قدمت الحكومة العراقية وبالتعاون مع الأمم المتحدة استراتيجية لتطوير القطاع الخاص للمدة من (2014 – 2030)(1)، واشارت في بعض نقاطها لضرورة تبني المبادرات التي من شأنها تطوير عمل المشروعات الصغيرة والمتوسطة كحاضنات الاعمال والتجمعات الصناعية بمافيها العناقيد الصناعية واتاحة كافة السبل والمتطلبات لدعم هذه المؤسسات من ناحية التمويل والاستشارة القانونية والتنظيم وتسهيل الاجراءات الادارية والتشريعية، وقد شملت الاستراتيجية ثلاثة مراحل هي :
1- المرحلة الاولى من (2014 – 2017) : ستقود الحكومة تنفيذ أنشطة المرحلة الأولى في شراكة تامة مع القطاع الخاص، والحكومات المحلية والمعنيين الآخرين. وستركز المرحلة الأولى على تنفيذ أنشطة ذات أولوية لتحقيق نجاحات سريعة في تطوير القطاع الخاص، لاسيما تشكيل مجلس تطوير القطاع الخاص وتفعيله، وإطلاق أنشطة الدعم المباشر للقطاع الخاص (الهيئة الوطنية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، المناطق الصناعية، مراكز تطوير الأعمال، حاضنات الأعمال، سلاسل القيمة وعناقيد التجهيز)، وتشريع و / أو تعديل القوانين والأنظمة الرئيسية، وتنفيذ حملات توعية عامة لإطلاع المواطنين على التغييرات الإيجابية المتوخاه في بيئة الأعمال، وفي هذه المرحلة من المتوقع ان يحقق القطاع الخاص نمواً متواضعاً في عام (2017) بنحو (35%) من الناتج المحلي الاجمالي مقارنة بـ (5,30%) عام (2012)، وتوفير فرص عمل لنحو (30%) من القوة العاملة مقارنة بـ (25%) عام (2008)، وان تنخفض البطالة من معدل (11%) في عام (2011) الى معدل (6%) عام (2017)،
وتقدر كلفة تنفيذ انشطة المرحلة الاولى بحوالي (447) مليار دينار، وان (300) مليار دينار منها سيوجه نحو توفير منح وقروض ميسرة وضمانات قروض وحوافز متنوعة للقطاع الخاص.
وقد يبدو ان هذه المرحلة لن تستطيع تحقيق اهدافها المنشودة نظراً للظروف الحالية التي يمر فيها البلد من تردي في الوضع الأمني والسياسي وتذبذب في اسعار النفط العالمية.
2- المرحلة الثانية (2018 – 2022) : ستستثمر هذه المرحلة النجاحات المتحققة في المرحلة الاولى، اذ وفقاً لخطة هذه المرحلة سيكون هناك تحسن في بيئة الاعمال ومناخ الاستثمار وزيادة حجم القطاع الصناعي الخاص، اذ بحلول (2022) ستكون إعادة هيكلة كل المؤسسات العامة قد انجزت وأدخلت في شراكات تكاملية مع القطاع الخاص عبر سلاسل قيمة وعناقيد تجهيز. ووفقاً للمعطيات التي تمر بها المرحلة الاولى سيكون من الصعب ضمان نجاح اهداف هذه المرحلة ايضاً.
3- المرحلة الثالثة (2019 – 2030) : تهدف الحكومة في هذه المرحلة نقل قيادة تنفيذ استراتيجية تطوير القطاع الصناعي الى القطاع الخاص، اذ وبحلول عام (2030) ستكون رؤية استراتيجية تطوير القطاع الخاص قد تحققت، وسيكون للعراق قطاع خاص حيوي ومزدهر. وقد تضمنت الاستراتيجية اهداف تطوير القطاع الصناعي الخاص تمثلت في الاتي:
أ .تحسين إنتاجية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وقدرتها التنافسية.
ب .إشراك القطاع الخاص، بضمنه الشركات الكبرى والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، في إعادة هيكلة الشركات العامة. وستحقق هذه النقطتين أهدافها من خلال الأنشطة التالية :
(1) توفير خدمات استشارية وإرشادية، وخدمات تخطيط الأعمال، والتدريب والتشبيك للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
(2) إنشاء صندوق لتوفير رأسمال ابتدائي، وتمويل ميسر وضمانات قروض للقطاع الخاص بهدف توسيع أنشطته، وإنشاء مؤسسات جديدة، وزيادة القدرة التنافسية وتعزيز الابتكار.
(3) استحداث برنامج خـاص لتــوفير فـرص للقـطاع الخـاص، بما فــي ذلك الشـركات الكبرى والمؤسـسات الصـغيرة والمتوسطة، للعمل مع الشركات العامة.
(3) تطوير مناطق صناعية وتكنولوجية، وحاضنات أعمال، ومراكز تطوير أعمال ومبادرات أخرى مماثلة.
(4) تشكيل وحدة متخصصة لتعزيز الوعي بالمساواة والشمولية بين النوعين الاجتماعيين في القطاع الخاص وزيادة فرص العمل للنساء في القطاع الخاص.
(5) إطلاق حملة توعية عامة.
وفيما يخص تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة فأن الاستراتيجية ركزت على الانشطة الآتية :
1- إنشاء (4) مراكز لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في محافظات بغداد واربيل وذي قار والبصرة، تقدم مجموعة واسعة من الخدمات تشمل التدريب على إدارة الأعمال (التعليم الإلكتروني)، وتقديم المشورة لرواد وتقديم الأعمال، وإعداد خطط العمل ودراسات الجدوى (النموذج الحاسوبي لتحليل الجدوى والإبلاغ) وتقديم الاستشارات المالية ودعم ترويج الاستثمار، لاسيما شبكة المتعاقدين الصناعيين الثانويين، ودعم الشراكات الدولية. وتقدم هذه المراكز الدعم لنحو (600) من المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
- تسهيل اكثر (1000) من مؤسسة اعمال الى مؤسسة اعمال (B2B) بين مؤسسات الأعمال الصغيرة والمتوسطة منذ عام (2012).
3- مساعدة ما لايقل عن (37) شراكة اعمال دولية و/او طلبات عروض تبلغ قيمتها التقديرية اكثر من (21) مليون دولار.
4- انشاء قواعد بيانات وموائمة بين مؤسسات الاعمال باستخدام حلول معلوماتية متقدمة. وبينت الاستراتيجية من خلال عرض لمؤشرات النجاح الخاصة الاولى للمدة من (2014 – 2017)، انشاء مالا يقل عن (20) سلسلة و/ او عناقيد قيمة ناجحة ومستديمة بين الشركات المملوكة للدولة والشركات الكبرى والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وذلك من خلال انشاء هيئة وطنية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
ان التمعن في قراءة فقرات هذه الاستراتيجية ومحاولة ربطها باستراتيجية تطوير القطاع الخاص، تبين انها قد غفلت بعض النقاط وان فيها من الثغرات ما قد لايحقق النتائج المطلوبة منها، ومن الاشكالات الممكن عرضها هنا هو انها لم تبين او تذكر الاستراتيجية ماهي السبل التي يمكن خلالها حماية القطاع الخاص في العراق من المنافسة الحالية، كون ان السوق العراقية تعاني من الاغراق السلعي، أي انها لم تكشف لنا كيف ستقوم بحماية المشروعات الصغيرة والمتوسطة من المنافسة الخارجية، في ظل وجود قطاع خاص غير كفوء ومتعثر، وربما هذا يدفعنا الى الشك بأن استراتيجية الحماية قد تكون مرفوضة لدى الكثير بسبب تعارضها مع نظام السوق الحر، وبالتالي قد يكون هذا السبب الذي دفع الى عدم ذكرها في الاستراتيجية ، كما لاتوجد أي اشارة لدور المؤسسات الاكاديمية والبحثية كالجامعات والمعاهد ومراكز البحث ودورها في تطوير القطاع الخاص، اذ اكتفت الاستراتيجية بأن تكون الجهود محصورة بين مؤسسات الدولة من وزارات وهيئات خاصة بها والحكومات المحلية.
اضف تعليق