ظاهرة الهجرة غير الشرعية التي تفاقمت بشكل كبير في الفترة الاخيرة، بسبب اتساع رقعة الصراعات والحروب اصبحت وبحسب بعض الخبراء من اهم واخطر المشكلات العالمية خصوصا مع تزايد اعداد المهاجرين وتواصل المعاناة الإنسانية، بسبب تشديد الاجراءات الامنية والقانونية من قبل بعض الدول والحكومات الاوربية للحد من الهجرة غير الشرعية.
يضاف الى ذلك تصعيد الخطاب التحريضي ضد المهاجرين من قبل الاحزاب اليمينية المتطرفة، التي سعت الى الاستفادة من بعض الاحداث والعمليات الارهابية التي تقوم بها التنظيمات المتشددة، والتي خلقت حالة من الرعب داخل المجتمعات الاوربية واثرت سلبا على حياة المهاجرين واللاجئين. وبحسب تقرير خاص أجري في ثماني دول أوروبية تضم قرابة 80 بالمئة من مجمل السكان الأوروبيين نشره معهد "بيو ريسيرتش" الأمريكي، فان غالبية سكان القارة العجوز يعتقدون أن تدفق المهاجرين من شأنه أن يزيد من مخاطر وقوع اعتداءات ارهابية ويهدد الأوضاع الاقتصادية في بلدانهم. وللمفارقة بين التقرير أن هذه المخاوف متفشية في دول لم تستقبل الكثير من المهاجرين.
حيث بلغت نسبة المتخوفين من اللاجئين رقما قياسيا في المجر (76%) وبولندا (71%)، وهما بلدان استقبلا عددا ضئيلا نسبيا من المهاجرين، وتبنت حكومتاهما سياسة بالغة الشدة حيال اللاجئين. أما في ألمانيا التي استقبلت أكبر عدد من المهاجرين، فإن 61% من المواطنين أبدوا هذه المخاوف، فيما بلغت النسبة 60% في إيطاليا و52% في بريطانيا. كما يتخوف الأوروبيون من انعكاسات تدفق المهاجرين على وضعهم الاقتصادي، ورأت نسبة كبيرة منهم في وصول اللاجئين "عبئا" إذ اعتبرت أنهم "قد يأخذون وظائفنا ومساعداتنا ألاجتماعية بحسب التقرير. وبلغت هذه النسبة 82% في المجر و75% في بولندا و72% في اليونان و65% في ايطاليا و53% في فرنسا. وشكلت فرنسا مفارقة بالنسبة لبلد شهد اعتداءات دامية عام 2015، إذ أن غالبية من الفرنسيين (51%) لم تعرب عن هذا الرأي، مقابل 46% اعتبروا أن المخاطر الإرهابية ازدادت.
ويذكر أنه تم تسجيل أكثر من مليون لاجئ في اوروبا عام 2015، معظمهم فروا من الحرب في سوريا. وأوضح معهد "بيو ريسيترش" بصورة عامة أن "أزمة اللاجئين والخطر الإرهابي مترابطان بوضوح في ذهن العديد من الأوروبيين" مشيرا إلى أن "الارتفاع الكبير المسجل مؤخرا في عدد اللاجئين في أوروبا احتل الحيز الأكبر في الخطاب المعادي للمهاجرين الذي تتبناه أحزاب اليمين المتطرف على امتداد القارة، من جهة أخرى يكشف التحقيق عن زيادة المشاعر السلبية لدى الأوروبيين حيال المسلمين، بما في ذلك في فرنسا حيث تعرب أقلية فقط (29%) عن هذا الرأي. وبصورة عامة، ازداد عدد الأوروبيين الذين يعتبرون أن التنوع الثقافي والإتني أمر سيء لبلادهم. وترى غالبية أنه من المهم تقاسم عادات وتقاليد مشتركة من أجل الانتماء فعلا إلى مجتمع وطني.
مخاوف كبيرة
في السياق ذاته أظهرت دراسة استقصائية أن الألمان كانوا أكثر خوفا خلال العام الماضي وأن قائمة مخاوفهم تصدرها احتمال وقوع هجوم إرهابي والتطرف السياسي والآثار الاجتماعية لأزمة المهاجرين. وقبل أكثر من عام على إجراء انتخابات اتحادية في أكبر دول أوروبا من حيث الاقتصاد أظهرت الدراسة السنوية لشركة (آر+في) للتأمين ارتفاع مؤشر الخوف السنوي لدى الألمان 10 نقاط مئوية ليصل إلى 49 في المئة.
وقالت بريجيت ريومشتيد رئيسة مركز المعلومات بالشركة التي أجرت الدراسة على 2400 ألماني "لم يحدث أبدا في تاريخ دراساتنا أن يرتفع الشعور العام بالخوف إلى هذه الدرجة الكبيرة خلال عام واحد." وألمانيا على أهبة الاستعداد أمنيا بسبب هجمات الإسلاميين الدامية في فرنسا وبلجيكا. وعلاوة على ذلك أثار دخول أكثر من مليون مهاجر إلى ألمانيا - معظمهم من بلدان مزقتها الحرب مثل سوريا والعراق - مخاوف من زيادة التكلفة والاندماج.
وقال عالم السياسة مانفريد شميت من جامعة روبريت-كارلز في هايدلبرج الذي كان مستشارا في هذه الدراسة "الهجمات الإرهابية وشغب المتطرفين والاستقطاب السياسي بعد (موجة) الهجرة الكبيرة الخارجة عن السيطرة أثارت حاجة الألمان للأمن." وكان الإرهاب على رأس قائمة المخاوف حيث أثار قلق 73 في المئة من الألمان خلال العام الماضي مقارنة بنسبة 52 في المئة خلال العام الذي سبقه. والسبب الثاني كان التطرف السياسي الذي سبب قلقا بين 68 في المئة من الألمان مقارنة مع نحو 50 في المئة فقط منهم في العام السابق. بحسب رويترز.
وزاد الخوف بدرجة لم يسبق لها مثيل من احتمال أن تسبب الهجرة توترات بين الألمان والأجانب الذين يعيشون في ألمانيا حيث ارتفع من 18 في المئة إلى 67 في المئة. ويتوقع أن تتنافس الأحزاب السياسية على إيجاد حلول لهذه المسائل في سعيها نحو الفوز بانتخابات عام 2017. وتراجعت شعبية المحافظين الذين تنتمي إليهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ومعهم الحزب الديمقراطي الاشتراكي الشريك في الائتلاف العام الماضي في مواجهة حزب البديل من أجل ألمانيا المناهض للهجرة.
ظروف صعبة
الى جانب ذلك تزداد الأوضاع الصحية سوءا في مخيمات اللاجئين على الحدود الصربية المجرية، خاصة في ظل تضاعف عدد المهاجرين في الجانب الصربي. وقالت وكالات الأمم المتحدة في صربيا في بيان إنه "نتيجة للتشريع الجديد في المجر الذي دخل حيز التنفيذ في 5 تموز/يوليو، تضاعف عدد اللاجئين والمهاجرين على الجانب الصربي من الحدود في الأيام الأخيرة إلى أكثر من 1300، معظمهم نساء وأطفال" منتشرون في مخيمات عدة.
وبات بإمكان الشرطة المجرية إعادة المهاجرين الذين تعتقلهم ضمن شعاع 8 كلم داخل الأراضي المجرية وصولا إلى الحدود مع صربيا. وتم تعزيز الضوابط المجرية، فيما بات نادرا منح تصاريح دخول لمن يأتون من الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا هربا من الحرب أو الفقر. ويعيش 600 مهاجر داخل المخيم بالقرب من معبر هورغوس روزسكي الحدودي، بحسب صحافيي وكالة الأنباء الفرنسية. وأشارت الأمم المتحدة إلى مخيم مماثل في كيليبيجا على بعد 40 كيلومترا إلى الغرب. وبين المخيمين، يعيش 300 مهاجر في مركز رسمي تديره السلطات الرسمية في سوبوتيتسا. بحسب فرانس برس.
من جهتها، أكدت وكالات الأمم المتحدة في صربيا أن التشدد المجري المتزايد "سيؤدي إلى تفاقم الوضع". موضحة أنه "سمح لثلاثين فقط من طالبي اللجوء بالدخول يوميا إلى إراضي الاتحاد الأوروبي، في حين يضطر مئات الى الانتظار لأسابيع، في العراء، وغالبا في ظروف صعبة وغير إنسانية". وقد حالف الحظ 16 أفغانيا في هورغوس ، وقال شرطي صربي "إنه كل شيء لهذا اليوم". أما البقية، فيواصلون استخدام مراحيض في الهواء الطلق تفوح منها روائح كريهة. ولا توجد إمدادات صحية أخرى، ويضطر المهاجرون إلى الاحتشاد حول حنفية وحيدة في المخيم من أجل الاغتسال أو غسل الملابس. وهم يتلقون ثلاث وجبات يوميا، يوفر إحداها الجانب المجري. وتشكل الطريق غير الشرعية الخيار الوحيد في أحيان كثيرة من أجل الهروب. وأشار الفرع المجري لـ"لجنة هلسنكي"، وهي منظمة دولية لحقوق الإنسان، إلى أن الشرطة المجرية اعتقلت 3768 مهاجرا في حزيران/يونيو، وأكثر من 17 ألفا عام 2016.
معاداة الاجانب
من جانب اخر اعرب المفوض السامي للامم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي عن قلقه حيال "مناخ معاداة الاجانب" في اوروبا، وقال غراندي "مسؤولية السياسيين تقتضي أن يشرحوا أن الهجرة، في بعض نواحيها، تساهم فعلا في تطوير المجتمعات، وأن اللاجئين (...) يحتاجون الى الحماية ولا يشكلون خطرا، ويفرون من اماكن خطيرة".
واعتبر ان "الذين يفعلون العكس ويوجهون الرأي العام ضد اللاجئين والمهاجرين، يخلقون مناخا معاديا للاجانب، وهذا أمر مقلق للغاية في اوروبا اليوم، و"يعطي مثالا سيئا" عن صورة الدول، على حد قوله. واعرب غراندي الذي تولى منصبه في كانون الثاني/يناير، عن أسفه لأن "القرارات الصائبة" التي اتخذها الاتحاد الأوروبي العام الماضي لتحسين التعامل مع تدفق ملايين اللاجئين الى اراضيه "لم تطبق". واشار الى ان ذلك شكل "فرصة ضائعة" اذ ان "كل بلد اتخذ قراراته بشكل مستقل، وتم اغلاق حدود" بعض الدول. واردف "امل ان تستأنف اوروبا النقاش في المستقبل، بهدف التوصل الى نظام لادارة اللاجئين يكون جماعيا ومبنيا على التضامن وتقاسم المسؤوليات بين الدول، بدلا من محاولة التصرف بشكل منفرد وما ينتج عن ذلك من وضع تستقبل فيه بعض الدول أعدادا كبيرة من اللاجئين فيما تغلق بلدان اخرى حدودها". بحسب فرانس برس.
من جهة ثانية، ابدى غراندي قلقه ازاء اوضاع "الاشخاص المهجرين" داخل بلدان تشهد حروبا، خصوصا في الشرق الاوسط، لافتا الى ان "ثلثي اعداد الاشخاص المهجرين في العالم هم نازحون داخل بلدانهم". وقال "لدينا الالاف منهم في افغانستان وسوريا والعراق واليمن. وهؤلاء يصعب الوصول اليهم لانهم يتأثرون بالحروب بشكل عام وبالتالي فإن مساعدتهم تشكل مهمة خطيرة". واعتبر ان ازمة اللاجئين داخل بلدانهم "لا تنحصر بشكل خاص في الشرق الاوسط، لكنها تتخذ منحى تصاعديا ملحوظا في هذه المنطقة".
مجموعاتٌ عنصرية
الى جانب ذلك بعد أشهر من إثارته للمخاوف بشأن الأجانب والمهاجرين المسلمين، قرر حزب "سلوفاكيا لنا" الشعبوي اتخاذ إجراء ما، حيث وقف مؤسس الحزب أمام محطة السكك الحديدية الرئيسية في زفولين بسلوفاكيا بفخر، مُعلناً عن مجموعة جديدة من المتطوعين تتمثل مهمتهم في تسيير دوريات في القطارات لحماية "مواطني سلوفاكيا المحترمين" من المجرمين والأقليات.
ولا بأس إن كانت أعداد اللاجئين والمهاجرين التي وصلت لهذه الدولة الواقعة في وسط أوروبا لا تذكر مقارنةً بمئات الآلاف التي وصلت بقية دول القارة العام الماضي، ولا داعي للالتفات أيضاً إلى تعرض 10 أشخاص فقط في العام الماضي لجرائم على متن القطارات السلوفاكية والتي يحميها 600 شرطي بحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
وتُعد هذه المجموعة السلوفاكية المعادية للأجانب جزءاً من موجة استغلال المنظمات المتطرفة في وسط وشرق أوروبا لتدفق اللاجئين على القارة خلال العام الماضي، للعمل على دفع أجندتهم وبناء الدعم الشعبي لهم. وفي بعض الحالات، قامت هذه المجموعات بتسيير دوريات على الحدود أو في الأماكن العامة للدفاع ضد ما يصورونه بالتوغل الخطير لطالبي اللجوء، الذين يدين معظمهم بالإسلام والقادمين من أفغانستان والعراق وسوريا وغيرها من البلاد الفقيرة التي مزقتها الحرب. أو كما جاء على لسان ماريان ماجات قائد إحدى المجموعات اليمينية المتطرفة في سلوفاكيا (Vzdor Kysuce) "يهدد بعض الحمقى القادمين من الصحراء الثقافات الأصلية في أوروبا"، ولم تشهد حدود سلوفاكيا إلا قليلاً من اللاجئين، وأقل من ذلك هم من حاولوا الاستقرار بها.
أما في المجر التي مر عبر حدودها حوالي 400 ألف طالب للجوء في العام الماضي أثناء رحلتهم لألمانيا أو غيرها من الوجهات الأكثر ترحيباً، فقد قاد استيفان ماتياس فاس، الفنان المتقاعد والبرلماني السابق، مجموعة سُميت بوحدة حرس حدود هونيادي، منذ يوليو الماضي. وسُميت المجموعة على اسم جون هونيداي القائد العسكري المجري الذي انتصر على العثمانيين في إحدى المعارك الحاسمة في بلجراد في القرن الخامس عشر. كما يستمر فاس وزملاؤه الثلاثمائة في التواجد على وسائل التواصل الاجتماعي، محرضين على ما يرونه تهديد الهجرة والمهاجرين.
وفي بلغاريا، افتخر بيتر نيزاموف بإنشائه لمجموعة غير رسمية تدعى "الفرقة المدنية لحماية النساء والإيمان" التي بدأت في البحث عن المهاجرين على حدود البلاد منذ عدة أشهر، ودفعهم للعودة إلى تركيا المجاورة مرة أخرى. وأضاف نيزاموف الذي ارتدى قميصاً طويل الأكمام عليه صورة الملك سيمون العظيم الذي حكم بلغاريا في نهاية القرن التاسع ومطلع العاشر "القادمون لأوروبا الآن ليسوا لاجئين". كما قال إن هدفهم هو "نشر الإسلام" في أوروبا.
وتعمل هذه المجموعات الصغيرة نسبياً على حشد الدعم السياسي وإثارة الاهتمام الإعلامي كما تعمل على مواجهة المهاجرين، لكن لا تقوم كلها بدوريات نشطة. وفي العام الماضي، دعا فاس أيضاً وحدة حرس حدود هونيداي المجرية "للاستعداد للتصعيد دفاعاً عن أنفسكم"، لكن السلطات أوقفت التحقيقات بعدما تبين أن المجموعة لم تفعل شيئاً سوى التأهب. أما الوقت الراهن فلا يشهد عدداً قليلاً من المهاجرين في سلوفاكيا فقط، بل يشهد أيضاً مقاومة الحكومة، مثل كثير من دول المنطقة، لضغط أوروبا الغربية من أجل القبول بتوطين طالبي اللجوء.
إضافة إلى ذلك، يستمر الحزب الشعبي "سلوفاكيا لنا"، بزعامة ماريان كوتلبا، في مراقبة القطارات، على الرغم من أنه لم يضطر لحماية أي شخص من هجوم مهاجِر حتى الآن. كما تقوم حركة Vzdor Kysuce بتنظيم وتدريب مجموعات شبه عسكرية، تأهباً لتسيير دوريات في حال ظهور المهاجرين في سلوفاكيا، ويطلق ماجات قائد هذه الحركة على العشرين شخصاً الذين سجلوا للاشتراك في المجموعات شبه العسكرية لقب "الجنود النائمون" المُدرَبين "لحماية الأغلبية البيضاء" كما فعل "الألمان حين أخرجوا أسلحتهم وبدأوا في حل مشكلاتهم بأنفسهم في ثلاثينيات القرن الماضي".
وعلى الرغم من العدد القليل للمشاركين النشطين، إلا أن ظهور هذه المجموعات دفع سلطات العديد من الدول للقلق. وبحسب توماس نوكيار، خبير التطرف بجامعة كومينيوس في براتيسلافا "عادة ما تخلق محاولة أي فرد أخذ دور الدولة بأي شكل، سابقة خطيرة". بينما يزداد نشاط هذه المجموعات الأهلية في بلغاريا، التي مثلت حدودها المشتركة مع تركيا طريقاً بديلاً للداخل الأوروبي أمام المهاجرين القادمين من أفغانستان والعراق وسوريا، الذين يفتقرون إلى القدرة أو الرغبة في الذهاب لليونان بحراً.
ويجلس نيزاموف في منزله منذ منتصف أبريل الماضي قيد الإقامة الجبرية، كما تجري التحقيقات حول أنشطته، حيث اعتُقِل نيزاموف بعد وقت قصير من نشره لفيديو يُظهر حبس 3 مهاجرين أفغان، وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم. وأخبر المهاجرون الشرطة بحمل أفراد الجماعات المتطرفة للسكاكين والبنادق، وحثهم على العودة لتركيا مرة أخرى. وعلى الرغم من أن نيزاموف هو الشخص الوحيد الذي اعتقلته القوات البلغارية على خلفية اعتقال المهاجرين، فليست جماعته هي الوحيدة التي تطوف بجانب الحدود التركية.
في أبريل، قبضت مجموعة المتطوعين المعروفة باسم "منظمة حماية المواطنين البلغاريين" على 23 أفغانياً وسلمتهم للشرطة، وبدأت دوريات هذه المجموعة، التي تعمل على تنظيم الفعاليات الخيرية والرياضية، في العام الماضي. كما قال جيورجي براتانوف (29 عاماً) النادل والمشارك المنتظم في هذه الدوريات "نحاول مساعدة الدولة، لأنه ليس لديها ما يكفي من الأفراد لحراسة الحدود". كما أصبح تاجر قطع الغيار دينكو فاليف (29 عاماً) أيضاً أحد المشاهير الوطنيين بعدما أذاعت إحدى النشرات التليفزيونية تقريراً وصفته فيه "بالبطل الخارق" بعدما تمكن من القبض على مجموعة من اللاجئين السوريين، من ضمنهم طفل وامرأة.
في البداية، غضت السلطات البلغارية الطرف عن دوريات هذه الجماعات المتطرفة، بل وشجعت نشاطاتها، لكن الغضب الدولي تجاه أفعال نيزاموف، دفع الحكومة لإدانة أفعال هذه الجماعات. وبحسب رئيس الوزراء بويكو بوريسوف فستتم ملاحقة "أي خرق للقانون أو معاملة غير آدمية"، كما أكد اتخاذ حكومته لكافة الإجراءات اللازمة لحماية حدود الدولة. كما قال دانييل ميلو، منسق سياسات مواجهة التطرف في وزارة الداخلية السلوفاكية، إن الدوريات التي ينظمها المواطنون تمثل خطراً عليهم وعلى الآخرين، مضيفاً "قد تنتهي بشكل سيء، فهؤلاء الأفراد ليسوا مدربين ولا مجهزين للتعامل مع أي مشاكل قد تطرأ".
بينما استمرت المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي التابعة لحزب كوتلبا في تصوير سلوفاكيا غارقة وسط الخطر القادم من المجرمين و"المتطرفين الغجر"، ويقوم على حمايتها رجال شداد بقمصان خضراء عليها شارة الحزب. وبحسب لوبومير آبل، نائب رئيس قوات الشرطة السلوفاكية، فليس بالإمكان منع هذه الدوريات اليمينية المتطرفة إلا إن قامت بفعل غير قانوني.
وأضاف آبل متحدثاً عن حزب سلوفاكيا لنا الشعبوي، والذي حصل على 14 مقعداً من أصل 150 مقعداً في البرلمان السلوفاكي في انتخابات مارس، بسبب الامتعاض السائد من عدم كفاءة البلاد ومن فضائح الفساد "الأشخاص الذين اعتادوا قتالنا في الشوارع، هم في البرلمان الآن بقمصان بيضاء". وفي المجر أيضاً، التي لم يستقر بها الكثير من اللاجئين، يحاول اليمين المتطرف شن حملة مبنية على العداء العرقي والديني، وتشجيع مناصريهم للانتباه لما يصورونه على أنه تهديدٌ لأمنهم وطريقة حياتهم، على الرغم من توقف وصول اللاجئين إلى المجر هذا العام.
وأضاف فاس، في مقابلة عبر الهاتف، متحدثاً عن طالبي اللجوء الذين تدفقوا للبلاد في العام الماضي "أوروبا مسيحية وهم مسلمون" ، واستطرد قائلاً "هذه موجة موّلها ونظمها الصهاينة لتدمير أوروبا. وقبول الاتحاد الأوروبي بهذا يعد انتحاراً". بينما أشار بيتر كريكو، المحلل بالمنظمة البحثية Political Capital الواقعة في بودابست، أن هذه المجموعات، مثل وحدة حرس حدود هونيداي، حظت بتأييد شعبي محدود بسبب اتخاذ الحكومة المجرية بقيادة رئيس الوزراء موقفاً شديد العداء من المهاجرين، مما سمح بمساحة محدودة من الحرية السياسية لليمين المتطرف، وأضاف أن "السياسات المتطرفة التي فرضتها الحكومة تجاه المهاجرين، زادت من صعوبة وجود مساحة من الهواء أمام هذه المجموعات".
جحيم ليبيا
على صعيد متصل قال أوجوستين أوكوكبون ابن السابعة عشرة القادم من نيجيريا متحدثا في مركز إيواء في صقلية إن عصابات في طرابلس الليبية هاجمته بشظايا زجاج مكسور فجرحت ساقه ووجهه. وليس أوكوكبون سوى واحدا من آلاف القصر بلا مرافقين الذين تدفقوا على إيطاليا وكانت لكثير منهم روايات مروعة عن الوقت الذي قضوه في ليبيا حيث يعيث مهربو البشر والفصائل المسلحة والإسلاميون المتشددون فسادا في بلد تسوده الفوضى بسبب الصراع.
ويقول الفتى إن الأشهر الخمسة التي قضاها هناك كانت كابوسا إذ تعرض مرارا لهجمات وملاحقات على أيدي عصابات الشوارع ولم يعرف الراحة إلا حين ركب قاربا مطاطيا وانطلق قاصدا أوروبا حتى وإن كان هذا يعني المجازفة بحياته في عرض البحر. وقال أوكوكبون في فيلا قديمة تحولت إلى مركز لإيواء الصبية المهاجرين في مدينة كالتاجيروني القديمة "في ليبيا هناك هؤلاء (الذين يعرفون باسم) أولاد الشوارع. يقولون إنهم لا يريدون أي شخص أسود في ليبيا."
وقالت هيئة إنقاذ الطفولة إن أكثر من ستة آلاف قاصر بلا مرافق وصلوا سواحل إيطاليا حتى 29 مايو أيار الماضي وهو رقم يبلغ ثلاثة أمثال من وصلوا خلال نفس الفترة العام الماضي. وقالت جيوفانا دي بينيديتو المتحدثة باسم هيئة إنقاذ الطفولة والتي توثق رواياتهم في صقلية "من يستقلون القوارب يفرون من وضع خارج عن السيطرة في ليبيا ازداد سوءا خلال العامين الماضيين." وأضافت "بعضهم يصفونها بالجحيم ويقولون إنهم شاهدوا أقاربهم يتعرضون لجميع أنواع العنف وحتى القتل."
وتقول الأمم المتحدة إن المهاجرين ممن يمرون عبر ليبيا يتعرضون للاستغلال والإساءة الجسدية ومنهم من يحتجزون في ظروف مزرية في مراكز احتجاز. وقال إبريما سانيه وهو مراهق من جامبيا إن أولاد الشوارع مسؤولون عن قتل قريب له من السنغال بالرصاص كان في العشرينات من العمر وإصابة رب عمله الليبي محمد في الذراع. ووصل سانيه مثل أوكوكبون إلى إيطاليا هذا العام على متن قارب من ليبيا. وأضاف "إنهم يسرقونك ويستولون على أموالك وإن لم يكن معك مال.. يقتلونك." بحسب رويترز.
ونجا محمد- رب عمل سانيه- من الموت لكن بترت ذراعه. وبينما كان الرجل يتعافى في المستشفى فإنه تولى ترتيب سفر سانيه لإيطاليا على متن قارب. وحاول محمد إعطاء سانيه 2500 دينار ليبي (1800 دولار) استحقها عن العمل مع قريبه في مجال البناء لكن سانيه قال إنه رفض. وأضاف سانيه "كان مستعدا لمنحي المال. رفضت لأن إصابته كانت بالغة.. قلت له إني أقوم بمخاطرة وربما إذا مت في البحر.. يضيع المال."
اضف تعليق