q

أزمة المهاجرين واللاجئين الذين يحاولون الوصول الى الدول الاوروبية، في تفاقم مستمر بسبب المخاطر والمشكلات الكبيرة التي يتعرض لها المهاجرين، خلال رحلتهم إلى أوروبا وغيرها من الدول الاخرى، التي سعت وفي ظل تزايد اعداد المهاجرين واللاجئين الى تشديد اجراءاتها الامنية والقانونية من اجل السيطرة على حدودها الادارية، خصوصا بعد تزايد الهجمات والعمليات الارهابية في العديد من الدول، الامر الذي اسهم في ازدياد معاناة المهاجرين ودفعهم الى اتخاذ قرارات وطرق اخرى محفوف بالكثير من المخاطر، وبحسب تقارير المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، فان أكثر من عشرة الاف مهاجر قضوا في البحر المتوسط منذ العام 2014 خلال محاولتهم الوصول الى اوروبا.

كما أعلنت المفوضية العليا للاجئين أن أكثر من 300 ألف مهاجر ولاجئ عبروا المتوسط الى أوروبا في 2016، محذرة بأن هذا العام قد يكون السنة التي يسجل فيها اكبر عدد من القتلى في حال استمرت حوادث الغرق بالوتيرة الحالية. وقال وليام سبيندلر المتحدث باسم المفوضية التابعة للأمم المتحدة في تصريح صحافي في جنيف إن "عدد اللاجئين والمهاجرين الذين وصلوا السواحل الأوروبية تجاوز اليوم عتبة الـ300 ألف شخص".

وهذا العدد أقل بكثير من أعداد الوافدين المسجل في الأشهر التسعة الأولى من العام 2015 (520 ألفا)، لكنه يبقى أعلى من الرقم المسجل لكامل العام 2014. وبالرغم من أن عدد اللاجئين لهذه السنة أدنى بكثير من حصيلة 2015 (-42%)، إلا أن المفوضية لفتت إلى أن عدد القتلى لا يقل عن حصيلة العام الماضي سوى بفارق ضئيل (-15%). وبلغ العدد الإجمالي للقتلى والمفقودين 1211 شخصا. وقال المتحدث "مع هذه النسبة، ستكون 2016 السنة التي يسجل فيها اكبر عدد من القتلى في البحر المتوسط".

ويسعى المهاجرون واللاجئون الذين يعبرون المتوسط جميعهم تقريبا للوصول إلى اليونان وإيطاليا. وبحسب المفوضية، فإن حوالى 48% من الوافدين إلى اليونان سوريون، و25% منهم قادمون من أفغانستان و15% من العراق و4% من باكستان و3% من إيران. أما الذين يقصدون إيطاليا، فبينهم 20% من نيجيريا و12% من أريتريا و7% من السودان و7% من غامبيا و7% من غينيا و7% من ساحل العاج. وتواصل توافد المهاجرين إلى إيطاليا هذه السنة بوتيرة شبه مستقرة (حوالى 130 ألفا مقابل 132 ألفا العام الماضي). لكن سبيندلر لفت إلى أن "الذين يصلون إلى إيطاليا يبقون في هذا البلد بأعداد أكبر" ما أدى إلى ارتفاع عدد طالبي اللجوء في هذا البلد الى الضعف.

من جهة أخرى، أدى الاتفاق الموقع في آذار/مارس بين الاتحاد الأوروبي وتركيا إلى تراجع عدد الوافدين إلى الجزر اليونانية في شرق بحر إيجه، القريبة من السواحل التركية، بعدما ارتفعت إلى عدة آلاف في اليوم خلال صيف 2015، حين كانت أوروبا تستقبل المهاجرين الفارين من النزاعات والفقر ولا سيما السوريين منهم. أما بالنسبة لخطة اعادة توزيع المهاجرين التي أقرت في أيلول/سبتمبر 2015، والتي تشمل 160 ألف طالب لجوء وصلوا إلى اليونان وإيطاليا، فأعلنت المفوضية العليا للاجئين أن خمسة الاف فقط أعيد توزيعهم على بلدان الاتحاد الأوروبي الـ28، مبدية أسفها لهذا العدد الضئيل.

ايطاليا وليبيا

في السياق ذاته حذر مبعوث الامم المتحدة الى ليبيا مارتن كوبلر من ان هناك حوالى 235 الف مهاجر في ليبيا مستعدون للتوجه الى ايطاليا عندما تسنح لهم الفرصة. وقال كوبلر في المقابلة التي نشرتها صحيفة "لاستامبا" الايطالية انه "على لوائحنا هناك 235 الف مهاجر ينتظرون الفرصة المناسبة للتوجه الى ايطاليا وسيفعلون ذلك". واضاف كوبلر ان "تعزيز الامن هو اهم قضية حاليا. اذا كان لدينا جيش قوي وموحد، وليس مشتتا، فان مخاطر الارهاب والاتجار بالبشر ستنتهي".

وافادت ارقام نشرتها وزارة الداخلية الايطالية ان عدد المهاجرين الذين قدموا الى ايطاليا عبر المتوسط منذ بداية العام بلغ 128 الفا و397 شخصا، بزيادة 5,15 بالمئة بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام 2015. وتشعر الاسرة الدولية بالقلق حاليا من مخاطر حرب اهلية بين قوات حكومة الوفاق الوطني المتمركزة في طرابلس والمدعومة من الامم المتحدة وقوات الحكومة الموازية في الشرق. ويقود المشير خليفة حفتر قوات هذه الحكومة الموازية التي سيطرت مؤخرا على مرافئ نفطية مهمة. بحسب فرانس برس.

وقال كوبلر ان هذا الهجوم للقوات التي يقودها حفتر "يثير قلقا كبيرا"، معبرا عن استعداده للقاء المشير حفتر للبحث عن حل يسمح بانشاء جيش ليبي موحد. واضاف ان "الاوضاع العسكرية المتوترة (بين الحكومتين الليبيتين) قائمة ولا يمكننا انكار ذلك. لكن ليبيا تحتاج الى حوار واستقرار ووحدة". وتابع كوبلر "اتصلت بالمشير حفتر وانا مستعد للقائه لايجاد حل يسمح بتشكيل جيش واحد لنكافح معا الارهاب ونحمي النفط"، مؤكدا ان "النفط ملك لكل الليبيين وليس لجزء منهم فقط".

من جانب اخر ايد وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون فكرة "ارجاع" مراكب المهاجرين الى ليبيا لمنعهم من الوصول الى ايطاليا، في اجراء قال ان له "اثرا رادعا". وتابع "نساهم بحصتنا من العمل" عبر مشاركة سفينتي "اتش ام اس دايمند" و"اتش ام اس انتربرايز" العسكريتين في عملية صوفيا "للمساعدة على ارجاع عدد من تلك المراكب. اعتقد شخصيا انه يتعين ارجاعها الى اقرب نقطة ممكنة من الساحل (الليبي) لئلا تصل الى ايطاليا" وليكون للعملية "اثر رادع اكبر".

وتهدف عملية صوفيا البحرية الاوروبية الى مكافحة تهريب المهاجرين مقابل سواحل ليبيا، ويمكن للسفن المشاركة فيها مداهمة مراكب المهربين الذين يغامرون بخوض المياه الدولية، الامر الذي لم يحدث اطلاقا. بالتالي تجد هذه السفن نفسها منهمكة في عمليات انقاذ. واضاف جونسون "اعتقد انني محق عندما اقول اننا ارجعنا 200 الف مهاجر، عفوا انقذنا، انقذنا 200 الف مهاجر، بالتالي ارى انه النهج الصحيح" من دون تحديد اي من المهاجرين يقصد.

إخلاء مخيم للمهاجرين

على صعيد متصل شرعت الشرطة الفرنسية في إخلاء مخيم مهاجرين في شمال باريس يضم ما لا يقل عن 1500 مهاجر من السودان وأريتريا وأفغانستان كانوا يقيمون فيه وسط ظروف صحية مشينة، وفق ما أفاد صحافي بوكالة الأنباء الفرنسية، مشيرا إلى أن عملية الإخلاء بدأت وسط انتشار كثيف للشرطة مع وجود أعداد كبيرة من النساء والأطفال الذين ينتظرون الصعود إلى الحافلة . وقد سبق إخلاء هذا المخيم مرة أولى في 17 آب/أغسطس وتم نقل 700 من سكانه إلى مراكز إيواء لكن مهاجرين إضافيين وصلوا بعدئذ وأقاموا في خيم عشوائية.

وأفادت وزيرة الإسكان إيمانويل كوس من المكان أن 1500 مهاجر على الأقل كانوا موجودين مع بدء الإخلاء، مشيرة إلى "وجود كثير من العائلات مع أطفال، أكثر من المعتاد. بالتأكيد سيتلقون الرعاية"، وفق ما صرحت لوكالة الأنباء الفرنسية. وسيجري اصطحاب المهاجرين في حوالي 50 حافلة إلى مراكز إيواء في المنطقة الباريسية. بحسب فرانس برس.

وأوضح إبراهيم السوداني الذي يقيم في المخيم منذ شهر أنه يريد استقلال الحافلة للذهاب "إلى أي مكان، لكن ليس هنا. النوم في الشارع صعب. لقد أمطرت، وانا متعب، أريد أن أرتاح". ويذكر أنه في 22 تموز/يوليو تم إيواء حوالي 2500 مهاجر استقروا في معسكر أقيم كذلك شمال العاصمة، في عملية كانت الأكبر من نوعها آنذاك في باريس. ومنذ حزيران/يونيو 2015 تشكلت المخيمات مجددا في باريس نتيجة توافد المهاجرين عبر المتوسط والزيارات المكوكية بين العاصمة ومخيم "الأدغال" في كاليه شمالا حيث توافد آلاف المهاجرين للتوجه إلى إنكلترا.

حريق هائل

الى جانب ذلك دمر حريق هائل متعمد على ما يبدو، مخيم موريا للاجئين والمهاجرين في جزيرة ليسبوس اليونانية بعد اشهر على دخول الاتفاق بين الاتحاد الاوروبي وانقرة الذي ينص على اعادة الوافدين الجدد الى تركيا، حيز التنفيذ. ولم يعلن عن سقوط ضحايا لكن مصدرا في الشرطة قال ان النيران "دمرت بشكل شبه كامل" الخيام في المخيم بينما تضررت الحاويات التي تستخدم في الايواء او للمكاتب. واضطر آلاف الاشخاص للفرار الى الحقول المحيطة بالمخيم.

وقال مصدر امني "ان ما بين ثلاثة آلاف واربعة آلاف مهاجر فروا من مخيم موريا"، مشيرا الى ان رياحا قوية اججت الحريق وجعلت السيطرة عليه "صعبة" اولا. واضاف انه "لا يشك اطلاقا" في ان الحريق اضرمه مهاجرون عمدا. وواجه رجال الاطفاء صعوبة في احتواء الحريق بسبب مشاجرات وقعت بين مجموعات مختلفة من المهاجرين من جنسيات مختلفة، كما ذكرت مصادر متطابقة. لكنهم نجحوا في اطفاء النيران عندما تمكنوا من دخول المخيم. وبعد ذلك قامت الشرطة بالبحث عن المهاجرين وعاد مئات منهم الى المخيم.

وقال المصدر نفسه انه تم ايواء حوالى 150 قاصرا الى مخيم مخصص للاطفال في الجزيرة. ويشهد مخيم موريا حوادث باستمرار. وهو يقع في جزيرة ليسبوس التي تضم 5650 لاجئا ومهاجرا مع انها لا تضم اماكن لاكثر من 3500 شخص، حسب احصاءات نشرتها الحكومة الاثنين. ومعظم المهاجرين عالقون في الجزيرة منذ تطبيق الاتفاق بين تركيا والاتحاد الاوروبي في 20 آذار/مارس. لكن الغالبية الكبرى منهم طلبت اللجوء في اليونان وينتظرون البت في ذلك الذي قد يستغرق اشهرا. ولم تتم اعادة سوى 500 وشخصين الى تركيا بموجب الاتفاق.

وذكرت وكالة الانباء اليونانية ان شائعة تفيد ان عمليات اعادة اللاجئين ستتكثف بقوة هي التي سببت اعمال العنف في المخيم خلال النهار. وقد اندلع حريقان في حقول لاشجار الزيتون بالقرب من موريا قبل ان يندلع الحريق في المخيم. وتشهد الجزر الاخرى في اليونان التي يصل اليها المهاجرون مثل خيوس وساموس وليروس وكوس، توترا كبيرا. وحاليا، هناك ستون الف لاجئ ومهاجر في اليونان يسعى معظمهم الى التوجه الى المانيا وغيرها من دول الاتحاد الاوروبي الغنية. الا انهم لا يستطيعون ذلك بعد ان اغلقت العديد من دول اوروبا الشرقية والبلقان حدودها في وقت سابق من هذا العام. بحسب فرانس برس.

وانتقدت منظمات حقوق الانسان مرارا وضع مخيمات اللاجئين في اليونان مشيرة الى اكتظاظها وعدم توفر الظروف الصحية فيها، وخاصة في جزيرة ليسبوس والجزر الاخرى شرق بحر ايجة التي يصلها معظم اللاجئين قادمين من تركيا. وتشهد هذه المخيمات مشاجرات عنيفة بين اللاجئين والمهاجرين الذين يشعرون بقلق كبير على مستقبلهم.

وثيقة سفر

من جانب اخر يبدا قريبا اعتماد وثيقة سفر اوروبية جديدة في الاتحاد الاوروبي بهدف تسهيل ترحيل اشخاص لا يحملون وثائق من خارج الاتحاد ترفض طلباتهم للجوء الى دول المنشأ. واقر النواب الاوروبيون استحداث وثيقة السفر هذه الخميس بـ494 صوتا مقابل 112 فيما امتنع 50 عن التصويت، ويتعين ان يقرها مجلس وزراء الاتحاد الاوروبي رسميا قبل سريانها. ويعتمد الاتحاد الاوروبي منذ 1994 نظاما غير ملزم يقضي بتزويد اصحاب طلبات اللجوء المرفوضة الذين لا يحملون هوية او جواز سفر بوثيقة سفر نموذجية. لكن نقص المعايير الامنية المنوطة بها ادى غالبا بدول الوجهة الى عدم الاعتراف بها.

وبادر مروجو الوثيقة الى بلورتها بعد ملاحظة ان الكثير من طالبي اللجوء في الاتحاد الاوروبي المرفوضين لا يعودون الى بلدهم الام. وافادت المفوضية الاوروبية ان اقل من 40% من اجمالي قرارات الترحيل التي اتخذتها الدول الاعضاء في العام 2014 تم تنفيذها. واوضح النائب الاوروبي الفنلندي جوسي هالا-اهو مقرر النص ان "ضعف نسبة تطبيق قرارات الارجاع تزعزع بشكل خطير مصداقية ومشروعية السياسات الاوروبية للجوء والهجرة في نظر المواطنين. كما انه يشجع على استغلال انظمة اللجوء في اوروبا". بحسب فرانس برس.

بالتالي ستتمتع الوثيقة الجديدة الموحدة بمزيد من الامان خصوصا عبر دمغها بعلامات مائية، وستصدر باحدى اللغات الرسمية في الدولة العضو المعنية مع ترجمة الى الانكليزية والفرنسية. لكن نوابا اخرين لا سيما في صفوف الخضر واليسار المتشدد عبروا عن شكوكهم. وقالت النائبة الاوروبية عن الخضر الالمانية سكا كيلر ان "الوثائق غالبا ما ترفضها دول الاصل. ولم تجر المفوضية اي دراسة اثر تظهر الاثر الذي ستتركه هذه الوثيقة".

رؤوس خنازير

في السياق ذاته دخل نائب بالبرلمان الأوروبي من المجر في حرب كلامية مع مسؤول بمنظمة حقوقية وأثار غضبا على تويتر بعدما قال إن تعليق رؤوس خنازير على السياج الحدودي الذي أقامته المجر لمنع دخول المهاجرين سيكون عامل ردع فعالا. واتخذت المجر تحت قيادة رئيس الوزراء المحافظ فيكتور أوربان واحدا من أكثر المواقف تشددا بين دول الاتحاد الأوروبي تجاه التدفق الأخير للمهاجرين واللاجئين على الكتلة الأوروبية وهي أزمة فجرت شقاقا بين دول الاتحاد.

والنائب الذي أدلى بالتعليقات هو جيورجي شوبفلين الموظف السابق في هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) وعضو البرلمان الأوروبي عن حزب تحالف الديمقراطيين الشبان (فيديس) الذي يتزعمه رئيس الوزراء منذ عام 2004. وفي 19 أغسطس آب أعاد أندرو سترولين مدير الإعلام الأوروبي بمنظمة هيومن رايتس ووتش والمقيم في بلجيكا نشر مقال لصحيفة واشنطن بوست على موقع تويتر يحتوي على صور لخضروات جذرية شكلت على هيئة رؤوس آدمية وعلقت على السياح بجنوب المجر.

وظهرت الصور قبل ذلك في صفحة على فيسبوك تدعم قوات حرس الحدود المجرية وتحتها تعليق يقول إنه بدلا من فزاعة الطيور (خيال المآته) فإن هذه الأشكال المصنوعة من البنجر تعد (فزاعة للأشخاص) وتبدو فعالة فلم يجتاز أحد السور هنا خلال أربعة أسابيع." واعترض سترولين على الصور وكتب يقول "اللاجئون يفرون من الحرب والتعذيب إلى المجر. والرؤوس (المصنوعة) من الخضروات الجذرية لن تردعهم." بحسب رويترز.

ورد شوبفلين على سترولين قائلا "ربما يكون ذلك صحيحا الصور البشرية حرام لكنني أرى أن رؤوس الخنازير ستردعهم بشكل أكثر فعالية." وهاجم سترولين شوبفلين وخرج فيض من التعليقات من متابعي الرجلين وواجه شوبفلين الكثير من الانتقادات والازدراء على تعليقاته. ولم يدافع عن شوبفلين سوى الأشخاص الذين يعارضون الهجرة. وقال شوبفلين إنه لا يعتزم الاعتذار عما بدر منه.

اضف تعليق