القمر أقرب جيراننا في الفضاء والمكان الوحيد خارج الأرض الذي وطئته أقدام البشر، بهاؤه يخطف الأبصار، ولولاه لما استمرت الحياة على الأرض تقريبا، ربما لذلك نحبه، يساعد وجود القمر على استقرار تذبذب كوكبنا، مما يساعد على استقرار مناخنا، يحتوي القمر على ذهب وهيليوم ومعادن نادرة فهل يحق لجهة ما إعلان سيادتها على جزء منه؟...
القمر أقرب جيراننا في الفضاء والمكان الوحيد خارج الأرض الذي وطئته أقدام البشر، بهاؤه يخطف الأبصار، ولولاه لما استمرت الحياة على الأرض تقريبا، ربما لذلك نحبه، يساعد وجود القمر على استقرار تذبذب كوكبنا، مما يساعد على استقرار مناخنا، يبلغ حجم قمرنا الوحيد ربع حجم الأرض تقريبا، وتتراوح درجة حرارته بين -173 و127 درجة مئوية، طول يومه نفس طول سنته ويبلغ 27 يوما أرضيا.
كم يبعد القمر عن الأرض؟ يدور القمر حول الأرض على مسافة متوسطة تبلغ 383 ألفا و400 كيلومتر، مما يعني أن الطيران إلى هناك على متن طائرة تجارية سيستغرق أكثر من 17 يوما دون توقف، مداره ليس دائريا تماما، ولكنه يتراوح بين 252 ألفا و225 ألفا و600 كيلومتر.
ما هي أهمية القمر؟ يجعل القمر -وهو ألمع وأكبر جسم في سماء الليل- كوكب الأرض أكثر ملاءمة للعيش من خلال تعديل تذبذب كوكبنا الأصلي حول محوره، مما يؤدي إلى مناخ مستقر نسبيا، كما أنه يسبب المد والجزر، مما يخلق إيقاعا يوجه البشر لآلاف السنين.
كيف تشكل القمر؟ في وقت مبكر من تكوين النظام الشمسي قبل حوالي 4.5 مليارات سنة كان للعديد من الكواكب الناشئة والكواكب الأولية مدارات متداخلة وغير مستقرة مما جعلها في نطاق الاصطدام، ويعتقد العلماء أن القمر تشكل خلال هذه الفترة عندما اصطدمت الأرض بجسم بحجم المريخ، ثم التحم الحطام المتبقي من الاصطدام مع بعضه لتكوين القمر.
لماذا أطلقوا عليه "القمر"؟ يطلق على قمر الأرض اسم "القمر"، لأن الناس لم يعرفوا أقمارا أخرى حتى اكتشف غاليليو غاليلي 4 أقمار تدور حول المشتري في عام 1610، ويعد قمر الأرض هو خامس أكبر قمر بين أكثر من 190 قمرا تدور حول الكواكب في نظامنا الشمسي.
كم مرة هبط الناس على القمر؟ القمر هو المكان الأول خارج الأرض الذي حاول البشر الوصول إليه مع بدء عصر الفضاء في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، وبينما تم إطلاق أكثر من 105 مركبات فضائية آلية لاستكشاف سطح القمر فإن 24 شخصا فقط سافروا إليه من الأرض، مشى منهم 12 شخصا على سطحه، وخلال هذه المهمات جمع رواد الفضاء عينات وأجروا تجارب علمية.
وكانت جميع عمليات الهبوط البشرية الست حتى الآن جزءا من برنامج "أبولو" (Apollo) التابع لناسا، والذي استمر بين عامي 1961 و1972، ومنذ ذلك الحين لم يعد أحد إلى القمر على الرغم من وجود مقترحات متكررة للعودة، وتستعد ناسا الآن لإقامة وجود دائم على سطح القمر.
يحتوي القمر على ذهب وهيليوم ومعادن نادرة فهل يحق لجهة ما إعلان سيادتها على جزء منه؟ لم تهتم القوى الكبرى بمكونات القمر؟ ويبعد 384400 كيلومتر عن الأرض ويبطئ من تذبذب ودوران الأرض حول محورها، مما يضمن وجود مناخ أكثر استقراراً، ويتسبب القمر أيضاً في حدوث مد وجزر في محيطات العالم.
والاعتقاد الحالي هو أن القمر تشكل حينما اصطدم جسم هائل بالأرض قبل 4.5 مليار سنة، ثم تجمع الحطام الناتج من الاصطدام ليشكل القمر، وتتفاوت درجة حرارة القمر، فعند تعرضه لضوء الشمس أكثر من ست ساعات يومياً ترتفع إلى 127 مئوية، بينما تهوي في الظلام إلى نحو سالب 173، ولا يوفر الغلاف الخارجي للقمر حماية للجرم السماوي من إشعاعات الشمس.
الماء، أفادت "ناسا" بأن المهمة الهندية (تشاندرايان-1) اكتشفت في 2008 وجود الماء بشكل قاطع للمرة الأولى على القمر، إذ رصدت جزيئات الهيدروكسيل منتشرة في أنحاء سطحه ومتركزة في قطبيه، والماء ضروري لحياة البشر ويمكن أيضاً أن يكون مصدراً للهيدروجين والأكسجين اللذين يستخدمان وقوداً للصواريخ.
الهيليوم هو نظير للهيليوم ويندر وجوده على الأرض، لكن "ناسا" تقول إن ثمة تقديرات بوجود مليون طن منه على القمر، وتقول وكالة الفضاء الأوروبية إنه يمكن لهذا النظير أن يوفر الطاقة النووية في مفاعلات الاندماج النووي من دون تخليف نفايات خطرة لأنه غير مشع.
معادن أرضية نادرة، وخلص بحث لشركة "بوينج" إلى وجود معادن أرضية نادرة، تستخدم في تصنيع الهواتف الذكية والحواسيب والتقنيات المتقدمة، على القمر ومنها الاسكانديوم والإتريوم والعناصر الـ15 المكونة لمجموعة اللانثانيدات في الجدول الدوري.
كيف السبيل لتعدين القمر؟ لم يتضح ذلك بعد، سيتعين إنشاء نوع ما من البنية التحتية على القمر. وستجعل الظروف على القمر الروبوتات تؤدي أغلب العمل الشاق، غير أن وجود الماء على سطحه سيسمح بوجود البشر لفترات طويلة.
علام ينص القانون؟ القانون غير واضح ومليء بالثغرات، وتنص "معاهدة المبادئ المنظمة لنشاطات الدول في ميدان استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي، بما في ذلك القمر والأجرام السماوية الأخرى" لعام 1966 على أنه لا يحق لأية دولة إعلان سيادتها على القمر أو غيره من الأجرام السماوية وأن استكشاف الفضاء ينبغي له تحقيق فائدة ومصالح جميع البلدان.
لكن محامين يقولون إن من غير الواضح ما إذا كان يحق لجهة خاصة إعلان سيادتها على جزء من القمر، وقالت مؤسسة (راند) في تدوينة العام الماضي "تعدين الفضاء خاضع لسياسات أو حوكمة قليلة الوجود نسبياً، على رغم احتمال وجود هذه المخاطر المرتفعة".
وينص "الاتفاق المنظم لأنشطة الدول على سطح القمر والأجرام السماوية الأخرى" لعام 1979 على أنه لا يجوز أن يصبح أي جزء من القمر "ملكاً لأية دولة، أو منظمة حكومة دولية أو غير حكومية، أو لأية منظمة وطنية، أو لأي كيان غير حكومي أو لأي شخص طبيعي".
ولم تصدق أي من القوى الفضائية الكبرى على الاتفاق، وأعلنت الولايات المتحدة في 2020 توقيع "اتفاقات أرتميس"، وهي مسماة على اسم برنامج ناسا للقمر (أرتميس)، للسعي إلى تعديل قانون دولي قائم للفضاء من خلال إنشاء "مناطق آمنة" على القمر، ولم تنضم روسيا والصين إلى الاتفاقات.
بعد نحو نصف قرن من الغياب... روسيا تطلق مركبة إلى القمر
أطلقت روسيا مركبة فضائية إلى سطح القمر في مهمة هي الأولى من نوعها للبلاد منذ خمسين عاما. وتسعى روسيا لتكون أول قوة تنفذ هبوطا آمنا على سطح القطب الجنوبي للقمر، وهي منطقة يعتقد أنها تحتوي على رواسب هائلة من الجليد المائي.
أطلقت روسيا صاروخ "سويوز" الذي يحمل مسبارا إلى القمر الجمعة، وفق ما أظهرت مشاهد حية، في أول مهمة من نوعها لبرنامج الفضاء الروسي لاستكشاف الجرم السماوي منذ 50 عاما، وأقلع الصاروخ الذي يحمل المسبار لونا-25 عند الساعة 02:10 صباحا بتوقيت موسكو الجمعة، (23,10 توقيت غرينتش الخميس) من قاعدة فوستوشني كوزمودروم، بحسب اللقطات الحية التي بثتها وكالة الفضاء الروسية "روسكوزموس".
ومن المقرر أن تصل المركبة الفضائية إلى مدار القمر في غضون 5 أيام، وذكرت روسكوزموس أن المركبة ستبقى في هذا المدار بين 3 و7 أيام لاختيار المكان المناسب قبل الهبوط في منطقة القطب الجنوبي للقمر، وهي منطقة يعتقد أنها تحتوي على رواسب هائلة من الجليد المائي.
وقال مصدر في روسكوزموس لوكالة الأنباء الفرنسية إن الوكالة تخطط لهبوط المسبار في حوالي 21 آب/أغسطس، وأشارت وكالة الفضاء الروسية إلى أن المركبة التي ستبقى على سطح القمر مدة عام، ستكون مهمتها "أخذ (عينات) وتحليل التربة"، وكذلك "إجراء أبحاث علمية طويلة المدى".
وهذه المهمة هي الأولى لبرنامج القمر الروسي الجديد الذي ينطلق بعدما حرمت روسكوزموس من شراكتها مع الغرب وفي حين تسعى موسكو إلى تطوير التعاون الفضائي مع الصين.
ويعد إطلاق مركبة لونا-25 أول مهمة روسية إلى القمر منذ عام 1976، عندما كان اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية رائدا في استكشاف الفضاء. لكن هذه الريادة تلاشت بسبب مشكلات في التمويل وفضائح فساد.
ووعد الرئيس فلاديمير بوتين بمواصلة برنامج الفضاء الروسي على الرغم من العقوبات الغربية، مستذكرا أن الاتحاد السوفياتي أرسل أول رجل إلى الفضاء في عام 1961، وسط تصاعد التوتر بين الشرق والغرب، ويواجه برنامج الفضاء الروسي الذي ما زال يعتمد بشكل كبير على تكنولوجيا صممت في العهد السوفياتي صعوبة في الابتكار ويعاني من نقص مزمن في التمويل، مع إعطاء موسكو الأولوية للإنفاق العسكري.
نجاح "تاريخي" في دخول مركبة هندية مدار القمر لاستكشاف قطبه الجنوبي
قالت وكالة الفضاء الهندية إن تشاندرايان-3، أحدث مهمة فضائية للهند، دخلت مدار القمر، وانطلقت المركبة الفضائية في 14 يوليو/تموز، وهي تحمل مركبة مدارية ومركبة إنزال وأخرى جوالة، مع محاولة تثبيت مركبتي الإنزال والجوالة على سطح القمر في 23 أو 24 أغسطس/آب.
وفي حالة نجاح المهمة، ستكون الهند أول دولة تهبط بالقرب من القطب الجنوبي للقمر الذي لم يُستكشف إلا قليلا، كما ستكون الرابعة التي تنجح في تحقيق هبوط سلس على سطح القمر، بعد الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق والصين، وبعد أن دارت المركبة الفضائية حول الأرض لأكثر من أسبوع، جرى إرسالها إلى المدار شبه القمري يوم الثلاثاء.
وفي يوليو/تموز من عام 2019، تم إطلاق تشاندرايان-2 التي حملت أيضا مركبة مدارية ومركبة إنزال وأخرى جوالة، لكنها حققت نجاحا جزئيا فقط. فما زالت المركبة المدارية مستمرة في الدوران حول القمر ودراسته حتى اليوم، لكن مركبتي الإنزال والجوالة فشلتا في الهبوط برفق وتحطمتا خلال عملية الهبوط.
وقال ساريدار بانيكير سومناث، رئيس منظمة أبحاث الفضاء الهندية (إيسرو)، إنهم درسوا بيانات تحطمها بعناية ونفذوا تدريبات محاكاة لتفادي الثغرات في تشاندرايان-3، التي تزن 3900 كيلوغرام، بتكلفة تقدر بـ 6.1 مليار روبية (أي ما يعادل 75 مليون دولار، أو 58 مليون جنيه إسترليني).
وتزن مركبة الإنزال (المسماة فيكرام، نسبة إلى مؤسس شركة إيسرو) حوالي 1500 كغم وتحمل داخلها المركبة الجوالة التي يبلغ وزنها 26 كغم وتسمى براغيان، وهي كلمة باللغة السنسكريتية تعني الحكمة.
وفي يوم الثلاثاء، غردت منظمة أبحاث الفضاء الهندية (إيسرو) بأن المركبة الفضائية أكملت مداراتها حول الأرض وتوجهت نحو القمر.
وجاء في البيان: "نجحت إيسرو في عملية الإطلاق عند نقطة الحضيض، ودخلت المركبة الفضائية في مدار حول القمر، ومحطتها التالية هي القمر". ونقطة الحضيض هي النقطة الأقرب إلى الأرض في مدار القمر.
والآن وبعد أن دخلت المركبة مدار القمر، سيبدأ العلماء في تقليل سرعة الصاروخ تدريجيا للوصول به إلى نقطة تسمح بهبوط فيكرام في يسر وسهولة.
وبمجرد هبوطها، ستقذف المركبة الجوالة ذات العجلات الست، لتتجول حول الصخور والحفر على سطح القمر، وتجمع البيانات والصور المهمة لإرسالها إلى الأرض من أجل تحليلها.
ويقول سومناث: "تحمل المركبة الجوالة خمس أدوات، تركز على اكتشاف الخصائص الفيزيائية لسطح القمر والغلاف الجوي القريب من السطح والنشاط التكتوني لدراسة ما يجري تحت السطح. وآمل في العثور على شيء جديد".
ولا يزال القطب الجنوبي للقمر غير مستكشَف إلى حد كبير، فمساحة سطحه التي لا تزال في الظل، أكبر بكثير من تلك المساحة الموجودة في القطب الشمالي للقمر، ويقول العلماء إن هذا يعني احتمال وجود المياه في المناطق المظللة بشكل دائم.
جدير بالذكر، أن الهند ليست الدولة الوحيدة التي تضع عينها على القمر، فهناك اهتمام عالمي متزايد به. ويقول العلماء إنه ما يزال هناك الكثير لفهمه عن القمر والذي كثيرا ما يوصف بأنه البوابة إلى الفضاء السحيق.
القمر كان نشطا جيولوجيا
كشفت نتائج دراسة علمية حديثة، لأول مرة، عن وجود تشكيل ضخم من الغرانيت بخصائص مشعة تحت سطح القمر، مما يدعم الأدلة على أن القمر كان نشطا جيولوجيا أكثر مما كان يُعتقد سابقا.
ونشرت نتائج الدراسة في الخامس من يوليو/تموز الجاري في دورية "نيتشر" (Nature) العلمية، ويعتقد الباحثون أن هذا الاكتشاف قد يغير من فهمنا للتاريخ الجيولوجي للقمر، ويفتح آفاقا جديدة لاستكشاف الفضاء والبحث عن حياة خارج كوكب الأرض في المستقبل.
على مدى عقود من الزمن، كان القمر مسرحا لاستكشاف علمي مكثف بدءا من عمليات هبوط "أبولو" المبكرة، وصولا إلى المسابير والمركبات المدارية الحديثة. وقد مكنت عملية الاستكشاف من جمع ثروة من المعلومات كشفت عن تاريخ جيولوجي معقد، يتميز بنشاط بركاني وجيولوجي قديم ما زال غير مفهوم بصفة دقيقة. لكن العلماء يعتقدون أن القمر ميت جيولوجيا في الوقت الحالي ولا تصدر منه أي علامات لنشاط داخلي.
الدراسة الجديدة التي قام بها باحثون من معهد علوم الكواكب في أريزونا (PSI) كشفت عن وجود شذوذ حراري في منطقة كومتون-بيلكوفيتش (Compton-Belkovich) البركانية الموجودة في الجانب الآخر من القمر. هذا الشذوذ، يرفع درجة حرارة هذه المنطقة إلى أكثر من 20 مرة من متوسط الحرارة في المرتفعات القمرية.
تشتهر هذه المنطقة لدى العلماء بكونها نشطة جيولوجيا، مع تركيز عال من عنصر الثوريوم المشع الذي يولد حرارة عندما يتحلل. غير أن كمية الحرارة المنبعثة من المنطقة كانت أكبر بكثير مما كان متوقعا من تحلل الثوريوم وحده.
لشرح هذا الشذوذ، قام الباحثون بدمج البيانات الحرارية مع أنواع أخرى من البيانات، مثل صور سطح القمر وقياسات التركيب الكيميائي للتربة، وتمكنوا من بناء حجة قوية لوجود شكل جديد من البراكين القمرية.
وأظهرت نتائج تحليل البيانات، وفق بيان نشر على موقع المعهد، أن الشذوذ الحراري يمكن أن يكون ناتجا عن كتلة ضخمة من الصهارة الصلبة المكونة من الغرانيت (تسمى الباثوليت)، تشكلت تحت سطح القمر نتيجة لنشاط بركاني حدث قبل حوالي 3.5 مليارات عام في هذه المنطقة.
ويؤكد الباحثون أن الحرارة التي تم التقاطها بواسطة أجهزة القياس لا تنتج عن حمم منصهرة، لكنها تأتي من العناصر المشعة الموجودة في صخور الصهارة المتصلبة. والنوع الوحيد من الصخور الذي يحتوي على ما يكفي من تلك العناصر المشعة هو الغرانيت.
على الأرض، تعتبر تشكلات الصهارة من هذا النوع شائعة جدا، وتتشكل عندما تتراكم كميات كبيرة من الصهارة في قشرة الأرض وتتصلب ببطء، مما يؤدي إلى تكوين كتل ضخمة من الصخور النارية. لكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها اكتشاف الغرانيت على سطح القمر وبحجم غير متوقع، حيث بلغ قطر هذا الخزان الصخري نحو 50 كيلومترا.
كيف تتشكل البراكين على القمر؟ ورغم أنه لا يوجد على سطح القمر صفائح تكتونية مثل تلك الموجودة على الأرض وتتسبب في أنشطة وبركانية، فإن الباحثين يعتقدون أن البراكين لها دور رئيسي في تشكيل سطح القمر.
وقد أظهرت دراسات سابقة أن القمر، الذي تشكل على الأرجح إثر اصطدام الأرض بجرم بحجم المريخ قبل 4.5 مليارات عام، كان في الأصل مغطى بمحيط هائل من الصخور المنصهرة على عمق 400 كيلومتر تقريبا.
ولكن نظرا لصغر حجم القمر وعدم وجود غلاف جوي حوله، فقد برد محيط الصهارة بسرعة بعد أن طفت المعادن الأخف على السطح مكونة القشرة الخارجية، وغرقت المعادن الثقيلة مثل الحديد مشكلة الوشاح العلوي للقمر. وقد أدى هذا التمايز بين القشرة والوشاح إلى موجة من النشاط البركاني منذ نحو 3 إلى 4 مليارات سنة.
كانت هذه الانفجارات البركانية قوية جدا لدرجة أنها تمكنت من اختراق القشرة القمرية، مما سمح للحمم البركانية بالانتشار على مساحات واسعة. وقد تجمدت هذه الحمم البركانية بمرور الوقت، لتشكل سهول البازلت الشاسعة التي نراها اليوم. وتوفر هذه البرك تباينا صارخا مع المرتفعات القمرية القديمة، المليئة بالحفر.
هل ما زال القمر نشطا جيولوجيا؟ رغم الأدلة على هذا النشاط البركاني السابق، فإن معظم العلماء اعتقدوا أن القمر ميت جيولوجيا، مما يعني أنه فقد الحرارة الداخلية اللازمة لتغذية النشاط البركاني. لذلك، فإن اكتشاف هذا الشذوذ الحراري يثير احتمال أن تكون البراكين القمرية عملية نشطة وليست ظاهرة تنحصر في التاريخ الجيولوجي القديم، وفق موقع "ترست ماي ساينس" (Trust My Science) العلمي.
وإذا كان النشاط البركاني للقمر ما زال مستمرا، فإن ذلك يثير تساؤلات عن عديد من الافتراضات بشأن تشكل القمر وتطوره وتركيبة بنيته الداخلية. وقد تكون لهذه الملاحظة آثار كبيرة على البحث عن حياة خارج كوكب الأرض.
فوجود نشاط جيولوجي قد يؤدي إلى خلق ظروف مواتية لظهور أشكال معينة من الحياة. كما يمكن للنشاط البركاني أن يطلق مركبات كيميائية ضرورية للحياة أو يوفر الحرارة اللازمة لاستمرار الحياة في البيئات الباردة والمتطرفة.
300 مليار طن من المياه مخزنة في الحبيبات الزجاجية على سطح القمر
يعتقد باحثون أن حبات الزجاج الصغيرة على سطح القمر، التي تشكلت من تأثيرات اصطدام جماعي للنيازك على فترات زمنية طويلة، قد تحتوي على كميات من المياه المختزنة في صورة تشبه صورة المياه المختزنة في الحالة الجليدية قرب قطبي القمر.
كان الاعتقاد السائد لدى العلماء أن تربة القمر جافة، لكن تحليل العينات المأخوذة من بعثة "تشانغ إي-5" (Chang’e-5) الصينية، أشار إلى أن تربة القمر تحتوي على كمية من المياه المشتقة من الرياح الشمسية أكبر مما كان يعتقد سابقا، وفقا لنتائج الدراسة التي نشرت يوم 27 مارس/آذار الجاري في دورية "نيتشر جيوساينس" (Nature Geoscience).
وقال المؤلف المشارك في الدراسة "هيو هوي"، الباحث في كلية الهندسة وعلوم الأرض بجامعة نانجيغ الصينية، إنه جرت دراسة الحبات الزجاجية التي تشكلت في أعقاب الحرارة الشديدة للنيازك التي تصطدم بسطح القمر، باستخدام المجاهر والتحليل الطيفي.
ووجد الفريق أنها تحتوي على ماء له نفس نظائر الهيدروجين -ذرات من العنصر نفسه تختلف حسب عدد النيوترونات التي تحتويها- مثل تلك الموجودة في الجسيمات المشحونة التي تقذفها الشمس.
وقد أظهرت الأبحاث السابقة أن هذه الحبيبات يمكن أن تحتوي على الأكسجين، لذلك يشتبه الباحثون في أن الهيدروجين القادم من الشمس يتحد مع هذا الأكسجين لتكوين الماء.
وأضاف "هيوي" في تصريح للجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني أنه نظرا لعدم وجود غلاف جوي يحميه، يتعرض القمر باستمرار لضربات النيازك، مما يعني أن هذه الكريات الزجاجية تتمكن من الانتشار عبر سطحه.
ويقدر الفريق أنه يمكن أن يكون هناك حوالي 300 مليار طن من المياه مخزنة بداخل هذه الكريات، وهي كمية مشابهة لكمية الجليد المائي على القمر في الحفر المظللة بشكل دائم قرب قطبي القمر، ومن المحتمل أن يكون الوصول إليها أسهل بكثير في المستقبل.
وتتسم حبات الزجاج بأن لها تركيبات كيميائية متجانسة وأسطحا مكشوفة ناعمة، وهي تتميز بوفرة المياه التي تصل إلى حوالي 2000 ميكروغرام في كل حبة.
ويعكس الارتباط السلبي بين وفرة الماء وتركيب نظائر الهيدروجين حقيقة أن الماء في حبات الزجاج يأتي من الرياح الشمسية، وفقا للبيان الصحفي المنشور على موقع "يوريك ألرت" (EurekAlert).
ويشير المؤلف المشارك في الدراسة أن هذه الحبيبات الزجاجية أظهرت أيضا أدلة على فقد الماء قرب حافتها، حتى في درجات الحرارة المنخفضة نسبيا للقمر، وهو ما يمثل خبرا سارا لرواد الفضاء، لأنه يعني أن هذه الكتل يمكن أن تتفكك عن طريق درجة حرارة القمر نفسه.
ويؤكد "هيوي" أن العثور على نظائر الهيدروجين، وبالتالي الماء، في هذه الكرات الزجاجية مرتفع بشكل ملحوظ، وأضاف أن الكرات الناتجة عن الاصطدام متوفرة بكثرة على القمر، وكذلك في العديد من الأجرام السماوية الأخرى، لذلك فمن المحتمل أن تكون وسيلة رئيسية لتخزين المياه عبر نظامنا الشمسي.
وأشارت دراسة سابقة نشرت في دورية "نيتشر جيوساينس" في عام 2019 إلى أن تأثير ارتطام النيازك الصغيرة بسطح القمر يتسبب في إطلاق أطنان من المياه المختزنة في تربة القمر منذ مدة طويلة.
ووفقا للدراسة فإن ارتطامات نيزكية هي التي تتسبب في إطلاق المياه من طبقة الثرى "Regolith" التي تغطي الصخور الصلبة على الأرض والقمر والمريخ وبعض الكويكبات والكواكب الأرضية والأقمار الأخرى.
ويقترح المؤلفون أن المياه المختزنة في الحبات الزجاجية يمكن أن تمثل مصدرا مائيا محتملا لاستكشاف القمر في المستقبل يسهل استخراجه نسبيا، ويتوقع المؤلفون أن العالم سيصل إلى مرحلة تمكننا من تحصيل هذه المياه عن طريق رحلات القمر المستقبلية، واستغلالها في الاستخدامات الأرضية.
نجاح زراعة نبات في تربة مجلوبة من القمر
في خطوة متقدمة نحو الأمن الغذائي في الفضاء، تمكن علماء من زرع نباتات في تربة مأخوذة من سطح القمر بنجاح ما يعزز آمال الحلم الذي يراود الكثيرين بإمكانية العيش في الفضاء وجعله حقيقة في يوم من الأيام.
أظهرت دراسة نشرت في مجلة "Communications Biology" أن باحثون من جامعة فلوريدا تمكنوا للمرة الأولى من زرع نباتات في بضع غرامات من تربة مأخوذة من القمر، أحضرها قبل عقود رواد فضاء تابعون لبرنامج "أبولو".
ويعزز هذا النجاح الآمال في أن يصبح من الممكن يوما ما زرع نباتات على القمر مباشرة، ما سيوفر على المستكشفين المستقبليين كمية كبيرة من الأدوات الباهظة الثمن لأخذها في رحلاتهم الفضائية الأطول والأبعد.
وبصرف النظر عن توفير الأمن الغذائي في الفضاء فإن لهذا البحث فوائد أخرى محتملة قد تساعد أيضا رواد الفضاء على تنقية الهواء وإزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي وإنتاج مياه نظيفة وتطوير مصادر غذاء خاصة برواد الفضاء المستقبليين الذين سيعيشون في الفضاء.
واستخدم الباحثون خلال دراستهم بذور نبات أرابيدوبسيس (حب الرشاد) جمعت من أماكن مختلفة على القمر خلال ثلاث رحلات منفصلة لأبولو منذ حوالي 50 عاما: أبولو 11 و12 (1969) وأبولو 17 (1972). ووضعوا في أوان صغيرة جدا نحو غرام من التربة وأضافوا إليها الماء ثم البذور، وكانوا يضيفون بشكل يومي محلولا مغذيا.
في الوقت نفسه، زرعت بذور في رماد بركاني، وهي مادة تشبه تربة القمر، تحاكي تربة القمر والمريخ، وذلك بهدف استخدامها للمقارنة مع البذور المزروعة في تربة القمر. وبعد أقل من 48 ساعة، رأى العلماء نموا في كلا المجموعتين، لكنهم لاحظوا بعد بضعة أيام أن النباتات المزروعة في التربة القمرية تنمو بشكل أبطأ وتذبل تحت الضغط.
وقال روب فيرل، الذي شارك في وضع الدراسة، إنه رغم ذبول النبات، إلا أن التجربة تشكل "بداية نجاح مهم" في هذا المضمار، مضيفاً أن هذه الدراسة مهمة لأهداف ناسا الاستكشافية البشرية الطويلة الأمد ومساعدة رواد الفضاء في المهمات القمرية على زراعة طعامهم وتقليل الحاجة إلى الإمدادات المتكررة من الأرض. مع العلم أنه لا يزال يتعين القيام بأبحاث وأعمال كثيرة قبل التوصل إلى الزرع على القمر.
الصين تطلق سفينة مأهولة إلى محطتها الفضائية.. ما الهدف؟
أطلقت الصين سفينة الفضاء المأهولة "شنتشو-16" حاملة ثلاثة رواد فضاء إلى محطتها الفضائية في مهمة تستغرق خمسة أشهر وتشمل إجراء اختبارات وتجارب واسعة النطاق في المدار في مختلف المجالات.
قالت وسائل إعلام صينية رسمية إن بكين أرسلت اليوم الثلاثاء (30 أيار/مايو 2023) ثلاثة رواد فضاء إلى محطتها الفضائية التي أصبحت تعمل بكامل طاقتها الآن، وذلك ضمن تناوب الطواقم في خامس مهمة مأهولة إلى المحطة منذ 2021.
وانطلقت سفينة الفضاء المأهولة (شنتشو-16) عند الساعة التاسعة و31 دقيقة صباحاً بالتوقيت المحلي (0131 بتوقيت غرينتش) حاملة رواد الفضاء الثلاثة على متن صاروخ من طراز (لونج مارش-2إف) من مركز جيوتشيوان لإطلاق الأقمار الصناعية في صحراء جوبي في شمال غرب الصين.
وتشكّل المهمة تجربة ثمينة للعملاق الآسيوي الذي أعاد الاثنين التأكيد أنه سيرسل صينياً إلى القمر بحلول العام 2030 وهو من الأهداف الرئيسية في البرنامج الفضائي الصيني الذي يتقدم بانتظام في العقود الأخيرة في محاولة للحاق بواشنطن وموسكو في سباق الفضاء.
وسيحل رواد الفضاء على السفينة (شنتشو-16) محل الطاقم المؤلف من ثلاثة رواد على متن السفينة (شنتشو-15) التي وصلت إلى المحطة الفضائية أواخر تشرين الثاني/نوفمبر.
واستُكمِل العمل في إنشاء المحطة، التي تتكون من ثلاث وحدات، في نهاية العام الماضي بعد 11 مهمة مأهولة وغير مأهولة أُرسلت إليها منذ نيسان/أبريل 2021.
ويقود الطاقم الجديد جينغ هاي بنغ (56 عاماً)، وهو قائد مركبة فضائية ومن المجموعة الأولى من المتدربين في أواخر تسعينيات القرن الماضي. وصعد جينغ إلى الفضاء ثلاث مرات، منها مرتان صعد فيهما بصفته قائد المهمة.
وانطلق جينغ على متن السفينة الفضائية مصحوباً بزميليه تشو يانغ تشو وقوي هاي تشاو، وكلاهما يبلغ من العمر 36 عاماً، ويصعدان في أول مهمة لهما إلى الفضاء، ويُنتظر أن تطلق بكين مهمة أخرى مأهولة إلى الموقع المداري هذا العام. ومن المزمع أيضا أن تطلق تلسكوباً فضائياً جديداً بحجم حافلة بحلول نهاية 2023.
اضف تعليق