فواضحة إذ تتجلى في التخلف والجهل والفقر والإدمان وعلى المخدرات والمسكرات وارتفاع نسبة البطالة والتضخم والطلاق والإجرام وفي التبعية للقوى العظمى وغير ذلك.

من أزمات الدول العظمى

وأما ان القوى العظمى في أزمة، فقد سبق بعض الكلام عن ذلك، ونضيف: هنالك مؤشرات كثيرة دالة على ذلك ونكتفي الآن بمؤشرين هما: الاكتئاب والسجون:

الاكتئاب على نطاق واسع

أولاً: الاكتئاب وهو مرض خطير مزعج، إذ، وكما قالوا، يعاني المكتئب خلال نوبة الاكتئاب من تكدّر المزاج، الشعور بالحزن وسرعة الغضب والفراغ. وقد يشعر بفقدان الاستمتاع أو الاهتمام بالأنشطة.

وتختلف نوبة الاكتئاب عن تقلبات المزاج المعتادة. وتستمر معظم اليوم، وتحدث كل يوم تقريباً، لمدة أسبوعين على الأقل.

وهناك أيضاً أعراض أخرى للاكتئاب، منها ما يلي:

- ضعف التركيز.

- الإفراط في الشعور بالذنب أو ضعف تقدير الذات.

- اليأس من المستقبل.

- التفكير في الموت أو الانتحار.

- اضطراب النوم.

- تقلبات الشهية أو الوزن.

- الشعور بالتعب أو فتور الطاقة.

ويمكن أن يؤدي الاكتئاب إلى المعاناة في جميع مناحي الحياة، بما في ذلك في المنزل والعمل والمدرسة.

ويمكن تصنيف نوبة الاكتئاب بوصفها خفيفة أو متوسطة أو وخيمة حسب عدد الأعراض وحدتها ومدى تأثيرها على أداء الفرد.

وتوجد أنماط مختلفة لنوبات الاكتئاب، وتشمل ما يلي:

- نوبة وحيدة من الاضطراب الاكتئابي، أي النوبة الأولى والوحيدة التي يصاب بها الشخص.

- وتواتر الاضطراب الاكتئابي، أي أن الشخص سبق أن عانى من قبل من نوبتي اكتئاب على الأقل.

- والاضطراب الثنائي القطب، أي أن نوبات الاكتئاب تتناوب مع فترات من أعراض الهوس، التي تشمل الابتهاج أو سرعة الانفعال، وزيادة النشاط أو الطاقة.

وأعراض أخرى مثل فرط الكلام، وتسارع الأفكار، وزيادة تقدير الذات، وقلة الحاجة إلى النوم، وسهولة فقدان التركيز، والسلوك المندفع والطائش)[28]. 

ارتفاع معدلات الاكتئاب في الغرب

ومعدلات الاكتئاب مرتفعة جداً في البلاد الغربية أكثر من البلاد متوسطة الدخل ومتدنية الدخل وهذه بعض الإحصاءات:

(استناداً إلى مقابلات مفصلة مع أكثر من 89000 شخص، أظهرت النتائج أن 15٪ من السكان من البلدان المرتفعة الدخل (مقارنة ب 11٪ بالنسبة للبلدان منخفضة / متوسطة الدخل) من المحتمل أن يصابوا بالاكتئاب في حياتهم بعد أن كان الاكتئاب في العام الماضي 5.5%.

وكانت نسبة حالة الإكتئاب الكبرى، في البلدان ذات الدخل المرتفع (28٪ مقابل 20٪)، وخاصة في فرنسا وهولندا والولايات المتحدة، حيث كانت عالية جداً (أكثر من 30٪).)[29].

(أصبحت معدلات انتشار الاكتئاب محل دراسة في جميع أنحاء العالم. الاكتئاب هو أحد الأسباب الرئيسية للإصابة بالأمراض في جميع أنحاء العالم كما أوضح علم الأوبئة[30] تتنوع تقديرات معدلات الانتشار على نطاق واسع من 3٪ في اليابان إلى 17٪ في الولايات المتحدة. تشير البيانات الوبائية إلى ارتفاع معدلات الاكتئاب في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا وأمريكا عنها في البلدان الأخرى[31].

و(تشير التوقعات إلى أن الاكتئاب قد يكون السبب الرئيسي الثاني في فقدان الحياة بعد أمراض القلب والأوعية الدموية بحلول عام [32]2020)[33].

(ويمكن للاكتئاب في حالاته الشديدة أن يؤدي بصاحبه إلى الانتحار، وهو مسؤول عن 850.000 حالة وفاة سنوياً)[34].

والاكتئاب العدو الرئيس للسعادة وأية فائدة في ثروة وقوة ومكانة يعيش معها الإنسان في حزن ويأس وأسى؟

ارتفاع نسبة السجناء في أمريكا 700%!

ثانياً: السجون.. فإن كثرة عدد السجناء في بلد مؤشر خطير على هشاشة النظام الاجتماعي وعلى زيادة نسبة الجريمة في ذلك البلد وعلى أن الحكومة قد فشلت في دورها الأساس في إسعاد الناس.. وهذه بعض الإحصاءات: (تحتل الولايات المتحدة المركز الأول عالمياً من حيث عدد سكانها الذين يقضون فترات في السجون ومراكز إعادة التأهيل.

وارتفع عدد نزلاء السجون بنسبة 700 في المئة ما بين 1970 و2005، وهي نسبة تجاوزت نسبة النمو السكاني فضلاً عن أن هذا الارتفاع لا يعكس التراجع الذي سجّل في معدل الجريمة في عموم البلاد.

وتشير التقارير والإحصاءات إلى أن السجون الأميركية مكتظة بنسبة 99 في المئة، وأن كثيراً من نزلائها المفرج عنهم يعودون إليها من جديد. وبحسب أرقام المركز الدولي لدراسات السجون تعود إلى عام 2012، فإن 707 أميركيا من بين كل 100 ألف يقبعون في السجون، وأن 9 في المئة منهم من النساء، و0.4 في المئة دون سن الرشد. ويبلغ عدد السجون ومؤسسات إعادة التأهيل الأميركية 4575.

ويصل عدد السجناء في الولايات المتحدة اليوم إلى أكثر من 2.4 مليونا وفق ما ذكرته صحيفة واشنطن بوست في آب/أغسطس 2013، مشيرة إلى أن ذلك يعني أن النسبة زادت أربع مرات عما كانت عليه في عام 1980 وأن شخصا واحدا بين كل 100 راشد أميركي في السجن)[35].

(ومنذ بداية سبعينيات القرن الماضي ونسبة السجناء في الولايات المتحدة في تصاعد سريع. وذكرت الصحيفة أن عدد نزلاء سجون الولايات والسجون الفدرالية وصل في عام 1978 إلى 307276، ثم ارتفع ليبلغ 1615487 سجيناً في عام 2009)[36].

(كتب أنطون فوكين، في "كومسومولسكايا برافدا"، عن الولايات المتحدة بوصفها دولة بوليسية، فهناك فقط من المحكومين بالمؤبد 160 ألف شخص.

مما جاء في حديث الأستاذ المساعد في قسم القانون الجنائي بجامعة القانون في الأورال، دانييل سيرغيف، لـ"كومسومولسكايا برافدا":

نظام العقوبات، في الولايات المتحدة، صارم للغاية. لذا، فإن هذا البلد لا يتصدر فقط في العدد الإجمالي للمحكوم عليهم بالسجن، بل وفي أحكام المؤبد. هناك 160 ألف سجين محكومون بالمؤبد في الولايات المتحدة، وبينهم 40 ألفا لا مجال للإفراج المشروط عنهم)[37].

و(فيما يلي ترتيب الدول، حسب عدد السجناء الإجمالي، ثم عدد السجناء لكل مائة ألف مواطن:

1- الولايات المتحدة: 2.1 مليون سجين (639 من مائة ألف مواطن)

2- الصين: 1.7 مليون (121 لمائة ألف)

3- البرازيل: 760 ألفا (357 لمائة ألف)

4- الهند: 479 ألفا (35 لمائة ألف).)[38].

الفصل الثالث: مفاتيح الحلول

والسؤال الهام الذي يطرح نفسه بقوة هو انه مادام الغرب (والدول المتقدمة) والشرق (والدول الإسلامية) كلها في أزمة بل في أزمات بل في دوامات من المحن وفي أعاصير من الرزايا والفتن، فما هو الحل؟

ظهور المنقذ الأعظم

لا شك أن ظهور المنقذ الأعظم الإمام المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) هو البلسم الشافي لكل الجراح وهو حل السماء للبشرية المعذبة وهو الذي تتحول به الأرض إلى جنة من الرخاء والسعادة والأمن والإيمان (اللَّهُمَّ أَرِنِي الطَّلْعَةَ الرَّشِيدَةَ وَالْغُرَّةَ الْحَمِيدَةَ وَاكْحُلْ نَاظِرِي بِنَظْرَةٍ مِنِّي إِلَيْهِ

وَعَجِّلْ فَرَجَهُ وَسَهِّلْ مَخْرَجَهُ وَأَوْسِعْ مَنْهَجَهُ وَاسْلُكْ بِي مَحَجَّتَهُ

وَأَنْفِذْ أَمْرَهُ وَاشْدُدْ أَزْرَهُ

وَاعْمُرِ اللَّهُمَّ بِهِ بِلَادَكَ وَأَحْيِ بِهِ عِبَادَك‏)[39].

ولكنّ الكلام فيما قبل الظهور المبارك، إذ لا شك في أن وظيفتي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا تسقطان زمن الغيبة، وان تعاليم المعصومين (عليهم السلام) وأوامرهم وإرشاداتهم كلها سارية المفعول زمن الغيبة، ولا يتعطل منها شيء، ولا ريب ان سعي الإنسان فيما تعلق بذمته من شؤون دينه ودنياه واجبٌ في هذه الفترة، فكما لا يصح له أن يتعلل عن السعي لتوفير لقمة العيش لأهله، بأنني انتظر الفرج وقدومه (عجل الله فرجه الشريف) دفعهً إذ ان (الْمَهْدِيُّ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ، يُصْلِحُهُ اللَّهُ فِي لَيْلَةٍ)[40]، كذلك لا يصح له أن يتعلل عن التفكير في تغيير ما بنا والتخطيط له والسعي فيه قدر المستطاع كي يغير الله ما بنا (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) بأنني منتظر للظهور المبارك ولا أسعى لتغيير ما بي من فقر أو مرض أو اضطهاد (بهجرةٍ، أو تشكيل جماعات ضغط، أو باتخاذ محام.. إلخ) لأنني منتظر أن يظهر صلوات الله عليه ليغير ما بي / بنا. وعليه نقول:

مادام العالم كله يعاني من أزمة وأزمات، فلا بد من تقديم الحلول والحلول المقترحة هي سبعة، سنذكر منها اثنتين الآن، ونوكل الباقي للبحث القادم.

الحل الأول: أن نُغيّر نحن ما بنا.

الحل الثاني: أن يغيّر الغرب ما به.

أولاً: ان نتغير نحن

أي أن نغيّر ما بنا، بأن نعود إلى القرآن الكريم ونعمل به وقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (اللَّهَ اللَّهَ فِي الْقُرْآنِ لَا يَسْبِقُكُمْ‏ بِالْعَمَلِ بِهِ غَيْرُكُمْ)[41].

يا حكام الدول الإسلامية!

وهنا نخاطب حكام سورية الجدد (وحكام جميع الدول الإسلامية): فنقول لهم: اعملوا بالآيات الحيوية في القرآن الكريم فإن بها حياتكم وسعادتكم في الدنيا والآخرة (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اسْتَجيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْييكُمْ)[42] وهذه بعض تلك الآيات:

1- قال تعالى: (وَأَمْرُهُمْ شُورى‏ بَيْنَهُمْ)[43] وهنا نقول: ما يضركم لو عملتم بالشورى حقاً حقاً؟ ولماذا لا تمتثلون أمر الباري جل اسمه صدقاً صدقاً؟ ونقصد بها تشكيل برلمانات شورية حقيقية، لا صورية – ديكورية؟ مع انه ليس في إطاعة أوامر الله تعالى إلا العز والسؤدد والاستقرار والازدهار والمجد والخلود.

2- وقال جل اسمه: (وَفي‏ ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ)[44]، و(وَلَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ)[45]، (وَلَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثيراً)[46]، وهذه الآيات تؤسس لمبدأ التداول السلمي للسلطة والانتخابات الحرة بين الأحزاب والأطراف المتنافسة على البر والتقوى.

ونكرر مخاطبين حكام البلاد الإسلامية: ما ضرّكم لو عملتم بهذه الآيات الكريمة ونظائرها؟، ألم تروا أن الغرب تكمن قوته في ذلك؟ وألا ترون أنّ ضعفكم وتخلفكم نابع من استبدادكم وتفردكم بالقرار وقد ورد (مَنِ اسْتَبَدَّ بِرَأْيِهِ هَلَكَ)[47]، و(وَتِلْكَ الْقُرى‏ أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً)[48]؟.

ولقد أطلق حكام سورية الجدد بعض الإشارات الإيجابية، التي نأمل أن تستمر وتتوسع لا ان تكون مجرد بالونات إعلامية مؤقتة، ولكن نقول لهم ولحكام البلاد الإسلامية جميعاً:

ما ضركم لو حكمتم كحكم المسلمين في الأندلس؟

ما ضركم لو أصبحت حكومتكم كحكومة المسلمين في الأندلس والتي امتدت لأكثر من ثلاثمائة سنة؟ حتى انهم كانوا مثال العلم والثقافة والاستقرار والازدهار؟..

العصر الذهبي للعلم وللتسامح الديني

وبحسب مؤرخي الغربيين فإن الأندلس كانت فترة ازدهار علمي ثقافي يتلألأ في تاريخ البشرية، مع كونها عصراً ذهبياً للتسامح الديني والمذهبي.. وقد شهد بذلك القاصي والداني من المؤرخين المسيحيين قبل المسلمين، بل ان بعض المتحاملين على تلك الفترة المزدهرة اضطروا إلى أن يعترفوا ببعض ما تميّزت به وإن حاولوا تخفيفه وتضعيفه والتهوين من شأنه... ويكفي أن ننقل هنا نص عبارة بعض المتحاملين إذ قال: (وتعرف فترة حكم المسلمين في إسبانيا بـ "العصر الذهبي" للعلم، إذ انتشرت المكتبات والمعاهد العلمية والحمامات العامة وازدهر الأدب والشعر والعمارة وأسهم المسلمون وغيرهم في هذه النهضة الثقافية.

وفي بعض الأحيان توصف هذه الفترة أيضا بـ "العصر الذهبي" للتسامح الديني والعرقي بين المسلمين والمسيحيين واليهود)[49]، و(وبصفة عامة كان غير المسلمين في إسبانيا الإسلامية يعاملون أفضل من غيرهم من الشعوب التي تعرضت للغزو في ذلك الزمن.

ومن مظاهر ذلك:

- لم يُفرض عليهم العيش في أحياء خاصة "غيتوهات".

- لم يُستعبدوا.

- لم يمنعوا من ممارسة شعائرهم الدينية.

- لم يُجبروا على التحول للإسلام.

- لم يُمنعوا من ممارسة أي عمل يريدونه.

- تميزوا في مهن بارزة مثل الصرافة وتجارة الذهب والفضة.

- عملوا في دواوين الحكام المسلمين.

- ساهموا بشكل إيجابي في الثقافة والمجتمع.

وتقول وجهة النظر الأخرى عن العصر الذهبي لغير المسلمين في إسبانيا الإسلامية إن اليهود والمسيحيين كانوا يعيشون في حالة "أهل الذمة"، والذمي لم يكن عبدا ولكن ليس له حقوق مكافئة لحقوق المسلم)[50].

فما ضر حكامنا لو التزموا بذلك (أي بالسماح بممارسة الشعائر الدينية وبمزاولة مختلف الحرف والصناعات و...) بل المطلوب منهم أن يزيدوا ويزيدوا حتى ينظر الغرب إليهم بتحسر وإكبار وإعجاب، لا أن نكون في ذيل القافلة تنظر إليهم شعوبنا بأسى وبحسرة وتوجّع وتلهف؟

ولقد بلغ تطور الأندلس نتيجة ذلك كله إن كان الغربيون ينظرون إلينا بإكبار واعتزاز ويفتخرون بتتلمذهم لدينا، والشواهد كثيرة ويكفي في هذه العجالة احدها فـ (لقد أصبحت الأندلس المركز الثقافي الإسلامي المتميز الذي يأتيه مثقفو أوروبا كلها طلبا للعلم من المصادر الإسلامية، وكان أديلار الباثي (1090 1160م) من رواد هذه النهضة، فقد ولد في باث (قرب بريستول) ثم انتقل وهو شاب صغير إلى فرنسا، وسافر إلى صقلية وسيلسيا، وأجرى قياسات فلكية في القدس عام 1115م، وزار دمشق وبغداد ومصر وأمضى في إنجلترا سنوات رشده، وحاول أن يرسم بداية منهج علمي مؤكدا على أهمية البحث عن الأسباب الطبيعية، وعبر عن تشبعه بعلوم الحضارة العربية الإسلامية قائلا: هل من أحد غيري تعلّم على يد المعلمين العرب سلوك درب العقل؟

فعليك من جهتك ألا تعميك غشاوة السلطة، إذ لو فعلت فكأنك قد ربطت برسن (أي زمام على الأنف) وأي شيء يمكن أن توصف به السلطة غير وصف الرسن؟.. إن تركت نفسك تخضع للسلطة تكن كالحيوانات التي لا تعرف لا إلى أين ولا إلام تجر.

ومن أهم ترجمات أديلار الباثي كتاب الخوارزمي في الحساب بعنوان الجمع والتفريق بحساب الهند وهو أول كتاب من نوعه من حيث الترتيب والتبويب والمادة العلمية، كما أنه أول كتاب دخل أوروبا وبقي المصدر المعتمد في البحوث الحسابية، وقد بقي علم الحساب لمدة قرون معروفا باسم الجوريتمي نسبة إلى الخوارزمي، كذلك قام أديلار الباثي بترجمة زيج الخوارزمي الذي انتشر كجدول فلكي في أوروبا)[51].

(ونتذكر من أمثلة الكتب العربية ذات التأثير الواضح في النهضة الفكرية والعلمية الأوروبية كتاب مقاصد الفلاسفة للغزالي، وبعض مؤلفات ابن سينا: النفس، والطبيعة، وما وراء الطبيعة، والجبر والمقابلة للخوارزمي، والزيج الصابي للبتاني، والمناظر لابن الهيثم، والحاوي والمنصوري للرازي، والكليات لابن رشد، وغيرها.

والجدير بالذكر أن الأنموذج الحضاري للأندلس لم ينته بسقوط مملكة غرناطة سنة 1492م، بل استمر بعد ذلك ممثلا في الموريسكيين، (أي: المسلمون الذين أرغموا على التنصر)، وهم الذين بقوا في إسبانيا حتى القرن السابع عشر الميلادي حينما تقرر طرد جماعات كبيرة منهم إلى الشمال الإفريقي.

ومن هنا نرى أن الوجود العربي المادي في شبه الجزيرة استمر ماثلا محسوسا طيلة تسعة قرون على الأقل، وهي مدة كافية لأن يعمق المسلمون في الشعبين الإسباني والبرتغالي من خصائص الحضارة العربية الإسلامية وعطائها ما لا يزال سمة واضحة حتى اليوم، بل إن إسبانيا بالذات كانت المعبر الأهم الذي انتقلت من خلاله الحضارة العربية الإسلامية إلى أوروبا وأمريكا)[52].

ثانياً: ان يتغير الغرب

وقد كتب السيد الوالد (قدس سره) كتاباً باسم (الغرب يتغير) جدير بالمراجعة، وهنالك مقترحات عديدة يمكن أن نقدمها للعقلاء في الغرب، وهي متدرجة بين الحدود العليا والحدود الدنيا، وما هو أقرب للطوباوية، ولو بحسب البعض، وما هو عملي جداً.

الحل الطوباوي: تبنّي الغرب للإسلام

فمن الحلول الطوباوية: أن يتبنى الغرب الإسلام – حسب قراءة المحقق النائيني في تنبيه الأمة وتنزيه الملة، بل وقبل ذلك وبحسب ما وصل إلينا من الرسول وآهل بيته (عليهم السلام) من القواعد والدساتير ومناهج الحياة السعيدة كما سيأتي.

وليس هذا الحل بالطوباوي جداً (كما سيظهر في البحوث القادمة) إلا أن مصب الكلام الآن هو بعض المقترحات العملية:

الحل العملي تبني الآيات الحيوية وعهد الإمام (عليه السلام) للاشتر

ومنها: ان يتبنى الغرب الوصايا القرآنية والآيات الحيوية وعهد الإمام علي لمالك الأشتر باعتباره منهجاً نموذجياً في الحكم الرشيد، وليس هذا بالصعب كما انه لا يتنافى مع المنظومة الفكرية لهم ولا مع دينهم.

مقارنة بين الوصايا العشر وبعض الآيات الكريمة

والسبب في ذلك ان الوصايا العشر للسيد المسيح (عليه السلام) محدودة جداً، فإنها:

(- لَا تَقْتُلْ.

- لَا تَزْنِ.

- لَا تَسْرِقْ.

- لَا تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبك شَهَادَةَ زُورٍ.

- لَا تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ. لَا تَشْتَهِ امْرَأَةَ قَرِيبِكَ، وَلَا عَبْدَهُ، وَلَا أَمَتَهُ، وَلَا ثَوْرَهُ، وَلَا حِمَارَهُ، وَلَا شَيْئًا مِمَّا لِقَرِيبِكَ).

ومع إضافة الوصايا نحو الرب: (- أنا الرّبُ إلهُكَ لا تَعْبُدْ غَيْري.

- لَا يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي.

- لَا تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالًا مَنْحُوتًا، وَلَا صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ، وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ. لَا تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلَا تَعْبُدْهُنَّ.

- لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلهِكَ بَاطِلًا، لأَنَّ الرَّبَّ لاَ يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِهِ بَاطِلًا.

- اُذْكُرْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ).

ومع الوصايا بالنسبة للأقرباء (أكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ).

وهذه الوصايا كما ترى محدودة جداً لا تتكفل بمنهج حكم متكامل صالح.

وأما الوصايا القرآنية فهي التي تضمنتها ثلاث آيات من سورة الأنعام وآيات من سورة الإسراء.

(قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ

أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا

وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا

وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ

وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ

وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ *

وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ

وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا

وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى

وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ *

وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (الأنعام:151–153).

(لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا * وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ

وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا * رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا *

وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ

وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا *

وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا *

وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا * إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا *

وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا *

وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا) (الإسراء:22–32).

وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا *

وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا * كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا * ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ

وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا) (الإسراء:36–39) ).

وكما ترى فإن الآيات القرآنية السابقة تتميز بأبعاد اقتصادية واجتماعية وكلامية غاية في الأهمية كما تتميز بغيرها أيضاً، مما يستدعي عقد بحث مستقل آخر.

من جواهر عهد الإمام للاشتر في منهج الحكم وصفات الحاكم

إضافة إلى ذلك كله وغيره من آيات الكتاب العزيز، فإن عهد الإمام علي (عليه السلام) لمالك الأشتر يشكّل ثروة حقيقية، غفلت عنها مواثيق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ودساتير الدول المتطورة، ونقتبس ههنا بعضها فقط:

أ- (وَأَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ وَالْمَحَبَّةَ لَهُمْ وَاللُّطْفَ بِهِمْ، وَلَا تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً، تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ وَإِمَّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ، يَفْرُطُ مِنْهُمُ الزَّلَلُ وَتَعْرِضُ لَهُمُ الْعِلَلُ، وَيُؤْتَى عَلَى أَيْدِيهِمْ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَإِ، فَأَعْطِهِمْ مِنْ عَفْوِكَ وَصَفْحِكَ مِثْلِ الَّذِي تُحِبُّ وَتَرْضَى أَنْ يُعْطِيَكَ اللَّهُ مِنْ عَفْوِهِ وَصَفْحِهِ، فَإِنَّكَ فَوْقَهُمْ، وَوَالِي الْأَمْرِ عَلَيْكَ فَوْقَكَ، وَاللَّهُ فَوْقَ مَنْ وَلَّاكَ وَقَدِ اسْتَكْفَاكَ أَمْرَهُمْ وَابْتَلَاكَ بِهِمْ)[53].

ولو استشعر الحكام والمسؤولون الرحمة بالناس والمحبة لهم واللطف بهم، لما زادوا الضرائب.. ولا ارتشوا.. ولا احتجبوا عنهم وعن حوائجهم.. ولا ظلموهم بوجهٍ..

ولعمري يصلح هذا البند كبند أساسي في الدستور بأن يشترط في المسؤولين والمنتخَبين إحراز هذه الصفة فيهم، بينما تشكّل سيرتهم الذاتية وماضي حياتهم ومسيرتهم المرآة لذلك.

ب- (وَلْيَكُنْ أَحَبَّ الْأُمُورِ إِلَيْكَ أَوْسَطُهَا فِي الْحَقِّ، وَأَعَمُّهَا فِي الْعَدْلِ، وَأَجْمَعُهَا لِرِضَى الرَّعِيَّةِ، فَإِنَّ سُخْطَ الْعَامَّةِ يُجْحِفُ بِرِضَى الْخَاصَّةِ، وَإِنَّ سُخْطَ الْخَاصَّةِ يُغْتَفَرُ مَعَ رِضَى الْعَامَّةِ.

وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الرَّعِيَّةِ أَثْقَلَ عَلَى الْوَالِي مَؤُونَةً فِي الرَّخَاءِ، وَأَقَلَّ مَعُونَةً لَهُ فِي الْبَلَاءِ، وَأَكْرَهَ لِلْإِنْصَافِ، وَأَسْأَلَ بِالْإِلْحَافِ، وَأَقَلَّ شُكْراً عِنْدَ الْإِعْطَاءِ، وَأَبْطَأَ عُذْراً عِنْدَ الْمَنْعِ، وَأَضْعَفَ صَبْراً عِنْدَ مُلِمَّاتِ الدَّهْرِ مِنْ أَهْلِ الْخَاصَّةِ.

وَإِنَّمَا عِمَادُ الدِّينِ، وَجِمَاعُ الْمُسْلِمِينَ، وَالْعُدَّةُ لِلْأَعْدَاءِ، الْعَامَّةُ مِنَ الْأُمَّةِ، فَلْيَكُنْ صِغْوُكَ لَهُمْ، وَمَيْلُكَ مَعَهُم‏)[54].

وقد فصّلنا الحديث عن هذه الفقرة وما سبقها ولحقها في كتاب (التنمية الاقتصادية في نصوص الإمام علي عليه السلام) بإسهاب فليراجع.

ونشير ههنا إجمالاً: ان الإمام يؤسس بذلك لمرجعية الأكثرية ومحوريتهم، كما ويلغي جميع امتيازات النخبة والخاصة والبطانة.

ج- (وَلَا تُدْخِلَنَّ فِي مَشُورَتِكَ بَخِيلًا يَعْدِلُ بِكَ عَنِ الْفَضْلِ، وَيَعِدُكَ الْفَقْرَ، وَلَا جَبَاناً يُضْعِفُكَ عَنِ الْأُمُورِ، وَلَا حَرِيصاً يُزَيِّنُ لَكَ الشَّرَهَ بِالْجَوْرِ، فَإِنَّ الْبُخْلَ وَالْجُبْنَ وَالْحِرْصَ غَرَائِزُ شَتَّى يَجْمَعُهَا سُوءُ الظَّنِّ بِاللَّه‏)[55].

وهل تجد في دساتير اليوم مثل هذا الشرط؟ ان البخيل، على سبيل المثال، سواء أكان مستشاراً أم محافظ المصرف المركزي أم وزير المالية، هو الذي يوصي بسياسة مالية تضييقية تزيد البطالة، وتحرم الطبقات المحرومة من شتى الـمِنَح بشدة، بل وتضيق على أصحاب الاستثمارات.

د- (وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ بِأَدْعَى إِلَى حُسْنِ ظَنِّ رَاعٍ بِرَعِيَّتِهِ مِنْ إِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ، وَتَخْفِيفِهِ الْمَؤُونَاتِ عَلَيْهِمْ، وَتَرْكِ اسْتِكْرَاهِهِ إِيَّاهُمْ عَلَى مَا لَيْسَ لَهُ قِبَلَهُمْ)[56]

وهذا يعني ان الإحسان قاعدة في الحكم، فوق العدالة، وان تخفيف المؤونات عنهم أساس يستبطن خفض / إلغاء الضرائب وخفض / إلغاء الحواجز التجارية في الاستيراد والتصدير وفي مختلف أنواع الاستثمار، وإلغاء الآصار والقيود الكابتة والبيروقراطية والوسائط وغير ذلك.

ملحق أول فصل 2

هل الأغنياء سعداء والفقراء تعساء؟

أخيراً، ولكي يكون البحث أنفع وأوسع مدى من إطار الحكومات والشعوب والحضارات، ننقل الكلام إلى المستوى الشخصي فنقول: إن الفقراء يتصورون انهم في ضيق وأزمات بينما الأغنياء في سعة وسعادة، وكذلك الضعيف يتصور القوي والموظف يتصور مالك الشركة والمسؤول: انه أسعد حالاً وأفضل مآلاً، كما اننا نتصور ان الناس في البلاد المتخلفة يعيشون التعاسة بينما الناس في البلاد المتقدمة يحيون بسعادة.

مع ان الأمر ليس كذلك بالضرورة فإن للأغنياء مشاكلهم الخاصة كما للفقراء مشاكلهم الخاصة، وليس الغِنى مدعاة للسعادة بالضرورة، بل ان كثيراً من الأغنياء يعيشون الكآبة والتعاسة بينما الكثير من الفقراء يعيشون بهناء وسعادة حيث حملوا في قلوبهم الرضا والقناعة والإيمان والمحبة.

ويكفي أن نعلم ان الأغنياء يصابون بأمراض قد تزيد في المتوسط، على أمراض الفقراء، ويكفي أن نعلم ان المال لا يُكسِب أكثرهم السعادة أصلاً..

ولنذكر مثالاً طريفاً على ذلك، فقد قال لي أحد كبار التجار انه لا يشعر للحياة بطعم، قلت كيف؟ قال: مثلاً، الطعام، فإنهم يطبخون لي أجود أنواع الأطعمة وأغلاها ولكنني عندما أجلس إلى المائدة ابدأ وانتهي وأنا لا أفهم من الطعام ولذائذه شيئاً! قلت: كيف ذلك وهل هو لمرض؟ قال لا.. ولكنني تاجر عملات وفي البورصة لذا فإن عيني معلقة دوماً على شريط الأسعار لكي أرصد أية عملة صعدت وأية عملة انخفضت قيمتها وأسعار الذهب والفضة و...، إذ انّ أي تأخير في البيع والشراء قد يكبدني خسائر فادحة.. وهكذا يمضي يومي كله في قلق واضطراب وتوجس وأعصابي مشدودة دوماً!

ثم ان من لا يتعامل بالبورصة والأسهم والعملات، فإنه ليس بعيداً عن القلق والاضطراب إذ انه يبتلى غالباً بالمنافسة الشديدة بل وقد يستشعر خطر السقوط كل لحظة... لذلك فهو يعيش قلقاً مستمراً على مصير تجارته واستثماراته، حيث انه كثيراً ما يقهره منافس.. أو يكسره استيراد.. أو يحطّمه قانون مستحدث.. أو غير ذلك.

عكس الكثير من الطبقة المتوسطة بل والطبقة المستضعفة حيث رزقوا القناعة والرضا، وليس معنى ذلك دعوة الفقراء للتخلي عن السعي، بل الكلام ان الفقير إذا سعى فلم يصل فليتحلّ بالقناعة وسيكون سعيداً حينئذٍ.. وكم شاهدنا أناساً عاشوا في الأكواخ وهم سعداء ورأينا أثرياء عاشوا في القصور وهم تعساء.

والعبرة من ذلك انه إذا عرف الضعيف أن القوي، سواء الحاكم أو المسؤول ورئيس الشركة أو الحزب أو...، ليس بالسعيد بالضروري، فإنه قد لا يندفع نحو تحصيل القوة أو الثروة إذا وجدها تستدعي ان يسحق وجدانه ودينه، بالظلم والغدر والاحتيال والمكر أو بالربا والرشوة والاختلاس والسرقات المقنعة وغيرها، إذ ما أشقاه حينئذٍ إذ حصل على مال حرام يحرمه الجنةَ ونعيمَها مع انه لم يسعد به أبداً في الدنيا زائداً عذاب الوجدان الذي سوف يعتصره دوماً، بل قد يزداد تعاسة على تعاسة إذ ارتكب المحرمات الاقتصادية، ولم يصل إلى مبتغاه، كما يحدث كثيراً، وبذلك خسر الدنيا والآخرة كما خسر ضميره ووجدانه ولم ينل إلا لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين

* سلسلة محاضرات في تفسير القرآن الكريم

http://m-alshirazi.com

.......................................................

[1] سورة الشورى: الآية 53.

[2] سورة الإنسان: الآية 3.

[3] سورة الكهف: الآية 89، و92.

[4] سورة المائدة: الآية 35.

[5] سورة البروج: الآية 20.

[6] سورة الأنعام: الآية 18.

[7] سورة الأعراف: الآية 54.

[8] سورة الشعراء: الآية 80.

[9] سورة الرحمن: الآية 29.

[10] محمد مهدي النراقي، جامع السعادات، ج3 ص183.

[11] وهل بتوليد أو إعداد ثبت --- أو بالتوافي عادة الله جرت‌،

(شرح المنظومة: ج1 ص283).

[12] سورة الأنفال: الآية 17.

[13] سورة الواقعة: الآية 64.

[14] ابن أبي جمهور الأحسائي، عوالي اللآلئ، دار سيد الشهداء (عليه السلام) للنشر ـ قم: ج1 ص75.

[15] الشيخ الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية ـ طهران: ج2 ص71.

[16] سورة الأعراف: الآية 175.

[17] سورة الزمر: الآية 53.

[18] سورة طه: الآية 82.

[19] سورة الأحزاب: الآية 41.

[20] سورة الإسراءك الآية 79.

[21] سورة مريم: الآية 76.

[22] سورة المائدة: الآية 35.

[23] سورة طه: الآية 14.

[24] سورة البقرة: الآية 156-157.

[25] اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) 1: 6، ح2، وسائل الشيعة 27: 149، ح 38.

[26] بل ولدى العامة أيضاً.

[27] انظر: الكافي 1: 270، ح 1، وفيه:... عن القاسم بن محمد، عن عبيد بن زرارة قال: (أرسل أبو جعفر (عليه السلام) إلى زرارة أن يعلم الحكم بن عتيبة أن أوصياء محمد عليه وعليهم السلام محدثون). وفيه 1: 533، ح11:... عن الحسن بن العباس بن الجريش، عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام): (أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال لابن عباس: إن ليلة القدر في كل سنة، وإنه ينزل في تلك الليلة أمر السنة، ولذلك الأمر ولاة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال ابن عباس: من هم؟ قال: أنا وأحد عشر من صلبي أئمة محدثون).

[28] منظمة الصحة العالمية https://www.who.int

[29] https://altibbi.com

[30] World Health Organization. The world health report 2001 – Mental Health: New Understanding, New Hope; 2001 [cited 2008-10-19].

[31] Burden of Depressive Disorders by Country, Sex, Age, and Year: Findings from the Global Bf Ditudy 2010, Alize J. Ferrari, Fiona J. Charlson, Rosana E. Norman, Scott B. Patten, Greg Freedman, Christopher J.L. Murray, Theo Vos, Harvey A. Whiteford, Published: November 5, 2013 https://doi.org/10.1371/journal.pmed.1001547 نسخة محفوظة 14 أغسطس 2020 على موقع واي باك مشين.

[32] Lopez، A. D.؛ Murray، C. C. (1 نوفمبر 1998). "The global burden of disease, 1990-2020". Nature Medicine. ج. 4 ع. 11: 1241–1243. DOI:10.1038/3218. ISSN:1078-8956. PMID:9809543.

[33] ويكيبيديا https://ar.wikipedia.org

[34] https://altibbi.com

[35] موقع الحرة https://www.alhurra.com

[36] المصدر.

[37] موقع روسيا اليوم https://arabic.rt.com

[38] موقع روسيا اليوم https://arabic.rt.com

[39] بحار الأنوار: ج99 ص112.

[40] دلائل الإمامة، مؤسسة البعثة ـ قم: ص464.

[41] نهج البلاغة: الكتاب 47.

[42] سورة الأنفال: الآية 24.

[43] سورة الشورى: الآية 38.

[44] سورة المطففين: الآية 26.

[45] سورة البقرة: الآية 251.

[46] سورة الحج: الآية 40.

[47] نهج البلاغة: الحكمة 161.

[48] سورة الكهف: الآية 59.

[49] https://www.bbc.com

[50] https://www.bbc.com

[51] https://www.alkhaleej.ae

[52] https://www.alkhaleej.ae

[53] نهج البلاغة: الكتاب 53.

[54] نهج البلاغة: الكتاب 53.

[55] المصدر.

[56] المصدر.

اضف تعليق