تخيل نفسك جالساً على شاطئ رائع في أي مكان في العالم، ربما شاطئك المفضل، حيث تتهادى الأمواج نحو الشاطئ، بينما تتلألأ أشعة الشمس على صفحة المياه، وأنت تستمتع بنسمات المحيط المنعشة.
والآن تخيل هذا الشاطئ وقد مُحي تمامًا من الوجود، وارتفع منسوب مياه البحر وتراجع خط الشاطئ مئات الأمتار إلى الوراء، وابتلعت المياه أجزاء شاسعة من خط الساحل السابق، قد يكون من الصعب أن تتخيل الأماكن التي اعتدت زيارتها وقد انقلبت رأسًا على عقب، على هذا النحو، ولكن يؤكد العلماء على وجود أدلة دامغة تثبت أن مناسيب مياه البحر ترتفع بالفعل بوتيرة متسارعة. فإلى أي حدّ سترتفع مناسيب البحار؟، وما هو الثمن الذي ستتكبده المجتمعات التي تعيش في المناطق الساحلية؟.
لم يكتشف العلماء قبل بدايات القرن العشرين أن مناسيب مياه البحار آخذة في التزايد. فقد لاحظ بينو غوتنبرغ، عالم جيوفيزيائي، أثناء قيامه بتحليل البيانات من أجهزة قياس المدّ والجزر، وهي أدوات تقيس مناسيب المياه على خطوط الساحل، أن منسوب مياه البحر سجل ازديادًا على مدار نحو قرن. كما أن أجهزة القياس التي تستخدمها وكالة الفضاء الأمريكية ناسا تؤكد تلك الزيادة أيضا.
إذا استمر التغير المناخي بنفس الوتيرة الحالية، فربما نتوقع ارتفاعًا كبيرًا في منسوب مياه البحر في القرن الحالي، وسيزداد الأمر سوءًا في القرون القليلة المقبلة، في هذا السياق قالت وسائل إعلام إن واحدا من أكبر الأنهار التي تشكل منبع نهر يانجتسي في الصين ينحسر بسرعة بسبب التغير المناخي.
على صعيد ذي صلة، قال علماء إن استمرار البرودة في المحيط قبالة القارة القطبية الجنوبية يتحدى الاحتباس الحراري- الذي ينحى عليه باللائمة في إذابة الجليد بالقطب الشمالي على الطرف الآخر من الكوكب- وأرجعوا ذلك إلى اندفاع المياه الباردة من الأعماق بعد مئات السنين، وأظهرت الدراسة التي أجريت في الولايات المتحدة أن المحيط الجنوبي قبالة القارة القطبية الجنوبية ربما يكون بين الأماكن الأخيرة على كوكب الأرض التي تتأثر بالتغير المناخي الذي يتسبب فيه النشاط البشري مع تأخر تأثر المياه التي تنبعث من على أعماق تصل إلى خمسة آلاف متر به لعدة قرون، ويلقي علماء باللوم على استخدام البشر للوقود الأحفوري في ارتفاع حرارة كوكب الأرض لكن كثيرين ممن يشككون في صحة هذه النظرية يشيرون إلى التناقض بين اتساع نطاق الجليد في الشتاء قبالة القارة القطبية الجنوبية في العقود القليلة الماضية والتقلص السريع للجليد في القارة القطبية الشمالية.
من جهة أخرى يقول العلماء إن نمط ظاهرة النينيو المناخية التي حدثت هذا العام يرجح أن تكون عاملا رئيسيا في هذا المد الأحمر حيث أنه يزيد من درجة حرارة المحيط ويؤدي الى ظروف ملائمة لانتشار الطحالب. والى جانب هيئة الثروة السمكية في تشيلي "سيرنابيسكا" فقد رفض هؤلاء العلماء بشكل كبير وجود صلة بين القاء أسماك السلمون وانتشار الطحالب مؤخرا، مع بداية الموسم الصيفي على شواطئ الولايات المتحدة توقع خبير واحد على الأقل زيادة في عدد هجمات أسماك القرش حول العالم هذا العام بما يفوق الرقم الذي سجل العام الماضي، فيما يلي اخبار مثيرة حول البحار والنهار وما تحتويه.
نهر جليدي مهم يذوب بسبب التغير المناخي
قالت وسائل إعلام إن واحدا من أكبر الأنهار التي تشكل منبع نهر يانجتسي في الصين ينحسر بسرعة بسبب التغير المناخي، وقال بو جيان تشين وهو باحث في الأكاديمية الصينية للعلوم لوكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) إن نهر جيانجوديرو الجليدي على جبل جيلادايندونغ الذي يقع في منطقة نائية بإقليم شينينغ الغربي تقلص بمقدار 34 مترا على مدى السنوات الست الماضية، وذكرت شينخوا أن بو قال إن النهر بدأ يتقلص ببطء في السبعينات ثم توسع بين عامي 1989 و1998 قبل أن يتراجع بسرعة أكبر بدءا من 1995. بحسب رويترز.
وقال يانغ شين رئيس رابطة الحماية البيئية للأنهار لشينخوا إن النهر الجليدي تراجع مترين سنويا في الثمانينات والتسعينات لكنه هبط بمعدل بلغ نحو ستة أمتار سنويا في عدد من السنوات القليلة الماضية، واضاف قائلا "هذا دليل مباشر على التغير المناخي العالمي"، وقال بو إن نهر يانجتسي سيحصل على قدر أكبر من المياه في المدي القصير مع ذوبان ذلك النهر الجليدي وأنهار أخرى لكن في نهاية المطاف لن تتدفق أي مياه أخرى منها.
بحار القطب الجنوبي تتحدى الاحتباس الحراري
قال رئيس فريق البحث كايل آرمور من جامعة واشنطن في سياتل لرويترز عن الدراسة التي نشرت في دورية نيتشر جيوساينس "النتائج التي توصلنا إليها خطوة نحو حل اللغز"، وأشار إلى أن صعود المياه الباردة ساعد في تفسير استمرار وجود الجليد في البحر وليس اتساع نطاقه وهو اتجاه ربطت دراسات أخرى بينه وبين تغيرات في اتجاهات الرياح قبالة القارة المتجمدة الواسعة. بحسب رويترز.
ووجد التقرير الذي صدر أن حرارة المياه الدافئة في تيار الخليج تنخفض مع تدفقها شمالا إلى شمال المحيط الأطلسي ثم تهبط المياه إلى أسفل وتدور متجهة جنوبا نحو القارة القطبية الجنوبية ضمن حزام مائي يستغرق اكتمال نقله عدة قرون، وفي نهاية المطاف تهب رياح عاتية بالمحيط الجنوبي حول القارة القطبية الجنوبية وتحرك المياه السطحية شمالا وتسبب البرودة من خلال صعود مياه قديمة من الأعماق، وقالت الدراسة إن صعود المياه يساعد في تفسير السبب في أن درجة حرارة المحيط الجنوبي لم تزد سوى بمقدار 0.02 درجة مئوية في كل عقد منذ عام 1950 وهو ما يقل كثيرا عن المتوسط العالمي الذي يبلغ 0.08 درجة.
إلى أي مدى يمكن أن ترتفع مياه البحار بسبب التغير المناخي؟
يقول جون كراستنغ، عالم فيزيائي في مختبر ديناميات الموائع الجيوفيزيائية التابع للإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي: "يُعزى ارتفاع منسوب مياه البحار في العالم، على مدار القرن الماضي، بشكل رئيسي إلى التمدّد الحراري لمياه المحيطات (أي تغيّر منسوب الماء نتيجة لتغير درجة حرارته)".
لكن ثمة مشكلة أخرى أكثر سوءًا، قد تؤدي إلى إحداث تغيرات جذرية في منسوب مياه البحر في المستقبل، وتكمن هذه المشكلة في أن ذوبان الأنهار الجليدية والصفائح الجليدية قد يؤدي إلى تدفق كميات هائلة من الماء في المحيطات. فما حجم الأضرار التي سيسببها هذا الأمر؟
وللإجابة على ذلك، يجب دراسة التغيرات التي طرأت على مناسيب البحار سابقًا. فقد يبحث علماء الجيولوجيا عن الصخور الرسوبية لمعرفة خطوط الشواطئ في السابق، إذ يستدلون بالحفريات الموجودة في الشواطئ على ارتفاع المحيطات آنذاك.
ومن بين العصور القديمة ذات الأهمية في هذه الدراسة العصر البيلوسيني، منذ نحو 3 ملايين سنة خلت، وتقول مورين رايمو، عالمة المناخ الشهيرة بمرصد لامونت دوهيرتي الأرضي التابع لجامعة كولومبيا: "كانت درجات حرارة العصر البليوسيني، بحسب التقديرات، أعلى درجتين إلى ثلاث درجات مئوية عن درجات الحرارة التي تسبق الثورة الصناعية، أي أنها كانت أعلى درجة إلى درجتين مئويتين عن درحات الحرارة اليوم".
وهذا يعني أن درجات الحرارة التي كانت سائدة فيه قريبة من الحد الذي قررت الحكومات في قمة باريس للمناخ العام الماضي ألا تزيد عنه درجات الحرارة، أي درجتين مئويتين، والمخيف أن في منتصف العصر البولسيني، كانت مناسيب مياه البحار، على أفضل التقديرات، أعلى بما يتراوح بين 10 إلى 40 مترًا عن المنسوب الحالي، وتقول رايمو: "يتضح من السجل الجيولوجي أن ارتفاع درجة حرارة الأرض على هذا النحو سيؤدي حتمًا إلى ارتفاع منسوب البحر بشكل ملحوظ"، ولكن ليس ما يقلقنا هو حجم التغير في منسوب البحر فحسب، بل أيضًا السرعة التي يتغير بها. فقد توصلت دراسة نُشرت في مارس/ آذار 2016 إلى أن منسوب مياه البحر ارتفع في القرن العشرين بوتيرة لم يسبق لها مثيل منذ 27 قرنًا.
وقد استعان العلماء في هذه الدراسة بتقنيات إحصائية صارمة وسجلات لمنسوب مياه البحر عالية الدقة جُمعت على مدار العِقد الماضي للحصول على أول قاعدة بيانات عالية الدقة لمنسوب مياه البحار، على مستوى العالم، عن الثلاثة آلاف سنة الأخيرة.
يقول روبرت كيب، عالم مناخ بجامعة روتغرز، والناشر الرئيسي لهذه الدراسة: "تشير السجلات إلى أنه من المرجح بنسبة 95 في المئة أن منسوب مياه البحار لم يرتفع منذ ألفين و800 عام مضى على الأقل بالسرعة التي ارتفع بها في القرن العشرين".
وتبرز الدراسة مدى حساسية منسوب البحر المفرطة تجاه أقل تقلبات في درجات الحرارة. ويقول كوب: "إن الارتفاع الفائق في منسوب المياه يتلازم بالضرورة مع ارتفاع فائق في درجة الحرارة. إذ يقول علماء الفيزياء إن تغير درجات الحرارة عالميًا يلازمه تغير في منسوب مياه البحار على مستوى العالم"، بيد أن هذا الدراسة لا تخبرنا إلى أي مدى من المتوقع أن يرتفع منسوب مياه المحيطات في المستقبل؟، فإننا لن نتمكن من اتخاذ التدابير اللازمة لتخطيط السواحل من دون معرفة هذه المعلومات.
وكان هذا السؤال الأخير محل نظر ورقة بحثية نشرت في الوقت نفسه، استعان فيها الباحثون بعمليات حسابية معدلة للتنبؤ بمدى ارتفاع منسوب المياه وتوصلوا إلى أننا قد نتوقع ارتفاع منسوب المحيطات على مستوى العالم بما يتراوح بين 50 و130 سنتيمترًا عن المستوى الحالي بنهاية هذا القرن، ما لم تقل انبعاثات غازات الدفيئة بشكل سريع.
وتتزامن هذه البيانات مع تنبؤات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة التي تفيد بأن منسوب البحار سيرتفع بواقع 50 إلى 100 سنتيمتر بحلول عام 2100.
ويعزى السبب في وجود فرق بين الحد الأعلى والحد الأدنى للتنبؤات إلى أنهم استعانوا بتصورات مختلفة في عملياتهم الحسابية، وإلى عدم التيقن من توقيت ذوبان الصفائح الجليدية ومدى سرعته، ويقول أنديرز ليفرمان، الرئيس المشارك لمجال الأبحاث بمعهد بوستدام لأبحاث آثار التغير المناخي، وأحد المشاركين في هذه الدراسة، مفسرًا إن نماذج الكمبيوتر الخاصة بالصفائح الجليدية الكبيرة التي تغطي جزيرة غرينلاند والقارة القطبية الجنوبية قد تحسنت بشكل ملحوظ، ولكن لا يزال هناك الكثير من الاحتمالات غير المؤكدة بعد، ولا سيما بصدد انفصال الجبال الجليدية عن القارة القطبية الجنوبية.
وقد أخذ باحثان في الاعتبار كيف قد يؤدي الاحترار العالمي الى إنهيار الجروف الجليدية المحيطة بالقارة القطبية الجنوبية، وتسريع وتيرة فقد الغطاء الجليدي في القارة، ويقولا في هذا الصدد إنه في حالة حدوث ذلك، ستزيد القارة القطبية الجنوبية وحدها منسوب مياه البحار بما يصل إلى متر مع نهاية القرن الحالي، مشيرين إلى أن منسوب مياه البحار قد يرتفع مترين عن المنسوب الحالي بحلول عام 2100.
وتقول رايمو إنه على الرغم من أن السبب الرئيسي في ارتفاع مناسيب مياه البحار حتى الآن هو التمدد الحراري وذوبان الأنهار الجليدية، فإن ذوبان الجليد في غرينلاند والقارة القطبية الجنوبية في المستقبل سيلعب دورًا أكبر، ولكن هذه التغيرات من المحتمل أن تتكشف في غضون قرون.
إذًا، إلى أي مدى سيصل منسوب البحار؟ تقول رايمو مفسرة: "نظريًا، إذا ذاب الجليد الموجود على كوكب الأرض بأكمله، سيرتفع منسوب مياه البحر نحو 55 مترًا"، ولكنها أضافت أن هذا من غير المتوقع أن يحدث في أي وقت قريب، وتابعت: "فلم يصل منسوب مياه البحر إلى هذا الارتفاع منذ نحو 40 مليون سنة مضت، وربما بلغت مستويات ثاني أكسيد الكربون في الجو حينذاك 1000 جزء في المليون، وفقًا لآخر الأبحاث".
مع العلم أن مستويات ثاني أكسيد الكربون في الجو في الوقت الحالي أعلى من 400 جزء في المليون بقليل، بيد أن ارتفاع منسوب مياه البحر مترين، عن المتوسط العالمي لارتفاع سطح البحر، كفيل بغمر الكثير من المناطق الساحلية المنخفضة، وزيادة مخاطر الفيضانات ونزوح الملايين من الناس، ما لم تُبنى حواجز عالية التكلفة لحماية الشاطيء من التآكل، وهل من الممكن أن نبطِّئ من وتيرة ارتفاع منسوب مياه البحر؟.
يقول كوب إن هذا ممكنًا من حيث المبدأ، شريطة أن تبدأ الحكومات والأفراد في اتخاذ الإجراءات اللازمة. وأضاف: "لكي نحدّ من سرعة ارتفاع منسوب مياه البحار، علينا أن نوقف ارتفاع درجة الحرارة، وهذا يعني أننا يجب أن نتوقف تدريجيًا عن استخدام الأجهزة التكنولوجية التي تؤدي إلى انبعاث ثاني أكسيد الكربون".
إلا أن ثمة أفكار أخرى اقترحها بعض العلماء للحدّ من سرعة ارتفاع منسوب مياه البحر، كان من بينها ضخ مياه من المحيط إلى القارة القطبية الجنوبية لكي تتجمد مرة أخرى.
وقد خصص العلماء في معهد بوستدام لأبحاث أثار التغير المناخي دراسة نُشرت في مارس/ أذار 2016 للبحث في جوانب هذه الفكرة الهندسية الجيولوجية الغريبة، وتوصلوا إلى أن الماء الذي سيُضخ سيتجمد بالفعل، كما هو مُخطط، ولكن الوزن الذي سيضيفه إلى الغطاء الجليدي في القطب الجنوبي قد يؤدي إلى تسريع تدفق الجليد إلى المحيط.
كما أن تخزين الماء في صورة جليد لألف سنة سيتطلب أكثر من عُشر موارد الطاقة العالمية السنوية في الوقت الحالي لموازنة ارتفاع منسوب مياه البحر بالمعدل الحالي، ولذا، فإن هذا الحل ليس هو الحل الأمثل.
يقول ليفرمان: "إذا لم نغير من أسلوب حياتنا ونقلل من انبعاثات الكربون، فحتى هذا المشروع الضخم واسع النطاق لتخزين المياه في القارة القطبية الجنوبية، لن يكفي للحدّ من ارتفاع منسوب مياه البحر على المدى البعيد"، ولذا، ففي كل الأحوال، إذا أردنا الحفاظ على معدلات ارتفاع منسوب مياه البحر في مستويات معقولة، يجب الحدّ من انبعاثات غازات الدفيئة، بالإضافة إلى أنه من الضروري أن تستثمر البلدان مبالغ كبيرة في مجال حماية سواحلها لكيلا تغمرها المياه تدريجيًا. الأمر الذي قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، إذا أخذنا في الاعتبار أن 44 في المئة من سكان العالم يعيشون في نطاق 150 كيلومترًا من الساحل.
ولكي تستشعر مدى جسامة الموقف، فإن البشر قد واجهوا المصير نفسه في نهاية العصر الجليدي الأخير، وقد خلّف ذلك أثرًا كبيرًا، إلى حدّ أن القصص التي رويت عنه لا تزال تتناقلها الألسن حتى يومنا هذا، فقد كان منسوب مياه البحر، في ذروة العصر الجليدي الأخير، أي منذ 20 ألف سنة مضت، أقل بواقع 120 مترًا عن المنسوب الحالي، إذ كانت الصفائح الجليدية والأنهار الجليدية تختزن كميات هائلة من مياه البحر.
ومع ذوبان الجليد، أخذت البحار في الارتفاع بوتيرة متسارعة، ولم يستقر منسوب البحار إلا منذ نحو 8 آلاف سنة، وقد تراجعت حينذاك خطوط الشواطئ في بعض المناطق لمسافة تزيد عن 100 كيلومتر، ولا زال سكان أستراليا الأصليون يتناقلون أساطير الطوفان الذي حدث في هذا الوقت من جيل إلى جيل، يصفون فيها خطوط الشواطئ التي غمرتها المياه وما فقدوه من أراض كانت مخصصة لصيد الحيوانات.
وقد ابتلعت المياه أيضًا أراض أخرى قبالة سواحل بريطانيا، كانت تسمى دوغرلاند، وهي منطقة منخفضة كانت تصل بريطانيا بقارة أوروبا يومًا ما، وكانت موطنًا لألاف السكان في العصر الحجري، والتي تستقر الآن في قاع بحر الشمال والقنال الإنجليزي. إذ تسبب ارتفاع منسوب مياه البحر في غرق المستوطنات وتحويل بريطانيا إلى جزيرة، ولذا، فلا مفرّ من الاعتراف بأن التغير المناخي الذي تسبب فيه البشر، وما ينجم عنه من ارتفاع في منسوب مياه البحر، يعيد الأن رسم خطوط السواحل في العالم، كما حدث من قبل، وستتحمل الأجيال القادمة تبعات ذلك.
مستقبل الحاجز المرجاني العظيم
قال علماء أستراليون إن تحول الشعاب المرجانية إلى اللون الأبيض دمر نحو 35 في المئة من الجانب الشمالي والوسط من الحاجز المرجاني العظيم في ضربة قاصمة للموقع المصنف ضمن مواقع التراث العالمية والذي يدر دخلا حجمه خمسة مليارات دولار أسترالي (3.59 مليار دولار سنويا، وقال العلماء الأستراليون إن معدل نفوق الشعاب المرجانية سيرتفع على الأرجح فيما لا تتمكن بعض الشعاب المرجانية الباقية ونسبتها 65 في المئة من التعافي من التبيض، ويلقي التقرير بظلال من الشك على احتمالات وجود الحاجز المرجاني العظيم على المدى البعيد في ظل تغير المناخ ويقول العلماء إن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) ربما تعيد النظر في قرارها عدم ضم الحاجز المرجاني العظيم إلى قائمة المواقع التراثية المعرضة للخطر.
وقال تيري هيوز وهو مدير مركز أرك لدراسات الشعاب المرجانية في جامعة جيمس كوك بولاية كوينزلاند "قالت أستراليا إن الخصائص التي تجعل (الحاجز المرجاني العظيم) من المواقع التراثية لم يمسها ضرر. والآن بالطبع تلقت ضربة قوية"،ولم تذهب لجنة التراث العالمي التابعة ليونسكو في مايو أيار الماضي إلى حد وضع الحاجز المرجاني العظيم على قائمة للمواقع التراثية "المعرضة للخطر". بحسب رويترز.
وقال علماء أستراليون في مارس آذار إن سبعة في المئة فقط من الحاجز المرجاني العظيم لم يصبه أي ضرر نتيجة التبيض وإنهم يشعرون بخوف شديد ولاسيما فيما يتعلق بالشعاب المرجانية الشمالية، وبعد المزيد من عمليات المسح الجوي والغطس لتقييم الضرر عبر 84 من الشعاب المرجانية في المنطقة قال علماء أستراليون إن تأثير التبيض أشد مما كان متوقعا، وقال هيوز "يمثل هذا العام ثالث مرة في 18 عاما يعاني فيها الحاجز المرجاني العظيم من التبيض بسبب الاحتباس الحراري. والتجربة الراهنة هي أشد مما شهدناه من قبل"، وذكر العلماء أنه كان من الممكن أن تكون النتائج أسوأ لو لم يحمل الإعصار ونستون الذي ضرب الحاجز المرجاني في يناير كانون الثاني معه طقسا أبرد إلى الشعاب في الوسط والجنوب.
ويحدث التبيض عندما تكون المياه دافئة أكثر مما ينبغي الأمر الذي يجبر الشعاب على طرد الطحالب مما يؤدي إلى تكلسها وتحولها إلى اللون الأبيض. ويمكن للشعاب التي لم يصبها تبيض شديد أن تتعافى إذا انخفضت درجات الحرارة أما في حالات أخرى فإنها تنفق.
صناعة السلمون والمد الأحمر
قالت الحكومة في تشيلي إن فريقا من العلماء سيحدد ما إذا كان منتجو السلمون الذين ألقوا بآلاف الأطنان من الأسماك النافقة في المحيط الهادي قد ساهموا في حدوث "مد أحمر" ضخم يتسبب حاليا في متاعب للصيادين في جنوب تشيلي.
ويعد "المد الأحمر" وهو ظهور واسع النطاق لطحالب تحول مياه البحر الى اللون الأحمر ويجعل المأكولات البحرية سامة، ظاهرة شائعة ومتكررة بشكل طبيعي في جنوب تشيلي بالرغم من أن نطاق الانتشار الحالي غير مسبوق.
وبعد بدء هذا الانتشار للطحالب في منطقة لوس لاجوس، ظهر بشكل مطرد نحو الخارج وهو ما أدى الى حرمان العديد من البلدات الساحلية من مصادر رزقها. وأدى ذلك بدوره الى احتجاجات واسعة النطاق وشبكة من الحواجز أقامها الصيادون الذين يعتبرون جهود الحكومة للتخفيف من التداعيات الاقتصادية الناجمة عن هذا الانتشار للطحالب غير كافية. بحسب رويترز.
ويقول العلماء إن نمط ظاهرة النينيو المناخية التي حدثت هذا العام يرجح أن تكون عاملا رئيسيا في هذا المد الأحمر حيث أنه يزيد من درجة حرارة المحيط ويؤدي الى ظروف ملائمة لانتشار الطحالب. والى جانب هيئة الثروة السمكية في تشيلي "سيرنابيسكا" فقد رفض هؤلاء العلماء بشكل كبير وجود صلة بين القاء أسماك السلمون وانتشار الطحالب مؤخرا.
ومع ذلك يلقي العديد من الصيادين والبلدات في جنوب تشيلي باللوم في تفاقم المشكلة عن طريق القاء أطنان من اسماك السلمون النافقة في المحيط على صناعة اسماك السلمون في البلاد وهي ثاني أكبر صناعة في العالم وذلك بعد أن تسبب ازدهار للطحالب منفصل في نفوق ما يقدر بنحو 100 الف طن من الأسماك، وقال وزير الاقتصاد لويس فيليبي سيسبيدس في بيان "تم تشكيل فريق يضم خمسة مهنيين ممتازين سيتولى مهمة دراسة الصلة بين القاء اسماك السلمون وظاهرة المد الأحمر".
اقتاتوا 10 أيام على السمك النيء في بحر الصين
تمكن أربعة أشخاص علقوا في بحر الصين الجنوبي بعد تعطل قاربهم من البقاء على قيد الحياة عشرة ايام بفضل استهلاكهم السمك النيء، وكان الأربعة، وهم رجل وامرأة إسبانيان، ورجل من هونغ كونغ يدير منتجعا سياحيا وامرأة من ماليزيا في رحلة بحرية في إقليم "صباح" في ماليزيا حين وقع الحادث، وقد انقلب بهم القارب ولكنهم استطاعوا إعادته إلى وضعه الطبيعي، إلا أنهم خسروا مخزونهم من المياه العذبة والأغذية.
وحين تأخرت النجدة، بدأ الأشخاص الأربعة يقتاتون على الأسماك التي تطايرت وحطت في قاربهم، وكانوا يعتمدون في شربهم على قطرات الماء التي تكثفت على حقيبة بلاستيكية مليئة بماء البحر وضعوها في الشمس، وبعد وصول الأربعة إلى بر الأمان اكتشفوا إن الهاتف النقال لإحدى أعضاء الفريق كان محفوظا في حقيبة بلاستيكية، معزولا عن الماء، ويعمل بشكل جيد، وكان بإمكان الفريق طلب المساعدة والحصول عليها في اليوم الأول في حال ملاحظتهم الهاتف النقال، وقال أعضاء الفريق إنهم لا يلومون زميلتهم، فهي لا بد كانت تحت تأثير الصدمة ولم تنتبه لهاتفها.
وقد مرت قوارب بقرب الفريق لكنها لم تلحظهم ، بينما كانوا يحاولوا لفت انتباهها مرسلين إشارات بعكس الضوء عن زجاج هواتفهم، وقد أنقذ الفريق بعد مرور عشرة ايام حين لاحظتهم قوارب صيد فيتنامية تقوم بالصيد بشكل غير قانوني في المياه الإقليمية الماليزية، واعتنى الصيادون بهم لحين وصولهم لبر الأمان، وقال لام، المشرف على الرحلة، إنه أخذ عناوين الصيادين الفيتنامين من أجل أن يرسل لهم المكافأة التي رصدتها عائلته، والتي تتجاوز قيمتها 12 ألف دولار، لمن يساعد في إنقاذه مع فريقه.
هجمات أسماك القرش قد تسجل رقما جديدا في 2016
قال جورج بيرجس الذي يشرف على قاعدة البيانات فيما يعرف بملف هجمات أسماك القرش الدولية في جامعة فلوريدا في مقابلة أجريت قبيل عطلة يوم الذكرى التي تؤشر على البداية غير الرسمية لموسم العطلات الصيفية الأمريكي "سنشهد عضات هذا العام أكثر من العام الماضي"، وذكر بيرجس أن 2015 شهد 98 هجوما لأسماك القرش على البشر من بينها ست قاتلة، وأوضح بيرجس أن ارتفاع عدد الهجمات يعود إلى تعافي أعداد أسماك القرش من انخفاض تاريخي عانت منه في التسعينيات وكذلك زيادة أعداد سكان المعمورة مع ارتفاع درجات الحرارة الذي يدفع المزيد من الناس إلى السباحة. بحسب رويترز.
لكن الجامعة لفتت الانتباه إلى أن هجمات القرش القاتلة نادرة على الرغم من بشاعتها وقالت إن من يذهبون إلى الشواطئ يواجهون خطرا أكبر على حياتهم من الانهيارات الرملية بسبب بناة القلاع الرملية مفرطي الحماس أكثر من الخطر من هجمات القرش، وقال بيرجس إن أفلام السينما والمسلسلات عن هجمات القرش حولت الصياد إلى فريسة، وقال "كل رجل أمريكي بدماء حارة شعر أنه ملزم بصيد القروش والتي كان من السهل الإمساك بها" مشيرا إلى أن أسماك القرش يمكن اصطيادها قبالة السواحل وبقوارب صغيرة وبالتالي أصبح الأمر رائجا.
الحبار العملاق: وحش البحار الذي يبلغ طوله 27 مترا
كان البحارة يروون قصصاً عن وحش بحري ضخم أُطلق عليه اسم "كراكِن"؛ قالوا إنه يسحب الرجال من قواربهم إلى حتفهم، مُغرقاً إياهم في قاع المحيط، الآن بتنا نعلم أن الـ"كراكِن" حقيقة لا ريب فيها، لكن القصص التي تتحدث عنه، تشير في واقع الأمر إلى أحد أنواع "الحبار العملاق"، ورغم ضخامة الحيوانات من هذا النوع، لاسيما وأنها من بين أضخم الكائنات اللافقارية المعروفة، فمن المستبعد للغاية أن يكون بوسعها قتل صيادين، ومع ذلك، فلازلنا نجهل مدى ضخامة حيوانات "الحبار العملاق".
على أي حال، لا تزال حيوانات "الحبار العملاق" إحدى أكثر المخلوقات الضخمة في كوكبنا هذا غموضا، اللافت أن أول صور لـ"حبار عملاق" حي ويعيش في بيئته الطبيعية لم تُلتقط سوى عام 2004، رغم أن عمليات جنوح أنواع من حبابير ذلك النوع المعروف علميا باسم "أركيتيوتس دوكس"، والذي يُعتقد أنه الأضخم على الإطلاق من بين أنواع "الحبابير"، تعود إلى عام 1639 في أوروبا.
ويقول كريس باكستْن، عالم الإحياء بجامعة سنت أندروز الأسكتلندية في المملكة المتحدة إنه منذ الكشف عن وجود هذا النوع، تتردد الكثير من التكهنات حول أقصى حجم يمكن أن يصل إليه "حبار عملاق" ينتمي إليه.
وفي مسعى للتعرف على إجابة لهذا السؤال، راجع باكستْن كل ما كُتب بشأن العينات المعروف انتماؤها لنوع "أركيتيوتس دوكس"، وذلك في سياق دراسة تحليلية نُشرت في دورية "جورنال أوف زوولوجي" المعنية بعلم الحيوان، وتضمنت هذه المراجعة الاطلاع على تقارير تاريخية مُحقَقَة وموثقة، وكذلك على مرويات وأقاويل تتناول كلها حالات ظهور لحيوانات "الحبار العملاق"، سواء شُوهدت من على متن قوارب، أو ظهرت بقاياها وقد ألقتها الأمواج على الشواطئ، أو حتى وُجِدتْ في معدة أحد حيتان العنبر، ذاك الحوت الذي يُعتقد أنه يطارد "الرأس قدميات" العملاقة هذه ويلتهمها.
اضف تعليق