تعاني المرأة في السعودية الكثير من الظلم والحرمان وهيمنة على حقوقها في التعليم والزواج والسفر والعمل, فهي مصابة بشلل تام في مجتمع ذكوري بامتياز بسبب القوانين والقيود التي تحد من حريتها وحقوقها, حتى انها لا تستطيع ممارسة ابسط حقوقها الا بموافقة ولي الأمر الذي في الأغلب يكون الأب أو الزوج وربما الابن, وهذا كله يعود الى الفتاوى التعسفية المطروحة من قبل رجال الدين السعوديين والتي تطبق بشكل صارم وتفرض قيودا واسعة على النساء وايضا يعود السبب الى الموروث الثقافي القاسي في المملكة العربية السعودية، والذي مازال يتعامل مع وئد البنات في الامور والاعراف التي يفرضها عليها من خلال اجبارها على كل شيء تقريبا, وتواجه ايضا الكثير من الصعوبات والامور الشائكة التي تعرقل سير عملها حتى انها لا تستطيع استئجار عقار الا بوجود احد اقاربها من الرجال.

فعند الحديث عن المرأة السعودية لن تجد سوى التعسف والحرمان من ابسط حقوقها فهي لا تزال أسيرة نظام ولاية الرجل رغم الإصلاحات, الامر الذي جعل من النساء السعوديات الاعتراض على هذا الواقع المظلم حيث تقدمن للمطالبة بإنهاء نظام ولاية الرجل ووقع كثير من النساء على العريضة مع ذكر اسمائهم كاملة بينما وقع العدد الأكبر عليها دون ذكر تفاصيل عن أنفسهن، وهي ايضا المحرومة من قيادة السيارة، حيث تعتبر المملكة هي البلد الوحيد في العالم الذي يرفض قيادة المرأة للسيارات رغم أن عددا متزايدا من الشخصيات العامة والناشطين يحاولون الضغط على الحكومة من أجل إلغاء هذا الإجراء ولكن السلطات السعودية اتخذت موقفا متشددا من كل محاولات الاحتجاج أو المعارضة في هذا الامر.

برغم ما ورد من انتهاكات لحقوق المرأة في السعودية الا ان هنالك ضوء اخر للنفق ولو كان ذلك الضوء ضعيف, فكسرت المرأة السعودية سلاسل القيود والاحكام المعقدة حيث بدأت النساء السعوديات تحصد ثمار التطور الحضاري والثقافي, وذلك من خلال تخفيف بعض القيود المفروضة عليها والحصول على بعض من حقوقها وإن كانت لا تزال تحتاج المزيد في ظل ما تتمتع به من قدرات كبيرة وذلك من خلال مشاركتهن في الانتخابات البلدية وايضا عين عدد منهن في مجلس الشورى وتعتبر هذه عملية تحول كبيرة في المملكة، الا ان بعض المراقبين يرون ان هذه العملية استحقاق ظاهري.

قيادة المرأة للسيارة بين الرفض والقبول

تفرض الحكومة السعودية الكثير من القيود الواسعة والاحكام المعقدة على المرأة بسبب تعسف وتعصب فتاوي رجال الدين السعوديين وقضية قيادة النساء للسيارة من ضمن هذه الامور المتنازع عليها وقد لاقت الكثير من الاصداء والتصريحات وانقسم الشارع السعودي بين القبول والرفض وبين التساؤل عن سبب رفض مجلس الشورى السعودي النظر في اقتراح حول السماح للنساء بقيادة السيارات، وقال عضو في المجلس الذي رفض الكشف عن هويته ان احد اعضاء مجلس الشورى تقدم بالاقتراح خلال اجتماع للمجلس.

وتابع المصدر لوكالة فرنس برس ان الاقتراح كان بعنوان "ما هي الصعوبات في حال بدأن القيادة؟ ما هو المطلوب للسماح لهن بالقيادة؟"، الا ان الاقتراح لم يحصل على نسبة التأييد المطلوبة والبالغة 50% زائد واحد بين اعضاء المجلس البالغ عددهم 150 شخصا من بينهم 30 امرأة، ويقول ناشطون ان قيادة النساء للسيارات لا تعد مخالفة للقانون تقنيا لكن الحظر مرتبط بالأعراف والتقاليد، وبالرغم من أن الحكومة لا تشترط حصول المرأة على تصريح من ولي الأمر لتعمل, ولكنها أيضا لا تعاقب أصحاب الأعمال الذين يفرضون هذا التصريح, رغم أن هذا الشرط لا يُطبق دائما.

وشددت وزارة الداخلية السعودية الوزارة في بيان حظر المملكة على قيادة النساء للسيارات, الذي نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية على تطبيق الأنظمة بحزم بحق كل من يساهم وبأي أسلوب في أي أعمال أو أفعال تؤدي إلى توفير الفرصة للمتربصين للنيل من اللحمة الاجتماعية ببث الفرقة وتصنيف المجتمع.

توقيف فتاة بسبب قيادتها للسيارة

حازت قضية اعتقال الناشطتين السعوديتين في نوفمبر/2014 اهتماما عالميا. فقد اهتمت المنظمات الحقوقية والمواقع الالكترونية في هذه الحادثة وهي احتجاز الحكومة السعودية لفتاة فقط لأنها حاولت دخول المملكة وهي تقود سيارتها من الإمارات المجاورة, حيث اهتمت منظمة العفو الدولية بهذا الامر واشارت في بيان الى تمديد فترة توقيف الناشطتين لجين الهذلول وميساء العمودي "25 يوما اضافيا". وقال مساعد مدير المنظمة في الشرق الاوسط والتي مقرها في لندن سعيد بومدوحة ان "سجن امرأة فقط لأنها كانت تقود سيارة غير منطقي على الاطلاق".

ولم تعلق الداخلية السعودية على الموضوع ورفض اقارب الناشطتين الادلاء باي تصريح .

وكانت الهذلول (25 عاما) قادمة من دولة الامارات اوقفت في المنطقة الشرقية بعد ان حاولت دخول المملكة في سيارتها.

واعتقلت الصحافية العمودي (33 عاما) ومقرها دبي بعد ان توجهت الى المركز الحدودي لمساندة مواطنتها، وتم توقيف نساء اخريات وضبط سياراتهن لكن احتجاز الشابتين لهذا السبب هو من الاطول في تاريخ السعودية كما افادت ناشطات لوكالة فرانس برس.

وايضا صرح ناشط طلب عدم الكشف عن هويته أن الهذلول تحتجز في سجن في المنطقة الشرقية، إلا أنه لم تتضح التهم الموجهة إليها، بينما تحتجز العامودي في سجن آخر في المنطقة الشرقية. وقال إنه "تمت مصادرة هواتفهما، وحجز سيارتيهما".

وفي السياق نفسه قامت السلطات السعودية بغلق الموقع الالكتروني لمركز الخليج لحقوق الانسان وذلك لأنه تم الابلاغ عن قضية الناشطة لجين الهذول التي حاولت تحدي الحظر المفروض على قيادة النساء للسيارة في هذا البلد. واطلق الموقع عريضة تطالب بالإفراج عن الهذلول والعمودي. وعند محاولة الدخول إلى الموقع في السعودية تظهر عبارة "عذرا الصفحة المطلوبة غير متوفرة".

وقال المركز لموقع فرانس برس ان اعتقال الفتاتين هو "استمرار لسياسة ممنهجة من قبل السلطات السعودية في توجيه المضايقات ضد الناشطات المطالبات بحق قيادة السيارة للنساء في المملكة حيث سبق وأن تعرضت العديد من ناشطات الحملة للإيقاف وحجز السيارة".

وقال المركز إنه "يستنكر قيام السلطات السعودية بحجب موقعه الإلكتروني من على شبكة الإنترنت ويعتبر ذلك شكلا من أنماط القمع والترهيب والتخويف التي يجري استخدامها بإصرار في المملكة هذه الأيام. إلا أنه اعتبر أن ذلك يأتي في وقت يتعرض فيه مدافعو حقوق الإنسان لشتى أنواع المضايقات ومنها الاعتقالات الكيفية, والسجن التعسفي والمحاكمات الجائرة التي تفتقد الإجراءات القانونية والحد الأدنى من المقاييس الدولية المستخدمة في المحاكمة العادلة.

اسقاط ولاية الرجل

من ضمن المضايقات والقوانين الصارمة التي تتعرض لها المرأة السعودية من قبل الحكومة هي انها تحتاج إلى تصريح من ولي أمرها - سواء كان أبوها أو زوجها أو ابنها - بكل امر قانوني يخصها, حيث لاتتمتع بصلاحية السفر الى الخارج او استئجار شقة او رفع دعاوي قضائية وغيرها من هذه الشاكلة الا بموافقة ولي الامر, وايضا لا تستطيع المرأة الدراسة في الخارج، بمنحة من الحكومة دون محرم يرافقها. الامر الذي اثار غضب 14 الف امرأة سعودية وجعلهن يوقعن على عريضة للحكومة السعودية للمطالبة بإنهاء نظام ولاية الرجل على المرأة في البلاد وتقييد الولاية المطلقة له واتخاذ ما يلزم لحماية حقوقها.

وقالت الناشطة عزيزه اليوسف لوكالة فرانس برس ان "ناشطات حقوقيات رفعن بمناسبة اليوم العالمي للمرأة خطابا الى مجلس الشورى يطلب الغاء نظام الولاية المطلقة على المرأة، واتخاذ التدابير اللازمة لحماية حقوقها".

واضافت اليوسف "المرأة التي قضت عقوبتها في السجن وحان وقت تسريحها لا تستطيع الخروج الا بحضور محرم والا فسيتم نقلها الى دور الرعاية الاجتماعية"، ورات الحقوقية البارزة ان "ولاية الرجل محصورة في الزواج" بحسب الدين، واكدت ان ما "يطبق على المرأة اليوم من اشتراطات الحصول على موافقة محرم هو قوانين لا علاقة بالدين".

وفي السياق نفسه اصدرت منظمة هيومان رايتس ووتش تقريرا عن جميع الحواجز الرسمية وغير الرسمية التي تواجهها المرأة السعودية عندما تحاول اتخاذ قرارات أو القيام بأعمال دون حضور أو موافقة أحد أقاربها.

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش: إن القوانين السعودية التي تتطلب من المرأة أن يكون لها ولي أمر ذكر قد تم تعديلها في السنوات الأخيرة لكنها لا تزال تفرض قيودا عليها وتعرضها للخطر مما يعرقل خطط الحكومة لإصلاح الاقتصاد.

من جانبه انتقد مسؤول حقوقي بالحكومة السعودية هذا التقرير وقال إن نظام ولاية الرجل هدفه حماية المرأة ومساعدتها كما أنه لا يفرض عليها قيودا للدرجة التي صورها التقرير، وذكر التقرير الصادر بعنوان "كمن يعيش في صندوق: المرأة ونظام ولاية الرجل في السعودية" أن "السعودية نفذت سلسلة من التغييرات المحدودة على امتداد أكثر من عشر سنوات لتخفيف القيود المفروضة على المرأة" حيث على سبيل المثال لم تعد المرأة في حاجة للحصول على تصريح من ولي الأمر للعمل، وقال مفلح القحطاني رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية لرويترز إن هذا التقرير يخلط بين تقاليد المجتمع السعودي وسياسة المملكة التي تحرص على تحسين وضع المرأة.

كابوس دائم

جرت منظمة رايتس ووتش مقابلات مع عشرات من النساء السعوديات اللاتي اتفقن على أن حياتهن خاضعة لولاية الرجل في حالات السعي للحصول على جواز سفر والسفر للخارج والزواج والإجراءات القضائية والحصول على خدمات صحية.

ونقل التقرير عن زهرة (25 سنة) التي لم يسمح لها والدها بالدراسة في الخارج قولها "كلما قال لي أحدهم إنه علي أن يكون لدي خطة لخمس سنوات أقول لهم لا أستطيع. سيكون لدي خطة ثم والدي لن يوافق. لماذا الخطة إذا؟"

وقالت أخرى تدعى تالا إن أصدقاء أو أقارب لها سعين للزواج للهروب من آباء أو أشقاء قاسين أو محافظين أو يسيئون معاملتهن.

وأضافت تالا "أن نظام ولاية الرجل كابوس دائم. أنا لا أرغب في الزواج لأنني لا أريد أن أكون تحت سيطرة غريب هذا النظام شبيه بالعبودية"، وفي السياق نفسه تحدثت احدى النشطات السعودية عن رفض ادارة جامعة الامام (محمد بن سعود) دخول فريق اسعاف لمساعدة حامل فاجأها المخاض وذلك لعدم وجود ولي امرها وبالتالي اضطرت الى التوليد في الجامعة".

احتجاج سعودي على خطوات "التغريب" الاصلاحية

ان ادخال مادة التربية البدنية في مدارس البنات ادى الى امتعاض الشارع السعودي واحتجاجه ووصفوا هذا الاجراء بأنه احدى خطوات التغريب حيث ان مجموعة من المواطنين المحافظين نظموا احتجاجا خارج الديوان الملكي بالرياض ضد الاصلاحات الاجتماعية او ماوصفوها ب(التغريب).

ونشرت الطبعة السعودية من صحيفة الحياة اليومية صورة لعشرات الرجال وهم في طريقهم للديوان الملكي حيث مقر الحكومة وصورة أخرى لهم وهم يجلسون على العشب خارج الديوان في مظاهرة ضد الاصلاحات الاجتماعية.

كما وأوصى مجلس الشورى السعودي وهو مجلس استشاري الحكومة بالسماح بأدراج مادة التربية البدنية في مدارس البنات الحكومية وهو أمر عارضه الكثير من المحافظين لفترة طويلة. ومعظم مناهج مدارس البنات الخاصة تشمل التربية البدنية.

وايضا يخشى ائمة كبار ومحافظون واتباعهم من ان تفقد المملكة قيمها الاسلامية أمام الأفكار الغربية، ونقلت الصحيفة عن أحد المحتجين قوله إنهم قدموا لمقابلة المسؤولين والتحدث معهم حول بعض القرارات التي تعتبر خطوة أولى باتجاه ما سماه بالتغريب خاصة إضافة مادة التربية البدنية للبنات.

وأجرت المملكة اصلاحات تدريجية على مدى العشر سنوات الماضية لمنح المرأة دورا أكبر في المجتمع وتشجيع سلوك أكثر تسامحا مع العقائد الأخرى.

وتحظر السعودية كل أشكال الاحتجاج وقالت وكالة الأنباء السعودية إن محكمة قضت بالسجن ست سنوات على ناشط لم تذكر اسمه لإدانته بتهم من بينها المشاركة في مظاهرات غير قانونية وتنظيم احتجاجات نسائية.

ظهور زوجة رجل دين سعودي مكشوفة الوجه يثير ضجة

تحدى رجل الدين السعودي المعروف أحمد الغامدي التقاليد والاعراف الصارمة في السعودية وذلك من خلال ظهور زوجته معه في برنامج تلفزيوني ولم ترتدي النقاب اثارت هذه الحادثة ردود فعل على مواقع التواصل الاجتماعي، انقسمت بين مؤيد ومندد في مجتمع نادرا ما تكشف فيه النساء عن وجوههن أمام العامة وذلك بموجب التقاليد الصارمة المعتمدة في المملكة المحافظة جدا. هذا وقد اثار الغامدي الجدل بعدة مناسبات سابقة بقوله بأن الإسلام لا يفرض على المرأة أن تغطي وجهها.

وظهرت زوجته جواهر بنت علي لابسة نظارات شمسية عصرية وكانت تضع مكياجا خفيفا وطلاء أظافر، إلا أنها كانت تلبس العباءة السوداء والحجاب، وقالت جواهر من خلال البرنامج "الأولاد يشتكون من مدرسين يناقشون لماذا أبوكم أفتى هكذا وهكذا.

والغامدي الذي كان مديرا لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مكة المكرمة اعتبر أن النقاب ليس من الإسلام كما رأى أنه يمكن للمرأة أن تضع المكياج، وقال للبرنامج الذي تقدمه الكاتبة بدرية البشر "النبي لم يأمر المرأة بأن تغطي وجهها ما على الوجه والكفين من زينة جائز إبداؤه"، ورد مفتي السعودية على الغامدي بدعوته إلى التوبة.

وقال بحسبما نقل عنه موقع سبق الإخباري "رسالتي للشيخ الغامدي أن يتقى الله ويخافه، وأطالبه بأن يتوب إلى الله، وأن يتراجع عن خطئه قبل أن يلقى الله على حاله السيئة"، واشتعلت مواقع الاتصال الاجتماعي ومنها تويتر بالتعليقات المنددة أو المؤيدة للغامدي ولظهور زوجته مكشوفة الوجه، وكتب أحد المغردين "افرح الآن ما في جوال بالعالم إلا وصورة زوجتك فيه، فمنهم من يقول جميلة ومنهم من يقول؟"، إلا أن كثيرين هبوا للدفاع عن الغامدي وآرائه، وكتب أحد المغردين "قذفوه لكشف وجه زوجته وخرسوا مع الوليد"، في إشارة إلى زوجة الأمير الملياردير الوليد بن طلال المعروفة بأناقتها وظهروها من دون عباءة أو حجاب.

اضف تعليق